قطاع التأجير يقود الحركة العقارية السعودية في الصيف ويدفع بالأسعار للارتفاع

في أول زيادة للأسعار تشهدها الأسواق بعد رزمة القرارات الحكومية

جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

حركة نشطة يقودها قطاع تأجير العقار في السعودية مع حلول فصل الصيف، وهو الوقت الذي غالبا ما يتسم بالهدوء النسبي الذي يخيم على شتى القطاعات الأخرى، إذ يتربع هذا الفرع العقاري المهم على رأس الأنشطة الفرعية ذات الصلة بحسب تأكيدات عقاريين متخصصين، أكدوا أن الفترة التي تسبق فصل الصيف وحتى حلول شهر رمضان المبارك، هي الفترة السنوية المعتادة التي يعيش فيها القطاع أعلى عطاء له، وتشتعل قطاعات التأجير كافة التي يقودها تأجير الشقق والأدوار الصغيرة، على رأس مهمات البحث والعرض وإتمام العقود خلال هذه الأيام.

كما انعكست هذه الحركة سلبا على ارتفاع طفيف في الأسعار لا يتجاوز الـ10%، وصفه متابعون بأنه طبيعي وغير جديد، نظرا إلى ارتفاع الطلب مقارنة بالعرض إلى مستويات كبيرة خلال هذه الفترة، مما سيؤثر حتما على إعادة هيكلة الأسعار نحو الارتفاع، التي عاشت السوق فيها وخلال الفترة التي استبقتها ركودا كبيرا في الأسعار يتأرجح إلى حد كبير نحو الانخفاض، مما يعني أن السوق العقارية تشهد بذلك أول ارتفاع لها منذ إصدار الحكومة المحلية قراراتها التاريخية التي راهنت بأنها ستسيطر بها على الأسعار.

قال بندر التويم الذي يمتلك مؤسسة عقارية تسويقية، إن نشاط حركة التأجير يعد الملاذ الأول في جني الأرباح خلال هذه الأيام بالتحديد، إذ تعمد الكثير من العائلات السعودية إلى اختيار هذا التوقيت بالذات للتنقل، خصوصا بعد انتهاء العام الدراسي وإتمامهم نقل الأبناء إلى مدارس قريبة من مساكنهم الجديدة، التي يعتبر قرب المنشأة من الخدمات الحكومية وخصوصا المدارس، سببا كافيا في تغريد سعرها خارج السرب، خصوصا للمراحل التعليمية الأولى ومدارس البنات.

وتعرف السوق السعودية في الفترة الأخيرة بأنها تعيش تكهنات واسعة وسيناريوهات متضاربة، عن مستقبل القطاع العقاري، خصوصا في ظل تصاعد الأسعار وإقرار الدولة رزمة من القرارات التاريخية، إلا أن الغموض لا يزال يسيطر على المشهد العام، إذ ينتظر العاملون في القطاع العقاري عن ما ستكشفه الأيام المقبلة، التي انتشرت فيها أنباء مختلفة عن قرب انخفاض وشيك للأسعار، نظرا إلى تجاوز الأسعار القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع في ترجمة حلمهم إلى واقع تملك المساكن.

وبالعودة إلى التويم، أضاف أن قطاع التأجير يصنف من أقل القطاعات نشاطا أو اهتماما مقارنة بالأفرع الأخرى، نظرا إلى محدودية حركتها وتقيدها غالبا بأوقات معينة، إضافة إلى قلة الفوائد التي سيجنيها المكتب الوسيط، مما يجعل خيار الاتجار في العقارات التأجيرية خيارا ثانويا، إلا أن ذلك لا يمنعها من أن تعود إلى الواجهة من جديد في بداية كل فصل صيف، وبالتحديد فور انتهاء العام الدراسي وتستمر الفورة إلى شهر رمضان المبارك.

