غازي هيرشام: الأثرياء العرب يساومون على العقارات والكويتيون أكثرهم مساومة

مدير شركة «بيتشامب» العقارية في لندن يقول إن 15% من زبائنه عرب

غاري هيرشام وقصر «باجيت هاوس» في ريجنت بارك («الشرق الأوسط»)
TT

تعمل شركة «بيتشامب» العقارية من مكاتب فاخرة في شارع «كيرزون ستريت» بحي مايفير في لندن. وتقع مكاتب الشركة داخل مبنى تقليدي بابه أزرق اللون، يخفي وراءه ستة طوابق من المكاتب المتخصصة في العقارات الفاخرة في أحياء لندن الأرستقراطية والعقارات التجارية، وأقساما لتأجير العقارات وأخرى للعقارات الدولية. وتتعامل الشركة مع المستثمرين الأجانب بنسبة 80 في المائة من أعمالها، من بينهم أثرياء عرب من معظم الدول العربية. وتعد الشركة من العشر الأوائل في لندن في سوق العقار الفاخر، ولها خبرة 30 عاما في السوق.

وفي حوار مع مدير الشركة التنفيذي ومؤسسها، غاري هيرشام، قال إن نسبة 15 في المائة من كل زبائنه هم من العرب، وأضاف أنهم حتى في القطاع الفاخر يجادلون ويساومون على السعر المطلوب في العقار، فالتفاوض هو جزء من عملية البيع في كل القطاعات، ولكن بعد التفاوض الصعب تجري الأمور بسهولة لإنهاء الصفقة في أسرع وقت ممكن. ولاحظ هيرشام، الذي يتحدث اللغة العربية ولكنه لا يكتبها، أن هناك بعض الفروق في إجراء الصفقات بين الجنسيات العربية المختلفة، فالكويتيون هم الأشد مساومة، والسعوديون والإماراتيون يأتون إلى لندن بميزانيات محددة وفقا لحجم العقار، أما القطريون فهم أكثر مرونة في التفاوض.

واعترف هيرشام بأن التفاوض حرفة وفن، فمن ليست له خبرة في التفاوض قد يصر على السعر الخاطئ ويفقد الصفقة أو يدفع فيها أكثر مما ينبغي. وشرح هيرشام المواصفات التي يطلبها العرب في عقاراتهم والأحياء التي يتوجهون إليها، كما أكد على أهمية احترام الزبائن وضرورة استخدام الألقاب الرسمية لهم. وأشار هيرشام إلى بعض الصفقات التي أجراها مكتبه في لندن والتي كان آخرها بيع طابق كامل في مبنى «وان هايد بارك» بمبلغ 60 مليون إسترليني، وبيع عقار في حي بلغرافيا بسعر 80 مليون إسترليني.

وفيما يلي نص الحوار:

* من بين كل الصفقات التي تجريها، ما هي نسبة التعامل مع مشترين عرب؟ وفي أي قطاع من السوق يتعامل العرب بنسبة أكبر؟

- نحن نبيع لمشترين من الشرق الأوسط نسبة 15 في المائة من جملة العقارات التي نتعامل فيها سنويا. وهم نشيطون في قمة السوق العقارية، وعادة ما يبحثون عن مساكن أو شقق كبيرة الحجم.

* ما أنواع العقارات التي تجذب اهتمام المشترين من المنطقة من حيث نوع الهندسة المعمارية والتجهيزات الداخلية التي يفضلها العرب؟

