خبراء: الاستثمار العقاري في البحرين أقل مخاطرة من الأسهم والسندات

فرص كثيرة.. ونقص في المعلومات

جانب من الحي التجاري في المنامة
TT

لعل من أبرز العوامل التي تثقل كاهل القطاع العقاري في مملكة البحرين التي عاشت أوضاعا سياسية غير مستقرة على مدى العامين الماضيين هي حالة الركود التي تعتري المعروض، وتراجع سرعة المبيعات، وأحجام الأراضي، ونقص المعلومات عن مستقبل البلاد لجهة الأوضاع داخليا أو لجهة الوضع الاقتصادي العالمي الذي لا يبعث على الطمأنينة في نفوس من يفكرون بالإقدام على الشراء، ولكن على الرغم من كل تلك العوامل التي يمكن ملاحظتها في عدة أسواق عقارية في المنطقة، وإن كان بشكل متفاوت، فإن هناك من يميل للرأي القائل إن الاستثمار العقاري يعتبر أقل مخاطرة من الأسهم والسندات من عدة وجوه؛ إذ إن العقارات تتيح عائدات بعيدة في الغالب عن مخاطر الدورة الاقتصادية والأوراق المالية الأخرى.

ويعتبر هاري جودسون ويكس مدير وكالة «كلاتونز» المتخصصة في قطاع الاستشارات العقارية في البحرين، أن الاستثمار العقاري يعتبر أقل مخاطرة من الأسهم والسندات من عدة وجوه؛ إذ إن العقارات تتيح عائدات بعيدة في الغالب عن مخاطر الدورة الاقتصادية والأوراق المالية الأخرى، مما يفضي إلى تحسين الأداء العام لتوزيع الأصول، ويضمن وجودا للاستثمار العقاري ضمن محفظة الأصول المتنوعة.

ويركز أحدث تقارير «كلاتونز» (Cluttons)، إحدى كبرى الشركات المتخصصة في قطاع الاستشارات العقارية في منطقة الشرق الأوسط، على ضرورة استقاء المعلومات من الخبراء العقاريين فيما يتعلق بالعقارات عالية الجودة التي تتمتع بإدارة جيدة، لأن من شأن ذلك إيجاد وسيلة تؤدي للتمتع بمزايا الاستثمار على الأمد البعيد.

ويوضح التقرير الذي يركز على السوق العقارية في البحرين، ويحمل عنوان «عقارات بسيطة تعزّز من نمو المحفظة الاستثمارية»، أنه يوجد كثير من العقارات المميزة في المنامة ولكن بعضها قديم، على الرغم من أنها قد يُنظر إليها على أنها لم تعد صالحة تقريبا، لا سيما عند مقارنتها بالمتطلبات العصرية. ويؤكد هاري جودسون أنه على الرغم من ذلك، فإن قسم إدارة الوحدات العقارية السكنية في «كلاتونز» يتولى حاليا إدارة 12 وحدة عقارية في المنامة من النوع سالف الذكر، حيث تبلغ نسبة الإشغال فيها 100 في المائة، معتبرا أن هذا يعكس الفكرة القائلة إن الإدارة الجيدة للعقارات توفر الحماية لأداء الأصول على الأمد الطويل.

ويسلط التقرير الضوء على الخصائص الاستثمارية للعقارات، ويعطي صورة عامة عن بعض «جوانب الضعف» التي تتمثل على سبيل المثال لا الحصر في انخفاض قيمة العقار الإجمالية، والعقود الإيجارية وترتيباتها، وحالة الركود التي تعتري المعروض بحكم عدة عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية، وسرعة المبيعات، وأحجام الأراضي، ونقص المعلومات عن مستقبل الاقتصاد.

