سويسرا «جنة العقارات».. تجذب الأثرياء بسحرها وطبيعتها

ارتفاع الضرائب في أوروبا والمخاوف يدفعان الأثرياء للبحث عن مقار آمنة

منظر خلاب من أحد المنتجعات السويسرية
TT

في مناخ أوروبي مضطرب ماليا واقتصاديا يتخوف الأثرياء على أموالهم من التآكل وربما الضياع وسط تزايد أزمة اليورو. في هذا المناخ يتواصل بحث الأثرياء عن الجنان والملاذات الآمنة للحفاظ على ثرواتهم والاستمتاع بالحياة الهادئة والطبيعة الساحرة. وتبدو سويسرا الوجهة الألمع بين الوجهات الآمنة في أوروبا، خاصة عقاراتها التي واصلت المحافظة على أسعارها في أحلك الظروف. وبالتالي واصلت عقارات سويسرا جذبها للأثرياء.

وظلت سويسرا على رأس قائمة المقاصد الرئيسية التي يتجه إليها مشترو العقارات من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بنمط حياة راق وخصوصية كبيرة وبيئة ضريبية جذابة. وفي الحقيقة، كان هذا الاتجاه يتزايد ويتنامى نتيجة للجهود المستمرة التي تبذلها الحكومات في الدول الأخرى لزيادة الضرائب، وذلك حسب تقرير نشرته شركة «نايت فرنك» البريطانية أخيرا حول العقارات السويسرية.

ولا تزال سويسرا هي المقصد الرئيسي للمشترين من جميع أنحاء العالم، نظرا لوجود عدد كبير من المدارس الدولية الراقية، فضلا عن موقعها المتميز وقربها من جبال الألب وموقفها الإيجابي من الضرائب. وشهد عام 2010 إقبالا ملحوظا من الفرنسيين والإنجليز والقادمين من دول البنلوكس، مع عدد قليل من روسيا ودول الكومنولث.

ويأتي معظم الطلب على شراء العقارات السويسرية من قبل المهنيين الذين لا يتوقف عملهم على مكان معين، ويمكن للسويسريين أن يقوموا بتنظيم رحلات عمل إلى معظم المراكز الدولية من زيوريخ أو جنيف أو ميلان بسهولة ويسر. وهناك مشترون لكل المستويات من العقارات، لكن معظم المشترين يركزون باستمرار على الكانتونات الشعبية في جنيف وفو وزوغ وشويز وتيسينو.

إن عدم وجود عقارات متاحة للبيع في المناطق الناطقة باللغة الألمانية في شمال ووسط البلاد (بما في ذلك زيوريخ وزوغ وشيفتس) يؤكد أن الأسعار هناك ما زالت مستقرة، في الوقت الذي شهدت فيه أسعار العقارات في المناطق الناطقة باللغة الفرنسية في شرق البلاد (بما في ذلك جنيف وفود) انخفاضا يتراوح بين 10 في المائة و15 في المائة خلال المراحل الأولى من الأزمة. وقد ارتفعت المبيعات منذ ذلك الحين في جميع أنحاء البلاد، وهو ما أدى إلى حالة من الانتعاش الطفيف في أسعار العقارات في المناطق الناطقة باللغة الفرنسية.

ويصل متوسط سعر المتر المربع في إقليم جنيف بوجه عام إلى 9500 فرنك سويسري، مقابل 12000 فرنك سويسري في وسط جنيف، بينما يتراوح سعر المتر المربع في المناطق الراقية بين 15000 و17000 فرنك سويسري، وقد يصل سعر المتر المربع في المناطق الأرقى مثل كولوجني والبلدة القديمة في جنيف إلى 35.000 فرنك سويسري. وتكون أسعار العقارات المطلة على ضفاف البحيرات في فود أقل قليلا، حيث يتراوح سعر المتر المربع هناك بين 7.000 و8.000 فرنك سويسري، في حين يتراوح سعر المتر في المناطق الراقية بين 9.000 و17.000 فرنك سويسري، ويصل إلى نحو 25.000 فرنك سويسري في المناطق الأرقى على شاطئ الريفيرا. وهناك فروق أسعار مماثلة في زيوريخ.

وشهد النصف الثاني من العام إقبالا متزايدا على العقارات في تيسان، لا سيما حول بحيرة لوغانو، كما تجذب هذه المنطقة الأجانب الذين يريدون دفع مبالغ أقل من تلك التي تدفع في المناطق الألمانية والفرنسية في الوقت الذي يستمتعون فيه أيضا بمناظر خلابة ومدارس دولية ممتازة وحوافز ضريبية وسهولة السفر والتنقل من ميلانو. وتتنامى السوق أيضا في مدينة نيوشاتل التي تنخفض فيها الأسعار بنسبة 20 في المائة عن مدينة فود المجاورة. وتعمل السلطات في تلك المدينة بكل نشاط على جذب استثمارات أجنبية جديدة ونقل الأعمال وتوفير إمكانيات كبيرة للنمو.

وللاستفادة من هذا المناخ الإيجابي يجري تشجيع البائعين على تقديم المنازل للمشترين الأجانب في حالة ممتازة لا تحتاج إلى أي تحسين. وعلى الرغم من أن المشترين الأجانب للعقارات السويسرية يكونون سعداء للغاية بالقيام بأعمال التجديد بأنفسهم، فإن معظم المشترين الذين جاءوا إلى سويسرا للاستفادة من المزايا الضريبية يكونون مشغولين للدرجة التي لا تمكنهم من القيام بهذه التجديدات، ولذا يفضلون شراء العقارات التي تتطلب القليل من العمل.

ومن المرجح أن تشهد سويسرا إقبالا متزايدا خلال السنوات القادمة نتيجة للضغوط المتزايدة التي تفرضها الحكومات في جميع أنحاء العالم بهدف زيادة الضرائب، في الوقت الذي لا تقوم فيه سويسرا بذلك. ويرى الخبراء أن معظم مشتري العقارات في سويسرا يبحثون عن تحسين تعليم أبنائهم والاستمتاع بمنحدرات التزلج، والاستفادة من المزايا الضريبية بكل تأكيد.

وتختلف سوق العقارات من منطقة إلى أخرى، فيميل المشترون في زيوريخ وجنيف، على سبيل المثال، إلى التنقل للعمل ويكونون أكثر تركيزا من غيرهم، وغالبا ما يكونون مسلحين بالمعلومات التي تمكنهم من معرفة أي المناطق التي تناسب احتياجاتهم الضريبية، أما الأشخاص الذين يقومون بشراء عقارات في فود وشاطئ الريفيرا فإنهم يبحثون في الغالب عن نمط حياة رائع، لكنهم يكونون أقل وعيا بعمليات الشراء والقيود المفروضة عليها.

وبالمثل، يبحث مشترو العقارات في تيسينو، لا سيما منطقة لوغانو، عن نمط حياة رائع، لكنهم يبحثون في الوقت نفسه عن نظام ضريبي أفضل. وعلى الرغم من أن مشتري العقارات في سويسرا يتعين عليهم الحصول على تصريح إقامة، إلا أن أي مشكلات أو عقبات في هذا الصدد تهون في سبيل الاستمتاع بنمط حياة خيالي وخصوصية منقطعة النظير، مع ضمان الأمن والاستفادة من المزايا الضريبية هناك.