السلطات المغربية تعتزم الحد من «هرولة» المغاربة نحو العقارات الإسبانية

قررت عدم السماح لهم بشراء عقارات في إسبانيا إلا في حالات استثنائية

TT

خرجت السلطات المغربية عن صمتها إزاء الحوافز التي توفرها إسبانيا للمستثمرين الأجانب في مجال العقار وهرولة المغاربة نحو إسبانيا لشراء عقارات، وهي عملية باتت تهدد بتقلص الطلب على العقارات في الأسواق المغربية لصالح الجارة الإسبانية.

وقال «مكتب الصرف المغربي» وهو هيئة حكومية مكلفة بمراقبة عمليات النقد الأجنبي، إن المغرب لن يسمح لمواطنيه بشراء عقارات في الخارج إلا في حالات استثنائية، وإنه لن يعترف ببطاقات الإقامة التي قررت السلطات الإسبانية منحها للأجانب الذين يشترون عقارات على أراضيها. وأوضح بيان أصدره «مكتب الصرف» أنه يرد بذلك على تقارير إخبارية أفادت بإقبال المغاربة على الاستثمارات العقارية في إسبانيا بسبب جاذبية أسعارها المنخفضة نتيجة الأزمة وأيضا بسبب تشجيعات تمنحها السلطات الإسبانية للمستثمرين الأجانب وخاصة تعهدها بمنح بطاقة إقامة لكل أجنبي يستثمر في العقار على أراضيها.

وأبانت إحصائيات نشرها أخيرا «مكتب الصرف» نفسه، أن توجه المغاربة نحو الاستثمار في العقارات بالخارج عرف توسعا قويا بشكل يدعو للقلق مند بداية العام الحالي. وأفادت هذه الإحصائيات أن حجم الصفقات العقارية التي أنجزها المغاربة المقيمون في المغرب خارج البلاد بلغت 51.7 مليون درهم (6 ملايين دولار) خلال النصف الأول من السنة الماضية، مقابل 1.2 مليون درهم (141 ألف دولار) خلال نفس الفترة من العام السابق، أي أنها تضاعفت أكثر من أربعين مرة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الإحصائيات لا تعكس سوى الصفقات التي تم التصريح بها بشكل قانوني لدى السلطات المغربية والتي حصلت على ترخيص مسبق من طرف «مكتب الصرف» ولا تتضمن الصفقات التي جرت بشكل غير قانوني. كما أنها لا تهم سوى الاستثمارات العقارية الخارجية للمغاربة المقيمين في المغرب وليس المغاربة المهاجرين. وبالموازاة مع هذا التوسع القوي للاستثمارات العقارية المغربية في الخارج، عرفت استثمارات الأجانب في العقارات بالمغرب تراجعا بنسبة 17.7% خلال نفس الفترة، وبلغت 3.7 مليار درهم (435 مليون دولار) ومثلت نسبة 25% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية التي استقطبها المغرب خلال هذه الفترة.

وحذر بيان «مكتب الصرف» المغاربة من الوقوع في إغراء العرض الإسباني، خاصة أن أسعار العقار في إسبانيا أصبحت منخفضة جدا، مقارنة مع السوق المغربية بسبب الأزمة. وأشار البيان إلى أن «أي عملية شراء لعقارات في الخارج من طرف مغاربة، يقيمون في المغرب، يجب أن تخضع لترخيص مسبق من مكتب الصرف»، وأضاف أن مثل هذه التراخيص «لا تمنح إلا في حالات استثنائية».

وأوضح البيان أن أي صفقة لشراء عقار في الخارج تتم دون ترخيص من «مكتب الصرف» تعتبر مخالفة للقوانين المغربية، ويعتبر تمويلها خارج القانون. وشدد «مكتب الصرف» في بيانه على أن بطاقات الإقامة التي تمنحها السلطات الإسبانية للأجانب الذين يستثمرون في العقارات لا تخول لصاحبها صفة «المهاجر» من وجهة نظر السلطات المغربية، وبالتالي فإن تلك البطاقات لا تمكن حامليها من الاستفادة من امتيازات النقد الأجنبي المخصصة للمغاربة المهاجرين.

وكانت السلطات المغربية اتخذت إجراءات لتسهيل التعامل بالعملات الأجنبية، في عام 2007 خاصة بالنسبة للشركات، بغرض التجاوب مع توسع الشركات المغربية في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة. غير أن التدهور المستمر لاحتياطيات البلاد من العملات الصعبة، والتي انخفضت في السنتين الأخيرتين من نحو تسعة أشهر لتمويل الواردات إلى أقل من أربعة أشهر، دفع «مكتب الصرف» باعتباره السلطة المختصة في مراقبة سوق العملات وتطبيق القانون، إلى انتهاج سياسة متشددة في مجال التعامل بالنقد الأجنبي، وفي السنة الماضية اتخذ المكتب عدة قرارات لمكافحة تهريب الأموال، وشدد في هذا السياق من إجراءات مراقبة تحويل العملات للعملاء الأجانب خاصة في مجالات النقل واللوجستيك والخدمات المرتبطة بالتجارة الخارجية، حيث تم اتخاذ إجراءات من أجل تنظيم وضبط القطاع والحد من فرص استغلال فواتير الخدمات الوهمية لتحويل الأموال بطرق غير قانونية إلى الخارج.