كندا تقدم فرص عقار مغرية.. ولكن الأسعار باهظة في مناطق الجذب

تورونتو تضم أكبر الارتفاعات السكنية

جانب من مدينة تورونتو الكندية
TT

تعد كندا واحدة من أكبر دول العالم مساحة وأعلاها في مستوى المعيشة. وفي أحدث تقرير صادر عن شركة أبحاث العقار الألمانية «امبوريس» جاء أن مدينة تورونتو تبني أكبر نسبة من العمارات السكنية بين جميع المدن في أميركا الشمالية والجنوبية. ويرتفع في أفق تورونتو 132 مبنى سكنيا من نوع «كوندو» الذي يضم شققا سكنية متكاملة الخدمات، وذلك مقابل 88 مبنى في مكسيكو سيتي و86 مبنى في نيويورك. وما زالت المدن الكندية تقع ضمن نطاق أسواق العقار المنتعشة، ولكن مارك كارني من بنك كندا يحذر من أن بعض المناطق تعاني من فقاعة مصغرة في الأسواق لأن أسعارها فوق معدلات السوق المقبولة، بينما تقدم مناطق أخرى فرصا جيدة وأسعارا مستقرة.

وهو ينصح المستثمر الأجنبي بدراسة المناطق التي يريد الاستثمار فيها جيدا قبل دخول السوق، ويضيف أن الاقتصاد الكندي يعاني من ارتفاع نسبة الديون الاستهلاكية، وإن كان الوضع الاقتصادي فيها ليس بخطورة الأوضاع في الولايات المتحدة. ويشترك كارني مع خبراء آخرين في متابعة الموقف في سوق كندا العقارية، ولكنه لا يقلق بشأن الوضع الاقتصادي لأن البنوك الكندية لم تتورط في التمويل العشوائي للعقار كما فعلت بعض البنوك الأميركية. وهو يشير إلى مدينة فانكوفر التي استضافت الأولمبياد الشتوي عام 2010 على أنها من أضعف المدن الكندية عقاريا في الوقت الحاضر لأنها تعاني من فائض العقارات التي بنيت في الماضي.. ولذلك، فهو يتوقع بعض التراجع في أسعار عقارات فانكوفر.

ولكن الوضع في تورونتو يختلف، حيث أوضح تقرير من هيئة خبراء العقار في المدينة أن عام 2011 كان ثاني أفضل عام عقاري في المدينة من حيث المبيعات التي بلغ حجمها نحو 90 ألف وحدة عقارية بزيادة أربعة في المائة عن مبيعات عام 2010. وكان متوسط سعر العقار في المدينة نحو 466 ألف دولار بزيادة ثمانية في المائة على أسعار عام 2010. ويتوقع رئيس الهيئة جيسون ميرسر استمرار النمو في العام الحالي. ويتوقع ميرسر متوسط أسعار يصل إلى 485 ألف دولار في عام 2012، بما يمثل نسبة نمو صغيرة لا تزيد على أربعة في المائة عن أسعار العام الماضي. ولكن هذا التحليل لا يأخذ في الاعتبار مشكلات اقتصادية قد تنعكس على كندا من مناطق أخرى في العالم.

ويري العقاري الكندي برندن وير أن كندا توفر فرصا جيدة للمستثمر الدولي وتقدم له عقارات رخيصة نسبيا بالمقارنة مع المنافسة من المدن الغربية الأخرى. ويؤكد وير أن معظم الصفقات العقارية في الوقت الحاضر هي من مستثمرين أجانب يشترون من أجل الاستثمار وليس للإقامة. ويستفيد المستثمر الأجنبي من أسعار معقولة في كندا بالمقارنة مع دول أخرى في العالم.

ويقبل الأجانب على شراء العقار الكندي من أجل أولادهم الذين يتعلمون في الجامعات والمدارس الكندية. ويستفيد هؤلاء من زيادة الأسعار بعد عدة سنوات ولدى تخرج الأبناء. ويتراوح حجم الاستثمار العقاري في شقق تورونتو بين 200 ألف دولار ومليوني دولار. وهم يختارون مواقع قريبة من قلب المدينة ومن محطات المترو والأسواق المحلية.

ومن أكبر المشروعات الجديدة في تورونتو مشروع «برج ترامب»، وهو أول مشروع يقيمه المستثمر الأميركي دونالد ترامب في كندا. ويجمع المشروع بين فندق خمسة نجوم ومجموعة من الشقق الفاخرة. ويطل البرج على وسط المدينة وأيضا على بحيرة أونتاريو، وهو يرتفع 60 طابقا. وتعرض وحدات العقار السكني وأيضا وحدات السكن الفندقي للاستثمار، وقد بيع في المشروع حتى الآن 261 شقة فندقية و118 شقة سكنية. والعديد من المشترين في المشروع هم من الأجانب الذين جذبهم إلى المشروع اسم ترامب. وتعدد إدارة المبيعات في المشروع نحو 20 جنسية لمستثمرين أجانب في «برج ترامب».

ويؤكد وكيل تسويق عقاري في المدينة اسمه سام مقدادي أن معظم زبائنه يأتون من روسيا والصين والشرق الأوسط، ويضيف مقدادي أنه باع مؤخرا عقارا بمبلغ 28 مليون دولار. وهو يرى أن معظم المشترين الأجانب يفضلون العقارات الواسعة المستقلة التي تقع على أطراف المدينة. ويختار العديد من هؤلاء الضواحي الراقية في المدينة مثل أوكفيل وميسيسوغا، التي يصل فيها سعر العقار المستقل بمساحة خمسة إلى ستة آلاف قدم مربعة، إلى ما بين ثلاثة وخمسة ملايين دولار. وترتفع أسعار هذه العقارات المطلة على البحر إلى عشرة ملايين دولار. وهو لا يتوقع تراجعا في الأسعار في المستقبل المنظور، ويقول: «لا أتوقع ارتفاعا كبيرا ولا سقوطا للأسعار». وتساهم في مساندة الأسعار الإمدادات المحدودة من العقارات الفاخرة وأيضا سعر الفائدة المتدني قياسيا.

