ارتفاع «صاروخي» في أسعار العقار في 6 مدن مغربية

ابن كيران «بشر» المغاربة باستحالة الحصول على سكن في المدن.. وتحدث عن «معركة» استعملت فيها «الأسلحة كافة»

أحد المساكن الفاخرة في فاس التي ارتفعت فيها أسعار العقارات كثيرا (تصوير: أحمد العلوي المراني)
TT

أبدى عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية تشاؤما كبيرا من حصول المغاربة على مساكن في المدن المغربية، محذرا من أن المضاربات وعوامل أخرى جعلت من «سابع المستحيلات الحصول على عقار في الظروف الحالية». وفاجأ حديث ابن كيران جميع الأوساط المالية والعقارية في المغرب. وقال ابن كيران خلال اللقاء الشهري في البرلمان، الذي كان حول موضوع «السياسة العقارية للدولة بين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإكراهات الواقع» إن هناك إجماعا على وجود مشكلات مزمنة يعاني منها قطاع العقار في المغرب، مشيرا إلى أن أزمة العقار في البلاد تخفي وراءها قضايا متعددة ومتشابكة.

يشار إلى أن خطة تبنتها الحكومات المتعاقبة من أجل توفير ما يعرف باسم «السكن الاقتصادي» لم تؤد إلى حل مشكلة السكن في المغرب للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وقالت بعض المصادر إن مقاولين استفادوا من الإعفاءات الضريبة، دون أن يقدموا حلا للمشكلة، كما أن المضاربات العقارية في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة وفاس وأغادير، أدت إلى ارتفاع صاروخي في أسعار الأراضي. وسجلت العقارات خاصة في فاس مع بداية هذه السنة ارتفاعا ملحوظا، ولم يتسن الحصول على تفسير لهذه الظاهرة.

وأبلغ ابن كيران البرلمانيين بأن قطاع العقار كان أداة للنزاع على المشروعية والصلاحية بين المؤسسات المغربية، مشيرا إلى أن هذه «المعركة» استعملت فيها «الأسلحة كافة» وأن العقار كان هو القوة الضاربة وجزءا من هذه المواجهة. وعبر ابن كيران عن اعتقاده بأنه نشأت بسبب مشكلات العقار والتعقيدات الذي يعرفها هذا المجال «مصالح وعادات وأطماعا، وأشخاصا حصلوا على العقار بطرق مشروعة وغير مشروعة، وأصبح وسيلة لإفساد المبادرة والاستثمار».

وعبر رئيس الحكومة المغربية عن استغرابه من أن البعض أصبحوا أثرياء بتوقيع واحد جمعوا على أثره المئات من الهكتارات، مؤكدا أنهم استعملوا سياسة «كيف تصبح ثريا في سبعة أيام من دون معلم»، مضيفا أنه يتوفر على حالات قال عنها إنها تأخذ من عقارات الدولة ما تريد، و«بعدها تذهب للتنزه في الخارج وكأن شيئا لم يحدث»، على حد تعبير ابن كيران.

وأشار إلى أن حل مشكل العقار في المغرب سيؤدي حتما إلى حل لمجموعة من العقد الأساسية المتمثلة في السكن والاستثمار في المجال الزراعي والصناعي والسياحي والتجاري.

ودعا عبد الإله ابن كيران إلى «ضرورة عقد (مناظرة وطنية) يتناقش فيها بصراحة ووضوح شديدين ملامح إصلاح مجال العقار»، مشددا على أن هذه المناظرة «من المفروض أن تصل إلى نتائج إيجابية بعد التوافق إلى أقصى درجة ممكنة من درجات التوافق». ووعد رئيس الحكومة بإيجاد تلك الحلول التي ستسعى لمعالجة أزمة العقار بطريقة تدريجية.

