كاميلا ديل: المستثمرون العرب في لندن زادوا بنسبة الضعفين

خبيرة عقارية في القطاع الفاخر لـ «الشرق الأوسط»: يعتبرونها الملاذ الآمن ويفضلون نايتسبريدج

أحد العقارات التي سبق لشركة «بلاك بريك» بيعها، واسمه «إنفرفورث هاوس»
TT

لاحظت خبيرة العقارات البريطانية، كاميلا ديل، ارتفاعا للمستثمرين العرب بنسبة الضعفين، من 10 في المائة إلى 30 في المائة من جملة المشترين الأجانب لعقارات لندن في القطاع الفاخر. وقالت ديل، الشريكة والإدارية في شركة «بلاك بريك» العقارية التي تعمل من مكاتب في حي المايفير في لندن، إن هذه الزيادة تحققت خلال 12 إلى 18 شهرا الماضية. وعزت ديل هذه الزيادة إلى اعتبار لندن «ملجأ آمنا» للاستثمار العقاري من حيث المحافظة على القيمة وتنويع الاستثمارات العقارية، بالإضافة إلى ميزة أخرى هي ضعف قيمة الجنيه الإسترليني إزاء الدولار. وساهمت الاضطرابات الأمنية التي تشهدها بعض الدول العربية في زيادة الاستثمار العقاري العربي في بريطانيا خلال العام الأخير. ويشتري الأجانب حاليا 60 في المائة من عقارات لندن الفاخرة التي تزيد في قيمتها عن مليوني إسترليني، وفقا لديل.

من ناحية أخرى، أكدت كاميلا ديل أن المستثمرين العرب يفضلون منطقة نايتسبريدج التي تقع فيها محلات «هارودز» الشهيرة، وهي واحدة من أغلى مناطق لندن وأشهرها. ويفضل العرب الشراء في المباني التي تتمتع بالحراسة (أو كونسيرج) على مدار الساعة؛ نظرا لأنهم يتركون عقاراتهم شاغرة معظم فترات العام. وفي داخل عقاراتهم لاحظت كاميلا أن العرب يفضلون الحمامات الملحقة بغرف النوم، وهي تعرف باسم «En – suite» بلغة العقاريين.

وفي حوار مع كاميلا ديل قالت إن شركتها تتخصص في البحث عن العقارات الفاخرة والتفاوض بشأن شرائها لصالح زبائن الشركة. وهي تصف شركتها بأنها أكبر شركة مستقلة يديروها مالكوها ولا تنتمي إلى شركات عقار أخرى. وخلال السنوات الخمس الأخيرة استطاعت الشركة أن تحقق صفقات لصالح عملائها بلغت قيمتها 300 مليون إسترليني. كما أنها تشتهر بالتفاوض الصارم مع البائعين وتحصل في المتوسط على حسومات تصل إلى 10.5 في المائة من الثمن لصالح المشتري. وتشتري الشركة ربع العقارات المطلوبة من عملائها من قبل أن تصل هذه العقارات إلى الأسواق.

هذا، وتعمل شركة «بلاك بريك» في مناطق لندن وجنوب إنجلترا، وتقول إن الخبرات المتراكمة بين مديري الشركة تزيد عن 50 عاما. وتأسست الشركة في عام 2007 في منطقة هامستيد ثم سرعان ما توسعت وانتقلت إلى مايفير مع زيادة الإقبال الدولي على عقارات لندن الفاخرة.

وفي ما يلي نص الحوار:

* هل لاحظت زيادة في الطلب من الشرق الأوسط خلال العام الأخير؟ ولماذا يقبل المستثمرون من المنطقة على لندن؟ ومن أي دول يأتي هؤلاء المستثمرون؟

- خلال الـ12 إلى الـ18 شهرا الماضية لاحظنا إقبالا متزايدا من زبائن الشرق الأوسط الذين زادت نسبتهم من 10 في المائة إلى 30 في المائة (من جملة المستثمرين الأجانب). وازدادت شعبية عقارات لندن كثيرا بين المستثمرين من المنطقة لأنهم يبحثون على ملاذ آمن لاستثماراتهم، بالإضافة إلى الرغبة في تنويع هذه الاستثمارات بين المواقع المختلفة. وأحد الأسباب الرئيسية لارتفاع الاستثمارات من منطقة الشرق الأوسط، فترة الاضطراب السياسي التي تمر بها المنطقة، بالإضافة إلى ضعف الجنيه الإسترليني، وعدم وجود شهية لأنواع الاستثمارات الأخرى في المناخ السائد حاليا. ويأتي زبائن الشرق الأوسط من دول كثيرة، منها الإمارات ومصر ولبنان والكويت والأردن وعمان والسعودية وقطر.