- بصفة عامة، يفضل العرب العقارات الجاهزة والمفروشة التي تتضمن غرف نوم ملحقة بها حمامات. ولا بد من وجود غرفتين على الأقل مخصصة لطاقم الخدمة. وتخصص المطابخ لاستخدامات طاقم الخدمة، ويمكن أن تكون في أي طابق وبلا اشتراط أن تكون في الطابق الأرضي. ومن حيث المعمار يفضل المشترون من الشرق الأوسط العقارات منخفضة الارتفاع ذات الواجهة المزدوجة مع حديقة. ولكن إذا كانت المنطقة المطلوبة هي نايتسبردج أو بلغرافيا فإن المطلوب يكون في الغالب منزلا تاريخيا، بشرط أن تكون غرفة الاستقبال فيه رحبة، وأن تكون فيه مساحة منفصلة مخصصة لطاقم الخدمة. وإذا كان لا بد من وجود حديقة فإن المشتري عادة ما يتوجه إلى الأحياء الراقية التي توفر مساحات للحدائق، مثل هولاند بارك وسان جونز وود وريجنت بارك وهامستيد.

* هل تجد أن المشترين من المنطقة لهم طريقتهم الخاصة في إجراء الأعمال تختلف عن الجنسيات الأخرى؟ وهل من السهل التعامل مع المشترين العرب؟

- من السهل جدا التعامل مع المشترين من الشرق الأوسط طالما أن الوكيل العقاري يعرف الفارق بين الجنسيات المختلفة؛ فمثلا يساوم الكويتيون بشدة وصرامة، بينما يأتي السعوديون والإماراتيون إلى لندن بميزانية محددة للعقار وفقا لحجم العقار وعدد غرف النوم المتاحة فيه. ويتسم القطريون بمرونة أكثر في التفاوض، وعندما يتم الاتفاق على الشروط يريدون إتمام الصفقات في أسرع وقت ممكن. وبصفة عامة يرغب العرب في تبادل وثائق الملكية في أقرب فرصة ممكنة طالما أن كل الشروط تم الاتفاق عليها.

* هل يساوم العرب بشدة على الأسعار أم أنهم يقبلون الأسعار المعروضة عليهم طالما أنهم يرغبون في ملكية العقار المعروض؟

- في الغالب تكون هناك عملية تفاوض. والمشترون العرب الذين يملكون الخبرة يساومون ضمن الإطار المعقول، ولكن هؤلاء الذين لا يعرفون سوق لندن أو لم يعقدوا صفقات من قبل يساومون بحدة، ويبدأون التفاوض من مستويات منخفضة جدا، وفي الغالب ينتهي الأمر بضياع الصفقة أو بدفع مبالغ فوق المعدل المطلوب، ولكن في كل الأحوال يجري التفاوض في كل القطاعات ولا تمر صفقات بلا تفاوض إلا نادرا.

* هل يمكن أن تلخص الفروق بين الجنسيات المختلفة التي تتعامل معها والعقارات المفضلة لكل جنسية؟ وهل مرت عليك طلبات غير عادية؟ وما أهمية معرفة ثقافة المشترين قبل التعامل معهم؟

- كل جنسية مختلفة عن الأخرى في المطالب العقارية، فالعرب عموما يفضلون العقارات كبيرة الحجم بحساب عدد غرف النوم، بينما الروس يحتاجون إلى عدد أقل من غرف النوم وعدد أكبر من غرف الاستقبال، ويفضل الروس أفضل العقارات في قطاعها مهما كان حجم العقار الذي يرغبون فيه. ويفضل العرب غرف استقبال منفصلة للرجال والنساء. ومن المهم جدا معرفة ثقافة الجنسيات المختلفة؛ لأن كلا منها له تفضيلات مختلفة. من المهم مثلا عدم إحراج أي مشتر عربي. ولا بد من توجيه الاحترام الكامل للمشترين، وأن يستخدم المرء الألقاب الصحيحة مثل «شيخ» أو «أمير»، وأن يوجه إليهم الاحترام الذي يتوقعونه.

* لقد شاهدنا نموا مطردا في أسعار أسواق عقار لندن، أحيانا بخلاف التيار السائد في بريطانيا. فإلى متى تعتقد أن هذا النمو سوف يستمر؟ وهل تعاني أسواق لندن من فقاعة سعرية؟

- بعبارات بسيطة، نشعر بأن قمة سوق العقار السكني في لندن تتمتع بالمرونة تجاه كل العوامل، وسوف تستمر في النمو والقوة.

