السعودية: 9 وصايا من شأنها تسهيل تملك المواطنين للمساكن في الرياض

العضو المنتدب لشركة «المسكن الميسر»: آلية التعامل مع السوق بحاجة إلى مواكبة متطلبات المرحلة الحالية

نسبة عالية من المعروض بمساحات وأسعار لا تناسب حاجة السوق وفقا لما حددته الدراسة العقارية («الشرق الأوسط»)
TT

حددت دراسة عقارية حديثة حول سوق الوحدات السكنية للتملك في مدينة الرياض 9 وصايا من شأنها تسهيل تملك المواطنين للمساكن في العاصمة السعودية الرياض، في الوقت الذي أشارت فيه إلى أن نماذج توقعات الطلب العلمية في المدينة والبحوث الاستبيانية تؤكد تركز الطلب في الوحدات السكنية التي يقل سعرها عن مليون ريال (266 ألف دولار)، إلا أن نسبة عالية من العرض هي من الوحدات التي يفوق سعرها ذلك.

وقال محمد بن عبد الله بن سعيدان، العضو المنتدب لشركة «المسكن الميسر»، إن نتائج الدراسة التي أجرتها شركته بالتعاون مع مركز الشرق الأوسط للاستشارات، خرجت بأهمية ضرورة تغير آليات التعامل من قبل الجهات العاملة والمشرفة على القطاع العقاري مع متطلبات المرحلة المقبلة، في الوقت الذي أوضح فيه أن الدراسة تأتي ضمن خطط الشركة لدراسة حالة السوق واحتياجاتها خلال فترات السنة.

وأشار بن سعيدان الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» إلى أهمية دعم شركات التطوير العقاري لتطوير المساكن في الوقت الذي تشكل فيه 6 في المائة، من عمليات تطوير المساكن في المدينة، في حين تقدم شركات التطوير العقاري خدمات ما بعد البيع وهو ما يقدمه الأفراد والذين يشكلون النسبة الأكبر من عمليات بناء الوحدات السكنية المطروحة للبيع في العاصمة.

وبالعودة إلى الدراسة التي حملت عنوان «دراسة السوق العقارية بالرياض» والتي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، فإن أبرز وصاياها تتمثل في توحيد المرجعية المجزأة حاليا في مرجعية أساسية تخطط وتنظم القطاع، وتوجيه الدعم الحكومي للعوائل ذات مستويات الدخل التي لا يمكنها التملك من دون دعم، إضافة إلى إصدار أنظمة الرهن والتمويل العقاري، ودفع البنوك لزيادة مستويات التمويل للقطاع الإسكاني.

كما أوصت الدراسة بأحداث برامج تمويلية من الدولة للمطورين العقاريين ودعم ورفع مقدرة قطاع التطوير السكني عن طريق ضمانات حكومية تزيد من قدرته التمويلية مشروطة بإنشاء الوحدات الميسرة، داعية إلى خفض أسعار الأراضي عن طريق فرض محفزات سلبية، وتحسين أداء وإجراءات الأمانات والبلديات فيما يخص إجراءات تخطيط الأراضي وإصدار رخص المشاريع، ونوعية تصاميم الوحدات السكنية كانت من ضمن وصايا الدراسة، إضافة إلى عدم مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في العمالة الإنشائية كجدولة المشاريع، وتسهيل استقدام العمالة الإنشائية لفترات معينة.

كما أوصت الدراسة بالاستثمار في مراكز للبحث والتطوير لمواد وأساليب البناء لتخفيض التكلفة، وتبني المخرجات بفعالية وتقليص الفترة المطلوبة لاستخراج التراخيص، وكذلك تطوير أنظمة البناء لتقليص الارتداد والسماح بنماذج مساكن حديثة.

واستعرضت الدراسة في مستهلها الخصائص السكانية لمدينة الرياض والتي تعد واحدة من أسرع المدن نموا في العالم، حيث تشير الدراسة إلى أن عدد السكان في مدينة الرياض نما من نحو 100 ألف نسمة في بداية السبعينات الهجرية إلى أكثر من 5 ملايين نسمة في تعداد عام 2010، ولا تزال نسبة نمو السكان من أعلى المدن ويسبب هذا النمو ضغطا مستمرا على سوق الإسكان.

