ملياردير أوكراني يتخصص في شراء البنايات الاستثمارية في نيويورك

يدفع الثمن «عدا ونقدا»

TT

من النادر أن تجد مشتريا يدفع الثمن عدا ونقدا لشراء أحد العقارات، ويزيد الأمر ندرة حينما يتجاوز المبلغ المدفوع 300 مليون دولار. لكن هذا هو ما حدث الأسبوع الماضي، حين قام أحد أباطرة صناعة الأسمدة، وهو أليكس روفت، بشراء حصة أغلبية في العقار «14 وول ستريت»، وهي بناية إدارية تبلغ مساحتها مليون قدم مربع وتقع في الجهة المقابلة لبورصة نيويورك جنوب مانهاتن.

يقول روفت (59 عاما): «كنت أضع الكثير من البنايات الإدارية المختلفة نصب عيني من أجل شرائها، لكنني وفقت إلى الحصول على هذه البناية، وتمكنت من شراء جميع حصص الدائنين». ويقول إنه خصص مبلغا آخر يتراوح بين 300 و400 مليون دولار لشراء المزيد من البنايات السكنية والتجارية في مانهاتن. ورغم أن هناك عمليات شراء نقدي سابقة لأبراج إدارية كبيرة في مدينة نيويورك، فإن السماسرة يقولون: إن مبلغ 303 ملايين دولار هو سعر يستحق الاهتمام، لكن هذه الاستراتيجية ليست بالغريبة على الملياردير روفت.

يقول ماتيو ليسر، نائب رئيس بشركة «ليزلي جي غارفيلد آند كومباني»، الذي كان ممثلا لروفت في الكثير من الصفقات العقارية في نيويورك: «لم أعهد عليه الاستعانة بالتمويل في أي من صفقاته». وكان ليسر أحد مستشاري روفت في صفقة شراء العقار «14 وول ستريت»، حيث لم يستعن الأخير بأي سماسرة أو وسطاء. ويقول ليسر: «إذا كنت تمتلك السيولة المالية، فلماذا تقترض المزيد؟»، مضيفا أن عدم الاعتماد على التمويل «يسمح له بإبرام أي صفقة سريعا». وربما يقرر روفت، مثل كثير ممن يفضلون الشراء نقدا، الحصول على بعض التمويل على حساب البناية فيما بعد.

وكجزء من صفقة شراء البناية «14 وول ستريت»، المعروفة أيضا باسم «بناية استئمان المصرفيين»، دفع روفت الجزء المتبقي من المديونية بالكامل، في مقابل الحصول على خصم. وهذا المبلغ، بحسب القيمة الاسمية، يشمل 145 مليون دولار تمثل الرهن العقاري الأول، الذي كان مقررا أن يحل أجل استحقاقه في مايو (أيار) المقبل، و100 مليون دولار مديونية على طابق «ميزانين» لصالح شركة «بروكفيلد أوفيس بروبرتيز»، إضافة إلى مديونية على طابق «ميزانين» آخر يبلغ إجمالها 75 مليون دولار لصالح شركة «شورنستاين بروبرتيز».

ويحتل روفت، وهو أوكراني الأصل يحمل حاليا الجنسية الأميركية ويشغل منصب رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الأسمدة، وهي شركة «آي بي إي تريد كوربوريشن»، المركز رقم 372 في قائمة «أغنى 400 شخصية أميركية» التي تصدرها مجلة «فوربس»، حيث يقدر صافي ثروته بمبلغ 1.2 مليار دولار. وبعد بداياته المتواضعة في أسرة يهودية لوالد يعمل مديرا بأحد مصانع التريكو ووالدة كانت ربة منزل، انتقل إلى أميركا بتأشيرة عمل سنة 1984 ومعه درجة الدكتوراه في الاقتصاد الدولي التي حصل عليها من «جامعة لفوف الحكومية للتجارة والاقتصاد»، وهناك نجح في شق طريقه بين عدد من الأعمال، من بينها فترة عمل خلالها في متجر للمعلبات يمتلكه عمه، قبل أن يلتحق بشركة «آي بي إي تريد كوربوريشن»، وهي شركة خاصة. وهناك، نجح في استغلال اتصالاته الروسية وطموحه من أجل ارتقاء السلم الوظيفي داخل الشركة، إلى أن انتهى به المطاف على رأس الشركة بأكملها.

