عقارات أميركا الفاخرة تعود للحياة بعد 5 سنوات من الكساد

ميامي ومانهاتن تقودان الانتعاش

TT

بعد 5 سنوات من الكساد، بدأت أسواق العقارات الفاخرة في الولايات المتحدة تشق طريقها نحو التعافي، على الرغم من تباطؤ الاقتصاد وشروط الائتمان الصارمة. وقد دعم الطلب الأجنبي وتقلص مستويات المخزون الأسعار، لكن لا تزال هناك تحديات مستقبلية. ولاحظت وكالة العقارات العالمية «نايت فرانك» أن ميامي ومانهاتن تقودان التحسن في العقارات الفاخرة.

تقول خبيرة العقارات في وكالة «نايت فرانك» كيت إيفرت في تقرير أصدرته الوكالة أخيرا عن العقارات الأميركية: «كان عام 2012 نقطة تحول بالنسبة لسوق العقارات الأميركية، عندما تمكنت من تجاوز أزمة الرهن العقاري». وأضاف: «عقب كثير من البدايات الفاشلة، باتت الإحصاءات مقنعة الآن، فمعدلات المنازل الشاغرة والمطروحة للبيع هي الأدنى منذ عام 2005، في الوقت الذي شهد فيه قطاع الإسكان، حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ارتفاعا بلغ 41.9 في المائة».

وانعكست هذه المؤشرات الإيجابية على أداء السوق، فكشفت الأسعار السائدة عن أقوى مكاسب لها خلال 6 سنوات في الربع الثاني من عام 2012، حيث بلغت 1.2 في المائة بشكل سنوي، وشهدت أسعار المنازل الفاخرة في مدن مثل ميامي أسعار نموا سنويا كبيرا بلغ 18 في المائة.

وكان انخفاض معدلات الفائدة (0.25 في المائة) وتقلص أعداد استعادة الملكية خلف الطفرة في السوق بشكل عام، ففي مجال العقارات الفاخرة، كان الطلب الأجنبي، المدفوع بالبحث عن المواقع المتميزة للمنازل الفاخرة والملاذ الآمن للأفراد من أصحاب الدخول المرتفعة، ومعدلات الصرف المشجعة بالنسبة للبعض، واضحا. ولكن على الرغم من المؤشرات الإيجابية، لا تزال سوق الإسكان هشة في أميركا وتواجه بعض التحديات الضخمة. فلا يزال الزخم المستقبلي معلقا على تعامل الحكومة مع الهاوية المالية ونتيجة قانون «دود فرانك» الخاص بالإصلاحات المالية.

وقد سجلت المنازل الفاخرة في مانهاتن وهامبتونز وميامي ولوس أنجليس نموا قياسيا في الأسعار بلغ 6.5 و35.1 و5.5 و3.5 في المائة على التوالي خلال العامين الأخيرين. وبرز النمو الكبير في ميامي بشكل أوضح في ظهورها كمحور استثماري لأبناء أميركا اللاتينية الساعين إلى دخول سوق شفافة ومتطورة وممكنة. ولم يتزايد الطلب الخارجي على المنازل الفاخرة في الولايات المتحدة في الحجم فقط، بل في تنوع أصول المشترين، ففي عام 2009 سعت 109 جنسيات للبحث عن منازل فاخرة في الولايات المتحدة. وفي 2012 ارتفع العدد إلى 164 جنسية كان أقواها حضورا أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا.

وكان من بين أهم أسباب تدفق المشترين الأجانب على أميركا تقلب سعر الصرف. ويلاحظ أن أداء العقارات الفاخرة منذ انهيار بنك «ليمان برذارز» في أواخر عام 2008 تراجع قبل أن يعود إلى النمو خلال العامين الماضيين. وحسب إحصائيات وكالة «نايت فرانك» تراجعت أسعار العقارات الفاخرة بنسبة 2.6 في المائة خلال هذه الفترة، لكن مع وضع تحركات العملة في الاعتبار شهد السويسريون والصينيون تخفيضات بين 11.1 إلى 17.6 في المائة على التوالي بالأرقام الفعلية.

ومن المفارقة، أنه على الرغم من قدرة الطبيعة الممتدة لأزمة ديون منطقة اليورو على زعزعة الاستقرار الاقتصاد الأميركي والعالم بشكل أوسع، فإن حل الأزمة يمكن أن يخفف من وضع المنازل الأميركية الفاخرة كملاذ آمن. لكن، بالنظر إلى الجمود الراهن في أوروبا، وتقلص المعروض من المنازل الفاخرة في الولايات المتحدة والأداء السيئ للأسواق المالية، من المرجح أن يفوق الطلب العرض.

وقد يشهد الربع الأخير من عام 2012 ارتفاعا في المبيعات، يعكس التوجهات في عام 2010، كضريبة أرباح رأس المال، ويتوقع أن ترتفع من 15 إلى 20 في المائة في بداية عام 2013، وقد يسارع بائعو العقارات إلى إنهاء البيع.

1 - مانهاتن سجلت أسعار العقارات الفاخرة في مانهاتن التي يتراوح سعرها بين (3 و10 ملايين دولار)، انخفاضا بنسبة 23 في المائة عن مستويات الذروة التي وصلت إليها قبل الأزمة، غير أن أسواق العقارات الأعلى ثمنا التي تتراوح أسعارها بين (10 ملايين و50 مليون دولار) والعقارات المتميزة قد تعافت بشكل جيد، وتخطت الآن أعلى مستويات سجلتها قبل الأزمة. وحسب تقرير «نايت فرانك»، تجسد ازدهار سوق المنازل الفاخرة في مانهاتن من خلال المعروض من العقارات المتاحة. وبينما ظل الطلب قويا نسبيا، فقد أصبح العرض هو المتغير الحرج. وعلى الرغم من ذلك، فإنه على مستوى أفضل العقارات وأغلاها ثمنا في السوق، يوجد عدد من القوائم لعقارات معروضة للبيع تعتبر «نسخا مطابقة» من العقارات المتميزة، مع وجود مستويات عرض متضخمة على نحو مصطنع.

