3 عوامل ترفع سعر العقارات في السعودية.. أبرزها ثمن الأراضي

معرض الرياض يكشف عن دخول شركات جديدة في خط التطوير العمراني

شهد معرض الرياض العقاري حضورا كبيرا من الزوار بغية التعرض على المنتجات التمويلية والعقارية (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي تشهد فيه السعودية تحركات واسعة على مستويات عدة لتحريك قضية الإسكان ومعالجتها، ابتداء من القطاع العقاري وانتهاء بقطاع المقاولات، برزت تحديات مؤثرة على الصعيدين الإسكاني والعقاري حددها خبراء ومتعاملون بأنها أبرز التحديات لإنتاج منتجات عقارية بأسعار معقولة، في ظل ارتفاع الطلب وانخفاض العرض، وارتفاع الأسعار.

وبرزت تلك التحديات في وقت شهد فيه معرض الرياض للعقارات الأخير ملامح واسعة لمستقبل القطاع العقاري والإسكاني في البلاد، في حين نشطت وزارة الإسكان المنشأة حديثا في الوصول إلى معادلات تمكنها من لعب دور أكبر على الساحة الإسكانية، خاصة مع زيادة الاستثمارات العقارية المختلفة في السوق، الأمر الذي يطالب به ممثلو القطاع الخاص بدور أكبر لهم في المشاركة في هذه العملية الضخمة المتمثلة في عزم الوزارة بناء 500 ألف وحدة سكنية.

وقد تكون أبرز تلك التحديات هو ارتفاع أسعار الأراضي، في الأراضي البيضاء المفردة أو الخام داخل النطاق العمراني تعتبر في الوقت الحالي مرتفعة نتيجة أسباب عدة، أبرز أن السوق شكلت خلال الأعوام الماضية واحدة من أبرز قنوات الاستثمار في البلاد، الأمر الذي جعل المستفيدين من الضخ الحكومي، سواء أكانوا مستثمرين أو مقاولين، إلى إعادة تدوير تلك العوائد إلى السوق العقارية للاستفادة من العوائد التي تحققها، الواقعة بين معدلات 10 إلى 18 في المائة.

وقال المهندس عبد الرحيم التويجري، الرئيس التنفيذي لشركة «ميزات للتطوير» إن أسعار الأراضي تشكل واحدة من العقبات أمام أسعار مخرجات التطوير العقاري، سواء أكانت فيلات أو شققا أو أبراجا وغيرها، موضحا أن النسبة الطبيعية تتمثل في أن يكون سعر الأرض يتمثل في ثلث التكلفة الكاملة لسعر الوحدة العقارية، أما في الوقت الحالي فإن تكلفة الأرض تفوق ذلك بمراحل، مما يجعل المنتجات النهائية عالية التكلفة، وهو ما يؤثر في الأخير على المستهلك في الأسعار، في ظل حاجة السوق إلى قوانين جديدة ترفع من القدرة الشرائية للمستهلكين.

من جهته، قال خالد الضبعان، الخبير العقاري، إن سعر الأرض يعتبر من أهم المؤثرات في قرار الشراء، حيث لا تزال هناك شريحة ترغب في بناء فيلاتها بشكل شخصي من خلال تصاميم خاصة بهم، الأمر الذي يجعل من ذلك تحديا أمام ذلك القرار في ظل الأسعار الحالية، وهو ما يحتاج إلى حركة شاملة لعودة الأسعار إلى طبيعتها بعد أن ساهم المضاربون في رفعها خلال الفترة الماضية.

وبالعودة إلى التويجري الذي أشار في حديث مع «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته شركته في معرض الرياض العقاري الأخير، إلى أن مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي في المدن الرئيسية تعد من أهم معوقات حل أزمة الإسكان في البلاد، ويتعين على وزارة الإسكان أن تسارع بإيجاد حلول عاجلة ووضع حد للمضاربة في أسعار الأراضي التي ارتفعت أسعارها بشكل غير مبرر.

وأضاف: «يجب الإسراع بفرض ضريبة على الأراضي البيضاء المخدومة، حيث أرهقت هذه الأراضي كاهل الدولة بأعباء الخدمات التي تمر بها دون جدوى، لذلك يجب أن تستغل المواقع التي تتوسط العاصمة الرياض خير استغلال، خاصة أن الرياض أصبحت من بين أكبر 20 عاصمة في العالم من حيث المساحة».

وأكد أن تطبيق نظام الضريبة على الأراضي البيضاء قد يكون معقدا، لكن التعقيد الأكبر الذي يمكن أن يعطل هذا النظام هو تطبيقه بالطريقة البيروقراطية، خاصة أن مجال الفتاوى الشرعية دخل على الخط في هذه القضية، على حد قوله.

يتمحور العامل الثاني في ارتفاع أجور الأيدي العاملة، حيث شهدت أجور الأيدي العاملة ارتفاعا خلال الفترة الماضية، حيث يشير التويجري إلى أن ارتفاع أجور الأيدي العاملة ممتثل في زيادة المشاريع الحكومية خلال الفترة الماضية، إضافة إلى ضخامتها، وهو ما جذب الكثير من الأيدي العاملة إلى العمل في تلك المشاريع، وهو ما رفع أجورها في تنفيذ مشاريع شركات التطوير العقاري أو حتى على البناء الفردي، وهو يعكس أيضا على ارتفاع السعر على المستهلك النهائي في يظل بطئ تنفيذ المشاريع.

