شراء المساكن القديمة وترميمها الخيار الأفضل للعائلات السعودية

بسبب ارتفاع أسعار العقارات الجديدة وزيادة أسعار الأراضي

شهدت مدينة الرياض عمليات شراء للمنازل القديمة بغرض ترميمها لعدد من الأسباب على رأسها الجودة وانخفاض الأسعار (تصوير: خالد الخميس)
TT

سيطر شراء المنازل القديمة التي يتم اقتناؤها من أجل إعادة ترميمها وتجديدها والسكن فيها على الحركة العقارية في السعودية، حيث لاحت حركة شراء كبيرة على هذه النوعية من البنايات بدت ملامحها منذ فترة قريبة، باعتبارها الخيار الأكثر توجها للمشترين الذين ينوون الاستقرار وليس الاستثمار، خصوصا العائلات ذات الأعداد المتوسطة والكبيرة، التي تشكل الطبقة الأكبر في السعودية.

وبحسب تأكيدات عدد من المتعاملين العقاريين، فقد سيطرت تلك الطريقة على الجزء الأكبر من العمليات العقارية السكنية، في جميع أحياء الرياض عدا الشمالية منها.

وتنوعت أسباب ازدهار هذه النوعية من العقار بسبب عدة أمور، أهمها ارتفاع أسعار الأراضي بشكل كبير، إضافة إلى غلاء أسعار مواد البناء، ناهيك عن ارتفاع أسعار أجور المقاولين والشركات المتخصصة في الإنشاءات، كما أن هناك سببا رئيسيا عرفيا وهو اعتقاد عدد كبير من المشترين أن الجودة التي قامت عليها المنازل التي بنيت منذ عقد إلى 3 عقود من الزمان، هي الأكثر تحملا وجودة في البناء والإمدادات كافة مثل السباكة والكهرباء وتصريف المياه.

وقال ياسر المريشد، المستثمر العقاري، إن هناك حركة تجارية نشطة في مبيعات المساكن القديمة ذات التصميم الكلاسيكي القديم، التي تحتوي المنازل فيها على مقدمة أساسية في صدر المنزل، ناهيك عن الملاحق الخارجية التي تفتقر إليها التصميمات الجديدة، التي أخفيت بعد ارتفاع أسعار الأراضي، مبينا أن لانخفاض أسعار تلك النوعية من الفيلات مقارنة بالجديدة دور كبير في الترويج لها.

وحول مناطق الإقبال على تملك تلك المنازل عن غيرها، بين المريشد أن هذه النوعية من المساكن تنتشر في جميع أحياء الرياض عدا الشمالية منها لسببين، أولهما ارتفاع أسعار العقار في الشمال، إضافة إلى أن معظم الأحياء هناك هي حديثة البناء، لذلك تجدها منتشرة في الجنوب والغرب بشكل يفوق الشرق، نظرا إلى قرب أسعاره من الشمال، موضحا أن البعض يعمد إلى شراء القديم ومن ثم ترميمه من جديد بحسب إمكانياته المادية، ومن ثم السكن فيه، اختصارا للوقت والتكلفة في المقام الأول.

يشار إلى أن الحركة العقارية في السعودية تعيش أوج قوتها، باعتبارها دولة فتية، فهي تحتاج إلى تنوع أساليب التملك لاحتواء الأزمة العقارية، التي تعيشها منذ عقود طويلة، ويتضح أن الحركة العمرانية في المملكة تتمدد بشكل كبير، لتلبية الطلب المتنامي على الوحدات السكنية، لكونها من أكثر الدول التي تشهد زيادة سكانية مطردة، ويحتاج كل فرد فيها إلى تملك مسكن مناسب وهو ما تسعى الحكومة السعودية إلى تلبيته.

