منزل مادوف في لونغ آيلاند مقابل 5 ملايين دولار

بأناقته وظلال الماضي

TT

الانطباع الأول الذي يخلفه المنزل الأبيض الزاهر المعروض للبيع في 34 فيزنت ران في أولد ويستبيري بلونغ آيلاند في النفس رائع. بالمنزل ممر قيادة طويل ملتوٍ وملعب تنس ومنزل مكون من غرفتين وملحق به حمام سباحة وتحيط به حدائق غناء. وتجتمع في الردهات مجموعة متنوعة من التحف ويغطي الرخام بدرجتيه الأزرق والذهبي أرضية الطابق الأرضي. المنزل جميل من عدة أوجه، لكن تخيم عليه أيضا ظلال الماضي التي تتجلى في الإطارات الفارغة الفضية واللافتات الحمراء والبيضاء والزرقاء المعلقة على كل باب. ومكتوب على إحدى اللافتات: «مكتب المارشال الأميركي. ممنوع المرور». السر وراء كل هذا الثراء هو أموال ناس آخرين. كان هذا المنزل أحد منازل بيتر مادوف، كبير موظفي المطابقات في الشركة التي كان يمتلكها شقيقه الأكبر برنارد مادوف.

وتمت إدانة بيتر مادوف العام الماضي بسبب ارتكاب مجموعة من الجرائم من ضمنها تزوير وثائق والكذب على منظمين. وصدر حكم بسجنه 10 سنوات ومصادرة كل الأصول التي يمتلكها، وكذلك التي تمتلكها أسرته حتى يتم بيعها واحدة تلو الأخرى وتوزيع المال على ضحايا عمليات الاحتيال التي قام بها. وامتلك مكتب المارشال المنزل في يناير (كانون الثاني) وعرضه للبيع في نهاية الشهر الماضي بسعر 4.495 مليون دولار. وقال كيفين كامروسكي، نائب رئيس مكتب المارشال في رسالة بالبريد الإلكتروني: «عند التعامل مع منزل بهذه العظمة، يمكن للعالم الخارجي ألا يرى مصدر هذا الجمال. لقد دفع آخرون ثمن كل شيء في هذا المنزل». وعندما حصل مكتب المارشال على ملكية هذا المنزل، وبدأ تنفيذ عملية معروفة. في البداية، يتم تأمين المنزل وتغيير الأقفال ووضع أنظمة استشعار الحركة وكاميرات المراقبة. وبعد ذلك تتم الاستعانة بمقاولين من أجل القيام ببعض أعمال الصيانة وتأتي شركة لإدارة العقارات بوكيل عقاري محلي لبيع العقار. وفي الحالات المهمة يساعد المكتب في اختيار فريق المبيعات. وهناك خطوة أساسية مهمة تتمثل في تسجيل كل جزء لا يعد قطعة من المنزل نفسه وتقديره ووضع بطاقة عليه. في المنزل الذي نتحدث عنه وفي غرفة المعيشة الرئيسة، التي تبلغ مساحتها 600 قدم مربع، هناك غابة من البطاقات البيضاء المتدلية من كل الأسطح. هناك مصابيح بلون ذهبي وشمعدانات كريستال وطاولة قهوة خشبية دقيقة مكدس عليها كتب منها «Dog Painting: The European Breeds» «رسم الكلاب: السلالات الأوروبية».

وأعلى المدفأة وبالتحديد في الوسط هناك إطار من الخشب الداكن والرخام بدرجة داكنة أكثر ويستمر حضور الكلاب من خلال لوحة لكلب لابرادور بلون الشيكولاته. وعلى مقربة من ذلك، هناك لوحة لطفل أشقر لم يتعلم المشي بعد مع كلب آخر، ضخم لكنه أشعث، يحيط بها إطار ذهبي اللون. وفي المكتبة هناك كلبان أصغر حجما يقبعان معا داخل إطار أعلى أريكة. وإذا أزحت هذه اللوحات من على الجدران، ستجد بطاقة بيضاء صغيرة على ظهر كل منها. وهكذا الحال بالنسبة لكل قطع الأثاث الموجودة في الباحة وأطباق الكلاب في المطبخ.