وقالت الدراسة إن التوزيع العمري للرياض يتصف بأنه فتي، حيث تزيد فيه فئة الأعمار الصغيرة، مشيرة إلى أن التركيبة السكانية لها تأثير كبير على توقعات الطلب على السكن في المستقبل، حيث إن عدد السعوديين الذين يدخلون سوق السكن بناء على بلوغ سن تكوين العائلة يزداد سنويا بأعداد أكبر بناء على التوزيع العمري.

وأوضح استبيان لعينة عشوائية من 2400 رب أسرة سعودية في مختلف أحياء مدينة الرياض، تقدير توزيع مستويات الدخل للعوائل السعودية في مدينة الرياض، حيث كشفت عن أن ما يقارب 24 في المائة من سكان الرياض تصل نسبة دخلهم ما بين 10 آلاف ريال (2666 دولارا) إلى 15 ألف ريال (4 آلاف دولار)، بينما 2.2 في المائة تصل نسبة دخلهم إلى أقل من 3 آلاف ريال، كما بينت الدراسة أن نسبة تملك المسكن للعوائل السعودية بلغت ما يقارب 47 في المائة، بينما كانت حسب تعداد 2004 نحو 46.95 في المائة.

ولفتت الدراسة أن نسب التملك للسعوديين بالرياض قياسا على مستوى الدخل منخفضة لبعض الفئات، حيث تصل دخول من هم أقل من 3 آلاف ريال (800 دولار)، وتبلغ نسبة تملكهم للمساكن إلى ما يقارب 15 في المائة، على عكس الذين تصل نسبة دخولهم ما بين 15 ألف ريال (4 آلاف دولار) إلى 20 ألف ريال (5333 دولارا)، حيث تصل نسبة تملكهم للمساكن إلى ما يقارب 62 في المائة.

وأبرزت الدراسة عددا من التحديات التي تواجه قطاع الإسكان بمدينة الرياض ومن أبرزها ارتفاع تكلفة الأرض، حيث بينت الدراسة أن ارتفاع تكلفة الأرض كنسبة من التكلفة الإجمالية للمسكن هو أحد أبرز التحديات، حيث بلغ متوسط نسبة تكلفة الأرض من التكلفة الإجمالية للمسكن في الرياض حسب المسح الميداني لجميع أحياء الرياض 39 في المائة، وهي نسبة عالية مقارنة بالدول المتقدمة.

واستشهد التقرير بالحال في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تمثل تلك النسبة للمساكن الجديدة للعائلة المفردة تبلغ 11 في المائة، وخلصت الدراسة إلى أن هذا الارتفاع في نسبة تكلفة الأرض إلى إجمالي التكلفة يعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار الأراضي وعلى الرغم من ذلك ما زالت نسبة المساحة الطبقية المبنية (معامل البناء) إلى مساحة الأرض بمتوسط 130 في المائة فقط.

وأشارت الدراسة إلى أن أسعار الأراضي في مدينة الرياض مرتفعة جدا بالنظر إلى وفرة الأراضي وقلة الكثافة السكانية، حيث ارتفعت أسعار الأراضي في الرياض بدرجة عالية فاقت 200 في المائة خلال الخمس سنوات الماضية.

وأشارت الدراسة أن مستوى الأسعار العالي للأراضي هو السبب الرئيسي لارتفاع تكلفة المسكن وأحد العوامل المهمة في انخفاض نسبة تملك المسكن. كما أرجعت الدراسة ارتفاع أسعار الأراضي إلى أسباب كثيرة يمثل بعضها جزءا من الخصائص السكنية، وأحد أبرز هذه الأسباب أن نسبة عالية من شراء الأراضي السكنية كان بغرض الاستثمار والمضاربة من قبل الأفراد، وليس للاستخدام السكني النهائي أو التطوير، مرجعة ذلك إلى ارتفاع نسبة السيولة، وعدم تطوير قنوات استثمارية لاستغلال هذه السيولة.

