الأسعار الحالية للفيللات السكنية بدبي تماثل أسعارها في ربيع 2007

24 ألف وحدة سكنية تدخل السوق قبل نهاية العام تعيق تكرار سيناريو الطفرة

جانب من إنشاءات دبي
TT

يبدو أن قطاع العقارات الفاخرة في الإمارات في أحسن أحواله إذا ما قورنت بمثيلاته من الشرائح العقارية التي تعاني مشاكل كثيرة. ويقول مصدر عقاري لـ«الشرق الأوسط» إن إحدى الشركات الإماراتية المعروفة عرضت 150 فيللا للبيع في أحد المشاريع الجديدة وتمكنت من بيعها في يوم واحد، بينما يبدو أن الانتعاش هو العنوان الطاغي في هذه الفترة على القطاع العقاري ككل، وتقول شركة «كلاتونز» العقارية إنها تلمس مؤشرات قوية لعودة الثقة بسوق دبي العقاري، فمن المتوقع طرح 24 ألف وحدة سكنية في دبي بحلول نهاية العام الحالي 2012، مقابل نمو حجم التعاملات العقارية في دبي بمعدل 21% ليصل إلى 63 مليار درهم خلال النصف الأول من العام 2012، تقابله زيادة قيم مبيعات الشقق في دبي بنحو 4.9% منذ النصف الأول من عام 2012، في حين من المتوقع، بحسب خبراء، أن تبقى الأسعار مستقرة، بشكل نسبي، خلال الـ12 شهرا المقبلة، نظرا لأنه من المتوقع تسليم 24 ألف وحدة سكنية خلال النصف الثاني من عام 2012، وهو ما سيزيد من فائض المعروض في السوق بشكل كبير، وسيؤدي إلى حدوث ارتفاع كبير في الأسعار، مع عدم احتمالية تكرار سيناريو «فترة الازدهار».

وتؤكد وكالة «كلاتونز»، المتخصصة بقطاع العقارات، أن سوق الوحدات السكنية في دبي خلال الربع الثالث من عام 2012 شهدت حالة من الاستقرار الإيجابي، وتوضح الشركة أن الاتجاه العام في السوق يبدو إيجابيا مع استقرار الأسعار في أنحاء الإمارة بشكل عام، رغم ارتفاع الأسعار في بعض المناطق السكنية.

ويسلط أحدث تقرير للشركة الضوء على زيادة قيم الشقق السكنية في دبي بنحو 4.9% في المتوسط منذ بداية عام 2012، كما أن القيم الإيجارية للشقق قد زادت بنسبة 6.8%، وتتوقع «كلاتونز» استمرار هذا الاتجاه التصاعدي حتى نهاية العام. وإضافة إلى ذلك، فقد شهدت مبيعات الفيللات الفاخرة ارتفاعا، حيث ازداد سعر القدم المربع من 1.100 درهم إلى 1.300 درهم في سبتمبر (أيلول) 2012. في حين ارتفعت الفيللات المتوسطة من 550 درهما للقدم المربع إلى 650 درهما خلال نفس الفترة. كما شهدت الفيللات المتوسطة أيضا ارتفاعا في أسعار المبيعات من 900 درهم للقدم المربع في سبتمبر، بعد أن كان أقل من 750 درهما في يناير (كانون الثاني) خلال هذا العام. وترى «كلاتونز» أن أسعار الفيللات في الوقت الحالي مماثلة لأسعار الفيللات في ربيع 2007.

ووفقا لدائرة الأراضي والأملاك في دبي، فقد نما حجم التعاملات العقارية في دبي بنسبة 21% ليصل إلى 63 مليار درهم خلال النصف الأول من عام 2012، مقارنة بالربعين الثالث والرابع من العام الماضي 2011. وتؤكد «كلاتونز» أن التعليمات الخاصة بعمليات التقييم الداخلية للفيللات والشقق، زادت بنحو 23% منذ الربع الأخير من عام 2011، وأن 50% من هذه التصرفات تمثل رهونات عقارية بغية الاستحواذ على وحدات عقارية جديدة.

وكشف التقرير أيضا عن أن اقتراب الوحدات العقارية من محطات المترو ظهر كعامل جديد مؤثر، سواء في الإقبال على السكن في إحدى المناطق المجاورة للمترو أو في أسعار الوحدات السكنية ذاتها، حيث بدا هذا الاتجاه منذ العام الماضي، ويرجع ذلك نظرا لأن المترو يعد وسيلة نقل مستديمة، لذلك لعبت مسألة الاقتراب هذه دورا مؤثرا في تحديد أولوية الخيارات بالنسبة للأفراد الذين يتطلعون إلى الحصول على وحدات عقارية قريبة من المترو. من أجل ذلك، حافظت غالبية المناطق القريبة من محطات المترو على أسعارها نظرا لثبات مستوى الطلب فيها، مما زاد في القيم الإيجارية والأسعار في معظم الأوقات، خاصة أن شريحة كبيرة من المقيمين بدبي باتوا يستخدمون المترو للوصول إلى نقاط حيوية كثيرة في الإمارة، وعندما يريد أحدهم أن يرغبك في شقة ما فأول ما سيقوله لك إنها «قريبة من محطة المترو».

