«سيتي سكيب أبوظبي» يشهد إطلاق مشاريع عقارية بمئات الملايين

الفائض في المعروض يقدر بأكثر من 3000 وحدة ويهدد بعام صعب

جانب من مخططات أبوظبي الجديدة في «سيتي سكيب» هذا العام
TT

إلى جانب العديد من المخططات والهياكل لمشاريع تبدو مبهرة، كان من اللافت حجم الحضور من المشتغلين في القطاع العقاري إلى معرض «سيتي سكيب أبوظبي 2012» المتخصص في قطاع التطوير والاستثمار العقاري بالمنطقة، وهو الحدث الذي بدأ يتخذ مكانة مهمة في المنطقة، ويمكن أن يتلمس المراقب عبر زيارته الاتجاهات المستقبلية للقطاع العقاري، خاصة أن العاصمة الإماراتية أبوظبي بدأت تشهد استئناف تنفيذ العديد من المشاريع المتوقفة سابقا بحيث تلعب العديد من التطورات الإيجابية دورا مهمّا في إعادة ترسيخ الثقة في السوق التي يتوقع أن تشهد انتعاشا خلال العام الحالي في وقت لا يزال فيه الطلب قويا على الوحدات السكنية الراقية ذات الجودة العالية، على الرغم من تراجع الإيجارات.

ومن المتوقع أن تشهد السوق خلال العام الحالي طرح وحدات مكتبية جديدة بأسعار تتراوح بين 1.400 و1.600 درهم للمتر المربع سنويا، فيما سجلت إيجارات الشقق السكنية انخفاضا تراوح بين 6 و10% في بعض المشاريع خلال الربع الأول من عام 2012 وفقا لتقديرات «كلاوتز» إحدى الشركات المعروفة المتخصصة في قطاع الاستشارات العقارية.

ويشير تقرير الشركة الخاص بالسوق العقارية في العاصمة أبوظبي، الذي أصدرته على هامش مشاركتها في معرض «سيتي سكيب أبوظبي» الذي اختتم أعماله في 25 أبريل (نيسان) الحالي، إلى بعض المؤشرات الإيجابية؛ ومنها إعلان المجلس التنفيذي لأبوظبي استئناف تنفيذ العديد من المشاريع التي كانت متوقفة سابقا، وضمنها مشاريع ثقافية وسياحية مثل متحفي «اللوفر» و«جوجنهايم» في جزيرة السعديات، إضافة إلى تطوير مبنى جديد في مطار أبوظبي الدولي.

وستساهم هذه التطورات في إعادة ترسيخ الثقة في السوق التي يتوقع أن تشهد انتعاشا خلال العام الحالي 2012. وكان كبار المطورين العقاريين مثل «الدار» و«صروح» قد لمسوا نتائج إيجابية بالفعل مع نهاية عام 2011 من خلال تسجيلهم زيادة في الأرباح، حيث اختتمت «صروح» عام 2011 بتحقيق أرباح، وصلت إلى 383 مليون درهم، مقارنة مع 16.1 مليون خلال 2010، في حين سجلت «الدار» أرباحا قياسية بلغت 642.5 مليون درهم.

وشهدت العاصمة أيضا تحولا في النهج الذي يتبعه مالكو العقارات السكنية؛ إذ بادر هؤلاء بالتواصل مع الوسطاء العقاريين لمساعدتهم على تأجير وحداتهم السكنية. كما اتجه بعض المطورين أيضا لتعيين شركات متخصصة في الوساطة العقارية للتصرف بالنيابة عنهم، والمبادرة بتحمل عمولات الوكالات العقارية، في خطوة تهدف إلى استقطاب المستأجرين. وسجلت مبيعات الوحدات السكنية في أبوظبي انخفاضا خلال الربع الأول من العام الحالي 2012، كما استمر تراجع الإيجارات. ومع ذلك، لا يزال الطلب قويا على الشقق السكنية الراقية الواقعة في مناطق مفضلة. وتستقطب «جزيرة أبوظبي» أيضا اهتمام عدد كبير من المستأجرين، خاصة بعد أن أصبحت قيم الإيجارات فيها في متناول الكثيرين. كما تحظى الشقق السكنية في منتجع «سانت ريجيس» الجديد في جزيرة السعديات بمستويات إقبال جيدة.

وعلى صعيد آخر، يجري العمل تدريجيا على إيجاد حلول لمسألة نقص المعروض من مرافق التجزئة في العديد من المشاريع السكنية الجديدة، وذلك من خلال طرح وحدات تجزئة جديدة في مشروع «مارينا سكوير»، ولكنها لا تزال مشكلة قائمة في العديد من المشاريع الأخرى.

أما على صعيد قطاع المكاتب، فقد تم الانتهاء من تنفيذ عدد من أبرز المشاريع التجارية ذات الجودة العالية خلال النصف الأخير من عام 2011، التي يأتي من بينها «أبراج الاتحاد»، و«سواح سكوير»، و«كابيتال جيت»، ومبنى المقر الرئيسي الجديد لشركة «الدار»، بما يساهم بالتالي في زيادة مساحة الوحدات التجارية الجديدة في المدينة. وحظي قطاع المكاتب بانتعاش مع إعلان بلدية أبوظبي عدم السماح مجددا بإصدار رخص لمزاولة الأعمال التجارية من الفيللات السكنية، الأمر الذي دفع بالعديد من الشركات إلى الانتقال لمبان مخصصة للمكاتب. وتشهد الوحدات المكتبية الراقية من الفئة الأولى معدلات طلب عالية، خاصة في مشروع «سواح سكوير» الذي نجح في استقطاب الشركات الجديدة وتلك التي انتقلت من مقرات أخرى.