في هذا الصدد، أوضح عبد الله البتير، الذي يمتلك شركة في الأعمال الإنشائية، أن أعمال الترميم من أهم الإيرادات التي يحصلون عليها، حيث أوضح أن ارتفاع طلبات الترميم أصبح يشكل قوة تنافس وبشكل كبير مجال الإنشاءات الحديثة، مما يشير إلى تنامي ظاهرة الترميم خصوصا لمن تملك مؤخرا منزلا قديما، بقصد إعادة ترميمه من جديد، وهي ظاهرة أصبحت معروفة في القطاع العقاري بشكل ملحوظ، وبأعداد أكبر مما كانت عليه في أوقات سابقة.

وعن متوسط تكاليف الترميم أشار البتير إلى أنها تختلف من منزل إلى آخر، وأن ما يميز الشراء من أجل إعادة الترميم هو الاستفادة من بعض القطع القديمة وتجديدها من دون استبدالها، مما يقلص وبشكل كبير التكاليف العامة، مبينا أن البعض يفضل تجديد الأجزاء الداخلية للمنزل، والبعض يفضل الخارجية فقط، وهناك من يقوم بتجديدها كاملة، فهي تختلف من شخص لآخر بحسب السيولة المتوافرة لديه، إلا أنها اقتصادية بشكل أكبر من مجال الإنشاءات الجديدة، خصوصا أن راغب التجديد ليس مضطرا إلى التغيير بشكل كبير.

يذكر أن بعض البنوك السعودية أقرت شراء المنازل القديمة، لكن تحت سقف زمني معين، بغية تقسيطها على الراغبين في الشراء، وهي خطوة دفعت وبشكل مباشر إلى زيادة شراء هذه النوعية من المساكن، وعدم اقتصار التمويل على الجديد منها، كما أن لانخفاض أسعارها نسبيا دورا ملحوظا في الحركة التي تشهدها هذه البنايات القديمة، التي أصبحت مقصدا للراغبين في الاستقرار في منزل جيد بخيار التملك، ويتميز بسعر معقول.

وفي صلب الموضوع، برر علي التميمي، الخبير العقاري، لجوء المشترين إلى تلك البنايات القديمة بارتفاع أسعار الحديث منها سواء في مجال الفيلات الجاهزة، أو الأراضي المفردة، إلا أنه يعتقد أن البعض يفضل ذات التصميم القديم لأسباب عرفية بحتة، حيث يشاع أن المنازل المنشأة منذ أكثر من عقد هي الأكثر جودة وتحملا وتصريفا، وذلك لعدم شيوع البناء التجاري خلال تلك الفترة، وهو أمر يعتقد أنه يشكل مسببا رئيسيا في اقتناء المنازل القديمة.

وحول أسعار المنازل القديمة بين أنها تختلف باختلاف المكان والمساحة وزمن الإنشاء وتصميم المنزل، وتبدأ من 700 ألف ريال (186.6 ألف دولار) لتصل إلى 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار)، قد تزيد لأسباب أخرى، إلا أن هذه الأسعار هي الدارجة والأكثر شيوعا، وتفرق ما يوازي النصف بالنسبة للإنشاءات الحديثة، موضحا أن هذا التوجه ليس جديدا لكنه ارتفع إلى مستويات كبيرة، مقدرا نسبة الارتفاع بما يقارب الـ30 في المائة إذا ما قورنت بالفترة الماضية.

يشار إلى أن أسعار سوق العقارات السعودية شهدت ارتفاعات واسعة خلال الفترة الماضية، إذ واصلت ارتفاعاتها إلى نطاقات مبالغ فيها باعتبارها الخيار الاستثماري الأكثر رواجا، حيث لم يسبق لها منذ نشأتها أن حققت انخفاضا ملحوظا، مما أطلق عليها محليا «الابن البار»، لذلك تجد أن المواطنين المحليين يعمدون إلى التنوع في خيارات التملك، في خطوة منهم للبحث عن الخيار المناسب لاقتناء مسكن العمر، بحسب الإمكانيات المتاحة.