البرازيل: بقعة عقارية مشرقة تبشر المستثمرين وسط واقع كئيب

أسعار المساكن تواصل الارتفاع مدعومة بكأس العالم 2014

سحر يورو والبحر والطبيعة من عوامل الجذب العقاري للمستثمر الأجنبي
TT

تواصل أسعار العقارات في البرازيل ارتفاعها بسرعة كبيرة، بفضل الطلب القوي من المشترين الأجانب وسط ارتفاع ملحوظ في النمو الاقتصادي وتوسع حجم الاقتصاد الكلي. وتقود سوق الرهن العقاري الجيدة والاقتصاد القوي، والطبقة المتوسطة المتنامية، والنقص العام في المنازل ذات الجودة العالية، إضافة إلى اختيار البرازيل لاستضافة كأس العالم 2014 ودورة الألعاب الأولمبية 2016، ارتفاع الطلب على المنازل في البرازيل ما يدفع الأسعار نحو الارتفاع نتيجة لذلك.

وقد صرح خوان سوزا سيلفا، مدير شركة «غروبو إيكو»، شركة ناشئة في سانتا مارتا، بالبرازيل، في تصريحات لصحيفة «فاينانشيال تايمز» بالقول: «كانت أسعار المنازل القريبة مني 20.000 ريال (7.500 جنيه إسترليني) قبل ثلاث سنوات أما الآن فلا تستطيع أن تحصل على أي منها بأقل من 50.000 ريال (19.000 جنيه إسترليني)».

في السياق ذاته ارتفعت أسعار العقارات الواقعة على طول الشاطئ في مدينة ريو دي جانيرو أكبر مدن البرازيل بأعلى من أسعارها العام الماضي بمقدار الثلث، في الوقت الذي تضاعفت فيه أسعار العقارات السكنية في مدينة ساو باولو خلال السنوات الثلاث الماضية. وعلى الرغم من النمو الكبير في رأس المال، لا تزال أسعار العقارات في البرازيل أكثر انخفاضا من نظيراتها في الدول المتقدمة. ومع آلاف المساكن التي يجري بناؤها، إلى جانب بنية تحتية جديدة ومتطورة، لا تزال هناك مكاسب عالية متوقعة.

وقد قلل استطلاع الرأي الذي أجرته وكالة «رويترز» خلال الشهر الماضي، والذي شارك فيه 15 مصرفا، ومجموعات بحثية واتحادات شركات، من مخاطر حدوث تراجع حاد في أسعار العقارات البرازيلية، ما يعني أن هناك مساحة كبيرة لصعود أسعار العقارات خلال السنوات المقبلة، نتيجة ازدهار سوق الائتمان التي عززها تحسن مطرد في مستوى الأجور ووفرة الوظائف.

ويتوقع أن تراقب الطبقة الوسطى البرازيلية التي تتنامى بشكل سريع عن كثب فرص شراء العقارات بغية التوقف عن دفع الإيجار والانتقال إلى عقارات خاصة تملكها. ويترقب المشترون الجدد من الطبقة الوسطى الأسعار حتى بعد وصولها إلى الضعف تقريبا في بعض الأحياء لاقتناص فرص تملك منزل أو شقة العمر. ويقول أندري برفيتو، كبير الاقتصاديين في شركة «غراديوال إنفسمنتوس»، للسمسرة: «عندما تختفي الأحياء ويصبح قطاع الإسكان البرازيلي أكثر نضوجا ستتوقف الأسعار عن الارتفاع».

وفي ساو باولو، أكبر المدن البرازيلية، ارتفع متوسط أسعار المنازل الجديدة بسرعة مفاجئة بنسبة بلغت 85 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) 2009 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2011، لتصل إلى 6019 ريالا للمتر المربع (4375 دولارا)، بحسب الدراسة التي أجرتها شركة «إيبوبي»، شركة مختصة بإجراء استطلاعات الرأي. وارتفع التضخم الاستهلاكي بما يقارب 15 في المائة عن الفترة ذاتها.

