سوق العقارات السعودية تترقب أنظمة ولوائح الرهن العقاري لبناء استراتيجياتها المقبلة

خبراء: يتوقع أن تشهد السوق المزيد من شركات التطوير والتمويل

شركات التطوير العقاري تتطلع لبناء رؤيتها المقبلة بمواكبة ما ستتضمنه أنظمة ولوائح نظام الرهن العقاري (تصوير: خالد الخميس)
TT

تترقب سوق العقارات السعودية لوائح وأنظمة الرهن العقاري، وذلك لتحديد مستقبلها خلال الفترة المقبلة، في حين تنتظر شركات التطوير العقاري ما سيؤول إليه النظام، حتى تتصرف وفق الآليات الجديدة، التي من المتوقع أن تعطي دفعة جديدة للسوق خلال ما تبقى من العام الجاري والعام المقبل.

وعلى الرغم من الطلب الكبير الذي تشهده السعودية على الوحدات السكنية بشكل خاص، وعلى العقارات المختلفة بشكل عام، فإنه من المتوقع أن يحقق نظام الرهن العقاري معادلة جيدة لصالح شركات التطوير العقاري من خلال رفع قدرتها في بناء المزيد من الوحدات العقارية بشكل أسرع مما عليه في الوقت الحالي، مع عدم وجود قدرة الحصول على التمويل اللازم لبناء المشاريع التي أعلنت عنها تلك الشركات من خلال مشاركاتها في المعارض العقارية.

وبحسب عقاريين فإن السوق العقارية السعودية بحاجة ملحة لمثل هذه التنظيمات، وذلك لدعم قدرات الشركات العقارية التطويرية وتصحيح خطواتها وبناء استراتيجيتها، من خلال موافقة تلك الاستراتيجيات مع أنظمة الرهن العقاري خلال الفترة المقبلة، وهذا الوضع يتوقف على صدور تلك اللوائح. وقال خالد الضبعان المستثمر في قطاع العقارات السعودي إن شركات التطوير العقاري تتطلع لما ستحويه الأنظمة واللوائح الخاصة بالرهن العقاري، وذلك لمعرفة توجهاتها خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي سيرفع من قدرة تلك الشركات في بناء الوحدات العقارية المختلفة، إضافة إلى تفعيل شركات أخرى ستعيد تحركها في سوق العقارات السعودية.

وأضاف الضبعان أن الاستراتيجية الإسكانية في المملكة شبه واضحة من خلال القرارات الأخيرة من بناء 500 ألف وحدة سكنية، ودعم صندوق التنمية العقاري، وتوجه عدد من الشركات الكبرى لبناء مساكن لموظفيها، وهو ما يضع معطيات واضحة لاحتياجات السوق المختلفة، وعليه فإن على الشركات بناء استراتيجياتها المستقبلة وفقا لهذه المعطيات حتى لا تتحمل قدرات أكبر من إمكانياتها.

وبحسب دراسة صدرت مؤخرا فإن السعودية - أكبر اقتصاد عربي - بحاجة إلى مساكن تقدر بنحو 2.55 مليون وحدة سكنية حتى عام 2020، في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة النمو السكني ما بين 5 إلى 7 في المائة سنويا. وقالت الدراسة الصادرة من شركة «أموال» للاستشارات المالية إن المساكن التي تضخ سنويا في السوق تقارب 120 ألف وحدة سكنية، في حين يتزايد الطلب على المساكن في حدود تتراوح ما بين 200 إلى 275 ألف وحدة سكنية سنويا.

وبالعودة إلى الضبعان الذي توقع أن تشهد السعودية طفرة تضاف إلى طفرتها الحالية فقد أشار إلى أن العرض قد يصل إلى مستوى الطلب في غضون 7 سنوات في حال استمر الحال على ما هو مخطط له في الاستراتيجية الإسكانية، من دعم بناء الوحدات السكنية عبر عدة طرق من خلال شركات التطوير العقاري أو شركات المقاولات أو حتى الأفراد الذين يتم إقراضهم من خلال بنك التنمية العقاري.

من جهته قال محمد القحطاني الخبير العقاري في سوق العقارات بالمنطقة الشرقية إن التجارب كثيرة في قدرة الأنظمة والتشريعات على المساهمة في بناء وحدات سكنية بكميات كبيرة، مشيرا إلى أن كثرة وجود شركات التطوير العقاري في مدينة دبي، ساهمت في بناء المزيد من الوحدات السكنية العقارية، إلى أن وصلت إلى حد الفائض، مؤكدا أن الأسعار كانت في البداية مرتفعة لكنها تراجعت مع زيادة العرض وانخفاض الطلب الحقيقي.

وتخوف القحطاني من تأثير المضاربات على أسعار الوحدات العقارية في بداية انتعاش ميزان العرض، مشيرا إلى أن المضاربات كانت واحدة من أهم التحديات التي واجهت الأسواق المختلفة، مما يدفع إلى التأثير على المطور وعلى المشتري على المدى القصير.

