مدينة شيكاغو الأميركية تنشئ أبراجا جديدة تطل على النهر

ينظر إليها كبادرة أمل في انتهاء الانكماش

جانب من مدينة شيكاغو
TT

مدفوعين بتقارير الوظائف الجديدة وإعلان الشركات عن خططها للانتقال إلى وسط المدينة، قام المطورون العقاريون في شيكاغو بالإعلان عن بعض الخطط التي تهدف إلى إنشاء نصف دستة من الأبراج المكتبية الجديدة في منطقة «لوب» التجارية المركزية.

وتعد هذه الأبراج أول مباني يتم التخطيط لإنشائها في المنطقة منذ أزمة الرهن العقاري التي اندلعت في عام 2008، حيث ينظر إليها باعتبارها بادرة أمل على انتهاء حالة الانكماش الاقتصادي التي شهدتها البلاد في الأعوام القليلة الماضية.

وعلى الرغم من أن العديد من هذه المشروعات لم تتمكن بعد من تأمين مصادر التمويل أو الاتفاق مع المستأجرين، فإنه من المقرر أن يتم البدء في بناء اثنين منها على الأقل بنهاية العام الجاري. يقول جون باك، وهو مطور عقاري من شيكاغو: «لا أظن أن هناك حاجة ملحة لإنشاء خمسة ملايين قدم مربع من المساحات المكتبية الجديدة، ولكن قد يكون هناك حاجة حقيقية لمليون أو مليوني قدم مربع». أضاف باك أن لديه مشروعا لا يزال في مراحل التطور الأولى، ولكنه رفض الكشف عن المزيد من التفاصيل.

ويؤكد ويليام روجرز، رئيس جماعة تمثيل المستأجرين في وكالة «جونز لانغ لاسال» بشيكاغو، أنه بالنسبة للمشروعات التي سيتم بناؤها: «فالسؤال الحقيقي هو، من الذي سيحصل على أول مستأجر كبير؟». ويعد «ريفر بوينت» و«والف بوينت» اثنين من أكثر المشروعات العقارية الجديدة إثارة، حيث سيقع هذان المشروعان عند التقاء الأفرع الشمالية والجنوبية والشرقية لنهر شيكاغو في الجزء الشمالي الغربي من منطقة «لوب».

وسوف يتم إنشاء «ريفر بوينت» في الضفة الغربية من النهر في شارع لاك، بينما سيتم إنشاء «ولف بوينت» في الضفة الشمالية في شارع أورلينز. ويحتوي موقع «ريفر بوينت» على العديد من المباني الصغيرة وموقف كبير للسيارات، بينما لا يزال موقع «ولف بوينت» خاويا حتى الآن. وتشارك شركة «هاينز أوف دالاس» للعقارات في كلا المشروعين باعتبارها مطورا عقاريا مشاركا. ومن بين كافة المشروعات التي تم الإعلان عن إنشائها، يعد مشروع «ريفر بوينت» هو الأكثر سرعة، حيث انتهى المشروع مؤخرا من تأمين التمويل اللازم للإنشاء، والذي وصل إلى 400 مليون دولار تقريبا. وفي إشارة إلى حالة الغموض التي لا تزال تكتنف السوق، لا يزال العدد الدقيق للطوابق والمساحة الحقيقية لهذه المباني غير واضحة حتى الآن.

ويؤكد كلفين شاناهان، المدير التنفيذي لشركة «هاينز أوف دالاس» لعمليات الغرب الأوسط، أن المبنى سيحتوي على 45 أو 50 طابقا وأن المساحة الكلية للمبنى ستتراوح بين 900,000 إلى 1.1 مليون قدم مربع، اعتمادا على مدى نجاح جهود الحصول على مستأجرين.

وسوف يتم البدء في إنشاء المشروع، الذي يتضمن متنزها عاما بمساحة 1.5 فدان على طول النهر، بنهاية العام الجاري وسيتم الانتهاء منه في أوائل عام 2016. ويوصف مبنى «ريفر بوينت» بأنه المبنى المكتبي الأول المحفوف بالمخاطر الذي يتم إنشاؤه في وسط المدينة منذ أكثر من 20 عاما. وعلى الرغم من ذلك، يقول شاناهان إنه يتوقع قيام دخول واحد أو أثنين من كبار المستأجرين إلى المبنى بمجرد البدء في أعمال تشييد البرج.

