ارتفاع الأسعار يتسبب في صعود معدلات العزوف عن معرض الرياض العقاري

تزايد عدد الشركات الأجنبية المشاركة

TT

أصداء متواضعة أحدثها المعرض العقاري «سيتي سكيب الرياض»، الذي امتدت فعالياته من الفترة 10 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، حيث يعكس الأداء الحقيقي للسوق العقاري السعودي الذي يعيش تطورات في الوضع العام، من معروضات وأسعار ومشاريع قائمة أو قيد الإنشاء، حيث انخفض الإقبال مقارنة بالعام الماضي لما يزيد على 70 في المائة، ما أحدث نوعا من الجمود في عمليات البيع أو حتى التسويق.

وأرجع كثير من المشاركين أسباب هذا الانخفاض في الإقبال، إلى أمور مختلفة، ما بين توقيت المعرض الذي جاء بالتزامن مع أحداث أخرى مهمة ولم يسلط عليه الضوء إعلاميا بالشكل المطلوب، وبين انتظار المواطنين القرارات الحكومية التي أعلنت عنها وزارة الإسكان المحلية، وبين تزايد أعداد الشركات الأجنبية المشاركة في المعرض، وهو ما لا يستهوي أعدادا كبيرة من المواطنين، وبين وضع المعرض في المكان القديم لمركز معارض الرياض في حي المروج ولم ينقل إلى المقر الكبير الجديد القريب من مطار الملك خالد الدولي.

من جهته، قال أحمد العقيل، رئيس المبيعات وإدارة الأملاك في «مكين كابيتال»، إنهم صدموا عندما لاحظوا ضعف الإقبال على المعرض إلى مستويات كبيرة لامست 70 في المائة مقارنة بمعرض العام الماضي الذي شهد نسبة حضور مرتفعة، مضيفا أنهم توقعوا أن يكون الإقبال أكبر من الحاصل حاليا، لافتا إلى أن لتوقيت المعرض وقلة الإعلانات والتسويق دورا في ذلك، وزاد «الأسعار الحالية للعقار غير محفزة إطلاقا للشراء، خصوصا للقطاع السكني، في ظل ارتفاع الأسعار ووعود وزارة الإسكان التي تتحدث كثيرا عن إيواء المواطنين دون أي نتيجة تستحق الذكر».

وحول أهم الملاحظات الموجودة في المعرض، أكد العقيل أن عدد الشركات الأجنبية مرتفع إلى حد كبير ويتجاوز النصف، وهو ما انعكس على ضعف نسبة الزوار، الذين لم يستطيعوا أن يتملكوا المنازل محليا ليبحثوا عن الاستثمار الأجنبي، لافتا إلى أنه يجب على وزارة الإسكان أن تفرض جدولة زمنية محددة لتنفيذ مشاريعها، وألا تتلاعب بشكل غير مباشر بحالة السوق عبر تصريحاتها التي تتسبّب بشكل أساسي في توقف الحركة العمرانية في السعودية بسبب وعودها التي دفعت شريحة من المواطنين إلى انتظار ما ستحدثه الوزارة التي لم تفعل حتى هذه اللحظة أي شيء مؤثر.

يذكر أن السوق العقاري في السعودية لم يشهد منذ نشأته أي انخفاض في الحركة العمرانية أو ركود، بل إنه في ازدياد ملاحظ، وذلك نتيجة النمو المطرد، وكونها دولة شابة فهي تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات العقارية بشكل مستمر، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على المسكن، وهو الأمر الذي يجعل من ملف الإسكان أحد أهم الملفات التي تحرص الحكومة على حلها.

وفي ذات السياق، أشار مهند بن هذيل، ممثل مجلس شركة فلاش العقارية الإماراتية، إلى أنهم كشركة شقيقة وجدوا أن الإقبال جيد رغم توقعاتهم بأن الحضور سيكون ذا طابع أكبر، نتيجة الاقتصاد السعودي القوي الذي يفرز المشاريع الإنشائية الضخمة، إلا أنهم نجحوا في إثبات وجودهم وأن يتعرفوا على السوق السعودي عن كثب، مبينا أن السعوديين يحتاجون إلى شركات استشارية عقارية ذات مصداقية كبيرة لتحديد خططهم وطموحاتهم العمرانية.

وحول تأثير إكسبو 2020 على الأسعار في منطقة الخليج، كشف بن هذيل عن ارتفاع حاصل في القيمة العقارية في الإمارات نتيجة ذلك، وهو ما يعكس الثقة العالمية بسوق العقارات وفي دبي بالتحديد، التي تعيش عصرا ذهبيا في تزايد الاستثمارات، خصوصا العقارية، وأن مستقبل العقار، خصوصا السبع سنوات المقبلة، سيكون ذا توجه أفضل، خصوصا في مجال الاستثمار من قبل الشركات الأجنبية التي زادت ثقتها بدبي بعد فوزها بـ«إكسبو 2020».

من جهته، أكد ربيع الدوسري، وهو مستثمر عقاري ومشارك في المعرض، أن لتخبطات الأسعار وقلة تسليط الضوء نتيجة الأحداث الأهم في المنطقة، دورا في الضمور الذي يشهده المعرض رغم وجود أكثر من 65 في المائة من السكان المحليين يسكنون في قطاع التأجير، إلا أن ارتفاع الأسعار ظل سببا يحجب بين رغبتهم في الشراء وواقعهم المالي، وهو ما انعكس على عزوفهم عن حضور المعرض العقاري الأكبر في السعودية.

وحول أكثر الطلبات التي تتلقاها الشركات المشاركة من الأفرع العقارية، أكد أن الفيلات الصغيرة التي تتراوح مساحتها بين 270 و350 مترا، هي الأكثر شيوعا وطلبا، تليها الأراضي الجاهزة بالتساوي مع شقق التمليك، لافتا إلى أنهم ينظرون صوب الظفر بطلبات الفئات ذات الدخول المحدودة، وأنهم يتطلعون إلى التعاون بشكل أكبر مع وزارة الإسكان لتعم الفائدة على الجميع، متعهدا بأنهم سيساندون الجهات المعنية في القضاء على أزمة السكن، شريطة أن تتعاون معهم الجهات الرسمية لتلبية الطلبات المتزايدة على تملك المساكن.

يشار إلى أن الاستثمار في العقار السعودي من أكثر الاستثمارات جاذبية، خصوصا بعد انتكاسة سوق الأسهم السعودية عام 2008، الأمر الذي دفع الاستثمار العقاري إلى تزعّم الاستثمارات الأكثر تداولا وجاذبية في السوق السعودي على نطاق واسع، وأن هناك حركة عقارية غير مسبوقة تعيشها المنطقة، وانعكست على جميع القطاعات المرتبطة بالإنشاءات العمرانية.