2013.. هل عادت الطفرة العقارية إلى دبي؟

خبراء عقاريون: الإمارة لا تزال بالطموح نفسه لكنها أكثر نضجا

TT

أقل ما يمكن أن يوصف به عام 2013 عقاريا في دبي أنه عام عودة الطفرة ولو جزئيا إلى الإمارة التي يعتبر فيها هذا القطاع شريان الحياة والاقتصاد. وفي ضوء الإعلانات العقارية الرئيسية على مدار الأسابيع القليلة الماضية نجد عذرا لأي شخص في أن يعتقد أننا قد عدنا إلى عامي 2006 و2007 مرة أخرى، وهما العامان اللذان سبقا أزمة مالية طاحنة عصفت بدول العالم من دون استثناء، فهناك علامات واضحة تدل على أن اقتصاد دبي يتعافى على خلفية العناصر الثلاثة المتمثلة في التجارة والمواصلات والسياحة، مع إعلان مركز إحصائيات دبي عن أرقام جديدة تظهر نموا حقيقيا في إجمالي الناتج المحلي يبلغ 4.1 في المائة في النصف الثاني مقارنة بالنصف الأول من عام 2012، وهو ما يعتبر أعلى معدل نمو منذ أوائل عام 2008. والأمر المشجع للغاية أن هناك أيضا دلالات تشير إلى أنه تم التعلم من بعض الدروس المستمدة من الأزمة الأخيرة في مجال العقارات. والأمر الأكثر أهمية هو الحاجة لتبني منهج طويل الأجل ومتناسق، بدلا من إنشاء قدر هائل من العقارات بسرعة كبيرة.

آلان روبرتسون، الرئيس التنفيذي لشركة «جونز لانغ لاسال» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يقول «لا شك أننا نشهد عودة الثقة في سوق العقارات بدبي. لا تزال دبي بنفس الطموح الذي لطالما اشتهرت به، لكننا أيضا نشهد منهجا أكثر نضجا ومدروسا بدرجة أكبر، والذي بدوره سيحقق فوائد هائلة لموثوقية قطاع العقارات على المدى البعيد بين المستثمرين والأطراف المعنية المحلية والدولية على حد سواء»، مضيفا أن «مفتاح نجاح المشروعات الفردية والأداء المستقبلي للسوق ككل هو تبني استراتيجية واقعية لتحديد المراحل بما يتماشى مع متطلبات السوق».

وبحسب الشركة هناك عامل آخر ينبغي مراعاته وهو أنه ليس من المتوقع أن تنجح جميع المشاريع المعلن عنها في جذب التمويل. فالبنوك لا تزال حذرة بشأن إقراض مشاريع تطوير العقارات في وقت لا تزال فيه بحاجة إلى وضع شروط رئيسية ضد قروض العقارات غير الفاعلة منذ آخر ازدهار لها. ويوضح استطلاع آراء المستثمرين في السوق العقارية (REISS) لعام 2012 الذي أجرته «جونز لاسال» أن المستثمرين لا يزالون حذرين ويفضلون المشروعات المكتملة المدرة للدخل، فضلا عن عمليات التطوير أو الأراضي. وفي ضوء التردد المفهوم في الاعتماد بشكل مكثف على المبيعات «خارج نطاق الخطة» كما حدث في عام 2007 - 2008، فمن المحتمل أن يعمل مستوى التمويل المتاح كدعامة طبيعية، مما يحد من عدد وتوقيت المشاريع المستمرة بالنهوض والمعلن عنها.

ولا يأتي الحديث عن انتعاش ملحوظ في قطاع العقارات بدبي كلاما على ورق، فالأمر بات واضحا من المستخدم النهائي للوحدة (السكن) وصولا إلى المستثمر الذي يراقب السوق، مع توافد عشرات الآلاف من سكان دول الربيع العربي إلى دبي وشقيقاتها من الإمارات للإقامة مرحليا، عدا عن كم الأموال الهائل الذي ضخته استثمارات عربية وإقليمية في دبي اقتنعت بأنها الملاذ الأمن وسط محيط إقليمي متلاطم من الاضطرابات.

وقد كشف عدد من كبار المديرين التنفيذيين في القطاع العقاري أن سوق العقارات في دبي ستشهد خلال العام الحالي نموا أكثر ثباتا واستقرارا مع توافر المزيد من الفرص الاستثمارية المجزية للمستثمرين. وكانت تقارير مستقلة أشارت إلى ارتفاع أسعار العقارات في دبي خلال عام 2012 بنسبة تراوحت بين 7 و19 في المائة وفقا لجودة المشروع وموقعه.

