إفران المغربية تؤجر عقاراتها.. والحديث عن البيع نادر للغاية

الإيجار المؤقت صيغة تعتمدها «سويسرا المغرب» وتعتمد عليها

جانب من فيلات إفران المعروضة للإيجار (تصوير: أحمد العلوي المراني)
TT

تنتعش عملية البناء في منطقة إفران في وسط المغرب (الأطلس المتوسط) على الرغم من ضيق مساحات الأراضي في هذه المدينة التي تعرف باسم «سويسرا المغرب». معظم العقارات عبارة عن شقق واسعة أو فيللات صغيرة أو كبيرة تخصص عكس ما يوجد في المدن المغربية الأخرى، للإيجار المؤقت نظرا لارتفاع أسعار الأراضي، وليس للبيع، حيث يعتبر بيع العقار في هذه المدينة نادرا للغاية.

ونظرا لإقبال الزوار والسياح على المدينة خلال فترتين في السنة، فإن سوق العقار تنتعش موسميا، في الشتاء بسبب موسم التزحلق على الجليد الذي يبدأ من أكتوبر (تشرين الأول) ويستمر حتى فبراير (شباط)، وخلال الصيف ينتعش العقار نظرا لإقبال الناس على المدينة في موسم السياحة الجبلية، حيث يفضل كثيرون المناطق الجبلية على الشواطئ والمدن السياحية.

ومع ذروة فصلي الصيف أو الشتاء تتحول إفران إلى قبلة لعدد كبير من الوافدين من داخل وخارج المغرب لقضاء عطلتهم بهذه المدينة التي يغلب عليها على الطراز الأوروبي في المعمار وتبدو منازلها شبيهة بمنازل الريف الإنجليزي، أو السويسري. ومع هؤلاء الوافدين من الزوار تنتعش الحركة السياحية، وبموازاة مع ذلك تنتعش كذلك سوق العقار حيث تتصاعد أسعار إيجار المنازل والشقق سواء كانت مفروشة أو فارغة، ويعتمد عليها معظم سكان إفران على حركة الإيجار المؤقت، حيث تنتعش المدينة مع انتعاش سوق العقار، بطريقة ملموسة وواضحة تختلف تماما عن ما يحدث في المدن المغربية الأخرى حيث الأمر يتعلق بالإيجار المستمر أو البيع، كما أن انتعاش سوق العقار في مدينة مثل الدار البيضاء لا يؤثر كثيرا في الدورة الاقتصادية والمالية للمدينة.

ويعتمد معظم سكان إفران على ما يجلبه السياح والزوار معهم من أموال، وما يسددونه ثمنا للإيجار المؤقت العقارات، وفي الغالب تؤجر هذه العقارات على أساس سعر الليلة، لكن كل ما طالت مدة الإقامة أدى ذلك إلى ارتفاع سعر العقار، سواء كان شقة أو إقامة (سكن جماعي) أو فيللات. ويعتمد السكان اعتمادا كليا على حركية سوق العقار. حيث لا توجد أنشطة اقتصادية أو موارد طبيعية توفر للسكان مداخيل منتظمة.

في فصل الصيف، تجتذب المدينة زوارا يفضلون مناخها المعتدل والبارد في الغالب الأعم، والذي يجعل سكان المناطق الحارة مثل سكان مدينتي فاس ومكناس يأتون إليها للاصطياف. وبما أن معظمهم يزورون المدينة في مجموعات أسرية، فإنهم يفضلون استئجار إقامات (عمارات).

وفي فصل الشتاء يأتي إليها المولعون برياضة التزحلق، أو الذين يستهويهم موسم تهاطل الثلوج، وفي الغالب ما تنظم رحلات جماعية، تؤدي بدورها إلى انتعاش سوق العقار المعروض للإيجار، لفترات قد تطول أو تقصر. وتعرف إفران أيضا كمنطقة مهمة من مناطق رياضة القنص حيث يبدأ موسم القنص في الخريف، أي ابتداء من أكتوبر، وهذه الرياضة أصبحت تجذب أعدادا كبيرة من الخليجيين، الذين يستأجرون إقامات وفيللات طوال فترة القنص، مما يساهم في انتعاش سوق العقار.

ويقول سعيد محمد، أحد سكان إفران وصاحب إحدى الإقامات المفروشة والمعروضة باستمرار للإيجار، إن المدينة من دون زوارها وسياحها تعرف كسادا، إذ يعتمد الرواج الاقتصادي أساسا في إيجار مختلف أنواع العقار سواء للسياح أو الزوار الوافدين من مدن أخرى.

