الورود في قطاع العقارات بتركيا ليست بلا أشواك

جانب من مدينة إسطنبول.. ويبدو خليج البسفور (رويترز)
TT

ازدادت المبيعات في قطاع العقارات بتركيا بعد التعديلات الأخيرة على القوانين العقارية والتي تسمح لعدد أكبر من الأجانب بشراء عقارات. وعلى الرغم من قول المحامين والوكلاء العقاريين بثقة إن التغيرات سوف تزيد من عوامل جذب الأجانب لتركيا، ربما تجعل الإجراءات الجديدة الخاصة بتأشيرة الدخول وحالة عدم اليقين بشأن تصريحات الإقامة من الصعب على المشترين زيارة منازلهم الجديدة.

وتسمح المراجعات، التي تم تمريرها في مايو (أيار) لكنها لم تخرج إلى حيز التنفيذ إلا في 18 أغسطس (آب)، بإضافة مواطني 130 دولة إلى القائمة السابقة الخاصة بالدول المسموح لمواطنيها بشراء مساكن أو أراض في تركيا والتي كانت تضم 52 دولة فقط. والجدير بالذكر أن الحكومة التركية لم تصدق بعد على القائمة النهائية. وحتى ذلك الحين على هؤلاء المواطنين، الذين تمت إضافتهم لاحقا إلى القائمة، الانتظار، على الرغم من أن هذا لم يمنع حدوث بعض الازدهار في المبيعات. وتيسر هذه التعديلات على الشركات التي لها فروع في تركيا شراء عقارات في هذه الدولة التي تقع شرق البحر الأبيض المتوسط. ويقول الوكلاء العقاريون إن التعديلات ستزيد من الإقبال على الوحدات الفاخرة في قطاع العقارات، الذي كان مستقرا خلال العام الحالي على الرغم من تراجع الطلب من المشترين التقليديين في أوروبا بسبب الأزمة الاقتصادية.

ويقول أرمان أوزفير، المدير العام لشركة «سوثبي إنترناشونال ريال ستيت» في إسطنبول، «هذا مهم جدا بالنسبة إلينا في القطاع وللاقتصاد ككل. عام 2009، أنفق الأجانب نحو 1.5 مليار دولار على شراء لوحدات العقارية في تركيا. ونتوقع أن يزيد هذا الإنفاق بمقدار أربعة أو خمسة أمثال خلال عام 2013. ويوضح آخر رقم من وزارة الاقتصاد التركي زيادة مبيعات قطاع العقارات بنسبة 7.6 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو (تموز) مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويعود الفضل في هذه الزيادة إلى السكان المحليين والأجانب الذين تم السماح لهم بالشراء والذين يقومون بشراء الوحدات حاليا لتوقعهم زيادة الأسعار مع زيادة الطلب. وحتى هذه اللحظة، لا يتاح الشراء إلا لمواطني الدول التي تسمح للأتراك بشراء عقارات بتلك الدول مثل بريطانيا وألمانيا وهولندا. وقال أونور غولساران، شريك في شركة محاماة في إسطنبول، «سيستطيع أفراد من دول كثيرة، أغلبهم من الدول العربية وآسيا الوسطى، الآن شراء وحدات عقارية في تركيا من دون الإشارة إلى المعاملة بالمثل التي كانت في السابق تطبق في المشتريات العقارية». في الماضي كان هؤلاء الأجانب لا يستطيعون شراء وحدات عقارية إلا بعد تأسيس شركة تركية مسجلة، يشترون من خلالها العقارات. ولم يكن هذا إجراء يحظى بقبول وشعبية.

وتوضح آخر إحصاءات من الدائرة العامة للأسماء وسجلات الأسماء امتلاك البحرينيين حتى نهاية أغسطس (آب) عام 2012 ثماني وحدات عقارية فقط وامتلاك السعوديين لـ53 وحدة فقط في تركيا. على الجانب الآخر، توضح الأرقام امتلاك الألمان 38.691 ألف وحدة عقارية، مما يجعلهم الفئة الأكبر في امتلاك العقارات، في حين بلغ عدد ملاك العقارات التركية من الأميركيين 1.182. مع ذلك، يقول هاكان ينير، منسق المناطق التركية في معهد الأراضي الحضرية، «من المحتمل أن تصل المبالغ التي ينفقها مواطنو الدول العربية على العقارات في تركيا إلى ملياري دولار. ومن المرجح أن يزداد طلبهم على المشاريع الفاخرة والمنازل المطلة على مضيق البوسفور».

