خبراء: عودة الانتعاش إلى السوق العقارية المصرية غير منظورة على المدى القريب

تقرير دولي: عودة الظروف المواتية للاستثمار أدى إلى بوادر انفراجة للسوق

عقارات القاهرة تنتظر تدفقات المستثمرين الأجانب
TT

قال خبراء في مصر إن عودة النشاط لسوق العقارات غير منظورة على المدى القريب، رغم مؤشرات على عودة النشاط الاقتصادي للبلاد، مؤكدين أن هناك عوائق كثيرة أمام قطاع العقارات سواء للمطورين أو مالكي الوحدات، بينما يرصد تقرير حديث صادر عن مؤسسة «دريك آند سكل إنترناشيونال» عددا من المؤشرات التي قال عنها إنها بوادر لقفزات نوعية نحو تحقيق نمو ملحوظ خلال العام الحالي.

وأشار الخبراء إلى أن الكثير من الشركات العقارية في البلاد أجلت إطلاق مشروعات جديدة خلال الفترة الحالية، رغم امتلاكها لمساحات كبيرة من الأراضي. ويسعى أغلب الشركات الكبرى إلى عقد اتفاقيات مع مطورين عقاريين في الخارج لتقليص المخاطر التي قد يتعرضون لها من جراء فشلهم في تسويق مشاريعهم خلال الفترة الحالية التي تتسم بالركود. ودخلت شركات مصرية في مفاوضات مع شركات عربية لإقامة مشاريع عقارية، إلا أن أغلب تلك المفاوضات فشلت، وكان آخرها سعي «شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير» لتنفيذ مشروع عقاري بشراكة إماراتية تصل تكلفته إلى 40 مليون جنيه، لكن المفاوضات جمدت للخلاف على نسبة توزيع الأرباح. وقال حمادة صلاح المثمن والخبير العقاري إن الأوضاع في مصر الآن لا تشير إلى احتمالية انتعاش السوق في البلاد خلال الفترة المقبلة، فهناك مشروعات لدى الشركات لا تستطيع تسويقها، مدللا على قوله هذا بعدم بيع وحدات خلال المعارض العقارية التي أقيمت مؤخرا بالعاصمة المصرية القاهرة.

وأضاف: «العملاء يبحثون عن وحدات متوسطة أو صغيرة، وتسهيلات كبيرة في الدفع، وهذا غير متوفر بشكل كبير في السوق».

وأشار صلاح إلى أن ما يحدث الآن في مصر في قطاع العقارات هو استكمال المشاريع التي بدأ تنفيذها قبل عامين، مع نشاط ملحوظ في نشاط البناء الخاص الذي يسمى في مصر «بناء الأهالي».

وأعطى صلاح مؤشرا على استمرار ركود السوق، وهو تعثر بعض المشترين في سداد أقساط الوحدات التي حجزوها، وكثير منهم طالبوا باسترجاعها، أو استبدال وحدات في نفس المشروع أقل في التكلفة بها. وأكد صلاح أن هناك مشروعات كبرى في مصر لدى الشركات العقارية تبحث عن مشترين، وهذا عائق كبير أمام الشركات في تدشين مشاريع جديدة رغم امتلاكهم أراضٍ، فهم يسعون بشكل حثيث لعقد شراكات بعضهم مع بعض، أو مع شركات عربية لتوزيع حجم المخاطر التي قد يتعرضون لها، فهناك خوف كبير من عدم الشراء. ويرى مطورون أن هناك مشكلات أخرى تتعلق بالاستثمار العقاري في البلاد، وهي ندرة الأراضي التي بها مرافق، بحسب ما قاله محمد فؤاد، أحد المستثمرين العقاريين، وتابع: «الأراضي المرفقة محدودة بشكل كبير، وهناك مبالغة في أسعار الأراضي المملوكة لأفراد أو لشركات، فرغم الأزمة العقارية التي تعاني منها مصر فإن الأراضي والوحدات السكنية المعروضة للبيع لا تزال أسعارها مرتفعة».

وعزى فؤاد تمسك مالكي الوحدات والأراضي بالأسعار المرتفعة إلى حصولهم على تلك الأراضي بأسعار كبيرة، وأضاف: «في المدن الجديدة بالقاهرة ستجد مباني كثيرة لا يسكنها أحد، وأسعار الوحدات بها تتجاوز مليون جنيه (164 ألف دولار)، ولا توجد بها خدمات، وحتى الطرق المؤدية إلى تلك الوحدات غير ممهدة، لكن لا أحد يريد تخفيض أسعار البيع».