ويعتبر نشاط بيع العقارات في أقوى مستوياته حاليا في أرقى ضواحي مانهاتن الممثلة في أبر إيست سايد وأبر ويست سايد وسوهو وويست فيلدج وماديسون سكوير بارك.

ولا يتوقع أن يضعف إعصار ساندي أسعار العقارات، بالنظر إلى المستويات الحالية من العرض المحدود، غير أنه من المتوقع أن يؤدي إلى ارتفاع قيمة أقساط التأمين وتكاليف البناء.

2 – هامبتونز يرتفع حجم المبيعات في هامبتونز بشكل سنوي، لكن الأسعار تقل. انخفضت أسعار العقارات الفاخرة بقيمة 15.4 في المائة في عام 2012 حتى سبتمبر (أيلول)، ولكن كان السبب الرئيسي في ذلك هو التحول إلى عمليات بيع العقارات الفاخرة الأقل ثمنا. تقدر صفقات بيع المنازل التي يقل سعرها عن 5 ملايين دولار أميركي في الوقت الراهن بنسبة 63.4 في المائة من إجمالي صفقات البيع. علاوة على ذلك، تعتبر طبيعة المنزل الثاني في هامبتونز مسؤولة جزئيا عن الهبوط الحالي في الأسعار؛ إذ قام المشترون بتقليص ميزانياتهم.

وينقسم المشترون في سوق العقارات الفاخرة (التي يزيد سعرها عن 3 ملايين دولار) بين المشترين الدوليين (الروسيين والبريطانيين والفرنسيين) وموظفي وول ستريت. ومع توقع أن تكون توزيعات أرباح نهاية العام في «وول ستريت» ضعيفة، نتوقع أن تظل أسعار العقارات الفاخرة راكدة بشكل كبير في عام 2013.

3 - ميامي تقول «نايت فرانك»: «هناك حالة تباين مذهلة في سوق ميامي، من خلال وجود سوقين مختلفين تماما: سوق العقارات التي تعاني من كساد من جهة، والمنازل الفاخرة من جهة أخرى. وتدفع عمليات الشراء الأجنبية، التي تشير تقديرات المحللين إلى أنها تشكل ثلث حجم المبيعات في ميامي، وأكثر من نصف حجم مبيعات العقارات التي تربو قيمتها على مليون دولار، معظم أنشطة البيع.

وسجلت سوق العقارات الفاخرة في ميامي نموا في الأسعار نسبته 18 في المائة في عام 2011 حتى سبتمبر (أيلول). وتجذب المدينة ذات الطابع «العالمي» المتزايد طلبا من عدد من الجنسيات، خصوصا البرازيليين والفنزويليين والأرجنتينيين، الحريصين على الاستثمار في سوق تتسم بالشفافية والتطور وتخلو من الاضطراب السياسي الذي يشهده البعض منهم في أسواقهم المحلية. ويتمثل السواد الأعظم منهم في مشترين يدفعون نقدا مستهدفين مناطق «ساوث بيتش» وغيرها من المواقع المطلة على واجهة مائية. كذلك، يعتبر سكان نيويورك نشطين في السوق.

4 - أسبن لقد ظلت أسعار العقارات الفاخرة في مناطق مثل «ريد ماونتن» و«ويست إند» ثابتة على نطاق واسع في عام 2012 حتى شهر سبتمبر (أيلول)، من خلال إمكانية دفع مبلغ يتراوح ما بين 1200 إلى 1600 دولار للقدم المربع مقابل الحصول على عقار فاخر.

وفي عام 2011، تضاءل التحسن في المبيعات باتجاه نهاية العام، لكن عام 2012 أثبت كونه أكثر توافقا مع عدد عمليات البيع بنسبة 15 في المائة سنويا. ومع ذلك، فإن المزيد من الأسواق الثانوية مثل سنوماس لم تشهد المستوى نفسه من ثقة المستهلك والنشاط مثل أسبن. وفي حالة استمرار الاتجاهات الأخيرة في العام الحالي، تتوقع وكالة نايت فرانك أن يسهم مشترون دوليون من البرازيل وأستراليا في الحفاظ على التقدم في سوق أسبن. وسوف تظل منازل ويست إند والعقارات المميزة الكائنة في مواقع جيدة، التي يزيد سعرها عن 10 ملايين دولار، هي الأقوى أداء في سوق العقارات.

5 - لوس أنجليس ارتفعت أسعار العقارات الفاخرة في لوس أنجليس بنسبة 1 في المائة خلال عام 2012 حتى سبتمبر (أيلول)، غير أن أكثر المناطق جاذبية، مثل بيفرلي هيلز وبرينتوود وبيل إير تشهد تسارعا في الطلب وزيادة في الأسعار.

يشهد الطلب أعلى مستوى له في غرب المدينة، وهنا، تحسن حجم المبيعات وعادت إلى مستوياتها ما قبل الأزمة المالية. زاد حجم مبيعات المنازل التي يبلغ سعرها مليوني دولار فما فوق بنسبة 11 في المائة خلال عام 2012 حتى مارس (آذار) في بيفرلي هيلز.

ويمثل المشترون، الذين غابوا بشكل ملحوظ منذ عام 2007، الآن نسبة 20 في المائة من المشترين في سوق العقارات الفاخرة في لوس أنجليس. فضلا عن ذلك، فقد زاد الاهتمام بالمنازل حديثة الإنشاء.