عقاريون سعوديون يتوقعون تصدر الاستثمار في شقق التمليك سائر القطاعات الإنشائية

ست منشآت من بين عشر يتم بناؤها حاليا تخدم تملك الشقق

جانب من الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

توقع عقاريون سعوديون أن يتصدر الاستثمار في شقق التمليك قائمة الأفرع العقارية الأكثر نشاطا خلال عام 2014، حيث تشير الإحصاءات الميدانية إلى ازدهار ملحوظ في حركة هذا النوع العقاري عن سائر العقارات الأخرى، بعد أن شهد الاستثمار في الأراضي البيضاء عام 2013 الموجة الكبرى من العمليات التسويقية، خصوصا الواقعة في المناطق البعيدة عن النطاق العمراني.

وكشف مستثمرون عقاريون عن أنه من بين كل عشر وحدات سكنية يتم إنشاؤها، منذ نهاية العام الموشك على الانصرام ومع بداية العام المقبل، هناك ست وحدات منها مخصصة لبيع شقق التمليك التي تشهد طلبا كبيرا هذه الفترة، خصوصا بعد تلاشي فكرة تملك الفيلات والمنازل الصغيرة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام، في الوقت الذي تحتاج فيه السعودية إلى زيادة مهولة في بناء الوحدات السكنية لتلبية طلبات المواطنين، الذين تقع مشكلة الإسكان لديهم على رأس المطالب التي يطالبون بتوفيرها، في ظل سكن معظمهم في منازل مستأجرة.

وقال إبراهيم العبيد، المتخصص في الاستثمار العقاري «إن هناك حركة ملحوظة تشير بوصلتها إلى زيادة واقعية في رغبة المستثمرين في الاستفادة من إقبال المشترين على الشقق السكنية للتمليك، خصوصا فئة الشباب الذين لا يتجاوز معدل أعمارهم 35 عاما، وهم الشريحة الأكثر طلبا للعقار، الذين صادفتهم مشكلة غلاء الأسعار عند رغبتهم في تملك المنازل الخاصة بهم، مما جعل تملك الشقق خيارا جيدا بالنسبة إليهم لضمان منزل العمر، في ظل تضاؤل الأمل في الحصول على فيلات بأسعار معقولة، مع حلول موجة الارتفاعات الكبيرة في السوق العقارية السعودية».

وأضاف العبيد أن «الإقبال على الشقق يوحي بتغير في عقلية المواطن السعودي، الذي لم يكن حتى وقت قريب يفضل السكن في الشقق، إلا أن الواقع يجبره على ذلك، خصوصا أن فكرة سكن الشباب في شقق التمليك أصبحت دارجة وبشكل كبير، خصوصا لمن لا يمتلك عائلة كبيرة، في ظل توقعات توحي بأن تشهد السوق العقارية موجة جديدة من الارتفاعات بعد إقرار التمويل العقاري للبنوك الذي سيسهم وبشكل كبير في توفير السيولة لتلبية الطلب المتزايد، مما يعني زيادة وشيكة في الأسعار».

، حيث د ، وعات ل ، حز الأزمة .

من جهته، أكد حمد الدوسري، الاستشاري العقاري، أنه من بين كل عشر وحدات سكنية يتم إنشاؤها - حاليا - يبلغ معدل الوحدات المحددة لطرحها كشقق تمليك ست وحدات كحد أدنى، مما يوحي بأن هناك تغيرا وشيكا في الخارطة العقارية السعودية، التي تشهد منعطفات تاريخية في تملك العقار بعد جملة الإصلاحات الحكومية في القطاع السكني وإنشاء وزارة الإسكان، التي لم تحرك ساكنا منذ إنشائها، مما أفقد المواطنين الأمل في الحصول ولو على فيلا صغيرة، وجعلهم يعتمدون على أنفسهم، على الرغم من دخولهم الضعيفة ومتطلبات الحياة المتزايدة لتأمين منزل العمر بأنفسهم.

واستطرد الدوسري «لاحظ سيطرة الحديث في المجالس التجارية العقارية على توجه المستثمرين وتكتلهم لإنشاء المشروعات العقارية ذات الطابع الشققي، مما يشير إلى تغيير حاصل على توجه السعوديين نحو تملك الشقق التي أصبحت خيارا قويا من خيارات التملك»، لافتا إلى أنه يجب على المسؤولين الحكوميين مراقبة الأسعار خلال السنوات القليلة المقبلة من أجل ضبط الأسعار، وعدم انزلاقها إلى مستويات مرتفعة يعجز على أثرها المواطن البسيط عن تملك حتى الشقة التي أصبحت الحلم الوحيد الممكن تحقيقه.

يذكر أن السوق العقارية السعودية شهدت ارتفاعات متتالية في الأسعار، وأصبح تملك الإسكان فيها من أصعب المشروعات الخاصة بالمواطنين الذين يقفون عاجزين عن مجاراة قيمتها، مما دفعهم إلى اللجوء لشراء الشقق السكنية، وذلك لمعقولية قيمتها وقربها من قدراتهم المالية، في ظل توفير البنوك سيولة عقارية محدودة بحسب دخول المواطنين الراغبين في البناء، على الرغم من ارتفاع نسبة مرابحتها، إلا أنها الخيار الوحيد القريب من إمكاناتهم وتحقيق حلم تملك العقار الخاص.

وفي صلب الموضوع، توقع ياسر المريشد، الذي يمتلك شركة إنشاء عقارية، أن تكون هناك زيادة بسيطة نتيجة ندرة السوق من العمالة الماهرة بعد تصحيح الأوضاع، مما يعني ندرة في الحصول عليهم، الأمر الذي سينعكس على ارتفاع في قيمة الأيدي العاملة التي سيتحملها في نهاية المطاف المواطن، وزاد «بعد موجة ازدهار نسبي لمبيعات الأراضي الخام خلال عام 2013، فإن النمو المتوقع للعام الجديد يصب في صالح شقق التمليك التي ستقود السوق لا محالة في ظل التوجه الحالي للمشترين».

وحول الأسعار الحالية للشقق كشف المريشد عن أن المناطق الشمالية لمدينة الرياض تظل الأعلى طلبا، ويصل سعر الشقة المتوسطة ذات المساحة 230 مترا إلى ما يقارب نصف المليون الريال، وتنخفض الأسعار قليلا في شرق العاصمة ووسطها الشمالي، حيث تبلغ قرابة الـ420 ألفا، تليها المناطق الجنوبية والغربية من العاصمة التي تصل إلى 350 ألف ريال، على الرغم من أنها المساحة نفسها، والحديث هنا عن الشقق الجديدة، وأنه كلما تقدم عمر العقار نقصت قيمته، إلا أنها لا تقل بأي حال من الأحوال عن 210 آلاف ريال، وأن الأسعار متقاربة إلى حد كبير، تختلف بحسب تشطيبها وديكوراتها وقربها من الخدمات العامة والطرق الرئيسة، لكن يبقى عمر العقار وموقعه علامتين فارقتين في تحديد القيمة العامة للشقة.

يشار إلى أن السعودية موعودة بعهد جديد من فرص التملك والبناء، مما أهلها لاحتلال مكانة متقدمة بين الدول من حيث تزايد المشروعات العقارية الإنشائية، خصوصا أن الحكومة تسعى جاهدة لتسهيل عملية تملك المواطنين للمساكن، مما ينبئ بمشروعات إضافية ضخمة وطفرة عمرانية مرتقبة ستعيد إلى السوق توازنها وتضعها في وضعها الطبيعي.