عقاريون: «القرض العقاري الإضافي» يخدم شريحة صغيرة ولا يحل مشكلة السكن في السعودية

وسط ارتفاع الأسعار وشح الأراضي المؤهلة للبناء

جانب من العاصمة السعودية الرياض
TT

كشف متعاملون عقاريون عن أن بند القرض الإضافي الذي اعتمده مؤخرا صندوق التنمية العقاري، لن يغير كثيرا من مشكلة تملك الإسكان في السعودية، خصوصا أن المشكلة تكمن في ارتفاع الأسعار بشكل عام وشح الأراضي المتوافرة والمؤهلة للبناء، في ظل ارتفاع التكاليف الإنشائية العامة ونقص الرقابة الحكومية على القطاع ككل. وقالوا من المفترض أن يتم اتخاذ خطوات من شأنها إبقاء الأسعار منخفضة ومتداولة للجميع، وليس زيادة التمويل دون مراقبة، مما يرجح توقعات زيادة الأسعار.

وقال عقاريون لـ«الشرق الأوسط» إن فتح باب القرض الإضافي فتح أبوابا أخرى لزيادة أسعار العقار، خصوصا أن ترك السوق معلقة على حالة العرض والطلب التي لم يعد القطاع يعمل بها - أمر لم يعد مقبولا. وجرت مطالبات بإصدار قرارات من شأنها خفض الأسعار، وتوفير خيارات تملك المساكن بأسعار معقولة، ومراقبة صارمة لقيمتها، إضافة إلى سن قوانين تصنف العقار وتضع حدا لأسعاره قبل إصدار أي قرار قيادي مثل قرار القرض الإضافي.

وقال ياسر المريشد، المستثمر العقاري، إن المشكلة الأساسية التي يعانيها القطاع العقاري في السعودية هي ارتفاع الأسعار، الذي جعل المستهلكين يعزفون عن الشراء، وليس عدم وجود سيولة، باعتبار القرض الإضافي مبلغا يجب استرداده وسداده، أي إنه مجرد مرهم مؤقت للحالة العامة، وليس علاجا فعالا، خصوصا أن الأسعار وصلت إلى مستويات مرتفعة، لا يستطيع كثير من المواطنين اللحاق بها، حتى ولو تحصلوا على القرض الإضافي، لأن مبلغ التسديد سيكون كبيرا على القدرات المالية للأغلبية.

وكان صندوق التنمية العقاري قد اعتمد الشهر الماضي برنامج «القرض الإضافي» الذي يهدف إلى تمكين المواطنين، الذين صدرت لهم الموافقة على إقراضهم، من الحصول على القرض المناسب لاستكمال بناء مساكنهم من خلال البنوك المحلية.

وقال مصدر مسؤول في الصندوق، إنه يجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة لإعداد الآلية المناسبة للتعامل مع القرض الإضافي، مشيرا إلى أنه تم استكمال الإجراءات القانونية التي تنظم العلاقة بين المقرض والمقترض والصندوق، لمساعدة المواطنين في الحصول على القرض الإضافي المناسب، حيث ستوضح كيفية التعامل بين الأطراف الثلاثة.

وقال المريشد إن هناك شحا حقيقيا في الأراضي في ظل الطلب المتنامي، إذ يلاحظ وصول أسعار المخططات الجديدة التي لم ينشأ فيها ولا بناء واحد، إلى مستويات كبيرة تلامس مثيلاتها الموجودة في قلب العاصمة، مما يعني أن المشكلة تكمن في توفير مساحات شاسعة من الأراضي تزيد المساحة وتوسع مناطقيتها، وتوفر خيارات أوسع للتملك، خصوصا أن السعودية بحاجة ماسة إلى إنشاء أحياء جديدة كبرى لتوفير العرض بشكل يجبر أسعار المساكن المعروضة حاليا على الانخفاض، وهذا هو القرار الذي يجب العمل به.

ويشار إلى أن عدد المتقدمين للصندوق بطلبات قروض سكنية وصل نحو 2.3 مليون متقدم، يبلغ عدد الذين تقدم منهم عبر الإنترنت 1.7 مليون متقدم عقب السماح للمواطنين بالتقدم للقرض العقاري دون اشتراط امتلاك أرض، في حين بلغ عدد المسجلين عبر النظام القديم 600 ألف مسجل على قوائم الانتظار، ليصل العدد الإجمالي إلى 2.3 مليون مواطن.

