السعودية: حركة تجارية نشطة على الأراضي خارج نطاق العاصمة وتحذيرات من «الفقاعة»

مختصون يعتبرونها جبهة جديدة ستدفع الأسعار للتراجع

تشهد الأراضي الواقعة بالقرب من حدود العاصمة الرياض حركة نشطة يتوقع أن تشكل ضغطا وتؤدي إلى تراجع الأسعار (تصوير: خالد الخميس)
TT

دبت حركة تجارية نشطة على الأراضي الواقعة في أطراف مدينة الرياض، خصوصا الجهات الشرقية منها والشمالية، التي تبتعد عن العمق العمراني عدة أميال، وتفتقر إلى البنى التحتية والخدمات الرئيسية، في الوقت الذي أشار فيه متعاملون عقاريون إلى أن هناك تحركا ملحوظا من قبل المستثمرين على تلك النوعية من الأراضي، التي بالكاد يلمح خلال الوقوف فيها أنوار العاصمة الرياض، حيث كشفوا عن أنها الصرعة الأخيرة في عالم الاستثمار العقاري، خلال الفترة الحالية والمقبلة، في ظل توسع الرقعة العمرانية بشكل مطرد.

ودفع هذا الإقبال المفاجئ إلى برمجة جديدة في أسعار تلك الأراضي الميتة، التي أصبحت بين ليلة وضحاها النجمة الاستثمارية في القطاع العقاري، إذ تراوح ارتفاع أسعار المتر المربع فيها بين 20 في المائة و60 في المائة، بل تزيد أيضا، في مخططات الأراضي التجارية، مما ينبئ بفتح جبهات استثمارية عقارية توسعية، يأمل المستهلك البسيط أن تكون في صالحه، خصوصا أنها ستصب بشكل مباشر في رفع العرض الذي سيؤثر بطبيعة الحال في خفض السعر.

وكشف عبد الله الزوير، الذي يمتلك مكتبا عقاريا في الطرف الشمالي للرياض، عن أنه هو وزملاءه تفاجأوا، خلال الفترة الأخيرة، بارتفاع ومضاربات كبيرة على الأراضي المفتقرة للخدمات، والتي أقرت مخططاتها مؤخرا، ومن المتوقع أن تقوم الحياة فيها خلال العشرين سنة المقبلة، نظرا لبعدها بأميال عن العاصمة، ناهيك عن وقوعها في منطقة صحراوية جامدة، مما وضع علامات استفهام كثيرة عن هذا الإقبال المفاجئ، الذي دفع عددا من كبار المستثمرين العقاريين إلى الاهتمام بمثل هذه النوعية وشراء أراض بمساحات واسعة منها.

ويستطرد الزوير بأن هناك ارتفاعات مطردة لأسعار لتلك الأراضي بشكل غير مفهوم، والتي يتوقع أن تكون خلال العقدين المقبلين جوهرة مدينة الرياض المستقبلية، نظرا لكونها منطقة شابة تقع بالقرب من شبكة خدمات ينتظر تأسيسها قريبا، ولكن كل ما تحتاجه هو الصبر لتحقيق أرباح متوقعة تفوق بمراحل سعر شراء الأرض فيها، مما يرسم خارطة الرياض الجديد. وأضاف: «وهو الأمر الذي دفع عددا من المهتمين إلى شراء كثير من الأمتار، لاقتناص الفرصة المناسبة لبيعها، أو حتى إعمارها، مع تحقيق عائدات مالية مرتفعة، نظرا لكون الرياض من المدن التي تشهد نموا اطراديا كبيرا في الحركة العقارية».

ويشار إلى أن الحركة العمرانية في السعودية تعد من القطاعات الأكثر نموا واتساعا، ونظرا لكونها دولة شابة فإنها تحتاج إلى المزيد من التمدد العمراني لتلبية الطلب المتنامي على الإسكان، الذي يعد من أكثر الملفات أهمية في حياة الفرد، وهو الأمر الذي دفع الحكومة السعودية إلى استحداث وزارة الإسكان.