إلى ذلك، تشكك حميد الصيباري، وهو مهندس معماري، في مدى صحة كلام رئيس الحكومة. وقال الصيباري لـ«الشرق الأوسط» هناك غرابة بشأن حديث رئيس الحكومة في الوقت الذي يواكب فيه المنعشون العقاريون برامج الإنعاش العقاري للسكن. ويعتقد الصيباري أن «كلام رئيس الحكومة يمكن أن يصبح حقيقة في حالة ما إذا امتنعت البنوك عن تقديم قروض للناس، عندها سيعود المغاربة للحل الذي كانوا يلجأون إليه من قبل وهو الإيجار». ويرى الصيباري أنه «ما دام هناك نمو ديموغرافي في المغرب، فإن رغبة الناس ستزداد من أجل اقتناء بيوت للاستقرار»، وقال: «يمكن للناس حاليا اقتناء منزل ابتداء من 140 ألف مليون درهم (18 ألف دولار)».

من جانبه، دعا يوسف المير، وهو مهندس معماري، الحكومة المغربية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل عاجل للتوصل إلى حل لأزمة العقار، وذلك بتشجيع المشاريع الصغرى وتخفيض الضرائب ونسبة أرباح البنوك، كما دعا الحكومة لمحاربة «اللوبيات الذين يحتكرون مجال العقار في البلاد».

وبالتزامن مع تصريحات ابن كيران التي أثارت جدلا كبيرا وضجة في المغرب، ألقت مجموعة التفكير البريطانية «أكسفورد بيزنيس غروب» المتخصصة في مجال الدراسات والأبحاث الاقتصادية الدولية الضوء على النمو القوي الذي حققه قطاع العقار بالمغرب بفضل تزايد وتيرة الطلب. وبين تقرير مجموعة «أكسفورد بيزنيس غروب» أن قطاع العقار الذي ظل يستقطب لسنوات طويلة رؤوس أموال أجنية كبيرة سجل تحولا بنيويا خلال السنوات الأخيرة مشيرة إلى أن تطور الطلب المحلي ساهم في نهضة قطاع السكن الاجتماعي والسكن المتوسط وهو ما ساهم بالتالي في انتعاش كبير في الأنشطة المرتبطة بإنتاج مواد البناء، لا سيما منها الإسمنت فضلا عن ضخ حيوية جديدة في مجال قروض الاستهلاك.

وأضاف التقرير أن أغلب الجهود المبذولة حاليا في مجال البناء تستمد قوة دفعها من إرادة الحكومة المغربية الحالية في تقليص العجز في مجال السكن الذي بلغ 840 ألف وحدة في بداية العام الماضي، مشيرة إلى أن وزارة الإسكان تتطلع إلى تقليص هذا الرقم إلى النصف في أفق عام 2016 حيث قدمت خطة وبرامج تروم تشييد 150 ألف وحدة سكنية اجتماعية جديدة خلال الفترة ما بين 2012 و2020 من أجل الاستجابة للطلب الخاص بهذا المجال. ويشير التقرير في هذا السياق إلى الإجراءات والتدابير الضرائبية التي اعتمدها المغرب من أجل تشجيع بناء وحدات سكنية مقبولة، ومن بينها خاصة الإعفاء الضريبي بالنسبة للشركات والإعفاء من رسوم تسجيل الأراضي والضريبة على الإسمنت والضريبة على القيمة المضافة. وأشارت إلى أنه قد تم تجديد العمل بهذه التدابير التي كان يفترض أن تنتهي صلاحياتها مع نهاية السنة الماضية، وذلك في إطار موازنة العام الحالي، بهدف مواصلة دعم نمو قطاع العقار، مشددة على أن مجال السكن المتوسط يتوفر على آفاق واعدة للنمو في المغرب. ويشير التقرير إلى أن تطور الطبقة المتوسطة واتساعها في البلاد، ساهم في تقوية الطلب ودعم أسواق العقار لا سيما في مدن الرباط والدار البيضاء مضيفا أن استمرار النمو الاقتصادي ساعد على دعم الطلب في السوق المحلية بالنسبة لمجال العقار.