* ما الخدمات الأخرى التي تقدمها شركة «بيتشامب»؟

- نقدم باقة متنوعة من الخدمات من الإيجار طويل وقصير المدى إلى الاستثمارات التجارية، وشراء المنافذ التجارية وتدبير القروض والتمويل. ولدينا مكاتب في اليونان وإيطاليا وجنوب فرنسا، وهي جميعا تعمل في كل قطاعات أسواق العقار.

* في رأيك، ما العوامل التي تجعل من لندن ملاذا جذابا للمستثمر الدولي؟

- تتمتع لندن بالأمان من حيث الاستقرار السياسي والمالي فيها. أيضا هي مكان تجتمع فيه كل الأجناس والجنسيات، وهم جميعا مرحب بهم ويعاملون كأنهم يعيشون في وطنهم.

* هل لك أن تشير إلى بعض الصفقات الكبرى التي أنجزتها لعملائك، سواء من الشرق الأوسط أو من مناطق أخرى؟

- نحن في موقع قيادي في السوق، وقمنا ببيع عقارات هائلة في حجمها وقيمتها لمشترين من الشرق الأوسط. ونحن في هذا المجال منذ سنوات طويلة، ولعل أكبر صفقة بيع لمشتر من الشرق الأوسط كانت عقارا عائليا واحدا في منطقة هولاند بارك قيمته 60 مليون إسترليني. وأتبعنا ذلك بشراء عقار مماثل وقريب من العقار الأول ثمنه 55 مليون إسترليني. وقد قمنا بتنفيذ صفقات عقارية لكبار الشخصيات من الشرق الأوسط، خصوصا من منطقة الخليج، عبر 30 عاما من العمل في هذا المجال. وقد قمنا بتمثيل عملاء كبار من المنطقة، وبعنا مؤخرا طابقا كاملا في مشروع «وان هايد بارك» (الطابق التاسع) بمبلغ 60 مليون إسترليني، ومنزلا في بلغرافيا بسعر يقترب من 80 مليون إسترليني.

* هل تجد أن إجادة التحدث بسبع لغات يساعدك على إجراء التفاوض والتعامل مع عملاء الشركة؟ وما مستوى لغتك العربية؟

- أتحدث الكثير من اللغات مثل الإيطالية والفرنسية والإسبانية والألمانية، وأتعلم الآن اللغة الروسية. لغتي العربية لا بأس بها ولكني لا أتحدثها بطلاقة ولا أكتب بها. وبالطبع يساهم التحدث بلغات مختلفة في التقرب من العميل وفهمه؛ لأن التحدث بلغة العميل يربطنا معه بعلاقة أقوى تستمر لفترات طويلة، كما تساهم في طمأنة العميل إلى أنه يتعامل مع شركة تحرص على مصالحه.

* إن شركة «بيتشامب» على وشك أن تفتتح لها مكتبا في فلورنسا في إيطاليا، فما هي إمكانيات السوق الإيطالية؟

- إن إيطاليا بلد «سوبر» يوفر مواقع عطلات راقية وخلابة، مثل بورتوفينو في ليغوريا، وفورت دي مارمي في توسكاني. وهذه مناطق يعرفها الأثرياء جيدا ويتمتعون بها منذ زمن طويل، ولكنها غير معروفة لهؤلاء الذين لم يتذوقوا إيطاليا بعد. ونعتقد أن الروس والجيل الجديد من الأثرياء العرب بدأوا بالفعل في استكشاف إيطاليا بأسلوب متمهل، ونحن هناك لمساعدتهم على تحقيق ذلك. ونحن نعتقد أن الطلب على تأجير العقارات سوف يزداد بداية من صيف هذا العام.

