السعودية: ارتفاع أسعار العقار داخليا يدفع شركات لتسويق عروض خارجية

وسط مطالبات بعرض العقود على محامين منعا لأي عمليات نصب

جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

توجهت شركات عقار سعودية للبحث عن فرص استثمارية خارج المملكة تحسبا لخسائر مرتقبة قد تطولها في أعقاب ما تشهده سوق العقار السعودية من ركود نتيجة ارتفاع الأسعار، حيث قام بعض المسوقين بالتسويق لقطع أراض وعقارات في بعض دول العالم الأول كأميركا وبريطانيا وغيرهما، والتي باتت أسعار العقار فيها تنافس الأسعار داخل المملكة.

وسجلت عمليات الشراء الخارجي، وفقا لمتعاملين في سوق العقار، ارتفاعا إلى 60 في المائة، أي بزيادة 20 في المائة عن العام الماضي، بعد أن كان 40 في المائة، مشيرين إلى أن هذا الارتفاع يؤكد توجه المستثمرين للشراء خارج المملكة نتيجة الربح المادي الذي يعود عليهم.

وفي هذا الصدد، حذرت الأوساط العقارية من الوقوع في فخ «الجهل ببنود العقود الخارجية والصكوك»، مؤكدين أن أكثر المشكلات المترتبة على هذه الأمور ترجع إلى الجهل بالعقد الذي غالبا ما يحمل مصطلحات قانونية لا يستطيع الشخص العادي أن يفسرها حتى إن كان ملما بمختلف اللغات.

وبين رامي الحبشي، منسق المبيعات في مجموعة «العين الاحترافية للعقار»، والتي تمتلك مجموعة أراض في بريطانيا وتقوم ببيعها للأفراد أو المستثمرين داخل السعودية منذ ثلاث سنوات، أن الإقبال على شراء تلك الأراضي غالبا ما يكون بشكل فردي، موضحا أن حجم الإقبال خلال السنة الحالية 2013 بلغ 60 في المائة، بزيادة 20 في المائة عن العام الماضي، حيث بلغ 40 في المائة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك إقبال على هذا الأمر نظرا لتوجه الناس للاستثمار طويل الأجل، أي من ثلاث إلى سبع سنوات، فالشخص الذي يشتري أرضا في بريطانيا أو أميركا أو غيرها يحصل مقابلها على صك ملكية شرعي مصدق من الخارجية أو السفارة التابعة للدولة».

وأشار إلى أنهم يبيعون قطع أرض خام يتم تطويرها لتصبح أرضا مجهزة بالبنية التحتية والخدمات التي تليق بالسكان، وقال: «الجميع متوجه الآن لهذه النوعية من الاستثمارات، وذلك لمعرفتهم بأسعار الأراضي في بريطانيا»، مبينا أن الأرض المطورة في بريطانيا يبدأ سعر مترها من 600 إلى 800 جنيه إسترليني، مضيفا: «بالتالي عندما نقوم ببيع أرض بمائة ألف ريال، المتر فيها يكون 400 ريال أو 70 جنيها إسترلينيا، هو بحد ذاته استثمار من النوع الجيد أو حتى الممتاز كونه طويل الأجل».

وأضاف الحبشي: «نقوم بشراء المخطط الذي يشتمل على عدد من الأراضي ويتسع لـ600 وحدة سكنية و800 قطعة أرض صدر لها خرائط، وموضح موقعها، ولها أكواد خاصة بها، كما تبين الخريطة الشوارع التي تطل عليها الأرض».

وبين أن توجههم محدد بالاستثمار في بريطانيا بأن يمتلك الشخص الأرض تملكا حرا، وكأنه في بلده، والأمر ليس له علاقة بجنسية معينة، وقال: «أيا كانت جنسية الشخص يمكنه أن يمتلك أرضا وليس لأحد حق مشروع فيها غيره».

ولفت إلى أن المشتري لا بد من أن يكون مطلعا وباحثا جيدا في مجال العقار الذي شبهه بالبورصة «كل يوم بسعر»، وقال: «لا بد من أن يكون المشتري مطلعا على الأسعار ولديه دراية بالنمو الاقتصادي في العالم.. ليس المطلوب من المشتري أن يجري دراسات، لكن أن يكون على دراية حتى لا يقع في أي عملية نصب».

وأضاف منسق المبيعات في مجموعة «العين الاحترافية للعقار»: «هناك بعض الشركات التي تقوم بإصدار صكوك ملكية فيها بعض البنود التي تسلب حق المشتري أو المالك الجديد بنسبة معينة من ملكيته للأرض، لذا قبل شراء الأرض لا بد من أن يقوم المشتري بعرض الصك أو العقد على محام أو رجل قانون تكون له دراية بتلك المواضيع ليوضح له الإيجابيات والسلبيات».