إلا أنه أشار إلى أن أنظمة ولوائح الرهن العقاري ستعطي صورة أوضح عن مستقبل السوق العقارية في المملكة، خاصة مع النمو الاقتصادي الذي تعيشه المملكة، وتوقعات باستمرار النمو خلال الفترة المقبلة، وهو ما يشكل حقبة جديدة في السوق العقارية.

وتتضمن سوق الأسهم السعودية نحو 8 شركات مدرجة، يعمل أغلبها ضمن مشاريع متخصصة، كشركة «إعمار المدينة الاقتصادية» وشركة «المعرفة»، و«مكة للإنشاء والتعمير» المتخصصة في بناء مشاريع في مكة المكرمة.

وشدد القحطاني على أن أنظمة الرهن العقاري ستفتح الباب أمام إنشاء المزيد من شركات التطوير العقاري وشركات التمويل العقاري، مما سينعكس على الاقتصاد الوطني بتوفير وظائف جديدة، إضافة إلى صناعة عقارية جديدة، سيكون انعكاسها على الاقتصاد على المدى البعيد من خلال دورات اقتصادية منتعشة وفقا للمعطيات الحالية. ويتوقع أن تعمل 12 جهة من القطاع العام والخاص بالاستفادة من إقرار نظام الرهن العقاري، وذلك بعد إقرار التشريع، وفقا لدراسة شركة «أموال للاستشارات المالية»، مشيرة إلى أن القرار يحمل إيجابيات وسلبيات، إلا أنه ستكون هناك فائدة من إقراره في قطاع المساكن.

وقال فهد القاسم رئيس مجلس إدارة شركة «أموال للاستشارات المالية» في وقت سابق إن القطاعات تتمثل في المستخدمين والمواطنين والمطورين والمستثمرين، والجهات الحكومية، وتجار ومصنعي مواد البناء، والمكاتب الاستشارية، والمقاولين، والوسطاء، والممولين، والمثمنين، وشركات الاستثمار وهيئة سوق المال.

وكان مجلس الوزراء قد وافق على نظام «الرهن العقاري» في السابع من يوليو (تموز) الماضي. ويسعى النظام إلى تحقيق الضمانات اللازمة عند ممارسة نشاطات وتمويل العقار أو المنقول، وذلك بوضع ضوابط تحمي الدائن والمدين والضامن في العملية الائتمانية، وتضمنه بيانا مفصلا حول طبيعة الأصول محل الرهن وإجراءات عقد الرهن والشروط المطلوبة لانعقاده وحالات انقضائه، إضافة إلى تحديد حقوق أطراف عقد الرهن والتزاماتهم وتحقيق المرونة المنضبطة اللازمة للاستفادة القصوى من الأصول العقارية والمنقولة، التي لملكيتها سجل منتظم في إيجاد السيولة النقدية، إضافة إلى الموافقة على نظام التمويل العقاري، وتعد وزارة المالية السياسات العامة للتمويل العقاري بالاشتراك مع وزارة الإسكان والجهات المعنية الأخرى.

وقال الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف، وزير المالية في ذلك الوقت: «إن هذه الأنظمة مرت بمراحل كثيرة من البحث والتقصي في لجان مجلس الوزراء وفي مجلس الشورى قبل إقرارها»، مبينا أنه سيتم تطبيق هذه المنظومة بعد اتخاذ عدد من الخطوات المهمة، ومنها إصدار اللوائح التنفيذية من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي. وأضاف العساف أن «مجموعة الأنظمة التي تم رفعها من وزارة المالية لتطوير قطاع مالي جديد في السعودية هو التمويل العقاري، وذلك ضمن التطوير الاقتصادي الذي تنفذه حكومة خادم الحرمين الشريفين، ستساعد بعد بدء تطبيقها في إيجاد آليات منظمة لتمويل الإسكان في المملكة بأسلوب يحفظ حقوق جميع الأطراف من شأنه أن يحد من تكلفة التمويل العقاري، وذلك من خلال التسهيلات التي ستوفرها هذه الأنظمة للمواطنين للحصول على تمويل متوافق مع الشريعة الإسلامية».

وستختص وزارة المالية بإعداد السياسات العامة للتمويل بالاتفاق مع وزارة الإسكان، وبعد أن يقرها مجلس الوزراء، وتضع وزارة المالية بالاتفاق مع وزارة الإسكان الخطط التنفيذية اللازمة، وتقوم مؤسسة النقد العربي السعودي بتنظيم قطاع التمويل الذي يشمل السماح للبنوك والترخيص للشركات بمزاولة التمويل، بما في ذلك الترخيص لشركات مساهمة توافق المؤسسة على المرشحين لمجلس إداراتها وللممولين المرخص لهم المشاركة في ملكيتها، ويجوز لصندوق الاستثمارات العامة المساهمة في ملكيتها، كما تتولى المؤسسة إصدار التراخيص الخاصة بشركات التأمين لتغطية المخاطر المتعلقة بالتمويل العقاري وفقا لنظام مراقبة شركات التأمين.