* كيف يسير النشاط في سوقي فرنسا واليونان وفقا لعمل مكاتبكم هناك؟

- مكتبنا في كان عليه نشاط مكثف، وهو يتعامل بشكل رئيسي مع مشترين من الشرق الأوسط في قطاعي الشراء والتأجير. أما مكتب ميكونوس في اليونان فقد بدأ يشهد بعض الزيارات من العرب، ولكن الإقبال يأتي فقط من الفئات التي تسافر باستمرار إلى جهات جديدة. أما إيطاليا فنحن نتابعها عن كثب لنرى تحولات الأسواق فيها.

مما يذكر أن الشركة تسوق حاليا الكثير من العقارات الفاخرة في لندن، من بينها عقار اسمه «باجيت هاوس» يقع في قلب ريجنت بارك شمال العاصمة البريطانية، ضمن مجموعة من القصور التاريخية التي سكنها مشاهير ورجال دولة في الماضي. وتقع هذه العقارات في جنوب ريجنت بارك، ويجمعها اسم الشارع الذي تقع فيه وهو «كورنوول تراس». ويحتوي كل عقار منها على مصعد خاص وديكور يقتصر عليه، وغرف لطاقم الخدمة، وهي مصنفة من الدرجة الأولى في التراث البريطاني، وكل منها يحمل اسمه التاريخي. وقد بيع بالفعل نصف العقارات الثمانية المعروضة للبيع بثمن إجمالي بلغ 400 مليون إسترليني. ويعرض «باجيت هاوس»، كنموذج لهذه العقارات التاريخية، للبيع بمبلغ 27 مليون إسترليني. وتقول الشركة إن الاهتمام بهذه العقارات يمتد من روسيا إلى الشرق الأوسط عبر أوكرانيا، والبعض من شخصيات الأعمال في هذه المناطق يدرس مزايا المنطقة القريبة من مسجد لندن، من أجل إضافة أحد عقاراتها إلى محفظته العقارية الدولية.

أغلى عقار باعته الشركة قيمته 85 مليون إسترليني

* تعمل شركة «بيتشامب» من مكاتب في «كيرزون ستريت» منذ السبعينات، وهو أحد أشهر شوارع منطقة مايفير. وتعتبر المنطقة تاريخية، وسميت بهذا الاسم لأنها كانت تستقبل مهرجانا سنويا يقام في النصف الأول من شهر مايو (أيار) من كل عام. وانتهى هذا التقليد قبل 300 عام بعد أن رأى وجهاء المنطقة أن المهرجان يقلل من شأن وسمعة مايفير. وتتعامل الشركة في القطاع السكني في مناطق لندن الراقية، بالإضافة إلى نشاطات أخرى في القطاع التجاري وقطاع التأجير والعقارات الدولية. وبلغ سعر أغلى عقار باعته الشركة مؤخرا 85 مليون إسترليني، يتبعه الكثير من الصفقات التي تزيد في قيمتها على 50 مليون إسترليني.

في سجل الشركة من العملاء أسماء مشهورة من كل أنحاء العالم، ومن بريطانيا نفسها. وتبلغ نسبة العملاء الأجانب نحو 80 في المائة من جملة عملاء الشركة. ويتحدث موظفو الشركة البالغ عددهم 12 شخصا الكثير من اللغات، من بينها اللغة العربية. وبالإضافة إلى الروس والعرب تتعامل الشركة مع مختلف الجنسيات الأخرى، وشهدت مؤخرا زيادة ملحوظة في عدد المشترين من الصين وأوزبكستان، وهم أيضا يفضلون المناطق الأرستقراطية في لندن. وبالإضافة إلى عقارات لندن تعرض الشركة أيضا عددا من العقارات الدولية في مناطق بحيرة كومو في إيطاليا وسواحل جنوب فرنسا وبعض أنحاء اليونان، وجبل طارق وسويسرا ونيويورك.