وأضاف إيزيك غوكايا، رئيس الاتحاد التركي لشركات الاستثمار العقاري: «من المتوقع حدوث زيادة في المشاريع خاصة التي تستهدف العرب على المدى الطويل». ويمكن أن يتيح السماح للعرب بشراء العقارات في تركيا للبائعين الأتراك الاستفادة مما تشهده المنطقة من اضطرابات. ويقول أورهان يافوز مافيوغلو، الشريك المسؤول عن الإدارة وخبير العقارات في شركة المحاماة بإسطنبول، «قد يزداد عدد الأفراد المقبلين من الشرق الأوسط، فالمنطقة تموج بالاضطرابات ويحاول الجميع الهروب منها». ويقول أوزفير، «لقد عقدنا ثلاث صفقات خلال الأسبوع الماضي فقط؛ وكانت كلها من دول في الشرق الأوسط. ونظرا لقرب تركيا من تلك المنطقة جغرافيا وثقافيا، من السهل عليهم القدوم إلينا». للروس أيضا مطلق الحرية في شراء العقارات، وهو ما يعد تغيرا من المتوقع أن يسهم في زيادة مبيعات المنازل خاصة في المناطق التي ينتشر فيها السياح الروس مثل أنطاليا والساحل الجنوبي التركي.

وعندما يتعلق الأمر بالأراضي، يستطيع الأجانب من الدول التي تم إدراجهم ضمن القائمة سالفة الذكر، الآن شراء أراض تصل مساحتها إلى 300 ألف متر مربع بما يعادل نحو 75 فدانا، بعد أن كان الحد الأقصى لمساحة الأراضي المسموح لهم بشرائها في الماضي 25 ألف متر مربع شريطة أن يقدم المشتري دليلا على عزمه البناء عليها في غضون عامين. في السابق كان يحتاج الأجنبي أيضا إلى تصريح من الجيش، الذي يقدم بحسب الحالة، من أجل شراء قطعة أرض. وما زالت القائمة النهائية للدول المسموح لمواطنيها بشراء أراض أو عقارات في تركيا، والتي تنتظر موافقة الحكومة، تتضمن بعض القيود التي كانت مفروضة في السابق في حالة المواطنين اليونانيين، نظرا للعلاقة التاريخية المتوترة منذ زمن طويل بين اليونان وتركيا. كذلك لا يحق لسكان دولة أرمينيا، التي لم تعترف بها تركيا، شراء أي عقار أو أرض في تركيا.

ويتمثل التعديل الثاني الكبير في هذا القانون في السماح للشركات الأجنبية التي لديها فروع في تركيا والتي تقل فيها حصة الشريك الأجنبي عن 50 في المائة بشراء العقارات والأراضي من دون قيد أو شرط. وكانت حصة الشريك الأجنبي اللازمة للسماح للشركة بشراء أرض أو عقار في الماضي 10 في المائة أو أقل.

مع ذلك على الرغم من تفاؤل بعض السماسرة ومراقبي الصناعة، يشير البعض الآخر إلى عيب كبير معرقل متمثل في القوانين الجديدة الخاصة بالتأشيرة. يقول غولساران الذي يعمل في شركة المحاماة المتخصصة في قضايا الهجرة أيضا، «في السابق كان الزائر الأوروبي أو الأميركي يستطيع الحصول على تأشيرة سياحة مدتها 90 يوما، ويغادر لمدة يوم، ثم يعود بموجب تأشيرة أخرى مدتها 90 يوما. يمكنك شراء وحدة عقارية هنا ولا تحصل على الإقامة وهذا أمر لا بأس به، لكن بعد تعديل قوانين التأشيرة بداية العام الحالي، لا يمكنك الإقامة هنا إلا لمدة 90 يوما كل 180 يوما. وإذا لم تكن مواطن دولة أوروبية، تكون هذه المدة أقل». إضافة إلى ذلك، يقول مافيوغلو، «لا تزال الشرطة المحلية هي من بيدها منح تصريح الإقامة، ولا يضمن امتلاكك عقارا هنا حصولك على هذا التصريح».

يقول أوزفير، «تمثل هذه حلقة مفقودة. وينبغي أن يكون من السهل عليك الحصول على تصريح إقامة إذا كنت تمتلك منزلا، وعلى الحكومة التركية التوصل إلى حل لهذه المشكلة». انتهى منح تصريحات الإقامة المؤقتة، التي تم السماح بتقديمها بعد اضطرار كثير من الأجانب إلى مغادرة البلاد في فبراير (شباط) الماضي، ولم يحل محلها أي نظام آخر. ويوضح مافيوغلو قائلا، «على الحكومة اتخاذ خطوة. أعني ما السبب الذي يدفع أحدهم إلى شراء منزل هنا إذا كان لا يستطيع السكن فيه؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»