ويؤكد قوة قطاع العقار الكندي مدير شركة «سوذبي» للمزادات العقارية في كندا روس ماكريدي.. فهو يشير إلى جيوب عقارية في المدن الكندية مثل يوركفيل في تورونتو ووست سايد في فانكوفر التي تصل فيها الأسعار إلى مليوني دولار.

وهو ينصح المشترين الأجانب بالشراء خارج المدن الكبرى حيث الفرص العقارية الجيدة ما زالت متاحة. فهناك عقارات من الدرجة الأولى تطل على الشاطئ أو على منتجعات التزلج الجليدي، بأسعار لا تزيد على المليون دولار.

ويقول مايك بوتيو، وكيل المبيعات في شركة «فرست بليس ريالتي» إن العقارات الكندية في مقاطعة غالغاري ارتفعت في النصف الأول من هذا العام بنسبة تكاد تصل إلى واحد في المائة. وسجلت المدن الكندية الرئيسية زيادات متفوقة خلال الأشهر الستة الأخيرة بلغت 5.5 في المائة في تورونتو و4.4 في المائة في وينيبيغ، و4.3 في المائة في مدينة ريجاينا. ولكن العقارات في منطقة فيكتوريا انخفضت أسعارها خلال الأشهر الستة الماضية بنسبة 3.2 في المائة.

وتميز هذا العام باستقرار سوق التمويل وانخفاض نسبة المقترضين المتأخرين في سداد أقساط الرهن العقاري. وانخفضت نسبة التأخير من 0.65 في المائة إلى 0.63 في المائة، وهي نسبة جيدة تقل عن النسب السائدة في الأسواق الغربية الأخرى. من ناحية أخرى، حذر تقرير كندي من اتحاد البلديات من ندرة العقارات المتاحة للإيجار. ولاحظ التقرير صعوبة تأجير عقارات في كندا في الأشهر الأخيرة، نظرا لأن معظم العقارات المتاحة مشغولة، مع عدم وجود استثمارات جديدة في عقارات موجهة للتأجير. وقالت رئيسة الاتحاد كارين ليبوفيتشي إن الاستثمار في العقارات الجديدة سوف يوفر الوظائف لآلاف الكنديين ويمنح الباحثين عن مكان للسكن خيار التأجير بدلا من الشراء، ويزيل بعض الضغط من أسواق الإقراض العقاري الذي يمثل في الوقت الحاضر نسبة 68 في المائة من ديون الأسر الكندية.

ويرى التقرير خطورة في ندرة العقارات المتاحة للإيجار، في الوقت الذي يعاني فيه الكنديون من ارتفاع أسعار العقارات وعدم القدرة على دخول السوق بصفتهم مشترين جددا. وتؤكد إحصاءات من 27 منطقة كندية أن الأجور تتراجع بالقياس إلى ارتفاع تكاليف المعيشة للأسر، حيث زادت تكلفة ملكية العقارات بثلاثة أضعاف الزيادة في الأجور منذ عام 2005. وفي الوقت نفسه، تراجع عدد العقارات المتاحة للتأجير وزادت الأجور بنسبة 20 في المائة. ويعتمد ثلث الكنديين على الإيجار بدلا من الشراء، ولكن مشاريع الإسكان الجديدة تتوجه إلى التمليك وليس الإيجار وبنسبة 90 في المائة على الأقل.

ويقول تقرير كندي من مؤسسة «تي دي» إن توقعات عام 2013 للعقار الكندي تظهر تفاوتا بين المناطق، وفقا للإنجاز الاقتصادي لكل منها. وأشار التقرير إلى منطقة ألبرتا الغنية بالموارد الطبيعية، وتوقع أن تقود المنطقة توجهات النمو في سوق العقار الكندية. ولكن التقرير يتوقع نهاية عقد الارتفاع العقاري في كندا خلال عام 2013 وتأثر بعض المدن الكندية بهذا سلبا. من أهم المدن التي يعتبرها التقرير مقومة بأكثر من قيمتها حاليا؛ كل من فانكوفر وتورونتو وأونتاريو. وتوقع التقرير أن تكون استجابة المناطق الأخرى في كندا لعملية التصحيح السعري هامشية، ما عدا ألبرتا التي سوف تزداد فيها الأسعار بفضل مساهمتها بنصيب أعلى في الناتج القومي الإجمالي لكندا. ومن المتوقع أن تزيد الأسعار في هذه المنطقة بنحو ثلاثة في المائة خلال عامي 2012 و2013.

وتتوقع المصادر المالية الكندية أن لا يرفع بنك كندا المركزي أسعار الفائدة السائدة حتى عام 2013.. ويعود ذلك لعدة أسباب؛ منها سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التي تشجع النشاط الاقتصادي بتسهيل الاقتراض في أميركا وعدم تألق الإنجاز الاقتصادي الكندي هذا العام وقواعد جديدة تنظم تقديم القروض العقارية بحيث لن تكون هناك حاجة لاستخدام أسعار الفائدة بصفتها أداة في هذا القطاع من السوق.