وأشارت إلى أنه يضاف إلى ذلك الأداء الإيجابي للاستثمار في الأراضي مقارنة بالقنوات الاستثمارية الأخرى، خصوصا فيما يخص درجة تذبذب الأسعار والمعروفة بدرجة المخاطر، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن المضاربة في الأراضي السكنية تسبب خللا هيكليا في العرض والطلب يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي السكنية. كما خلصت الدراسة إلى أن عدم توجه الحكومة إلى فرض محفزات سلبية يعد أحد أسباب ارتفاع أسعار الأراضي.

ندرة شركات التطوير العقاري الإسكاني: من التحديات التي تواجه قطاع الإسكان بمدينة الرياض، وبينتها الدراسة هو ضعف كفاءة قطاع التطوير العقاري السكني، حيث كشفت الدراسة ومن خلال المسح الميداني لمدينة الرياض أن نسبة مجموع الوحدات السكنية المطورة من خلال شركات التطوير العقاري السكني من مجموع الوحدات السكنية المطورة لم تزد على 6 في المائة، والبقية تم تطويرها من قبل أفراد للاستخدام الشخصي وأفراد ومؤسسات صغيرة لغرض البيع.

عدم مواءمة العرض للطلب: كما أكدت الدراسة أن عدم مواءمة العرض للطلب للمساكن في مدينة الرياض هو أحد أبرز التحديات على الرغم من أن نماذج توقعات الطلب العلمية، والبحوث الاستبيانية، تؤكد تركز الطلب في الوحدات السكنية التي يقل سعرها عن مليون ريال (266 ألف دولار)، والتي تناسب كثير من الفئات حسب نسبة دخلهم من السعوديين كما بينت الدراسة، إلا أن نسبة عالية من العرض هي من الوحدات التي يفوق سعرها ذلك، حيث كشفت الدراسة عن أن أكثر من 37 في المائة من المعروض في السوق تصل قيمته إلى ما بين مليون ريال (266 ألف دولار) و1.5 مليون ريال (400 ألف دولار)، وعلى العكس تصل نسبة المعروض للوحدات السكنية التي تصل قيمتها إلى أقل من 500 ألف ريال (133 ألف دولار) إلى 1.7 في المائة.

عدم كفاءة وكفاية قنوات تمويل الشركات والأفراد: أشارت الدراسة إلى أن التمويل لشراء المساكن يعد أحد أهم التحديات لتملك السعوديين للمساكن، حيث أوضحت أنه على الرغم من أن السوق المحلية تشهد وفرة في السيولة المالية، فإنها في الوقت ذاته تتسم بمحدودية التمويل العقاري، وهو ما يشكل تحديا كبيرا، خاصة أن مستوى التمويل العقاري الخاص في السعودية، لا يزال دون المستويات السائدة عالميا، إذ يشكل حجم التمويل العقاري في دول الاتحاد الأوروبي والدول المتقدمة أضعاف النسبة السائدة في السعودية، والتي بلغ متوسطها 11 في المائة من إجمالي التمويل، وذلك بحساب أن متوسط عدد الوحدات السنوي حسب الخطة الخمسية التاسعة هو 160 ألف ريال (42.6 ألف دولار) وحدة للسعوديين، وبافتراض متوسط تكلفة للوحدة السكنية يساوي 750 ألف ريال (200 ألف دولار).

وأشارت الدراسة إلى تحسن وضع التمويل العقاري لتملك المساكن لعدد من الأسباب، منها توقع تحسن البيئة القانونية للتمويل العقاري بإصدار منظومة قوانين الرهن والتمويل العقاري، وكذلك توقع الزيادة في عدد القادرين على الحصول على التمويل العقاري مع نمو أعداد السعوديين ذوي الدخل المتوسط وأعلى، بالإضافة إلى شعور الحكومة بأهمية هذا القطاع والتركيز على تحسين أوضاعه كما هو واضح من إنشاء وزارة متخصصة للإسكان ودعمها، وكذلك الأمر الملكي بتخصيص 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) لتمويل بناء 500 ألف وحدة سكنية ورفع رأسمال الصندوق العقاري إلى 90 مليار ريال (24 مليار دولار).