وفي الاتجاه نفسه بين ياسر المريشد، المتعامل في السوق العقارية، أن هذا النوع من الاستثمار يندرج تحت بند الاستثمار طويل الأجل، الذي قد يتجاوز الانتظار فيه أكثر من عقد، على أقل تقدير، في حال تنامي الحركة العمرانية بالشكل المخطط له، إلا أنه يوضح مدى نمو الحس الاستثماري في القطاع العقاري، الذي كان يركز على سوق الاستثمار الحالية في تحقيق الأرباح، لافتا إلى أنها ستنعكس على المدى البعيد في خفض أسعار الأراضي، وذلك برفع العرض إلى مستويات أعلى، مما سيخلق خفض إجباريا في الأسعار في نهاية المطاف.

وعن مدى تأثير هذا التوجه في رسم الخارطة العقارية المستقبلية للرياض، أوضح المريشد أن مثل هذه التوجهات ستدعم، بشكل مباشر، الخطوات المتسارعة لعودة الأسعار إلى وضعها الطبيعي، نظرا لفتح جبهات أخرى، مما يوفر خيارات متعددة، مشيرا إلى أن تشجيع مثل هذه التوجهات سيساهم، وبشكل قوي، في نمو مناطق جديدة، مما يزيد خيارات المشترين ويدفع من خلال قوة الحركة الشرائية بتوازن جديد، وفك الخناق عن العقارات الواقعة في خاصرة الأحياء الداخلية للرياض التي تشهد ازدحاما واكتظاظا مرتفعا.

ويتضح لمن يهتم بالقطاع العقاري السعودي، أنه يشهد في الوقت الحالي موجة من الارتفاعات، إلا أن الاستثمار الجديد يطل كبارقة أمل لخلق خيارات جديدة، يأمل بها المستهلك الأخير من خلالها أن تنعكس إيجابا على خفض الأسعار، أو عودتها إلى وضعها الطبيعي، قبل أن تشهد وتيرتها موجات متسارعة في الارتفاع، خصوصا بعد نكسة الأسهم الشهيرة في عام 2006، الذي توجت من خلالها السوق العقارية بأنها الاستثمار الأكثر أمانا وإدرارا للأرباح.

وفي صلب الموضوع أكد علي التميمي الذي يمتلك مكتبا للاستشارات العقارية، أن موجة الشراء في الأراضي المتاخمة لحدود العاصمة دفعت بمؤشر أسعار المتر المربع إلى الارتفاع ما بين 20 إلى 60 في المائة، في تقدير مبدئي، وأن الرقم يصل إلى أعلى من ذلك في حال وقوع الأرض على طريق تجاري، أو وقوع الأرض على عدة طرق، محذرا من أن يتم التوسع في البناء من دون دراسة مسبقة، موضحا أنها ستنعكس سلبا عند إمدادها بالخدمات الرئيسية، خصوصا لمن تم إقرارها مؤخرا، وأنها لم تدخل بشكل فعلي حيز التنفيذ سوى بقرار ورقي.

ووصف التميمي فكرة الشراء خارج حدود العاصمة بأنها مخاطرة يجب التمعن فيها، وأنها تقف على المقصد من شرائها، متى ما وظفها صاحب الأرض لصالحه بالشكل المناسب، محذرا من كونها فقاعة منسقة، يقصد من خلالها إيهام المستهلكين بأنها ذات مستقبل مضمون، ناصحا المقبلين على الشراء في مثل هذه الأراضي بالاطلاع بشكل موسع على الخدمات المقدمة في المخطط، ومدى قربها من المرافق الحيوية، إضافة إلى التحديد التقريبي لنهوض المنطقة عمرانيا في الوقت المتوقع لها.

يذكر أن المناطق الحدودية لمدينة الرياض، خصوصا الشمالية منها والشرقية، شهدت خلال الأعوام الماضية زحفا عمرانيا فاق توقعات عدد المهتمين بالقطاع العقاري، مما رفع رصيد فكرة شراء الأراضي خارج حدود العاصمة، خصوصا أن الحركة العمرانية الحالية تفوق وبمراحل ما كانت علية سابقا، خصوصا بعد رزمة الخطوات الحكومية التي أقرتها في سبيل المساهمة في توفير السكن، ناهيك عن تنافس الكثير من البنوك على توفير خيارات التملك للمواطنين، وهي أمور اتحدت وشكلت دافعا قويا للتسارع في النمو بشكل أكبر مما هو متوقع.