من جهته، بين عبد الله الأحمري، رئيس لجنة التثمين العقاري بالغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن رجال الأعمال بشكل عام يتجهون إلى الاستثمار وشراء الأراضي في الضواحي وخارج النطاق العمراني، على اعتبار أن هذه الأراضي سيرتفع سعرها بعد مرور سنوات «وهذا النظام معمول به في السعودية بشكل عام».

وأضاف: «إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على دول أوروبا وأميركا؛ لأن لديهم خططا ودراسات ومسحا سكانيا يعرفون من خلاله مصير هذه الأراضي بعد سنوات، وبالتالي يتم فرض ضرائب عليها».

وبين أن المستثمرين السعوديين اعتادوا أن يشتروا قطع الأراضي خارج النطاق العمراني على اعتبار أنه سيرتفع سعرها إذا وصلها العمران، كما اعتادوا أنه من خلال المضاربات سترتفع أسعار الأراضي، وقال: «لكن هذا الأمر لا يمكن تعميمه خارجيا نظرا لوجود دراسات وخطط حتى للأراضي الموجودة خارج النطاق العمراني، فهي محسوبة في خططهم، وبمجرد أن يصلها العمران يتم فرض ضرائب عليها، وهنا تقع المشكلة، والمشكلة الأكبر أن الحكومة تقوم بنزع تلك الأراضي دون الرجوع للملاك».

وقال الأحمري: «لهذا على من يريد الاتجاه لشراء أرض خارج المملكة أن يشتري العقارات التي لديها سجلات في الغرف التجارية في البلدان التابعة لها، وأن يتم الشراء عن طريق السفارات للتحقق من الوثائق، وفي المقابل يتم عرضها على الملحقية التجارية الموجودة في هذه البلدان»، كما شدد على ضرورة التأكد من الملاك الحقيقيين لهذه الأرض حتى لا تكون هناك ضرائب سابقة عليهم.

من جهته، بين مسوق عقاري لقطع أراض في ولاية فلوريدا بأميركا، أن المشروع الذي يعملون فيه منذ سنة عبارة عن عرض لقطع أراض موجودة في أميركا قام مكتبهم بالاستفادة من أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة التي أدت إلى انخفاض شديد في أسعار الأراضي وشراء مخططات لبيعها على رجال الأعمال والأفراد المستثمرين في السعودية.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا شراء الأراضي من الملاك الأصليين في الولايات المتحدة الأميركية، ثم قمنا بتسويقها مقابل هامش ربحي على المستثمرين في السعودية»، مبينا أن أسعار الأراضي تتراوح بين 20 و40 ألف دولار وفقا لمساحة الأرض وموقعها.. وبالنظر لمساحات هذه الأراضي فهي مساحات خضراء بجوارها بحيرات وأنهار.

وأكد المسوق، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هناك ازدحاما وإقبالا شديدين على شراء تلك الأراضي على أمل أن ترتفع الأسعار وتتحقق جدوى مالية، ونصح المشترين بعدم البناء وتركها كأرض حتى يستفيدوا من ارتفاع أسعارها في السنوات القادمة.

بدوره، شدد راشد العمرو، محام ومستشار قانوني، على ضرورة أن يقوم الشخص الراغب في شراء قطع أرض خارج المملكة بعرض العقد على محام حتى لا يضيع حقه نتيجة الجهل.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أكبر مشكلة مترتبة على شراء الأراضي خارج المملكة هي الجهل بالعقد، وسبق أن كان لدي أكثر من قضية من هذا النوع لأشخاص قاموا بشراء عقارات خارج المملكة، ونتيجة جهلهم بالعقود وعدم استشارة خبراء أو محامين ضيعوا حقهم وخسروا تلك القضايا».

وأضاف: «لا بد من أن يكون المقبلون على الشراء على دراية ببنود العقد وأن يستشيروا محامين، وأفضل أن يكون المحامي الرسمي التابع للسفارة الخاصة ببلدة العقار»، مبينا أن كل سفارة تكون متعاقدة مع مكتب محاماة أو لديها محام متخصص لقضايا الهجرة أو القضايا العقارية أو الأسرية، مشيرا إلى وجود مصطلحات قانونية في العقد أو الصك من الصعب أن يفهمها أو يفسرها أي شخص حتى إن كان ملما باللغة الإنجليزية أو الفرنسية وغيرهما.