وأضاف: «يجب على الحكومة المصرية طرح أراض على المستثمرين بأسعار رخيصة، حتى تشجع المستثمرين بضخ أموالهم في البلاد مرة أخرى، وقال: «تحتاج مصر إلى وحدات متوسطة وصغيرة، فمن الممكن أن يكون طرح الأراضي مقترنا بنوع المشروع. أقترح اقتران طرح الأراضي ببناء عقارات للطبقة المتوسطة، وهذا سينشط السوق بشكل كبير بسبب محدودية العقارات المتوسطة». وأشار إلى أن الشركات لديها مخزون من الوحدات الفاخرة، وبالتالي فإن احتمال انتعاش السوق في هذا القطاع غير منظور، ويحتاج إلى عودة انتعاش الاقتصاد أولا، وثانيا نفاد المخزون لدى الشركات.

ويضع المسؤولون في مصر على رأس أولوياتهم الآن تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة، ومد المرافق إليها، وتتضمن الموازنة 8 مليارات جنيه لتنفيذ بناء نحو 70 ألف وحدة سيتم طرحها قريبا في المحافظات، وفقا لما قاله مسؤولون في وقت سابق. وأكد الخبراء أن عودة النشاط العقاري في البلاد هي مرحلة لاحقة لعودة النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وحل خلافات المستثمرين العقاريين في البلاد.

وتواجه بعض الشركات العقارية في مصر الكثير من المشكلات مع الحكومة المصرية، وتتعلق أغلبها بإعادة تقييم الأراضي التي حصلوا عليها بأقل من قيمتها في السنوات السابقة للثورة.

وقال تقرير حديث صادر عن «دريك آند سكل إنترناشيونال»، إن مؤشر سوق العقارات المصرية حقق نموا بمعدل 4.45% في شهر يوليو (تموز) مقارنة مع شهر يونيو (حزيران)، وأشار التقرير إلى أن هذا الارتفاع يشير إلى تحسن في أداء السوق الذي يحمل معه الكثير من التحديات والفرص. ويرى التقرير أن عودة الظروف المواتية للاستثمار كما يحدث في مصر الآن، أدى إلى بوادر انفراجة للسوق العقارية، حيث بدأت تشهد منافسة شديدة بين الشركات الاستثمارية للفوز بالمناقصات والعقود الضخمة لتنفيذ مجموعة من المشاريع العقارية، وهو ما يخلق مناخا صحيا سينعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد المصري. وترى «دريك آند سكل» أن التنافسية العالية التي يشهدها القطاع العقاري تمثل حافزا لتقديم خدمات أفضل واتباع سياسة مدروسة من شأنها تعزيز القدرة على البقاء في السوق، وهو ما حدا بالشركة إلى تبني خطط مركزية لتقديم عروض أسعار تنافسية ومجدية من الناحية الفنية للحصول على مشاريع ضخمة والفوز بمناقصات كبرى.

وأضاف التقرير أنه لتحقيق الاستفادة المثلى من الآفاق الاستثمارية الواعدة ضمن السوق العقارية المصرية خلال المرحلة الحالية بكل ما تحمله من فرص وتحديات، لا بد من التركيز على إطلاق مبادرات فاعلة من شأنها إحداث تغييرات إيجابية في المجتمع المحلي. وهذا ما يتطلب بدوره تكثيف الجهود المشتركة والتعاون البناء بين الحكومة المصرية ومجتمع الأعمال والمصارف والمؤسسات المالية لتحريك سوق العقارات في مصر. وبالمقابل، يتوجب على الشركات الاستثمارية المحلية والإقليمية والدولية التنبه إلى الحراك العقاري الذي تشهده مصر، ودعا التقرير إلى ضرورة تركيز المستثمرين العقاريين على تطوير استراتيجيات متكاملة للاستجابة للتحولات الجذرية في البيئة الاستثمارية المصرية بالشكل المناسب بما فيه المصلحة العامة.

وأوضح خلدون الطبري، الرئيس التنفيذي في شركة «دريك آند سكل إنترناشيونال»، أن السوق العقارية المصرية تمر بمرحلة مهمة وحاسمة تتطلب اتخاذ خطوات جريئة وإطلاق مبادرات فاعلة لإعادة الزخم لمشاريع التطوير العقاري وتعزيز الثقة بالقطاع المحلي. وأشار الطبري إلى أن هذه السوق تقتنص فرص النمو المتاحة حاليا مع عودة مؤشرات نمو جيدة، موضحا أهمية تعزيز أداء السوق في ظل سياسة الانفتاح على الاستثمارات الداخلية ووجود سيولة وفيرة وتمويل قوي.