قطاع إسكان الطلبة الأكثر ربحية في بريطانيا

مشاريع جديدة توفر عوائد تصل إلى 12% سنويا

نموذج غرفة الطلبة في مشروع «بيور» لإسكان الطلبة («الشرق الأوسط»)
TT

ساهمت أعداد الطلبة الأجانب في بريطانيا على زيادة الإقبال الاستثماري على قطاع إسكان الطلبة، الذي يعد من أكثر القطاعات العقارية ربحا، خصوصا في لندن. ويقدر مؤشر «اي بي دي» لعوائد الاستثمار العقاري نسبة عوائد هذا القطاع بنحو 12 في المائة، وهو ما يصل إلى أكثر من ضعف عوائد القطاع الإسكاني أو المكتبي. ووصل حجم الاستثمار في هذه السوق في بريطانيا وحدها إلى خمسة مليارات إسترليني (7.5 مليار دولار)، منها استثمار جديد في عام 2012، حجمه 2.7 مليار إسترليني (4 مليارات دولار)، وهو تقريبا ضعف حجم الاستثمار في العام الأسبق 2011.

وبينما يرتفع سنويا عدد الطلبة الأجانب القادمين إلى بريطانيا للدراسة، فإن الإمدادات العقارية في هذا القطاع لا تجاري هذه الزيادة. كذلك لا يلبي القطاع الخاص مطالب الطلبة الأجانب الذين يريدون منازل طلبة متخصصة توفر لهم خدمات ليست متاحة في المنازل العادية مثل تركيبات الإنترنت وحرية الحركة 24 ساعة يوميا مع وجود حراسة أمنية على المكان.

وتقع نصف مساكن الطلبة البريطانية المتخصصة في لندن، وبها أيضا نصف حجم الاستثمار الإجمالي في مساكن الطلبة المتخصصة. ويبدو أن مشاريع التوسع المستقبلية سوف تتركز في لندن أيضا رغم ارتفاع أسعار الأراضي والعقار فيها. فبعض الشركات تعتقد أن مساكن الطلبة في المدن البريطانية الأخرى وصلت إلى درجة التشبع، بينما عدا استثناءات قليلة مثل المدن الجامعية في أكسفورد وكمبريدج.

في لقاء مع غاريث دافيز، مدير شركة «بيور» لإسكان الطلبة في لندن (Pure Student Living)، التي تمثل أحد النماذج الناجحة في هذا المجال، قال إن من الممكن تنفيذ مشروعات مشتركة مع مطورين محليين في الشرق الأوسط من أجل تطوير وجود دولي للشركة، ولكنه نفى وجود أي محادثات بهذا الشأن مع شركات عقارية أو استثمارية من المنطقة، وإن كانت بعض الاتصالات تجري مع شركات في إسطنبول لتنفيذ الفكرة في تركيا. وتدير الشركة ثلاثة مشروعات في لندن لإسكان الطلبة بعد أن بدأت نشاطها الحالي في عام 2010. وقال دافيز إن مشروعات الشركة تقتصر على لندن في الوقت الحاضر وإن كان لا يستبعد التوسع في مدن بريطانية أخرى وخارج بريطانيا. وهو يؤكد أن نسبة الإشغال كاملة في مشروعين بينما المشروع الثالث، وهو يقع في منطقة هامرسميث غرب لندن، يلقى إقبالا متزايدا مع بداية العام الأكاديمي الحالي.

ويمثل الطلاب الأجانب نسبة 70 في المائة من إجمالي الطلاب في مساكن الشركة، وهم يتلقون كل أنواع الدعم والنصيحة من فريق متعدد الجنسيات والثقافات. ويسكن الطلاب في غرف حديثة مجهزة بالاتصالات وبنايات بها حراسة 24 ساعة يوميا في مواقع مناسبة وقريبة من الجامعات والمعاهد البريطانية في لندن.

ويمثل مشروع «بيور» لإسكان الطلبة أحد النماذج الحديثة للاستثمار في مجال مساكن الطلبة في لندن، حيث يقول مدير المشروع دافيز لـ«الشرق الأوسط» إن مشروعه بدأ في أبريل (نيسان) عام 2010 كمشروع مشترك ما بين مجموعة «كارلايل»، وهي مجموعة استثمارية لإدارة الأصول البديلة، بأصول تحت الإدارة يصل حجمها إلى 157 مليار دولار، وشركة «جينريشن استيتس» التي تعمل في مجال تطوير العقار الخاص بسكن الطلبة في لندن.

