السعودية: قطاع البناء يلجأ لشركات تأجير العمالة لمواجهة أزمة شح الأيدي العاملة

مختصون: سيستغني عن العمالة المؤجرة خلال عامين

الأيدي العاملة المدربة من المتوقع أن تكون التحدي الأكبر أمام قطاع البناء السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

ظهرت في السوق السعودية خلال الآونة الأخيرة شركات تعمل في تأجير الأيدي العاملة لقطاع البناء، خصوصا وحكومة البلاد تعتزم الضرب بيد من حديد على العمالة المخالفة التي لم تستفد من المهلة التصحيحية، مما قد يوجد على أثره حاجة إلى تعويض هذا النقص بالاستعانة بشركات تأجير العمالة الماهرة المدربة.

وعلى الرغم من هذه التطورات، فإن هناك تخوفات من إمكانية ارتفاع أسعار العمالة نتيجة تأجيرهم باليومية من قبل الشركات المتخصصة، التي من المتوقع أن تستفيد من الفراغ الحاصل في السوق، خصوصا أن شركات المقاولات بدأت العمل بكل طاقاتها لمواجهة ارتفاع الطلب على تنفيذ المشاريع.

وتعليقا على هذه التطورات، قال ياسر المريشد، وهو خبير عقاري، إن هناك توجها من المستثمرين نحو إنشاء شركاتهم المتخصصة في مجال تأجير عمالة الإنشاء، الذين يعانون أصلا من تناقص في الأعداد قبل المهلة التصحيحية، كما أنها ستتضاعف وستطفح على السطح قريبا أزمة نقص العمالة، خصوصا أن قطاع الإنشاء يعرف بأنه في وقت سابق أرض خصبة لتوظيف العمالة المخالفة، إلا أن جدية القرار انتشلتهم من السوق وأوجدت فراغا كبيرا في أعداد العمالة، الذي ستملأه في المستقبل القريب شركات تجير العمالة، التي ستزيد أعمالها في السوق بما يزيد على 60 في المائة، لمجابهة نقصهم.

وزاد المريشد: «من المتوقع أن يستحوذوا على كثير من المشاريع في المستقبل القريب، بل إن حجم نشاطهم قد يغطي نصف المشاريع المستقبلية نظرا للنشاط المتزايد لأعداد هذه الشركات التي تنمو بصورة مذهلة لتلبية طلبات السوق». واعترف المريشد بأنه وعلى الرغم من ارتفاع أسعار خدماتهم، فإن ما يميزهم هو استعانة كثير من تلك الشركات بالعمالة الماهرة المدربة، وأن تصحيحهم لأوضاعهم منذ فترات طويلة أراحهم كثيرا في تطبيق خططهم الاستثمارية، بل قاموا بتوسيعها، بعكس الشركات المخالفة التي تتخبط في السوق بعد خسارتها أعدادا كبيرة من عمالتها.

يشار إلى أن تأجير العمالة ليس جديدا على السوق السعودية، إلا أن المهلة التصحيحية التي منحتها الحكومة السعودية للعمالة المخالفين لتصحيح أوضاعهم وتنتهي اليوم (الأحد)، دفعت بهذا النوع من الشركات إلى انتعاش استثماراتهم وتحقيقهم أرباحا متنامية.

وفي الموضوع ذاته، تحدث ناصر التويم، الذي يمتلك شركة «التويم للتطوير العقاري»، عن تباطؤ محتمل في عمليات الإنشاء في السعودية نتيجة شح العمالة الذي بدأ يظهر جليا بالنسبة إلى المهتمين في القطاع، مما منح الفرصة للعمالة النادرة أن ترفع الأسعار بمعدل يلامس 25 في المائة كتقدير متوسط، لافتا إلى أن اعتماد السوق في السابق على العمالة المخالفة المنتشرة في الشوارع التي بدأت تشهد اختفاء ملحوظا، تسبب في توقف كثير من المشاريع التي قد تكون على وشك التشطيب.

وحول اقتراحاتهم كمنتمين إلى القطاع في سبيل تخفيض الأسعار والسيطرة على السوق، شدد التويم على ضرورة تدخل الحكومة في ضبط الأسعار أو تحديد تسعيرة معينة تكون بالمتر المربع لا يمكن تجاوزها للحد من تزايد الأسعار، كما يرى أن إمداد السوق بأعداد متضاعفة من العمالة النظامية المدربة سيكون ذا أثر في الحد من ارتفاع الأسعار، في دولة تحتاج إلى مضاعفة مشاريع الإنشاءات لمواجهة أزمة الإسكان التي يعيشها السعوديون.

يشار إلى أن السعودية موعودة بعهد جديد من فرص التملك والبناء، مما أهّلها لاحتلال مكانة متقدمة من بين الدول، من حيث تزايد المشاريع العقارية الإنشائية، خصوصا أن الحكومة تسعى جاهدة لتسهيل عملية تملك المواطنين للمساكن، مما ينبئ عن مشاريع إضافية ضخمة وطفرة عمرانية مرتقبة ستعيد إلى السوق توازنها وتضعها في وضعها الطبيعي.

من جهته، أشار إبراهيم العبيد الذي يمتلك شركة متخصصة في تأجير عمالة الإنشاء، إلى الدور الذي سيلعبونه مستقبلا على الخريطة العقارية، حيث وصفه بالكبير والمؤثر. وعن التقارير التي أشارت إلى ارتفاع خدمات عمالة التأجير، أكد أن الأسعار تحدد بحسب المعطيات كأي سوق تجارية حرة، كاشفا عن أنهم وحدهم لا يستطيعون تلبية جميع احتياجات القطاع من طلبات الإنشاء، ويحتاجون إلى زيادة في شركات التأجير التي لن تؤثر في عمليات الشركات المنافسة؛ لأن العمل، وبحسب وصفه، كثير، وثماره سيجنيها الجميع.

وقدّر العبيد الزيادة السنوية في أسعار عمالة الإنشاء بأنها تتجاوز 8 في المائة، نتيجة ندرة العمالة في السوق وتقاتل المشاريع للظفر بخدماتهم، كما توقع أن يشهد القطاع العقاري السعودي بالنسبة إلى فرع التشييد تخبطا في أداء السوق وعجزا في تلبية احتياجات السوق خلال الفترة المقبلة.

وتشهد السوق العقارية السعودية حركة عمرانية كبيرة، تعتبر من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى الشرق الأوسط، وتنشط في الوقت الحالي كثير من المشاريع العقارية الضخمة التي ستسهم بشكل مباشر في تقليص أزمة الإسكان التي تعانيها السعودية، وأقرت الدولة رزمة من القرارات العاجلة للمساهمة في احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن.