العقارات الموجهة للطلبة في بريطانيا تسيل لعاب المستثمرين الأجانب

صندوق الثروة السيادي لسنغافورة يرفع استثماراته في القطاع إلى 700 مليون دولار

TT

بالتزامن مع اقتراب الموسم الجامعي الجديد في بريطانيا، أعلن صندوق الثروة السيادي لسنغافورة، هذا الأسبوع، عن دخوله في مشروع استثماري ثان مع شركة «يونايت» البريطانية المختصة في توفير السكن للطلبة في لندن. وأعلن الصندوق السيادي عن رفع استثماراته في هذا القطاع مع الشركة البريطانية إلى نحو 450 مليون جنيه إسترليني (700 مليون دولار)، فبعد أن استثمرت 129 مليون جنيه إسترليني في المشروع الأول فقد خصصت 330 مليون جنيه إسترليني أخرى للمشروع الثاني.

ويسيل قطاع المساكن الموجهة للطلبة لعاب المستثمرين المحليين والأجانب، وفي هذا السياق أكد كريس موريش، مدير الاستثمارات العقارية في أوروبا، لصندوق الثروة السيادي لسنغافورة، على أهمية «موقع لندن كوجهة عالمية للطلاب الأجانب خاصة مع تزايد عددهم من الهند والصين بسبب توسع الطبقة المتوسطة في البلدين». وأشار إلى أن «قطاع المساكن الموجهة للطلبة في لندن يعاني نقصا في المعروض، خاصة مع تزايد الطلب من الطلبة الأجانب».

وبسبب جاذبيته الاستثمارية وعائداته المعقولة، رغم أنه يحمل بعض المخاطر، فقد تحول قطاع عقارات الطلاب إلى قطاع مؤثر يتوافد عليه المستثمرون، خاصة ما يعرف بمستثمري «الشراء من أجل التأجير» (buy to let).

وقد كشف تقرير أخير أعده بنك «لويدز تي إس بي» أن أسعار العقارات في المدن التي تسمى المدن الجامعية الجديدة ارتفعت بنسبة 70 في المائة خلال العقد الماضي، بين عامي 2001 و2011، بينما بلغت نسبة الارتفاع في المدن الجامعية التقليدية القديمة 64 في المائة في الفترة نفسها. أما معدل الارتفاع العام في أسعار العقارات السكنية في المدن الجامعية في بريطانيا بشكل عام (سواء الجديدة أو القديمة) في الفترة نفسها فوصل إلى 62 في المائة.

وللإشارة فقط والتوضيح فإن المدن الجامعية الجديدة أو الجامعات الجديدة المقصود بها هو المعاهد التعليمية التي كانت تعرف باسم المعاهد التقنية (ploytechnics)، التي سمحت لها الحكومة البريطانية بالتحول في بداية تسعينات القرن الماضي إلى جامعات وحمل صفتها واستقبال الطلاب المحليين والأجانب. واللافت، بحسب التقرير، أن ثلثي هذه الجامعات سجلت ارتفاعا في الأسعار أكثر من المعدل البريطاني العام، مما يجعل الاستثمار في العقارات السكنية في المدن الجامعية أكثر جاذبية.

وحسب التقرير، فإن 11 مدينة جامعية من أهم 20 مدينة جامعية في بريطانيا سجلت حسب مؤشر «التايمز» اللندنية نموا كبيرا في الأسعار تعدى الـ75 في المائة ما بين عامي 2001 و2011. وتصدرت مدينة أدنبره باسكوتلندا القائمة بنسبة نمو بلغت 103 في المائة، ثم تلتها مدينة إكستر بنسبة نمو بلغت 91 في المائة، ومدينة لافبوره بنسبة 90 في المائة، ثم لستر وكمبردج بنسبة 88 في المائة، ولانكستر بنسبة 84 في المائة.

وبالإضافة إلى ارتفاع أسعار بيع المساكن في هذه المدن الجامعية فقد شهدت أسعار الإيجارات في هذه المدن ارتفاعات قياسية مع تزايد معدلات إقبال الطلبة البريطانيين أو الأجانب، ومن بينهم الطلاب العرب، على الجامعات البريطانية.

وبسبب هذا الارتفاع القياسي الذي تعرفه المساكن الموجهة للطلبة، فقد بدأت تبرز مؤخرا في سوق العقار البريطانية ظاهرة إقبال الآباء، سواء من البريطانيين أو حتى الأجانب، على شراء مساكن لأبنائهم من طلبة الجامعات. وبذلك يتمكن الآباء من «ضرب أكثر من عصفور بحجر»، توفير مكان لائق لإقامة أبنائهم يسمح لهم بالتركيز أثناء دراساتهم الجامعية، التي لا تقل عن 3 سنوات، واستثمار عقاري قد يعود بنفع كبير على الآباء والأبناء على حد سواء، فبسبب ارتفاع تكاليف الإيجار فإن الأفضل للآباء أن يشتروا مساكن لأبنائهم بدلا من تبديد الأموال من دون فائدة على الإيجار.

وفي هذا السياق، فبالنسبة لآباء الطلاب العرب من المقتدرين، خاصة الذين يتوافد أبناؤهم بالآلاف على بريطانيا، وجامعاتها وحتى مدارس تعليم اللغة الإنجليزية فيها، فإن تكلفة شراء مسكن قد تكون أفضل بعملية حسابية بسيطة مقارنة بتأجير شقق أو حتى غرف قد لا توفر دائما الراحة والأمان المطلوبين. وقد يكون شراء مسكن مجديا اقتصاديا أكثر خاصة إذا كان لهؤلاء الآباء أكثر من ابن (أو بنت) يدرس في بريطانيا، فإن تكلفة الإيجار تكون أكبر، وبالتالي فمن الأفضل مثلا شراء شقة أو حتى منزل صغير يتقاسمه الأبناء الطلبة، بدلا من تبديد الأموال على التأجير. وقد تكون الفائدة أكبر بالنسبة للطلبة المبتعثين، الذين يحصلون على منحة من حكوماتهم، إذا ما كان في الإمكان أن يتحصلوا على دعم من آبائهم.

وإذا كانت ظاهرة شراء الآباء مساكن لأبنائهم الطلبة ليقيموا فيها أثناء فترة دراستهم الجامعية، موجودة في السابق، ولو على نطاق ضيق في بريطانيا، فإن الظاهرة أخذت بعدا إعلاميا في السنوات الأخيرة، وأصبحت محل حديث وسائل الإعلام المختلفة، خاصة عندما قام رئيس الحكومة البريطانية الأسبق توني بلير وزوجته المحامية آنذاك شيري بلير، بشراء شقتين في 2002 في مدينة بريستول الإنجليزية باستثمار مالي قدره 430 ألف جنيه إسترليني، منحا إحداهما لابنهما إيوان، الذي كان يدرس آنذاك في جامعة بريستول، ليقيم فيها أثناء دراسته.

ولم يكتف توني بلير وزوجته شيري بالاهتمام فقط بابنهما إيوان، حيث قامت شيري، التي أصبحت قاضية الآن، العام الماضي بشراء منزل من 3 غرف بقيمة 975 ألف جنيه إسترليني في غرب لندن منحته لابنتها كاثرين (22 سنة)، عندما كانت تدرس في جامعة كينغز كولج في لندن.