«المضاربة» ترفع أسعار المقاولين 13% وتنعكس ارتفاعا عاما في القطاع العقاري السعودي

بسببها توقفت الكثير من المشاريع

شهد عدد من المباني في السعودية تأخر عدد من المقاولين المنفذين بسبب ارتباطهم بأكثر من عقد (تصوير: خالد الخميس)
TT

تسبب عدد من المهتمين بإنشاء المباني، في تأخير إقامة الكثير من المشاريع، ورفع أسعار المقاولين، وتعطيل بناء بعض المنشآت التي تجري إقامتها، وذلك بطريقة غير مباشرة، وتسببوا بالمقام الأول في المضاربة في أسعار المقاولين الذين أصبحوا ينتقلون من مشروع إلى آخر باتباع من يدفع لهم أكثر، على الرغم من عدم إتمامهم المشروع الأصلي الذي تعاقدوا عليه، بعد أن أصبحوا عملة نادرة في وجه التوسع العمراني الكبير الذي تشهده البلاد.

كما أن لعدم سن القوانين الصارمة في وجه من يحاول تعطيل المشاريع، أمرا آخر ساهم في تفشي الظاهرة بشكل كبير بحسب تأكيدات عدد من المهتمين بالمجال العقاري، الذين أضافوا أن المقاولين أصبحوا يتركون المشاريع قبل إتمامها على الرغم من ارتباطهم بعقود سابقة، الأمر الذي تسبب في رفع أسعارهم لأكثر من 13 في المائة على أقل تقدير، وهو الأمر الذي تسبب فيه أصحاب المشاريع أنفسهم، بعد أن يقوموا بإغراء المقاول بأسعار أعلى من المشروع الذي يقيمه في الوقت الحالي.

وقال عبد الرحمن الموسى، المستثمر العقاري، بأن بعض المستثمرين العقاريين تسببوا بشكل غير متعمد، في رفع أجور المقاولين الذين يشهدون ضغطا كبيرا في الطلب نتيجة ندرتهم، في الوقت الذي تشهد فيه السوق العقارية إقامة المزيد من المشاريع العقارية التي تحتاج إلى أعداد أكبر من المقاولين، موضحا أن ظاهرة ترك المقاولين للمشاريع التي يعملون عليها والذهاب إلى مشاريع أخرى انتشرت بشكل لا يمكن التغافل عنه، خصوصا أن هذه العملية تكبد صاحب المشروع خسائر مالية كبيرة، جراء التوقف المفاجئ.

وأضاف «أن المشكلة الأخرى التي تعتبر القاصمة أن بعض المقاولين يرفض استلام المشروع بعد أن يقوم بتركه المقاول الأساسي، لاختلاف طريقة البناء أو عدم ملائمة نوعية البناء مع قدرات المقاول الجديد، الذي يفضل بناء المشروع من الخطوة الأولى حتى الانتهاء منه، لتحصيل أكبر فائدة ممكنه»، موضحا أن بعض ملاك المنشأة يقوم بتقبيلها عند توقف المقاول عن البناء وتوجهه إلى منشأة أخرى دفعت أكثر من العقد السابق.

وتشهد السوق العقارية السعودية حركة عمرانية كبيرة، وهي تعتبر من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى الشرق الأوسط، وتنشط في الوقت الحالي الكثير من المشاريع العقارية الضخمة، التي ستسهم بشكل مباشر في تقليص أزمة الإسكان التي تعاني منها السعودية، وأقرت الدولة رزمة من القرارات العاجلة للمساهمة في احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن، في الوقت الذي يشهد فيه الطلب نموا كبيرا.

وفي الاتجاه نفسه كشف إبراهيم العبيد، صاحب مكتب متخصص في الإنشاءات العقارية، عن أن السبب الرئيسي في رفع المقاولين أسعارهم أصحاب القطاعات العقارية تحت الإنشاء أنفسهم، حيث بدأوا يضاربون من أجل الظفر بخدمات المقاولين، وبدأوا في المزايدة في الأسعار، حتى رفع المقاولون الحد الأدنى في السعر، وبدأوا في عدم احترام العقود لعلمهم بأن هناك مشاريع أخرى تنتظرهم فور عزوفهم عن العقد الذي حرروه على أنفسهم، خصوصا في المشاريع الصغرى التي تحتوي غالبا على ثغرات في العقد الذي وقعه صاحب المنشأة مع المقاول.

ويزيد العبيد أن نسبة ارتفاع أسعار المقاولين بسبب هذه العملية تلامس الـ13 في المائة، وهي نسبة كبيرة نظرا إلى ضخامة المبلغ المدفوع الذي وصفه بأنه دفع من دون وجه حق، مبينا أن نسبة تسرب المقاولين من المشاريع ارتفعت إلى مستويات لا يمكن تجاهلها، موضحا أنه يجب وضع حد لهذه المضاربات؛ لأن الجميع بدأ يشعر بارتفاع الأسعار إلى مبالغ كبيرة، استفاد منها المقاول الذي استفاد من هذه العملية التي أثرت بشكل مباشر على ارتفاع أسعار العقار بشكل عام في السعودية.

يشار إلى أن الاستثمار في العقار السعودي من أكثر الاستثمارات جاذبية، خصوصا بعد انتكاسة سوق الأسهم السعودية عام 2006، وهو الأمر الذي دفع الاستثمار العقاري إلى تزعم الاستثمارات الأكثر تداولا وجاذبية في السوق السعودية على نطاق واسع، وأن هناك حركة عقارية غير مسبوقة تعيشها المنطقة، وانعكست على جميع القطاعات المرتبطة بالإنشاءات العمرانية، يأتي على رأسها قطاع المقاولات الذي يشهد نشاطا غير اعتيادي.

وفي صلب الموضوع كشف ياسر المريشد، المستثمر العقاري، عن أن بعض المستثمرين يفسد بعضهم على بعض ويعطل بعضهم مشاريع بعض، باستقطاب المقاولين من مشاريع أخرى لم تنته بعد، وذلك بإقناع المقاول بترك المشروع للقيام بمشاريعهم الخاصة مقابل رفع السعر، خصوصا إذا كان المقاول ذا سمعة ممتازة ومهارة عالية، موضحا أن عدم وجود قوانين رادعة جعلت التنقل بين المنشآت قبل الانتهاء منها أمرا منتشرا في القطاع العقاري، في ظل النهضة العمرانية التي يشهدها القطاع العقاري السعودي، وطلبه للمقاولين بأعداد كبيرة يفوق الموجود منها.

ويضيف المريشد أن نسبة تسرب المقاولين من المشاريع تتجاوز الـ20 في المائة، وأن بعضهم يقوم بمماطلة صاحب العقد الأول، حتى يستغني عنه دون أن يلحق المقاول أي جزاء، وأن بعضهم يقوم بالانسحاب مباشرة بعد أن يقوم بقبض الدفعة الأولى من المبلغ المتفق عليه، بعد أن يقوم ببناء المرحلة الأولى، ومن ثم يعتذر لصاحب المشروع بأن التكلفة تفوق قيمة العرض، فهو بالخيار إما أن يزيد المبلغ أو يفض العقد، وهي جميعا تقع في مصلحة المقاول الذي يتنقل بين المشاريع باحثا عن مصلحته، تاركا المشاريع التي يتركها متعطلة، متسببا بذلك في خسارة اقتصادية تنعكس تبعاتها على القطاع الاقتصادي ككل.