ويضيف شاهان: «إنها مسألة العرض والطلب، حيث أصبح من الصعب الحصول على مساحات كبيرة متجاورة في وسط المدينة. لقد دخلت بعض الشركات الكبيرة، مثل غوغل وغروبون وموتورولا ومايكروسوفت، إلى السوق في الوقت الراهن، حيث تطلب الحصول على مساحات كبيرة للغاية».

وقامت شركة «بيكارد شيلتون للهندسة العقارية» في نيوهافن بتصميم المبنى الجديد، وهي الشركة التي تولت تصميم أحدث الأبراج المكتبية في شيكاغو، وهو برج 300 نورث لاسالي، التي قامت شركة «هاينز أوف دالاس» ببنائه في عام 2009.

ويؤكد أنتوني ماركيز، كبير المصممين في الشركة، أن مبنى «ريفر بوينت» سوف يحتوي على واجهة زجاجية مقعرة رائعة، والتي ستكمل منظر الواجهة لمبنى «333 ويست واكر دريف» المجاور الذي يقع عبر النهر، والذي قام بتصميمه كوهن بيدرسون فوكس وتم الانتهاء منه في عام 1983.

ويشير ماركيز إلى أن مبنى «ريفر بوينت» هو «مبنى مقوس رائع الشكل يتلاءم بصورة كبيرة مع النهر ويوفر نافذة كبيرة على منظر النهر الخلاب».

وتشترك شركة إفانهوي كامبريدج، وهي شركة تقسيم العقارات التابعة لصندوق التقاعد الكندي، مع شركة «هاينز أوف دالاس» في إنشاء مشروع «ريفر بوينت»، حيث ستقوم إفانهوي، وهي واحدة من بين أكبر 10 شركات عقارية في العالم، بتوفير 85 في المائة من تمويل المشروع.

ويقول آرثر لويد، نائب الرئيس التنفيذي لشركة إفانهوي، إن معدل نمو الوظائف في شيكاغو هو ما جعل من المدينة فرصة استثمارية جذابة، حيث قدر شاناهان الوظائف الجديدة التي تم الإعلان عنها في عام 2011 بنحو 10,000 وظيفة، مضيفا: «إنها رقم قياسي بالنسبة لوسط المدينة». وتقوم شركة «هاينز أوف دالاس»، والتي تمتلكها عائلة كينيدي ومجموعة ماجلان للتنمية في شيكاغو، بتطوير مشروع «ولف بوينت». وتمتلك عائلة كينيدي الموقع منذ أربعينيات القرن الماضي، عندما نجح كبير العائلة جوزيف كينيدي في الاستحواذ على متجر «ميرشنديز مارت» المجاور، والتي قامت العائلة ببيعه، إلى جانب مركز «أباريل سنتر»، في عام 1998 إلى شركة «فورنادو ريالتي تراست»، التي لا تزال العائلة تمتلك الكثير من أسهمها. انتقل كريستوفر كينيدي، وهو ابن روبرت كينيدي الذي يشغل منصب مدير المشروع، إلى شيكاغو في ثمانينيات القرن العشرين ليدير أعمال العائلة المحلية في مجال العقارات. منذ ذلك الحين، تمكن كينيدي من أن يحظى بمستقبل مهني ناجح كمطور عقاري.

وسوف يستغرق بناء «ولف بوينت»، وهو مجمع سكني ومكتبي يتكون من ثلاثة أبراج وتصل كلفة بنائه إلى مليار دولار، نحو عشر سنوات، حيث سيضم المبنى السكني، الذي سيتم وضع أساساته في الخريف القادم، نحو 500 شقة للإيجار موجهة إلى شباب المهنيين، بينما سيتم البدء في تشييد الأبراج المكتبية في الأعوام القليلة القادمة.

