أثرياء جنوب شرق آسيا يسيطرون على العقارات الفاخرة في لندن

240% زيادة في مساكن لندن التي يزيد سعر القدم المربع فيها عن 1000 إسترليني

جانب من العقارات الفاخرة في لندن
TT

ارتفعت أسعار العقارات التي يزيد سعر القدم المربع فيها عن 1000 جنيه استرليني في وسط العاصمة البريطانية لندن بنسبة 240 بالمائة خلال العام الماضي، وتشير الوثائق إلى أن المشترين من جنوب شرق آسيا باتوا هم القوة المهيمنة على هذه السوق. ومنذ بضعة أشهر، أعلنت شركة «جونز لانغ لاسال» للاستشارات العقارية أن المشترين من الصين وهونغ كونغ وماليزيا وسنغافورة يشكلون 51 بالمائة من جميع مشتريات العقارات الجديدة في أحياء لندن، مقارنة بـ 47 بالمائة عام 2010، فيما استحوذ المشترون القادمون من هونغ كونغ على 17 بالمائة من هذه المشتريات. وعلاوة على ذلك، أعلنت وكالة العقارات البريطانية «سافيلس» أن المشترين القادمين من الصين ومنطقة المحيط الهادي الآسيوي قد شكلوا 5 بالمائة فقط من إجمالي عمليات الشراء في سوق إعادة بيع العقارات الفاخرة في لندن في العام الماضي (مقارنة بـ 2 بالمائة في العام 2011)، ولكنهم شكلوا 31 بالمائة من جميع عمليات الشراء في سوق العقارات الفاخرة المبنية حديثا.

وفي نفس الوقت، أظهر أحدث تقرير صادر عن مصرف «كريدي سويس» بشأن الثروة العالمية أن عدد المليارديرات الآسيويين قد ارتفع من 245 عام 2010 إلى 351 خلال العام الماضي 2012، كما أظهر التقرير أن عدد المليارديرات الأوروبيين قد وصل إلى 251، مقابل 332 في أميركا الشمالية.

وقال غاي ميكوك من شركة «برايم بيرشيز»: «من المسلم به أن العائدات المالية تحرك المشترين من جنوب شرق آسيا بصورة أكبر من رأس المال السوقي، ولذا تكون عقليتهم أكثر تركيزا على تحقيق المكاسب على المدى القصير، وهذا أحد الأسباب التي تجعلهم يستثمرون بكثافة في سوق العقارات الجديدة، فغالبا ما يقومون بشراء العقارات تحت الإنشاء بأسعار غير مرتفعة، وما إن يتم استكمال بناء هذه العقارات في غضون سنوات قليلة حتى يقوموا ببيعها بأسعار أعلى. ويرى الآسيويون أن لندن تعد مكانا مناسبا للاستثمار وضخ المكاسب المعقولة التي حققوها في الآونة الأخيرة، ولذا يقوم المطورون العقاريون بالترويج لخططهم العقارية في المدن الرئيسية في آسيا. ويتعامل الآسيويون مع العقارات بمنظور مختلف عن الغرب، فهم معتادون على العيش في المنازل، وتحديدا الشقق».

وقال تريفور أبراهمسون من شركة «غلينتري ستيت»: «هناك بالتأكيد مشترين أثرياء من جنوب شرق آسيا، ولاسيما من سنغافورة وهونغ كونغ وماليزيا. في الحقيقة، رأينا قلة من الطبقة الحاكمة في ماليزيا يقومون بشراء عقارات في لندن، ولاسيما مقر القاعدة العسكرية السابقة في «سانت جونز وود» مقابل 250 مليون جنيه استرليني. ولكي نكون صريحين ، يمكننا القول بأن معظم المشترين من هذه المنطقة ليسوا بهذا الثراء، وتتراوح ميزانيتهم بين 500,000 جنيه استرليني و750,000 جنيه استرليني» وأضاف أبراهمسون: «يميل هؤلاء المشترين إلى الحصول على تعليم جيد والعيش في جو من الحميمية والدفء في لندن والمملكة المتحدة، ربما على أساس الماضي الاستعماري لانجلترا ونفوذها في هذه المنطقة من حيث قضائها وثقافاتها وعاداتها. بالنسبة لهم فإن امتلاك جزء من العقارات البريطانية يشبه امتلاك جزء من التراث الانجليزي الذي يعتزون به ويحترمونه».