* هل يمكن أن تشرحي باختصار ما يميز شركة «بلاك بريك» عن غيرها من وكلاء الشراء العقاري في لندن؟

- نحن أكبر شركة شراء عقاري مستقلة في لندن. ونحن شركة تدار من مالكيها ولا ترتبط بأي شركة بيع عقارات أخرى أو مؤسسات تمويل عقاري في لندن، مثل الكثير من منافسينا. وهذا الاستقلال مهم جدا لعملائنا ويفرق بيننا وبين الشركات الأخرى. ونحن أيضا بنينا سجلا قويا في خدمة العملاء خلال السنوات الخمس الأخيرة، بحصولنا على عقارات في لندن قيمتها الإجمالية أكثر من 300 مليون إسترليني لصالح عملائنا. واستطعنا أن نوفر حسومات من الثمن بلغت في المتوسط نسبة 10.5 في المائة لصالح عملائنا، كما أن نسبة 25 في المائة من العقارات التي نحصل عليها لا يتم تسويقها في السوق وتباع خارج نطاق التسويق العادي.

* كيف يمكن أن تتأكدي من أن العقارات التي لم تعرض في السوق ليس مبالغا في أسعارها؟ وكيف تعرفين بوجودها أصلا وهي غير متاحة للبيع في السوق؟

- نحن نقوم بتقييم العقار الذي نعتقد أنه ملائم لأحد زبائننا، ونقدم لهؤلاء الزبائن تقييما محايدا لما نراه من مزايا أو عيوب في العقار والثمن المقترح. ونوفر لزبائننا بيانات لصفقات عقار مماثلة بحيث يرون بأنفسهم ما إذا كان العقار مقيما بقيمته الفعلية أم لا. وتصل إلينا العقارات غير المعروضة في السوق عبر شبكة مستفيضة من الاتصالات بنيت عبر سنوات طويلة، كما يتم تقديم العقارات لنا من البنوك وشركات المحاماة والمحاسبة وأيضا من البائعين أنفسهم الذين يفضلون الحفاظ على سرية الصفقات واستبعاد شركات تسويق العقار من المعادلة.

* في المتوسط، ما نسبة المشترين الأجانب في القطاع الفاخر في لندن بالمقارنة مع المشترين المحليين؟ وما نسبة المشترين العرب من جملة المشترين؟

- في قطاع العقارات الذي تفوق قيمته مليوني جنيه إسترليني تصل نسبة الأجانب إلى نحو 60 في المائة. ومن هؤلاء يأتي الثلث تقريبا من منطقة الشرق الأوسط.

* بالإضافة إلى فترة البحث عن العقار، كم من الوقت تتطلبه عملية استكمال الإجراءات القانونية لشراء العقار في لندن؟

- في المتوسط لا تستغرق الإجراءات القانونية أكثر من أسبوعين، ولكنها يمكن أن تكون أسرع من ذلك. فنحن اشتهرنا بأننا يمكن أن نتبادل تعاقدات نقل الملكية في غضون 24 ساعة. وفي العادة نتحرك بسرعة كبيرة في الصفقات الجيدة، خصوصا إذا كانت هناك منافسة من مشترين آخرين.

* هل هناك مزايا مشتركة أو خاصة يطلبها العرب في عقاراتهم اللندنية؟ وهل يفضلون مناطق بعينها في لندن؟

- بصفة عامة، المشترون من الشرق الأوسط يفضلون منطقة نايتسبريدج، وهي من أغلى مناطق لندن وأكثرها شهرة. وهي منطقة قريبة من محلات «هارودز» والكثير من منافذ البيع الارستقراطية الأخرى. والمشترون من الشرق الأوسط يفضلون أيضا العقارات التي تتمتع بخدمات أمن وكونسيرج على مدار الساعة لأنهم غالبا ما يتركون عقاراتهم شاغرة معظم فترات العام ويريدون تأمين هذه العقارات أثناء غيابهم. وداخل العقارات يفضل العرب الحمامات الملحقة بغرف النوم.

* هل صادفتك مطالب عقارية غير عادية، مثل مستثمر يريد عقارا معينا غير متاح للبيع أو آخر يعرض مبلغا أكثر من المطلوب من أجل ضمان شراء عقار معين؟

- بالتأكيد، المسألة بالنسبة لعملائنا هي أولا وأخيرا الحصول على العقار المطلوب وليس الثمن المدفوع فيه. وفي بعض مناطق لندن المرغوبة، التي تكون فيها إمدادات العقار الجيد محدودة للغاية، نضطر في معظم الأحوال إلى دفع مبالغ أعلى من أجل الحصول على العقار المطلوب. وإذا كان المستثمر ينوي الاحتفاظ بالعقار لفترات طويلة فإن السعر ليس مهما في هذه الحالات.