وتتولى شركتا «بيلي كلارك بيلي» في نيوهافن و«بي كيه إل أركتشكتشر» في شيكاغو أعمال الهندسة المعمارية في هذا المشروع الذي سيحتوي على نحو 3 ملايين قدم مربع من المساحات السكنية والتجارية عند الانتهاء من إنشائه.

ويقول كينيدي إن عائلته تخطط للاستمرار في تملك هذا المشروع، مضيفا: «لدينا فلسفة تملك طويلة الأجل والتزام تجاه هذه المدينة التي نعتقد أنها مدينة لكل الأعمار. نحن نشعر بالراحة التامة في هذه المدينة». وتراهن كافة المشروعات العقارية الجديدة بدرجة ما على الجهود الجبارة التي يقوم بها العمدة رام إيمانويل لاجتذاب المشروعات الجديدة إلى المدينة. ففي الأعوام القليلة الماضية، أعلنت شركات مثل «يونايتد إيرلاينز» و«ساره لي» و«ميلر كوورز» عن خططها لنقل كل أو جزء من أعمالها إلى وسط مدينة شيكاغو، بعدما تلقت معظم هذه الشركات بعض الحوافز العامة مثل المنح التمويلية أو الإعفاءات الضريبية.

ومؤخرا، يقال إن شركة «غوغل» باتت قريبة من الإعلان عن قيامها باستئجار 400,000 قدم مربع في متجر «ميرشنديز مارت»، حيث ستخصصها «غوغل» لقسم الهواتف النقالة في «موتورولا»، والتي استحوذت عليه مؤخرا. ويقول المطور العقاري جون باك إن اتجاه الشركات لنقل أعمالها إلى منطقة وسط المدينة هو «أمر لطالما حلمت به منذ 30 عاما. يعد المكان المثالي لإنشاء المباني المكتبية هو مركز شبكات المواصلات، وفي شيكاغو، تعد لوب هي مركز شبكات المواصلات».

ويؤكد روبرت ويسلو، المدير التنفيذي لشركة «يو إس إيكويتز ريالتي»، وهي شركة خدمات عقارية كبيرة في شيكاغو، أن السبب الرئيسي في نقل أعمالهم إلى هذا المكان هو سهولة التوظيف، مضيفا: «تستمر القوى العاملة في التحول نحو الشباب الذين قرر الكثيرون منهم - ولا سيما هؤلاء الذين يعملون في المجالات الإبداعية مثل التسويق والدعاية - الانتقال للعمل والحياة في وسط المدينة». وأضاف ويسلو أن أسعار الإيجارات تظل مرتفعة إلى حد ما في وسط المدينة، ولكن إيجار «العقار يمثل جزءا صغيرا من النفقات التشغيلية لأي شركة، بينما تمثل رواتب الموظفين الجزء الأكبر من هذه النفقات، حيث تتضاءل تكلفة إيجار العقارات مقارنة برواتب الموظفين».

قامت شركة ويسلو بما يشبه الثورة في عالم الإيجارات في ربيع العام الجاري عندما تمكنت من ربط شركة «يونايتد أيرلاينز» بعقد إيجار طويل الأجل في برج ويليس (الذي كان يعرف سابقا ببرج سيارس)، وهو أعلى مبنى في المدينة. سوف تشغل شركة «يونايتد أيرلاينز»، التي تقوم الآن بنقل أعمالها من مجمع المكاتب الذي يقع في ضواحي المدينة والذي شغلته لأكثر من 40 عاما، 16 طابقا في البرج بإجمالي مساحة تصل إلى 800,000 قدم مربع تقريبا.

أكدت كاتي غيبو، نائب رئيس شركة «يونايتد أيرلاينز» للشؤون العقارية، أن رغبة الإدارة في إحداث «تغيير ثقافي» هي ما دفعها للقيام بمثل هذه الخطوة. كان هناك عاملان شديدا الأهمية في اتخاذ مثل هذا القرار، تمثل أولهما في الرغبة في البقاء قريبا من عملاء وشركاء الشركة، بينما تمثل الثاني في وجود «شركة بوينغ في الناحية المقابلة من الشارع».

* خدمة «نيويورك تايمز»