ويقول زياد الشعار، المدير التنفيذي والعضو المنتدب لشركة «داماك العقارية»، إن المستقبل القريب سيحمل معه العديد من فرص النمو المستدامة للمستثمرين شريطة أن يستثمروا في المكان الصحيح، مضيفا «حقق عام 2012 توقعاتنا منذ بدايته، فقد شهدت الأسعار في سوق العقارات بدبي نموا دوريا مطردا خلال العام. وسيتمكن المشترون خلال عام 2013 من الاستفادة بشكل كبير من نمو رؤوس أموالهم شريطة امتلاكهم البصيرة التي تمكنهم من اختيار المشاريع المثلى للاستثمار في مختلف المجالات».

وتعتبر السوق العقارية في دبي واحدة من أكثر الأسواق تنظيما في العالم، مما يمنح المستثمرين شعورا بالطمأنينة والثقة بحماية حقوقهم، الأمر الذي يسهم إلى حد كبير في تحقيق نمو منتظم في سوق العقارات خلال عام 2013 حيث يتوجب على جميع العملاء الراغبين في الاستثمار في سوق دبي العقارية التزام العناية الواجبة قبل إبرام أي صفقة كانت، والتأكد من وجود أربع وثائق رئيسية متمثلة في الترخيص التجاري للمطور العقاري، والعقد المبرم مع المطور الرئيسي، وسندات الملكية، وبيانات حساب الضمان الخاصة بالمشروع المزمع الاستثمار ضمنه. ويعد توفير هذه الوثائق الأربع إلزاميا بموجب القانون، ومن المفترض بأي مطور عقاري أن يقدم هذه الوثائق للعملاء بشكل طبيعي.

وعلى سبيل المثال تنوي شركة «داماك العقارية» تطوير أكثر من 4 آلاف وحدة فندقية فاخرة متكاملة الخدمات بحلول نهاية عام 2013، الأمر الذي يعزى إلى افتقار سوق دبي العقارية حاليا إلى مثل هذا النوع من المشاريع، حيث لا يتجاوز عدد مشاريع الشقق الفندقية متكاملة الخدمات في دبي 200 مشروع، في حين يصل عدد فنادق الإمارة إلى نحو 600 فندق.

ووفقا لمركز دبي للإحصاء، فمن المتوقع أن تشهد دبي نموا في عدد الزوار بنسبة 10 في المائة، في حين كشف تقرير صادر عن شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش» أن دبي ستستقبل 15 مليون سائح بحلول عام 2020 مقارنة مع 8 ملايين سائح استضافتهم الإمارة خلال عام 2011.

وتواصل دبي نموها بوتيرة غير مسبوقة؛ ورغم مرور 41 عاما على انطلاق مسيرتها، فإن سوق تطوير العقارات السكنية فيها لم تتجاوز العشر سنوات، وبالتالي فهي لا تزال تفتقر إلى النضج الكافي بما يشير إلى استمرار تقلب الأسعار على المدى القصير، ويحتم على المشترين النظر إلى المدى المتوسط والطويل عند اتخاذ أي قرار بالشراء في دبي بحسب «داماك».

ويعني ذلك بطبيعة الحال أن المواقع التي كانت تعتبر بعيدة وتفتقر إلى البنية التحتية المناسبة قبل 12 شهرا فقط ستحتل صدارة القطاع العقاري لتصبح من المكونات الأساسية في دبي «الجديدة» خلال الأعوام القليلة المقبلة، الأمر الذي يشكل فرصة حقيقية أمام المستثمرين لدخول السوق خلال فترة انخفاض الأسعار والاستفادة من النمو الكبير لرأس المال على المدى المتوسط عند استكمال البنى التحتية وبدء ازدهار تلك المناطق.

ومن المتوقع أن يشهد عام 2013 نموا كبيرا في قيمة العديد من المناطق العقارية بدبي مثل المنطقة العالمية للإنتاج الإعلامي، وقرية جميرا، ومنطقة شارعي الإمارات والخيل. فقد أقرت الحكومة الإماراتية مؤخرا ميزانية اتحادية خالية من العجز بقيمة 44.6 مليار درهم إماراتي مع تخصيص 12 في المائة منها للإنفاق على خدمات المياه والكهرباء والتركيز بصفة رئيسية على قطاعي الصحة والتعليم. ويعد ذلك مؤشرا واضحا على أن البنى التحتية المطلوبة لنمو هذه المناطق ستكون محط اهتمام والتزام كبيرين خلال المرحلة القادمة.

ويرى الشعار أن «السنوات الأربع الماضية كانت الفترة الأمثل للاستثمار في سوق العقارات بدبي، لا سيما مع إصدار قوانين جديدة، وتنظيم السوق العقارية في أعقاب حركة التصحيح التي شهدتها، وارتفاع أداء قطاعي الأعمال والسياحة، الأمر الذي من شأنه المحافظة على مكانة دبي كواحدة من الأسواق العقارية الأكثر ربحية في العالم خلال عام 2013».