بناية «وان 57»: نادي المليارديرات العالمي الجديد في نيويورك

لا تزال تحت الإنشاء وأقل سعر للشقة 45 مليون دولار

أسعار شقق ناطحات السحاب في مانهاتن باتت الأغلى رغم متاعب اقتصاد أميركا
TT

عما قريب، سيحمل «وان 57»، وهو عبارة عن برج ارتفاعه 1004 أقدام تحت الإنشاء في وسط مدينة مانهاتن، لقب أعلى مبنى سكني في نيويورك. ولكن من دون ضجة من سكانه المستقبليين الخصوصيين، يرسخ لنفسه اسما جديدا هو: «نادي المليارديرات العالمي».

ويعتبر جميع مشتري الشقق التسع التي تشغل طابقا بأكمله بالقرب من السطح من المليارديرات. وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز». ومن بين الشقق التي تم بيعها شقتان مزدوجتان بموجب عقد مقابل أكثر من 90 مليون دولار لكل منهما؛ حسب ما ذكر غاري بارنيت، رئيس شركة «إكستيل ديفيلوبمنت» المطورة للعقار، هذا الأسبوع. هذا وقد تراوحت أسعار الشقق السبع الأخرى بين 45 و50 مليون دولار.

ويضم نادي المليارديرات العديد من الأميركيين ومشتريين اثنين على الأقل من الصين، ومشتريا كنديا وآخر نيجيريا وآخر بريطانيا، بحسب بارنيت ووسطاء قاموا ببيع شقق في المبنى، الكائن في «157» غرب شارع «57». وأشار بارنيت إلى أن بضعة مشترين على الأقل كانوا من بين «أبرز المليارديرات في قائمة مجلة «فوربس».

ومنذ أواخر العام الماضي، استمر الجانب «الرابح» في سوق عقارات نيويورك يسجل مبيعات تلفت الأنظار يبدو أنه ليس لها أساس كبير في الواقع. ويقدر العقد المبرم لبيع شقة مزدوجة مساحتها نحو 11 ألف قدم مربعة بالطابقين التاسع والثمانين والتسعين من مبنى «وان 57» بمبلغ 95 مليون دولار. وتفوق هذه القيمة قيمة أعلى عملية بيع تمت في مارس (آذار) لمنزل علوي في «15 سنترال ويست بارك» لابنة ملياردير روسي مقابل 88 مليون دولار. وفي يونيو (حزيران) الماضي، ودفع ستيف وين، قطب أندية القمار في لاس فيغاس، مبلغا قيمته 70 مليون دولار مقابل شقة علوية مزدوجة أعلى «ريتز كارلتون».

وبعيدا عن المبيعات الفردية، فإن التركيز الضخم للثروة في «وان 57»، مشروع التنمية العقارية الذي تبلغ تكلفته 1.5 مليار دولار، هو الذي يثير دهشة بعض مراقبي السوق منذ فترة طويلة.

وقال جوناثان ميلر، رئيس «ميلر صامويل»، شركة تثمين العقارات: «حجم الثروة التي ستقطن في هذا المبنى لا يمكن تقديرها». وأضاف: «على الرغم من كل المشكلات على المستوى الاقتصادي، فإننا نرى هؤلاء الأفراد يستثمرون في العقارات على عكس ما كان يحدث في أية فترة ماضية».

ومنذ بدأت تتحقق مبيعات من المبنى في نوفمبر (تشرين الثاني)، قامت شركة «إكستيل» بالتوقيع على عقود لشقق تزيد قيمتها على مليار دولار، نحو 300 مليون دولار فقط هذا الصيف، على حد قول بارنيت. وما زال أقل من 40 شقة من إجمالي 92 لم يتم بيعها بعد، من بينها الوحدات الأربع التي تشغل طابقا بأكمله. لكن بارنيت أشار إلى أن مشتريين محتملين من الصين كانا «يتفقدان» واحدة من تلك الوحدات الأربع. وتتجاوز تكلفة دخول النادي الآن 50 مليون دولار للشقق المتبقية التي تشغل طابقا بأكمله، على حد قول بارنيت.

وفي الأسبوع الماضي، بعد أن مكنت شركة «إكستيل» صحافيا من إلقاء نظرة بشكل حصري على المناظر الممتدة بزاوية 360 درجة التي سيشاهدها ملاك الشقق التي تشغل طابقا كاملا عندما يتمكنون من الانتقال إليها في نهاية العام المقبل، لم يكن من الصعب إدراك مدى جاذبية مبنى «وان 57». ويستغرق المصعد ست دقائق للصعود لارتفاع 850 قدما لشقة كائنة بالطابق الخامس والثمانين. (سوف تستغرق الثلاثة مصاعد الخاصة بالسكان 30 ثانية للوصول إلى السطح، على حد قول مسؤولين بشركة «إكستيل»). اشترى الشقة التي تبلغ مساحتها 6240 قدما مربعة أميركي كان يملك بالأساس «بعضا من أفضل العقارات في العالم»، من بينها موقعان «غاية في الأهمية» في نيويورك، على حد قول نيكي فيلد، وسيط «إنترناشيونال ريالتي» في مزاد «سوثبي»، الذي كان ممثلا للمشتري. والآن، تعتبر الشقة مجرد حوائط مكشوفة وإسمنت. كما توجد شبكة برتقالية في المكان المفترض أن يتحول إلى نوافذ تمتد من الأرضية إلى السقف.