* هل يمكن لشركة «بلاك بريك» مساعدة المستثمر في مسائل تأمين العقار حينما يكون العقار شاغرا، خوفا من احتلاله من المشردين؟

- نعم، يمكننا أن نساعد في هذا الأمر. وقد دشنّا مؤخرا خدمة كونسيرج العقارية التي من خلالها نشرف على عقارات زبائننا ونحافظ عليها في غيابهم. وجزء من هذه الخدمة هو الذهاب ومعاينة العقار أسبوعيا من أجل التأكد من عدم وجود أي مشكلات فيه. ونشرف كذلك على مسائل توفير التأمين اللازم على العقار. ويمكن لأصحاب العقار الاتصال بنا قبل حضورهم إلى لندن لكي نقوم بتنظيف العقار ووضع بعض الأطعمة والمشروبات المفضلة في براد المنزل.

* نشرت مطبوعة بريطانية مؤخرا ما سمته «لائحة القوة في عقارات لندن»، وجاء اسمك في اللائحة قبل اسم نورمان فوستر، ووصفتك المطبوعة بأنك تشتهرين بالحصول على «فرص جيدة» لصالح زبائن الشركة. فما أسلوبك في العمل؟

- نحن شركة تركز بالكامل على عملائها. ونحن نحارب بشدة من أجلهم ومن أجل التأكد أنهم في النهاية سوف يحصلون على العقار الملائم لهم وبسعر يعتبر الأفضل في السوق.

* ما الرسوم التي تفرضها الشركة على عملائها لقاء خدمة العثور على العقار المناسب؟

- نحن نفرض رسم تسجيل أوليا قيمته ثلاثة آلاف إسترليني يغطي فترة البحث عن العقار المناسب. وبعد العثور على العقار المناسب نحسب تكاليفنا على أساس عمولة قيمتها 2.5 في المائة من الثمن أو نسبة 20 في المائة من التوفير الذي حققناه بالتفاوض لصالح للعميل من الثمن الأصلي المعلن، أيهما أعلى.

* عقارات لندن هي «المقياس الذهبي» للاستثمار الدولي

* الإقبال العربي المتزايد على عقارات لندن الفاخرة جذب أيضا انتباه الكثير من الشركات ووكلاء الشراء في القطاع الفاخر. وتقول يولاند بارنز، مديرة الأبحاث في شركة «سافيلز»، إن عقارات لندن الآن تعد بمثابة «مقياس ذهبي» للأمان الاستثماري. فهذا الاستثمار يوفر الضمان والحفاظ على القيمة، خصوصا أثناء الفترات المتقلبة، وهو ما يماثل الدور الذي كان يقوم به الذهب تقليديا في المحفظة الاستثمارية. وترى بارنز أن العرب يفضلون مناطق نايتسبريدج وبلغرافيا ومايفير.

من ناحية أخرى يقول ليام بيلي، رئيس قسم الأبحاث في شركة «نايت فرانك»، إن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط ساهم في زيادة عدد المستثمرين العرب في عقارات لندن الفاخرة. وتشير أبحاث الشركة إلى أن نسبة العرب من جملة المشترين تزيد كلما ارتفعت قيمة العقار. ففي القطاع الذي تبدأ أسعاره من 10 ملايين إسترليني تصل نسبة العرب إلى نحو 75 في المائة من المشترين. ولأن العقارات المتاحة في هذا القطاع السوبر محدودة للغاية ولن تزيد في المدى المنظور، فإن زيادة الطلب عليها تؤدي إلى نتيجة واحدة، وهي زيادة الأسعار. ويقول تقرير من الشركة إن العقارات التي يصل ثمنها إلى 3.7 مليون إسترليني في المتوسط زادت قيمتها في شهر مارس (آذار) الماضي بنحو 1.1 في المائة. وهي مستمرة في الزيادة منذ ثلاث سنوات على التوالي وتزيد في قيمتها الآن عما كانت عليه في أبريل (نيسان) 2008 بنحو 10 في المائة. وتأتي هذه النتائج في الوقت الذي تهدد فيه الحكومة الائتلافية البريطانية بفرض ضرائب على العقارات الفاخرة والتصدي لعمليات تجنب دفع الضرائب من الأجانب المقيمين في بريطانيا. وتحاول الحكومة منع تجنب دفع رسم التمغة على العقارات الفاخرة عن طريق تسجيلها باسم شركات «أوفشور». ويصل رسم التمغة على العقارات التي تزيد قيمتها عن مليون إسترليني إلى خمسة في المائة.

وبلغ من حدة المنافسة في بعض الأحيان على عقارات معينة أن بعض المشترين يتسابقون من أجل إنجاز الصفقات قبل غيرهم، كما يعقد بعضهم صفقات من دون مشاهدة العقار. ويؤكد وكيل عقاري يعمل في وسط لندن أن «أحدا لا يخسر في شراء عقارات في لندن». وهو يعتقد أن هذا الاتجاه سوف يستمر مهما كانت تحولات أسعار العقار البريطانية.