من جانبه، أشار إبراهيم العبيد الذي يمتلك شركة للإنشاءات الخاصة، إلى أن القرض الإضافي للعقار، خطوة إيجابية نحو إكمال المشاريع المتوقفة، خصوصا أن من الملاحظ انتشار البنايات المتوقفة عن الإنشاء بسبب نقص السيولة، إلا أنه أبان أن هذا القرار ورغم أهميته فإنه يخدم شريحة صغيرة من الراغبين في البناء والتملك، كما أنه يرى أن فتح خيارات جديدة وآفاقا أوسع للتملك بإصدار قوانين صارمة تحد من جنون الأسعار، أجدى وأوفر للجهات المختصة في الدولة، خصوصا أن السوق تحتاج إلى من يضبط أسعارها من جديد لتتلاءم مع الحالة الراهنة للقطاع.

وأضاف: «البحث عن المشكلة، وهي زيادة الأسعار واتخاذ خطوات واقعية للحد من ذلك، خير من توفير السيولة لمجاراة هذا الارتفاع، خصوصا أن السوق تسير دون توقف نحو الزيادة، مما يعني أنه ولو أقرت بنود وقرارات تمويلية أخرى، فإن المشكلة الأساسية التي يجب علاجها هي استمرار ارتفاع الأسعار». ويشار أن «القرض الإضافي» سيتيح لكل مواطن حاصل على موافقة القرض، ويحتاج إلى تمويل إضافي لاستكمال بناء السكن الخاص فيه وفق شروط البنك وهي «الملاءة المادية للمقترض» وفق الدخل أو راتبه الشهري، التي بموجبها يحدد البنك قيمة التمويل الإضافي المسموح به، مقابل أن يكون الصندوق هو الجهة الضامن أو الراهن للصك أو إشراك البنك الممول في الرهن على قدر مبلغ التمويل.

وفي ذات الصدد، أشار إبراهيم الشايقي الذي يمتلك شركة عقارية خاصة إلى محدودية الفائدة من القرض الإضافي في ظل نقص المقاولين المهرة، وشح الأراضي، واستمرار ارتفاع أسعار مواد البناء، وأن القرار الإداري المنوط بالعقار أجدى من القرار المادي الذي يوفر حلولا مؤقتة، تفتح شهية المتلاعبين في ابتلاع فائدة أكبر، وتحويل القرار إلى صالحهم، مما يعني أن المستفيد الأكبر من القرض الإضافي هم المتلاعبون الذين وجدوا منفذا جديدا يزيدون به فوائدهم دون وجه حق.

وحول الحلول المقترحة، اقترح الشايقي أن تصنف الدولة الأحياء السكنية إلى فئات مختلفة ذات حد أعلى وأقصى بجميع عناصره، من أراض ومبان ومنشآت كبرى وصغرى، لتقييد الأسعار، خصوصا أن معظم أحياء العاصمة الرياض متقاربة جدا في الأسعار، في جميع اتجاهاتها وتسير بوتيرة واحدة وهي الارتفاع، إذ إن ضبط الأسعار أهم وأجدى من توفير السيولة المؤقتة التي لا يستفاد منها إلا بشكل محدد، وتخدم شريحة صغيرة وتصرف عليها أموال طائلة. ويذكر أن صندوق التنمية العقارية قدم منذ إنشائه وحتى الآن أكثر من 812 ألف قرض، بقيمة إجمالية بلغت نحو 264 مليار ريال لبناء أكثر من 975 ألف وحدة سكنية. وهدف الصندوق منذ بداية نشاطه عام 1395هـ، ومقره الرئيس في الرياض ويرتبط به 29 فرعا، إلى إقامة المساكن الحديثة والمجمعات السكنية في مختلف أنحاء المملكة. وقد حظي الصندوق بدعم من الحكومة، وظهر ذلك جليا من خلال مضاعفة رأس ماله، حيث بدأ الصندوق برأس مال مقداره 250 مليون ريال ثم تضاعف حتى أصبح رأس مال الصندوق المدفوع حتى نهاية السنة المالية 1432هـ 183 مليار ريال ليكون الصندوق إحدى كبرى المؤسسات والصناديق المماثلة في العالم.