ومن غرفة المعيشة الرئيسية في الشقة، يبدو المتنزه منبسطا كسجاد أخضر ضخم. وفي يوم خال من الغيوم، يمكنك أن تبصر الطريق كاملا إلى برونكس. وباتجاه الشرق، يمكن رؤية الطائرات المقلعة من مطاري «لا غارديا» و«كيندي»، فيما يمتد المحيط الأطلسي إلى ما وراء الأفق. وباتجاه الشمال الغربي، يبدو من المبنى الانعطاف البسيط في نهر هودسون واضحا. وعلى مقربة، يمكنك أن تبصر الشرفة المخضرة بالشقة العلوية التي يبلغ سعرها 88 مليون دولار الكائنة في «15 سنترال ويست بارك». ومن وجهة الجنوب، سوف يبصر الساكن لدى وقوفه في الحمام الذي يضم أحواض استحمام ومراحيض، مبنى «إمباير ستيت» ومركز التجارة العالمي وتمثال الحرية، ناهيك بلوحات الإعلانات الإلكترونية في «تايمز سكوير».

وأمضى بارنيت 15 عاما في تجميع العقار والحقوق الجوية في شارع «57». وقال لصحيفة «نيويورك تايمز» إنه في البداية رغب في إنشاء المبنى الذي تبلغ مساحته 300 ألف قدم مربعة. ويقول: «لم أفكر حتى في الرؤية. لكن مع تضخم حجم المجمع السكني وبدء السوق في الارتفاع إلى مستويات جديدة، وبعد أن أصبحت المناظر الطبيعية للمتنزه غاية في السمو، أخذ المشروع شكلا». وبعد كساد سوق العقارات في أعقاب انهيار بنك «ليمان براذرز» في عام 2008، تعين على بارنيت إقناع شركائه بالاستمرار في اتباع نهجهم المعتاد. «جزئيا، لقد كان هناك اعتقاد مفاده أن السوق ستتعافى مجددا وأن هذا هو الطريق الصحيح الذي يجب المضي فيه قدما. ومن ناحية، لم يكن لدي أي خيار. لديك موقع، وليس ثمة طريقة للنجاة سوى المضي قدما».

في النهاية، كان التوقيت الذي اختاره ضربة حظ بالنسبة له. فمع تعافي نيويورك من الانكماش الاقتصادي، أصبحت العقارات الفاخرة عامل جذب لأغنى أغنياء العالم، ممن يتطلعون إلى عائدات استثمار أفضل وملاذ آمن من الظروف الاقتصادية الشائكة في أوطانهم. وقالت: «كان هناك في يناير (كانون الثاني)، وقتما لم يكن هناك أي منتج آخر وكان الناس يتطلعون إلى مكان يدخرون فيه أموالهم». وأضافت قائلة: «كثير مما يحدث في مبنى (وان 57) مرتبط بالحفاظ على الثروة». حتى إن بعض الملاك في (15 سنترال ويست بارك)، بسجل سكانها من نجوم المجتمع وموقعها المعماري المتميز، يشترون عقارات في مبنى (وان 57)». ووقع ثلاثة على الأقل عقودا لشراء وحدات هناك، على حد قول فيلد.

وكان لمشروع «وان 57» السبق في تنفيذ مشروعات تنمية عقارية جديدة تستمر لمدة عامين والتي تستهدف المليارديرات، مثل «432 بارك أفينيو»، الذي من المتوقع أن يزيد ارتفاعه على «وان 57» بمقدار 400 قدم عند إتمامه في عام 2016. لقد مكنت المبيعات المطردة بارنيت من صد مشترين محتملين عندما بدت المفاوضات معهم متعسرة. على سبيل المثال، فشلت المفاوضات مع «نيك كاندي»، المطور العقاري لمشروع آخر خاص بالمليارديرات في لندن، بعد رفض بارنيت منح كاندي حق الانتقال إلى إحدى الشقق قبل الانتهاء من أعمال بنائها، بحسب رسائل بريد إلكتروني متبادلة بين الرجلين. كذلك، قرر بارنيت عدم البيع لمايكل هيرتنشتاين، رجل الأعمال المليونير، بعد دفع هيرتنشتاين لعامل بناء بمبنى «وان 57» لتصوير فيديو قال إنه كشف عن أن المنظر الذي سيبصره من شقته الكائنة بالطابق السابع والأربعين ستحجبه علامة «إسيكس» المجاورة. وقال بارنيت إنه قام بإتمام عملية بيع لطابق بأكمله لمشتر محتمل أراد القيام بعملية ترميم رئيسية من دون السماح لـ«إكستيل» بالمشاركة في البناء وتخفيف مشكلة عدم الملاءمة بالنسبة للسكان الآخرين. وقال بارنيت: «لا يمكنني أن أخبركم بأنني سأكون على درجة كبيرة من يقظة الضمير إذا ما واجهت مشكلة في البيع. لسنا يائسين من إتمام عمليات بيع مهما كان الثمن».