وبحسب الدراسة فإن اهتمام الحكومة يبرز بهذا القطاع من خلال التوجه الواضح من وزارة الإسكان إلى تطوير عمل صندوق التنمية العقاري، وأساليب الدعم وتنويعها والتضامن مع القطاع الخاص المالي والتطويري وتحفيزه مع احتمال إنشاء شركات تمويلية متخصصة مع آليات جديدة، وكذلك الضغط على البنوك التجارية بزيادة نسبة القروض العقارية من مجموع القروض. هذا وقد توقعت الدراسة أن تخلق هذه التوجهات فرصا كبيرة للقطاعين التطويري والتمويلي وسيكون من المجدي دراسة وتحليل التطورات المقبلة المتوقعة وما ستترك من أثر على نماذج العمل الحالية إيجابا وسلبا.

ضعف القدرة على التملك: كشفت الدراسة عن أن ضعف المقدرة على تملك المسكن من قبل الأفراد في السعودية، وذلك استنادا على المعيار العالمي والمعروف بمعيار مقدرة التملك، والذي يقاس بقسمة متوسط القيمة لمسكن العائلة على وسيط الدخل السنوي للعائلة أحد أبرز التحديات التي تواجه السعوديين لتملك المساكن.

وأشارت إلى أن متوسط هذا المؤشر في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هو بين 3.5 و4.5 بمعنى أنه بالمتوسط قيمة السكن للعائلة يوازي أربعة أضعاف دخلها السنوي.

أما في الرياض فيبلغ متوسط دخل الأسرة السعودية الشهري 10.030 ريال (2674 دولارا)، بينما يصل متوسط الأسعار لجميع الوحدات المستقلة وشبه المستقلة من الفيلات والدوبلكسات في الرياض، وذلك بحسب المسح الميداني لجميع أحياء الرياض فإنه يبلغ نحو 1.6 مليون ريال (428 ألف دولار)، مما يعني أن مقدرة التملك تبلغ نحو 13.4 ضعف دخل الأسرة السنوي، بينما يصل معيار مقدرة تملك العوائل السعودية في الرياض لمسكن بقيمة 850 ألف ريال (226.6 ألف دولار) تساوي 7.1 ضعف دخل الأسرة السنوي.

ويساوي معيار مقدرة تملك العوائل السعودية في الرياض للشقق التي تبلغ مساحتها بين 220 - 240 مترا مربعا حسب المسح الميداني 4.66 أضعاف دخلهم السنوي.

عدم مواءمة المعروض للطلب: وأشارت الدراسة إلى وجود نسبة عالية من المعروض بمساحات وأسعار لا تناسب حاجة السوق، كما توقعت الدراسة تحسن المقدرة على تملك السكن مع برامج الدولة المعلنة، ولكن لن تحل المشكلة بهذه البرامج فقط بناء على نماذج المقدرة على تملك المسكن للعوائل السعودية.

وكشفت الدراسة أيضا عن أن متوسط عدد الأسر السعودية المكونة في السنة في الرياض خلال 2012 وحتى 2018 حسب مستوى الدخل ومدى حاجتهم إلى دعم صندوق التنمية العقاري، لوجود حاجة ماسة لدعم الصندوق لهم كي يتمكنوا من شراء مساكن، حيث يبلغ عدد الأسر المكونة سنويا في مدينة الرياض والتي تحتاج إلى مسكن لها حسب ما بينت الدراسة نحو 32.726 أسرة منهم 12.508 أسرة لا يستطيعون شراء وحدات سكنية سواء كانت شقق أو فيلات من دون دعم الصندوق العقاري وتتركز النسبة الأعلى منهم للأسر التي تصل نسبة دخلها السنوي إلى ما بين 5 آلاف ريال (1333 دولارا) و8 آلاف ريال (2133 دولارا).