عقارات أوروبا تطرح فرصا ذهبية للاستثمار.. والتنافس بين العرب والروس والبريطانيين

خبراء عقار أوروبيون لـ «الشرق الأوسط»:

إحدى الفيللات الفارهة في أوروبا وفي الاطار جوناثان غراي خبير العقارات الفرنسية
TT

فيما اعترف خبراء عقار أوروبيون، استشارتهم «الشرق الأوسط» عن أحوال أسواقهم، بأن الأسعار ظلت متراجعة في الأسواق خلال الشهور الأخيرة، إلا أن بعضهم يعتقد أن المرحلة الحالية تمثل فرصة ذهبية للمشترين للحصول على عقارات متميزة بأسعار لم يكن ممكنا الحصول عليها من قبل. من أبرز الأمثلة فيلا في جزيرة ميكونوس اليونانية بها 4 غرف تطل على البحر مباشرة بثمن مليون يورو. وهي فرصة تصفها روي ديلديمون مديرة مكتب شركة «بيتشام» العقارية في الجزيرة بأنها غير معهودة نظرا لندرة مثل هذه العقارات البحرية التي لا يمكن بناء المزيد منها في مواقع مماثلة.

أما جوناثان غراي مدير مكتب عقارات «بيتشام» في مدينة كان الفرنسية فهو يرى بوادر انتعاش في أسواق العقار في منطقة الريفييرا وجنوب فرنسا هذا الشهر، ولاحظ أن منافسة الشراء في القطاع الفاخر في المنطقة يجري بين مشترين من روسيا والشرق الأوسط وبريطانيا. وتنافس هؤلاء على المناطق الأرستقراطية المشهورة عقاريا مثل كان، وسان تروبيه، وكاب دانتيب، وسان جون كاب فيرات، وموناكو. وفي الفترة الأخيرة شهد جوناثان اهتماما إضافيا بالبلدة العتيقة المسماة ثيول سور مير.

وتقول لين دافيز مديرة مكتب عقارات في مدينة فلورنسا الإيطالية، وهو مكتب يتخصص في عقارات مقاطعة توسكاني، إن أفضل وقت لشراء العقارات في المقاطعة الإيطالية هو الآن. وتؤكد لين أن مكتبها يتلقى كثيرا من الاستفسارات من مهتمين بالقطاع الفاخر في المنطقة. ويعود الاهتمام بمقاطعة توسكاني نظرا لثراء المنطقة ثقافيا وتنوع جغرافيتها من الربوع الخضراء والسواحل، ونوعية الحياة الراقية فيها وأنواع الطعام الإيطالي الذي تشتهر به المنطقة. وهي من أكثر مناطق إيطاليا في الإقبال السياحي.

ويزداد الإقبال في توسكاني على العقارات التي تم تجديدها أو تلك التي تقع في مواقع متميزة. ويزداد الطلب على مناطق ومدن معينة في المقاطعة مثل شيانتي وفلورنسا وسيينا بالإضافة إلى المناطق الساحلية. كما تتميز العقارات السياحية التي تقدم خدمات وتقنيات متقدمة لفئة معينة من الزبائن الأثرياء. وقد زادت قيمة هذه العقارات عن غيرها بنسب كبيرة في السنوات الخمس الأخيرة.

ويأتي زبائن توسكاني من كثير من الدول الناشئة في آسيا مثل الهند، بالإضافة إلى سنغافورة وهونغ كونغ والصين وأميركا اللاتينية. وفي المناطق التقليدية في توسكاني يستمر الطلب من مناطق مثل الشرق الأوسط وبريطانيا وأميركا وكندا وروسيا.

وتقول لين لـ«الشرق الأوسط» إن آخر صفقة أنجزتها كانت لعميل بريطاني اشتري منزلا ريفيا مساحته 680 مترا مربعا تحيطه أراض مساحتها 10 هكتارات، يحتاج إلى ترميم. وكان الثمن المدفوع في العقار هو مليوني يورو. ويتوجه مثل هؤلاء العملاء إلى القيام بأعمال الترميم والتجديد بأنفسهم ثم إعادة بيع العقار بثمن أعلى.

من ناحيته، يعترف جوناثان أن السوق الفرنسية تراجع قليلا في عام 2012 بسبب انتخابات الرئاسة الفرنسية والوضع الاقتصادي السائد دوليا، الذي أدى إلى فقدان الاهتمام مرحليا من الزبائن سواء كانوا بائعين أو مشترين. ومع ذلك عقدت الشركة بعض الصفقات وأدرك كثير من المشترين أن منطقة جنوب فرنسا تمثل أمانا استثماريا استثنائيا وأنها من المواقع القليلة التي لم تتأثر بالأزمة. وتظل موناكو نشيطة بصفة استثنائية نظرا لمزاياها المالية والأمان الذي توفره، الأمر الذي انعكس على مزيد من الصفقات العقارية فيها خلال العام الأخير.

وكانت آخر صفقة قد أنجزها مكتب الشركة في إمارة موناكو لبيع شقة «بنتهاوس» بمشاهد بحرية وتراس كبير الحجم مع حمام سباحة بمبلغ 25 مليون يورو.