وهنا يشير خالد الضبعان، الخبير العقاري، إلى أنه من الطبيعي أن ترتفع أجور الأيدي العاملة الماهرة منها خاصة، في ظل مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تعمل عليها الحكومة، وهو ما يجعل إيجادها صعبا، بالإضافة إلى ارتفاع أجورها، حيث تشهد السعودية مشاريع بنى تحتية ضخمة ستسهم في تعزيز الخدمات العامة من طرق ومطارات ومشاريع خدمة في تعزيز حياة الفرد، وهو خطة وضعتها الحكومة خلال سنوات ماضية ومستمرة فيها خلال السنوات المقبلة.

العامل الثالث يتمثل في ارتفاع أسعار مواد البناء، مع الموجة العالمية في التضخم شهدت أسعار مواد البناء تضخما واسعا حتى عام 2008، ولكن بعد الأزمة المالية العالمية، شهدت تراجعا، إلا أنها عاودت الصعود مرة أخرى مع عام 2011 في ظل مشاريع البنية التحتية العالمية بشكل عام، ومشاريع البنى التحتية في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، في ظل توجه كل من الإمارات وقطر والكويت والسعودية إلى تنفيذ مشاريع واسعة وضخمة خلال السنوات المقبلة.

ويوضح الرئيس التنفيذي لشركة «ميزات للتطوير» أن أسعار مواد بناء تشكل أيضا أحد أهم أضلاع بناء المنازل، وهو ما ينعكس أيضا على التكلفة النهائية، حيث يؤكد أن المشاريع الضخمة سواء للقطاع العام أو الخاص، ساهمت في زيادة الطلب عليها خلال الفترة الماضية، الأمر الذي رفع أسعارها ولو بشكل بسيط خلال الفترة الحالية.

في حين يرى خالد الضبعان أن مواد البناء تعيش في دورة اقتصادية منتعشة بسبب ارتفاع الطلب عليها وتنفيذ مشاريع واسعة وضخمة من القطاعين، وهو ما يعطي مؤشرا واسعا لما ستكون عليه خلال الفترة المقبلة، خاصة تلك المتمثلة في الحديد والإسمنت اللذين يشكلان نسبة كبيرة من الطلب عليهما خلال الفترة الماضية، وشهدت أسعارها مدا وجزرا، خاصة فيما يتعلق بالمواد الخام، وهو أيضا ينعكس على السوق العقارية والإسكانية بشكل مباشر وغير مباشر.

من جهة أخرى، اختتم معرض الرياض العقاري بمشاركة واسعة من شركات التطوير العقاري، والتي تتطلع للمشاركة في بناء المزيد من الوحدات الإسكانية بهدف تغطية العجز الحاصل بين العرض والطلب في هذا القطاع، وكانت سمة المعرض مشاركة شركات عقارية جديدة دخلت السوق العقارية بهدف الاستثمار وطرح المزيد من المنتجات العقارية خلال الفترة الحالية والمستقبلية، كما شهد المعرض مشاركة واسعة من شركات التمويل العقاري، وأشار بعض المشاركين إلى أنها محاولة للتزاوج بين شركات التمويل والتطوير للوصول إلى معادلة تساعدهم على تلبية حاجة السوق العقارية والتمويلية أو الإسكانية خلال الفترة المقبلة.

وكان الدكتور شويش الضويحي، وزير الإسكان السعودي، أكد خلال تدشينه المعرض أن وزارته انتهت من عمل مسودة للاستراتيجية الوطنية للإسكان.

وقال الضويحي، إن الوزارة تعمل بخطى حثيثة ومتسارعة ضمن منظومة من الجهات والمؤسسات ذات العلاقة لتحقيق تطلعات ولاة الأمر وتنمية قطاع الإسكان عبر تنمية متكاملة من التعاون والتنسيق المشترك بين مختلف الجهات.

وأكد أن وزارة الإسكان حرصت بالتنسيق مع الجهة المنظمة على أن تغطي محاور الملتقى كافة القضايا ذات الصلة بالإسكان، مشيرا إلى أن محاور الملتقى تتناول عرض الملامح الاستراتيجية الوطنية للإسكان ومكوناتها التي أنهت الوزارة مسودتها بالتعاون مع جهة متخصصة تقوم على تبني خيار استراتيجي متوازن بين القطاعين العام والخاص في إدارة وتوجيه قطاع الإسكان.

ولفت وزير الإسكان السعودي إلى أن الإطار النظامي لقطاع الإسكان يعد أحد أهم دعائم بيئة النهوض بالقطاع الذي يتسم بالتعددية بين أكثر من جهة حكومية وخاصة، مما يعزز الحاجة إلى التنسيق فيما بينها، وتشكيل رؤية شاملة وموحدة لأدوار تلك الجهات.