وبمجرد بيع المنزل يتم عرض محتوياته في مزاد علني من المؤكد أنه سيكون الأكثر ازدحاما في لونغ آيلاند. ورغم هذه اللمسات الصغيرة، لا يبدو بوجه عام أن المنزل ملك لكذاب محتال. مثل أي منزل باهظ الثمن، تم العمل عليه ليظهر أجمل ما فيه أمام المشترين المحتملين. هناك بعض أعمال التسوية هنا ويتم تعليق بعض الحبال في حمام هناك، وكذلك هناك بعض الطعام المرتب في سلة على طاولة المطبخ وفوط مائدة ذات مربعات، فضلا عن أدوات للمائدة. ويقول شون إليوت من «شون إليوت لاجشري هومز أند ستيتس»، الشركة الوسيطة في بيع العقار: «صدق أو لا تصدق تم تدعيم كل ذلك بتوصياتي والجهد الكبير الذي بذله مكتب المارشال. وتم إنزال كل كتاب هنا من الأرفف ووضع بطاقة عليه وترقيمه، ثم إعادة كل الكتب إلى الأرفف مرة أخرى».

مع ذلك تم ترك كتاب واحد ليعرض على إحدى الطاولات في المكتبة. كان ذلك الكتاب هو «قانون الأخلاقيات اليهودية الجزء الأول. ستكون مقدسا» للحبر اليهودي جوزيف تيلوشكين. وشارك في العمل أيضا قسم الأصول المصادرة في مكتب المارشال الذي يحاول التخلص من المتعلقات الشخصية مثل الملابس التي ربما تضيع أثناء جولات المشترين المحتملين أو ربما تذكرهم بمن كان يسير في تلك الردهات يوما ما مرتديا خفه. وهناك غرفة نوم صغيرة مكدسة بصناديق الكرتون الممتلئة بالملابس والأشياء الأخرى سيتم عرضها في المزاد العلني. ويتم إعادة الصور الفوتوغرافية الشخصية إلى أفراد الأسرة. ورغم وصمة العار التي تلحق باسم آخر مالك لهذا المنزل، لا يوجد أي تخفيض في سعر منزل كهذا. وبيعت شقة برنارد مادوف في مانهاتن مقابل 8 ملايين دولار، وبيع منزل بيتر مادوف المكون من غرفتي نوم في بارك أفينيو مقابل 4.6 مليون دولار طبقا لسعر السوق في ذلك الوقت.

ويمكن كذلك أن تزداد أسعار بعض المتعلقات الشخصية بشكل كبير مثل سترة برنارد مادوف التي بيعت في مزاد عام 2009 مقابل 14.500 دولار. ويشعر بعض المشترين المحتملين، الذين يأتون لمعاينة منزل أولد ويستبيري، بالفضول تجاه الأخوين مادوف على حد قول إليوت. مع ذلك من جانبه، يتجنب التفكير في الفضيحة بقدر المستطاع. وقال إليوت: «كلما قلت المعلومات التي أعرفها عن الوضع، كان ذلك أفضل. وظيفتي كسمسار عقاري في هذه العملية هي الحصول للضحايا على أكبر قدر من المال». وتلقى إليوت عروضا بشراء العقار، لكنه لم يقبل أيا منها بعد.

بعد بيع المنزل في النهاية، ستذهب الأموال إلى صندوق لتعويض الضحايا تتولى إدارته وزارة العدل والذي جمع حتى هذه اللحظة أكثر من 2.3 مليار دولار. وهناك صندوق منفصل للعقارات والعائدات خاص بالأوراق المالية لبرنارد مادوف يديره إيرفينغ بيكارد وجمع حتى هذه اللحظة 9.345 مليار دولار. ورغم أن منزل بيتر وماريون مادوف الأساسي كان في مانهاتن، ظل منزل أولد ويستبيري ملكهما لأكثر من 20 عاما. لذا رغم كل الجهود، سيكون من الصعب محو هذا التاريخ بالكامل. الأسبوع الماضي اتضحت آثار حياة الذين عاشوا في هذا المنزل من خلال نظارة قراءة على طاولة رخامية وبرطمانين من المربى في الثلاجة وجزء من ظافر صناعي داخل صندوق جواهر طويل في غرفة نوم السيدة مادوف يضفي ظلالا دافئة بلون غزل البنات الوردي على المكان.

* خدمة «نيويورك تايمز»