ويخال زائر إفران أنها تنتمي إلى بلد أوروبي، بفضل هندسة المعمار وطريقة تشييد منازلها وبناياتها التي لا ترتفع كثيرا، حيث تشيد المنازل والفيللات من طابق واحد، في حين تتميز بسقف يشيد من القرميد الأحمر وهو على شكل محدودب، مثل ظهر الثور وذلك لتسهيل سقوط الثلوج من فوق أسطح المنازل، وعدم تراكمها على تلك الأسطح، وهذا النوع من الأسقف يضفي رونقا جميلا على هذه المنازل المصطفة بشكل هندسي بسيط وجميل في جميع أحياء المدينة، يوحي بالهدوء لمدينة ترقد فوق جبال الأطلس المتوسط.

ويحرص أصحاب الإقامات والفيللات والشقق المعدة للإيجار تزويدها بجميع الضروريات التي توفر الراحة للزبائن لقضاء عطلتهم، ويوفرون عروضا في الإيجار تبدأ من شقق صغيرة وتصل إلى فيللات فسيحة وإقامات واسعة، أي من غرفة واحدة إلى فيللا تتكون من عدة غرف وصالونات، حسب إمكانات الزبون وعدد أفراد أسرته، ويتراوح إيجار الشقة الصغيرة ما بين 150 إلى 200 درهم لليلة واحدة (16 إلى 22 دولارا) ويرتفع السعر أو ينخفض تبعا لموقعها.

وتبقى هذه أهم صيغة للإيجار (أي تحديد السعر على أساس الليلة الواحدة) متعارف عليها في إفران لأن معظم الزبائن لا تتجاوز إقامتهم في المدينة أزيد من عشرة أيام. أما بخصوص الشقق المجهزة والتي تتوفر على الضروريات والأثاث المريح، فإن إيجارها يتراوح ما بين 400 إلى 600 درهم لليلة واحدة (45 دولارا إلى 65 دولارا) طبقا للموقع، والفترة التي تعرض فيه للإيجار، إذ أثناء تنظيم مهرجانات على سبيل المثال قد يصل سعر الشقة أحيانا إلى ألف درهم (ما يعادل 120 دولارا) لليلة الواحدة كما أنه في موسم تساقط الثلوج تعج المدنية بالزوار وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الإيجارات.

وفي السنتين الأخيرتين شيدت في إفران بنايات ضخمة (عمارات)، وهي عبارة عن بناية تتوفر على شقق كبيرة ومفروشة تتوفر فيها جميع التجهيزات التي يحتاجها الزائر إضافة إلى أثاث فاخر، وهي تتكون من خمسة طوابق وبكل طابق يوجد ما بين ست إلى ثماني شقق كبيرة بها صالون وغرفتان للنوم ومطبخ وحمامان مجهزان، وتتوفر كذلك على مرأب للسيارات يمكن النزول إليه بواسطة سلم صغير من داخل البناية، وحديقة صغيرة أمام المدخل، وجميع هذه البنايات تستعمل للإيجار، ولا يقبل أصحابها البتة أي حديث عن البيع.

أما من يرغبون التملك في إفران فإن سعر المتر المربع يتراوح ما بين عشرة إلى خمسة عشر ألف درهم (ما يعادل 1200 إلى 1800 دولار) وهو ما يساوي ثمن المتر المربع في مدن كبيرة مثل الرباط والدار البيضاء،وهذا السعر قابل للارتفاع في وسط المدينة، لكن هناك بعض الأحياء الشعبية التي يقل فيها السعر، لكنها لا تعرف إقبالا.

وثمة ظاهرة ارتبطت بموضوع الانتعاش العقاري وعملية الإيجار المستمرة، جعلت كثيرين يمتهنون خاصة في المواسم دور الوسطاء ويتحولون إلى سماسرة عقار، حيث يعمل طلاب وعاطلون، وربات بيوت والأطفال وبعض أصحاب المهن الحرة وحتى بعض رجال التعليم (خاصة في الصيف) في هذه المهنة.

لذلك قد يصادفك كثيرون وأنت تزور إفران يطرحون عليك سؤالا بالعامية المغربية، أحيانا يختصرونه في كلمة واحد فيقولون: «دار؟» أو «هل تريد دارا؟» والمقصود هنا شقة أو فيللا للإيجار المؤقت.