وعن الوضع في اليونان تقول روا ديلديمون إن كثيرا من المشترين يبحثون عن فرص نادرة في سوق منخفضة الأسعار. وهي تعتقد أن جزيرة ميكونوس، حيث مكتبها، ما زالت أفضل حالا من سوق اليونان الرئيسية لأنها جزيرة مشهورة بوصفها مقصدا سياحيا. ولكن حتى في ميكونوس، تعترف روا، بأن الأسعار انخفضت بنحو 25 إلى 30 في المائة، وبأكثر من ذلك في بعض المناطق. وهي تصف السوق بأنها «جنة للمشترين» حيث أكملت مؤخرا صفقة بيع شقة فاخرة كان مالكها يطلب فيها 600 ألف يورو، وبيعت بمبلغ 380 ألف يورو.

وكانت شركة «بيتشام إيستيتس» الدولية للعقار قد أصدرت أحدث تقاريرها عن حالة السوق خلال الشهر الماضي. وذكر التقرير أن هناك أكثر من 71 ألف مستثمر أجنبي في عقارات في منطقة الريفييرا الفرنسية بين سان تروبيه وكاب مارتين (باستثناء موناكو). وتشمل هذه المنطقة مواقع ساخنة عقاريا مثل كان وكاب دانتيب وسان جون كاب فيرات. وأسهم الطلب الدولي والسمعة الجيدة في ارتفاع الطلب بوجه عام على هذه العقارات بنسبة 15 في المائة بين عامي 2003 و2009. ويسيطر على السوق حاليا مشترون من روسيا وبريطانيا وفرنسا والشرق الأوسط وإسكندنافيا.

ويحافظ الطلب من جميع أنحاء العالم على أسعار منطقة الريفييرا مستقرة وتميل إلى الارتفاع. ويصل معدل الأسعار إلى نحو 82 في المائة فوق المتوسط العام للأسعار في فرنسا (باستثناء باريس)، وهي تنمو حاليا بأكبر معدلات في فرنسا. وبين الربع الأول من عام 2000 والربع الأول من عام 2007 ارتفعت أسعار جنوب فرنسا بنسبة 144 في المائة، مقارنة بنسبة 111 في المائة في فرنسا بصفة إجمالية. وارتفعت أسعار الشقق بنسبة 155 في المائة مقابل نسبة 129 في المائة للمنازل.

وتعرض في السوق حاليا فيلا تطل على البحر على الجانب الغربي من كاب دانتيب بسعر 9.8 مليون يورو، بينما بيعت مؤخرا شقة مكونة من خمس غرف في كان بسعر 7.7 مليون يورو.

وما زالت السياحة تتوسع في اليونان على الرغم من المتاعب الاقتصادية وينمو معها أيضا قطاع العقارات السياحية. وبلغ عدد السياح الأجانب في اليونان في عام 2011 نحو 16.4 مليون سائح، بزيادة 9.5 في المائة عن عددهم في عام 2010. وتسهم جزيرة ميكونوس في النشاط السياحي الذي زاد فيها بنسبة 12 في المائة في العام الأخير. ويصلها يوميا 10 رحلات طيران من أنحاء أوروبا. وتقول إحصاءات السياحة في الجزيرة إن السياح من لبنان تضاعفوا في العام الأخير، مع زيادة قوية من روسيا. وتصل نسبة 83 في المائة من السياح إلى الجزيرة خلال فصل الصيف.

وتشتهر منطقة تورلوس في الجزيرة بجذب الاهتمام في قطاع العقارات السياحية المعدة للتأجير، حيث تتمتع المنطقة بمشاهد خلابة على المارينا ووسط المدينة. وفي المناخ الاقتصادي الحالي يتوجه الاهتمام العقاري إلى قمة السوق من مشترين أثرياء. ويقول تقرير بيتشام إن مستثمرين من منطقة الخليج يسيطرون على السوق في القطاع الذي يزيد عن مليوني يورو.

وتعرض في السوق حاليا «فيلا إميليا» وهي مكونة من سبع غرف وتسعة حمامات وحمامي سباحة، بمبلغ سبعة ملايين يورو. كما بيعت شقة فاخرة مكونة من خمس غرف وستة حمامات وحمام سباحة بالقرب من ميكونوس بمبلغ ثلاثة ملايين يورو.

وتعد توسكاني هي ثالث أكبر منطقة سياحية في إيطاليا ويزورها سنويا ستة ملايين سائح. ولذلك تعد أسعار عقاراتها الساحلية من أعلى المعدلات السائدة في إيطاليا باستثناء روما ومدن بورتوفينو وكابري. وتتألق فلورنسا، عاصمة الإقليم في معدلات عقاراتها وتتميز أيضا بسهولة الوصول إليها من خارج إيطاليا. وأدت الأزمة الاقتصادية والشعور بعدم الثقة إلى خفض نسب إكمال صفقات العقار الإيطالية بنحو الثلث بين عامي 2006 و2011، مع تراجع إضافي في عام 2012.