ويشير باولو سيزار دا نيفيز، المحلل في شركة الأبحاث المحلية «إل سي إيه» إلى تطبيق عوامل منهجية لتبرير مثل هذا الأداء القوي. فالانخفاض الكبير في الأسعار خلال عام 2012 كان غير متوقع إلى حد بعيد. ويجب أن ترتفع أسعار المنازل البرازيلية بين 50 و10 في المائة عام 2012، بحسب 9 من 14 استنتاجا لاستطلاع «رويترز»، فيما توقع محلل واحد فقط ارتفاعا بنسبة طفيفة. وتوقع 3 محللين عدم حدوث تغييرات في الأسعار فيما اعتقد واحد أنها سترتفع بنسبة 10 في المائة.

ويتوقع أن يتراوح التضخم الاستهلاكي في البرازيل في المتوسط نحو 5.5 في المائة عام 2012 بحسب توقعات السوق التي جمعها المصرف المركزي البرازيلي. وهذا الأداء يحول سوق الإسكان البرازيلي إلى بقعة مشرقة نادرة النمو في سيناريو تباطؤ عقاري كئيب حول العالم. بيد أن الأرباح المستقبلية يتوقع أن تكون أقل من نظيرتها التي تحققت عام 2011 نتيجة تباطؤ الاقتصادي العالمي.

من ناحية أخرى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى مرحلة الركود في الربع الثالث حيث أصابت أزمة ديون منطقة اليورو الطلب العالمي. ويتوقع أن يرتفع النمو بنسبة تصل إلى 3.5 في المائة عام 2012، في انخفاض كبير عن النسبة التي حققتها عام 2010 والتي بلغت 7.5 في المائة. وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن غالبية الارتفاع في أسعار المنازل عام 2012 ستتركز في النصف الأول من العام؛ فـ7 من 12 عبروا عن اعتقادهم بأن الأسعار ستستقر بنهاية الربع الثاني من العام المقبل. وهناك أيضا شعور بأن المستويات الإجمالية مرتفع بشكل كبير. ووفق مقياس تدرجي من 1 إلى 10، حيث يمثل 1 قيمة متدنية للغاية، فيما يمثل 10 تقييمات مرتفعة للغاية، أظهر الاستطلاع أن أسعار المنازل البرازيلية تقف عند 6. وقد تراوحت التقييمات ما بين 4 و8. لكنه رغم ذلك لا يتوقع أن يشكل هذا التقييم مخاطر أو يعطي إشارة مبكرة على انفجار الفقاعة العقارية في البرازيل.

وفي سؤال حول تقييم مخاطر التراجع الحاد في سوق الإسكان البرازيلية، أجمع كل المحللين المشاركين في استطلاع الرأي الذين أجابوا عن هذا السؤال عدا اثنين منهم على أنها منخفضة أو منخفضة للغاية. ويرى غالبية مراقبي السوق أن السبب الرئيسي في ذلك هو تراجع أسعار المنازل في البرازيل خلف القطاعات الأخرى من الاقتصاد خلال عقود الثمانينات والتسعينات، في الوقت الذي كانت فيه البرازيل تجاهد فيه للسيطرة على التضخم المرتفع، وعانت من معدلات نمو منخفض وتوسع ائتماني متواضع للغاية.

ولا يدخل غالبية المشترين البرازيليين سوق العقارات في محاولة لجني الأرباح بل للحصول على سكن دائم، وهو ما يخفض من مخاطر التصفية المفاجئة التي عادة ما تؤدي إلى تقلب السوق العقارية. ومع انخفاض معدلات البطالة إلى مستويات شبه قياسية، ينبغي أن يتواصل الطلب لعدة سنوات قادمة يعززه في ذلك البرنامج الحكومي الرائد «منزلي، حياتي» الذي تبلغ تكلفته 160 مليار ريال.