ويسعى عدد قليل جدا من مالكي العقارات لتحقيق إيجارات تزيد على 2.000 درهم للمتر المربع الواحد سنويا خلال العام الحالي 2012. كما ستشهد السوق طرح وحدات مكتبية جديدة بأسعار تتراوح بين 1.400 و1.600 درهم للمتر المربع سنويا. ومن المرجح أن تواصل إيجارات المكاتب انخفاضها في المشاريع الثانوية والمناطق العادية لمستويات معقولة خلال العام الحالي، باستثناء وحدات الفئة الأولى. وسيتحتم على مالكي ومطوري الوحدات التجارية توفير مرونة أكبر في شروط الإيجار وحوافز تشجيعية، مما يساهم في استقرار الإيجارات مع نهاية عام 2012.

وتتوقع «كلاوتز» أن يكون عام 2012 عاما صعبا على القطاع السكني في أبوظبي، وذلك في ضوء طرح المزيد من الوحدات في السوق، خاصة في مشروع «الريانة» الذي سيطلق 1.800 شقة سكنية هذا العام و«ريف داون تاون» الذي سيطرح 1.500 شقة.

لقد شهدت إيجارات الشقق السكنية انخفاضا تراوح بين 6 و10% في بعض المشاريع خلال الربع الأول من عام 2012، ويتوقع أن يستمر هذا الانخفاض خلال الفترة المتبقية من العام. وعلى الرغم من ذلك، فإن الطلب يبقى قويا على العقارات السكنية خاصة الراقية منها. وتساهم عوامل عدة؛ منها إعلان الجهات الحكومية عن استئناف تنفيذ العديد من المشاريع فضلا عن الأرباح القياسية التي تسجلها شركات مهمة، بشكل إيجابي في دفع عجلة السوق العقارية بصفة عامة وتعزيز الاقتصاد الوطني ككل خلال العام الحالي. لن الخوف الذي تبديه «كلاوتز» مما سيحمله العام الحالي على اعتبار أنه يرتبط بزيادة المعروض في العاصمة، لم يكن بهذا الوضوح في «سيتي سكيب» مع ملاحظة المزيد من الحماس الذي بدأ يعود إلى نفوس المستثمرين بما يتماشى مع المرحلة ونموها الحذر؛ حيث شهد المعرض الإعلان عن مشروع تجاري وسكني جديد بقيمة 54 مليون دولار أميركي مستوحى من عناصر التراث الإسلامي، وقامت شركة «وفرة» العقارية، التي تتخذ من الكويت مقرا لها حيث تصميم المشروع، الذي سيقام على «جزيرة الريم» في أبوظبي، على ساحات داخلية ومشربيات وحدائق، جميعها مستوحاة من التراث المعماري الإسلامي وتبرز القيم الإسلامية.

وقال أحمد الصبيح، مدير التسويق في شركة «وفرة» العقارية: «المشروع مجزأ على قسمين؛ ويخصص الجزء الأول منه للمساحات المكتبية ويمتد على مساحة 7.147 متر مربع وبارتفاع سبعة طوابق، في حين خصصت للجزء الثاني المخصص للوحدات السكنية، مساحة 4.150 متر مربع وبارتفاع 35 طابقا»، وأضاف الصبيح: «المشروع يتقدم بشكل سريع، خاصة مع استكمال إجراءات التصريح للمجمع التجاري وقرب استصدار التصريح الخاص بالمبنى السكني.. نأمل بدء أعمال الإنشاء بنهاية عام 2012». في حين قامت «ريم» للاستثمار، إحدى كبرى شركات التطوير العقاري المشاركة في معرض «سيتي سكيب أبوظبي»، بإطلاق مرافق تخزينية خاصة في قلب «مجتمع الروضة»، الذي تعكف الشركة على تطويره بالقرب من شارع المطار على مدخل قلب العاصمة.

وستوفر المرافق التخزينية الخاصة، التي تعرف عالميا باسم «ريد بوكس»، مساحات تخزينية قصيرة وطويلة الأمد، التي تتيح خيارات التحكم بدرجات الحرارة التخزينية وهي مفتوحة أمام العملاء على مدار الساعة. وتتراوح المساحات التخزينية المتوفرة بين 25 قدما مربعا و300 قدم مربع، وسيقوم العملاء بالدفع حسب المساحة المحجوزة فقط.

من جهتها، قامت شركة «منازل» العقارية بإطلاق أحدث مشاريعها خلال مشاركتها في «سيتي سكيب أبوظبي»، وهو عبارة عن مجمع حصري يضم 500 فيللا خاص بالمواطنين الإماراتيين. وسيساعد مشروع «داري»، المواطنين على الاستفادة من قروض السكن، ويساعد ملاك الأراضي المحليين على بناء المنازل في أراضيهم.