من جهة أخرى، يرى معدو التقرير أن توافر المخزون الاستثماري يعتبر أمرا مهما، وعليه حرصت الشركات على توظيف نخبة من أمهر المتخصصين العقاريين القادرين على تحديد الفرص التي تلوح في الأفق من آن لآخر. ويرى جودسون أنه «من الواضح أن هناك بعض جوانب الضعف في قطاع العقارات، وهو ما يجعل الشركة المتخصّصة في توفير الخدمات العقارية عالية الجودة، لا تدخر جهدا في التقليل من هذه الجوانب إلى أقصى حد ممكن» وفي مسعى من الحكومة للتغلب على تأثير تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة على البحرين، أعلنت عن حزمة تحفيز اقتصادي تتألف من إنفاق بقيمة 300 مليون دولار على مشاريع البنية التحتية وبرنامج بقيمة 550 مليون دولار لتوفير مساكن لنحو 50 ألف أسرة مدرجة في قوائم الانتظار الحكومية للحصول على مساكن، في حين من المتوقع أن تتركز المساكن التي تطورها الحكومة في مناطق مهمة من مملكة البحرين تشمل المدينة الشمالية وشرق مدينة الحد وشرق سترة، وقد انعكست المشكلات التي واجهتها البحرين على الأجل القصير على التعليقات التي أطلقتها مؤسسة «ستاندارد أند بورز» التي جاء فيها أنه على الرغم من أن غالبية القطاعات لم تتأثر تأثرا جوهريا بالاضطرابات، فإن قطاعي المحروقات والبنية التحتية ظلا محركي النمو الرئيسيين على الأجل القصير.

بكل الأحوال، فإن جميع قطاعات السوق الرئيسية المبينة على مخطط دورة الإيجار تعيش فترة من التباطؤ، وهو ما يشير إلى أن قطاع العقارات البحريني يقع عند «قاع السوق» أو بالقرب منه، بينما يعرب أصحاب العقارات بازدياد عن أنهم يفضلون ترك العقارات خالية على قبول إيجارات بأسعار متدنية، على الرغم من أن هذا السلوك غير شائع في السوق، وأن اعتماده بدرجة كبيرة على ما إذا كانت العقارات مملوكة أو غير محملة بأعباء قروض من عدمه.

وعلى الرغم من ذلك يؤكد مطورون عقاريون أن الحركة بدأت تدبّ في القطاع الذي شهد ركودا شديدا خلال السنوات الأربع الماضية بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية، إضافة إلى الأوضاع السياسية التي شهدتها البحرين في بداية عام 2011، وأن الأسعار وصلت إلى مستوى متدنٍ بعد الطفرة الأخيرة.

وفي الوقت الحالي، هناك انخفاض في عمليات بيع وشراء العقارات في البحرين منذ نحو عدة أشهر بسبب فصل الصيف الحار جدا في المنطقة، وهذا الأمر ينطبق على القطاع العقاري في كل دول الخليج، سواء لجهة الطقس الحار أو بسبب سفر الكثيرين خارج البلاد، وهو ما ينتج عنه ركود ملحوظ في القطاع، لكن الخبراء ينظرون إليه على أنه «ركود آني، ولكن هذا أمر طبيعي».

ويشير المطورون إلى أن اللافت هذا العام في القطاع العقاري البحريني أنه، وإن لم تعد حركة العقارات بيعا وشراء إلى سابق عهدها، فإن الملاحظ أن أسئلة كثيرة تردهم للاستفسار عن عدة شرائح من العقارات المعدة للبيع، وهو ما يعتبره خبراء القطاع مقدمة لعودة الحياة تدريجيا إلى هذا القطاع الحيوي.

ومن الملاحظ أنه بدأت تنتشر في مختلف أحياء البحرين بعض الأبنية التي تتألف من شقق سكنية صغيرة نسبيا وبارتفاع طابق أرضي زائد أربعة طوابق إلى ستة، وهو ما يتم أحيانا بصورة عشوائية، ويتمثل مستأجروها في مزيج من مؤسسات تسعى لإيجاد سكن للعاملين لديها، أو أزواج بحرينيين من الطبقات المنخفضة إلى المتوسطة الدخل الذين عادة ما يشرعون في تأسيس منزلهما الأول، وتحتوي هذه الشقق على التشطيبات الرئيسية للمسكن وبإيجارات شهرية تبدأ من 150 إلى 180 دينارا بحرينيا للشقة مؤلفة من غرفتي نوم تبعا للموقع.

وأُطلقت في البحرين في الأشهر الماضية كثير من مشاريع الإسكان لمتوسطي الدخل، وتقول التقارير إن بعضا من تلك المشاريع يتم بيعها بخسارة، أو على أفضل تقدير بسعر التكلفة من أجل تحفيز السوق والترويج للمشاريع الرئيسية التي تمثل هذه المشاريع مراحل مبكرة لها.