ويمتلك روفت أكثر من 23 عقارا في مختلف أرجاء المدينة، وهو يتمتع بخبرة كبيرة في اصطياد العقارات المميزة، حيث لفت جميع الأنظار العام الماضي حين دفع مبلغ 34 مليون دولار نقدا لشراء «قصر هنري سلون» بشارع «إيست 68 ستريت»، قبل ساعة واحدة فقط من الحجز على المنزل الريفي الفخم، الذي يعود تاريخ بنائه إلى نحو عام 1905، وعرضه للبيع في مزاد علني. وهذا المنزل الجديد أكبر بكثير من منزل أسرته السابق، الذي كان عبارة عن منزل ريفي يقع في شارع «232 إيست 63 ستريت»، وهو معروض للبيع حاليا بسعر 27 مليون دولار. ويقول روفت مبتسما: «هذا المنزل الجديد أكبر وأفضل كثيرا. المنزل الآخر صغير للغاية بالنسبة لي أنا وزوجتي - لم تكن مساحته تتجاوز 11 ألف قدم مربع».

وفيما يتعلق بالعقار «14 وول ستريت»، فسوف تحتفظ شركة «كابستون إيكويتيز»، التي اشترت البناية بالمشاركة مع شركة «كارليل غروب» في أوج ازدهار السوق عام 2007 مقابل 325 مليون دولار، بحصة أقلية، بينما خرجت شركة «كارليل غروب» تماما من هيكل الملكية. ويقول روفت إن شركة «كابستون»، رغم أنها ستظل من ملاك العقار، سوف تنحصر مسؤولياتها في أداء «دور ثانوي في الإدارة». وسوف ينهض ابناه، فيليب (33 عاما) وماكسويل (24 عاما)، بمعظم أعباء إدارة البناية، التي تتكون من 985 ألف قدم مربع من المساحات الإدارية و24 ألف قدم مربع من مساحات التجزئة، من بينها فرع لسلسلة متاجر «تي جي ماكس» بالطابق الأرضي. يقول جوشو زامر، مسؤول إداري بشركة «كابستون»: «نحن سعداء للغاية بالاستمرار في امتلاك حصة في العقار، حيث إننا نؤمن بالمنطقة وبتميز البناية».

وتوجد بالبناية مساحات شاغرة تصل إلى 300 ألف قدم مربع، وهناك 3 مستأجرين، منهم شركة تأمين تتداول أسهمها في البورصة، تتفاوض من أجل استئجار نحو 200 ألف قدم مربع. وقد كانت شركة الوساطة التجارية «سي بي آر إي» هي التي تمثل البناية وقت أن كانت مملوكة لشركة «كابستون»، لكن روفت يقول إنه لم يقرر ما إذا كان سيستعين بشركة خارجية أو يقوم بإدارة عمليات التأجير داخليا. وقد امتنعت شركة «سي بي آر إي» عن التعليق. ويقول روفت: «كانت استراتيجية شركة (كابستون) هي شراء البناية وإحضار المزيد من المستأجرين ثم بيع البناية بسعر أعلى. لكن موقفي مختلف - فأنا أتطلع إلى الاحتفاظ بالبناية لفترة طويلة، ولا أبحث عن إيجار مرتفع للغاية، بل فقط سعر سوقي معقول».

إلا أن الثمن الذي دفعه روفت، والبالغ 303 ملايين دولار، لا يمثل خصما كبيرا من مبلغ 325 مليون دولار الذي دفعته شركتا «كابستون» و«كارليل غروب» في أوج الفقاعة التي شهدتها السوق العقارية. وعند حساب التكاليف الإضافية، مثل بدلات التحسينات التي يطلبها المستأجر وعمولات الإيجار، كان يمكن أن تصل تكلفة الصفقة بالملياردير روفت إلى 330 دولارا للقدم المربع، بحسب تقديرات السماسرة، بينما كان متوسط سعر البيع في وسط المدينة بالنسبة للبنايات الإدارية الفاخرة لا يزيد عن 297 دولارا للقدم المربع خلال الربع الأول من العام، طبقا لبيانات تم الحصول عليها من شركة «كوشمان آند ويكفيلد».

ويقول دوغلاس هارمون، مدير تنفيذي أول بشركة «إيستديل سيكيورد»، الذي كان يمثل، مع زميله آدام سبايز، شركتي «كابستون» و«شورنستاين بروبرتيز» في صفقة البيع: «منذ عامين، كان بعض الناس سيرون أن هذا ثمن كبير لشراء بناية في وسط المدينة. لكن المنطقة تغيرت تماما، وأصبحت تجتذب اليوم إقبالا من المستثمرين أكثر من أي وقت مضى».

* خدمة «نيويورك تايمز»