واختتم أبراهمسون حديثه قائلا: «هناك العديد من الأسباب التي تشجعهم على الشراء في سوق العقارات السكنية في لندن، مثل قوة عملتهم في مقابل الجنيه الإسترليني، حتى الآن، علاوة على أنهم يعتزمون شراء العقارات بهدف تأجيرها أو بيعها لتحقيق أرباح. وإذا ما كان هذا العقار شاغرا، فإن المشترين يستخدمونه كسكن لأولادهم اللذين عادة ما يدرسون في الجامعات الإنجليزية، كما يمكن استخدامه كمسكن بديل مؤقت لتوفير نفقات الإقامة في الفنادق».

من جانبها قالت كاميلا ديل من شركة «بلاك بريك»: «يعد المشترون الآسيويون عنصرا هاما للغاية في سوق العقارات الفاخرة، وسوق العقارات بصفة عامة في لندن. وقد أصبحت العقارات في لندن مصدر جذب كبير للغاية للمشترين الآسيويين، الذين يفضلون شراء العقارات في المملكة المتحدة لأن أبنائهم يدرسون في الجامعات البريطانية. نحن دائما ما نهتم بالعملاء الذين يقومون بشراء شقة لأولادهم الذين يدرسون في المملكة المتحدة أكثر من الذين يشترونها بهدف تأجيرها فيما بعد. في وسط لندن، تعد جامعة امبريال كوليدج في جنوب كنسينغتون من أكثر الجامعات جذبا للأجانب، ولاسيما الطلاب الأثرياء، ولذا سوف ننظر في الغالب إلى هذه المنطقة لعملائنا الذين يبحثون عن الاستثمار، في ظل الطلب الهائل من جانب الطلبة لتأجير عقارات هنا لكي يكونوا قريبين من الجامعة. على سبيل المثال، قمنا خلال السنوات الماضية بشراء مبنى في «الفاستون بليس» بالنيابة عن عملائنا مقابل 7 مليون جنيه استرليني، وتم تقسيم المبنى إلى 20 شقة صغيرة (استوديو) وشقة تحتوي على غرفة نوم واحدة، وكان 90 بالمائة من المستأجرين من طلبة جامعة امبريال كوليدج. ولم يكد المبنى يخلو من المستأجرين وحقق عائدا إيجاريا يصل إلى 5.5 بالمائة من قيمة المبنى، وهو أعلى من المتوسط بالنسبة لعائدات الإيجار في وسط لندن والتي غالبا ما تتراوح بين 4 و 4.5 بالمائة. ويعد المشترون الآسيويون من أهم مشتري العقارات في لندن، ولاسيما العقارات تحت الإنشاء، ولكنهم قد يواجهوا العديد من المشكلات الكبرى، حيث يعتقدون أحيانا أن هذه المباني التي ما زالت قيد الإنشاء ستكون مباني فاخرة، ولكنهم يكتشفون عكس ذلك بمجرد الانتهاء من البناء. وعلى هذا الأساس، فغالبا ما يقوم المطورون العقاريون بالتسويق لهذه العقارات في آسيا لمشترين لا تنتابهم أية شكوك فيما يتعلق بالتشطيبات النهائية للمبنى.

من المعروف أن الآسيويون معتادون على شراء العقارات قيد الإنشاء، ولكن يعد هذا الأمر مخاطرة كبيرة في المجتمعات والمدن الغريبة، وخير مثال على ذلك أنه يتم الترويج للعقارات في شارع «375 كينزينغتون هاي ستريت» على أنها منطقة راقية، ولكن هذا عار تماما من الصحة لأن المكان الذي يتم الترويج له يقع في نهاية الشارع بالقرب من محكمة الإيرل. ويروج بعض المطورين العقاريين لبعض العقارات على أنها تقع في وسط لندن، ولكن الحقيقة تكون غير ذلك تماما».

ويقول أدم ستاكهاوس، وهو مدير قسم التطورات والاستثمارات والمنازل الجديدة بشركة «مارش آند بارسونز»بصفة عامة، يستفيد التجار من جنوب شرق آسيا من الثروات الجديدة التي حصلوا عليها ورغبتهم الجامحة في شراء عقارات في لندن ليكونوا هم الخيار الأول للعقارات قيد الإنشاء التي يتم بيعها في لندن. اللافت للنظر، أن هذا يجعل أفضل العقارات في العاصمة البريطانية متاحة للمشترين من الخارج أولا ويُمكنهم من شراء أفضل العقارات التي سيتم بناؤها في أنحاء العاصمة خلال العامين أو الثلاثة المقبلة، حتى قبل أن يتم دعوة البريطانيين أنفسهم لمشاهدة مواقع تلك العقارات».