ولا بد من الإشارة إلى أن متانة السوق العقارية في دبي تعتبر انعكاسا لتحسن الأداء الاقتصادي في دولة الإمارات العربية المتحدة، فوفقا للتقرير العالمي الذي أعدته «ميريل لينش» (لدول مجلس التعاون الخليجي 2020)، فقد وصف النموذج المتنوع الذي تتبناه دبي بأنه المزيج الملائم الذي يسرع من عملية النمو. وأوضح التقرير مساهمة الاستثمارات في البنى التحتية عالية الجودة ونمو السكان القوي، في ترسيخ دعائم متينة للنمو الاقتصادي مستقبلا. ووصف التقرير دبي بأنها المركز الإقليمي للمال والمواصلات والخدمات اللوجيستية، مما جعلها تتمتع بمكانة لا تضاهى، ومكنها من الاستفادة من النمو الإقليمي.

ووفقا للأرقام المعلنة عن حكومة دبي، فإن المستثمرين الأجانب الذين أقبلوا على شراء العقارات في النصف الأول من عام 2012، بلغ حجم استحواذاتهم 28.3 مليار درهم، بارتفاع 36% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. كما ارتفعت طلبات الرخص التجارية إلى 9% خلال شهر يوليو (تموز) 2012، مقارنة بنفس الفترة في عام 2011. وبحسب دائرة التنمية الاقتصادية، فثمة دلائل قوية على تحسن ثقة رجال الأعمال بالإمارة.

وفي معرض «سيتي سكيب» الذي شكل منصة في سنوات الطفرة لإطلاق المشاريع العقارية الضخمة، عرض بعض المطورين هذه السنة مجسمات لمشاريع في مناطق صحراوية أو ساحلية، وذلك بهدف اختبار شهية المستثمرين في السوق. وعلى هامش المعرض الذي أنهى أعماله الأسبوع الماضي، قال محمد الخياط، المدير التجاري لمجموعة «ميدان» التي يملكها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «لقد سجلنا ارتفاعا للطلب منذ بداية 2012». وكشفت «ميدان» خلال المعرض عن مشاريع مقترحة جديدة. ومن هذه المشاريع، مشروع «حدائق الشيخ محمد بن راشد» الذي يمتد، بحسب المخطط، على مساحة تتجاوز 5 ملايين متر مربع، بينما من المفترض أن يضم المشروع أحياء «شبيهة بتلك الموجودة في الريف الإنجليزي والفرنسي، وفي الحدائق اليابانية في الشرق»، وذلك بحسب بيان للشركة.

كما أطلقت المجموعة مشروعا آخر هو «برج ميدان»، الذي قدم على أنه «مجمع سكني عامودي» يضم مزيجا من المكاتب ومحلات التجزئة والشقق المخدمة، إضافة إلى فندق.

إلا أن المشروع لا يزال في طور الاقتراح. وتمكنت «ميدان»، التي بنت مضمار «ميدان» الضخم لسباق الخيل في دبي، من بيع 40% من مشروع يشمل 63 قطعة أرض مخصصة لبناء الفيللات الفاخرة خلال السنة الماضية.

وقال الخياط: «إن السوق بدأت ترتفع... هناك حركة كبيرة للسياح، خصوصا من السعودية»، مشيرا إلى أن الكثير من السياح يقررون مع الوقت اقتناء منزل ثانوي في دبي.

وقد تكون الحركة السياحية النشطة التي تشهدها دبي سببا دفع بالمطور العقاري «مراس»، التابع أيضا لحاكم دبي، إلى إطلاق مشروع تجاري كبير في منطقة «جي بي آر» الشهيرة بجنوب دبي. وكانت «مراس» وضعت في الإدراج مشاريع ضخمة كانت أطلقتها قبيل الأزمة المالية العالمية. وعندما ضربت الأزمة دبي في 2009، توقف العمل في مئات المشاريع، بينما قررت الهيئة الناظمة للقطاع العقاري «ريرا» إلغاء أكثر من مائتي مشروع، كما فرضت قواعد جديدة للسيطرة على عملية إدخال وحدات جديدة إلى السوق، وذلك في مسعى منها للحد من نسبة الوحدات الشاغرة. وتلقى القطاع العقاري في دبي ضربة موجعة في 2009، إذ خسرت العقارات أكثر من نصف قيمتها مقارنة بأسعار الذروة التي سجلت في منتصف 2008 بعد خمس سنوات من الفورة والنمو السريع الذي غذته المضاربات والاقتراض السهل. إلا أن المستثمرين عادوا لاستطلاع سوق دبي، مما دفع إلى ارتفاع الأسعار في عدة مناطق من الإمارة. كما أن توافد مواطنين من دول الربيع العربي، خصوصا من مصر وسوريا، قد يكون ساهم في ارتفاع الأسعار مجددا.

وقال مدير الأبحاث للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «جونز لانغ لاسال» للخدمات العقارية، كريغ بلامب، لـ«رويترز»: «نحن نرى أن هناك تعافيا. إلا أن التعافي انتقائي أو جزئي، وليس شاملا». وقال: «إن أسعار الوحدات السكنية ووحدات قطاعي التجزئة والفنادق، قد تخطت مستويات القاع وبدأت بالارتفاع، بينما الوحدات التجارية ما زالت في مرحلة جمود».

وقال إن التعافي «لا يشمل كل الأصول، بل المشاريع الأفضل في كل من هذه الفئات».

وذكرت «جونز لانغ لاسال» أن أسعار شراء الوحدات العقارية ارتفعت بنسبة 4% في الربع الثالث من العام، بينما ارتفعت الإيجارات بنسبة 5%.