ومع تزايد أهمية لندن كمركز تعليمي عالمي، يوجد طلب متزايد على مساكن الطلبة فيها، نشأت فكرة «بيور» لمساكن الطلبة لمعالجة عدم التوازن بين العرض والطلب في هذا القطاع. ومع نمو القطاع بدأ الاعتراف بأن هذا المجال يمثل فئة عقارية استثمارية متميزة مما جذب مستثمرين دوليين يبحثون عن تنوع الفرص.

ويمتلك مشروع «بيور» الآن ثلاثة مراكز لبيوت طلبة في لندن هي «بيور بانكسايد» و«بيور هايبيري» و«بيور هامرسميث»، والأخير هو أحدثها. وهي جميعا في مواقع تتوسط العاصمة وقريبة من معاهد وجامعات لندن.

ولكن تنفيذ مشروعات عقارية ضخمة في لندن يواجه الآن الكثير من التحديات، حيث يعترف دافيز بأن إنجاز مشروعه واجه الكثير من التحديات بداية من مرحلة التخطيط التي شملت العثور على موقع مناسب والحصول على تراخيص البناء وترتيب تمويل المشروع واختيار المقاول المعماري المناسب.

وحتى في مرحلة التنفيذ هناك تحديات أخرى تتمحور حول المسائل الفنية وإدارة تنفيذ المشروع من جهة ثالثة. هناك أيضا تحديات خارجة عن نطاق مطور المشروع خلال تنفيذ أول مشروع، حيث تأثر مشروع «بيور هايبري» مثلا بنشاطات الأولمبياد في العام الماضي مع قيود على الكثير من الأنشطة أثناء انعقاد الدورة، مثل تركيب كابلات الإنترنت في المبنى وتأخر حصول الطلبة الأجانب على تأشيرات الدخول.

وما زالت الشركات الكبرى تركز في مشروعاتها على لندن. ولكن نموذج الأعمال يمكن أن ينفذ في مواقع أخرى بها جامعات داخل المملكة المتحدة وفي الخارج. واعترف دافيز بأن شركته «تقابل مطوري عقارات الطلبة من خارج بريطانيا، مع تفكير في توسيع قاعدتها داخل بريطانيا أولا ثم في الخارج. وتعرف الشركة أن نسبة 70 في المائة من سكانها هم من الطلبة الأجانب الذين يريدون الراحة ونوعية الإسكان المتفوقة والأمان في منشآتنا، ولذلك يمكن تطبيق النموذج في المواقع الدولية الأخرى التي تحوي معاهد تعليمية والتي تجذب إليها الطلاب الأجانب». وتحتفظ معظم الشركات العاملة في هذا المجال بالاستثمار مغلقا ولا تتيحه للاستثمار الأجنبي. والوحدات المتاحة للطلبة تعرض للإيجار فقط وليس للبيع.

ويقول دافيز إن من الممكن تنفيذ مشروعات مشتركة بين الشركة البريطانية ومطورين محليين في الشرق الأوسط من أجل تطوير وجود دولي. وبينما لم تجرِ الشركة أي مناقشات مع مستثمرين محليين في الشرق الأوسط حتى الآن، فإن اتصالات تجري بينها وبين مستثمرين في إسطنبول للنظر في إمكانية دراسة فرص محلية هناك.

ولهذا القطاع من السوق خصوصياته وبه من الطلب أكثر من الإمدادات. وأحد أمثلة ذلك أن اثنين من مواقع شركة «بيور» مشغولان بالكامل للعام الأكاديمي الحالي والثالث يتم شغله بسرعة من طلبة وصلوا حديثا إلى لندن ويبحثون عن مساكن دائمة. وتتوقع الشركة أن يكون موقع «بيور هامرسميث» مرغوبا نظرا لندرة وجود المساكن الخاصة بالطلبة عالية الجودة في منطقة غرب لندن.

وتقول الشركة إنها تقدم خدمة شخصية للطلبة المقيمين في مساكنها وتعرف أن الطلبة الأجانب يواجهون الكثير من القضايا للمرة الأولى. فهي المرة الأولى التي يعيشون فيها بمفردهم، ويتركون عائلاتهم. ولذلك فهي تعمل بكل جهد لتشكيل روح مجتمع مصغر لهم بعد وصولهم إلى لندن، من ترتيب المناسبات لهم إلى إعداد كتيبات لهم عن كيفية المعيشة في لندن. وبذلت الشركة جهدا لكي يكون الموظفون لديها متعددي الجنسيات والثقافات لفهم الأمور المهمة للطلبة ومعالجة الفروق الثقافية للطلبة من أنحاء العالم المختلفة.

وقد تكون هذه فرصة جيدة لقطاع الاستثمار العقاري العربي لتنفيذ مشروعات محلية أو إقليمية بخبرة دولية، أو حتى المشاركة الاستثمارية في المشروعات الدولية التي توفر أفضل العوائد العقارية في الوقت الحاضر.