وحدد بدر التميمي، الإخصائي العقاري، أن هناك حركة عقارية نشطة يشهدها قطاع تأجير الشقق خلال الفترة الحالية، بدأت منذ قرابة الشهر وبلغت ذروتها هذه الأيام، مما انعكس إيجابا على القطاع العقاري ككل، الذي يشهد حركة بطيئة في مكاسبه، مبينا أنه ورغم حاجة السوق إلى المزيد من إنشاء الوحدات السكنية، فإن الأسعار تقف عائقا بين رغبة المشترين في الشراء، والسعر الذي يطمح إليه المستثمر عند نيته بيع العقار الذي يمتلكه، إلا أن حركة التأجير لا تتأثر كثيرا، بل تشهد نموا مطردا حتى تعود السوق إلى وضعها الطبيعي أو أن تنخفض إلى مستويات أقل مما هي عليه حاليا.

وزاد التميمي، أن أكثر من استفاد من موجة تأجير الشقق هم الوسطاء العقاريون، وأصحاب الشقق التي تم إنشاؤها من أجل الاستثمار فيها، الذين انتهجوا سياسة التحكم في السعر في ظل عدم وضوح صفة الجهات المحددة لأسعار الوحدات السكنية في السعودية، لافتا إلى أن هذا هو أول ارتفاع تسجله الأسواق السعودية منذ أشهر بالتزامن مع إقرار الحكومة رزمة من القرارات العقارية التصحيحية، التي أوقفت السوق عن تصاعد الأسعار وأثار ضجة كبيرة في انخفاض محتمل في الأسعار.

يذكر أن الحكومة السعودية أقرت الكثير من القرارات المصيرية التي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على أسعار السوق العقارية، آخرها القرار الشهير «أرض وقرض» الذي جعل القطاع في حالة تأهب لما سيحدثه القرار على أرض الواقع، مما يوضح أن الحكومة المحلية تسعى جاهدة للسيطرة على مشكلة الإسكان، التي تعد من أولويات المواطنين الذين يعيش أكثر من نصفهم في منازل مؤجرة، ويشكل ذلك مشكلة أزلية لديهم.

وحول النسبة المتوقعة في ارتفاع أسعار تأجير العقارات خصوصا الصغيرة، أوضح ياسر المريشد، الذي يمتلك شركة متخصصة بالإنشاءات، أن نسبة الارتفاع تختلف من منطقة إلى أخرى، فالشمال يشهد الوجهة المفضلة الأولى، يليها الشرق ويحل بعدها بالتساوي الجنوب والغرب، إلا أنه ومهما اختلفت منطقتها فإنها لا تتجاوز بأي حال من الأحوال نسبة الـ10%، التي اعتبرها طبيعية نظرا إلى الطلب الكبير، متهما المستهلكين بأنهم سبب الارتفاع، وذلك لإقبالهم في وقت واحد وموسم محموم، كما أن بعضهم يشعلون السوق بمزايدتهم في الأسعار إلى مستويات مطردة.

وأضاف: «الشقة الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأشد بحثا والأكثر سعرا إذا ما قورنت بمثيلاتها، وتقل نسبة الفائدة كلما ارتفعت الأدوار إلى الأعلى، كما أن المصعد الكهربائي يعتبر ميزة تحقق ربحا إضافيا وعملة جاذبة، كما أن الشقق متوسطة العمر تأتي في المرتبة الثانية من حيث زيادة الأسعار، تليها القديمة التي لا يحرص المستأجرون على اتخاذها عشا للزوجية وهم النسبة المؤثرة على هذا الإقبال الذي يشهده القطاع، إذا ما استثنينا من ذلك نسبة من ذوي الدخول المنخفضة».

وتشهد السوق العقارية السعودية حركة عمرانية كبيرة، تعتبر من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى الشرق الأوسط، وتنشط في الوقت الحالي الكثير من المشاريع العقارية الضخمة، التي ستسهم بشكل مباشر في تقليص أزمة الإسكان التي تعانيها السعودية، وأقرت الدولة رزمة من القرارات العاجلة للمساهمة في احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن.