عقاريون: ثلاثة مقترحات تساهم في كبح ارتفاع الأسعار في السعودية

قالوا إن تطبيقها سيساهم في خفض العقار المحلي إلى الثلث كأقل تقدير

الاستثمار في العقار السعودي من أكثر الاستثمارات جاذبية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف عقاريون سعوديون عن أن الضغط على أسعار العقار، عبر فرض رسوم على الأراضي البيضاء، ومنع امتلاك الأراضي غير المستغلة منذ فترة طويلة، خصوصا ذات المساحات الشاسعة، إضافة إلى ضخ أعداد كبيرة من العمالة الماهرة المتخصصة في قطاع الإنشاءات، هي أجدى الطرق من أجل الهبوط بأسعار العقار المحلي ككل إلى مستويات كبيرة، حيث يضمن امتلاك الجميع منازل دون أن تدخل وزارة الإسكان في مزايدات متوقعة ودفع أموال طائلة من أجل ارتفاع اصطنعه التجار.

كما قدر العقاريون نسبة انخفاض الأسعار فور تنفيذ هذه المقترحات بما يزيد على الثلث كأدنى حد، وأن مساحات كبيرة من الأراضي متوقفة على حالها منذ عشرات السنين، وسيحركها أصحابها فور صدور مثل هذه القرارات، مما يعكس ضخ أعداد كبيرة من الأراضي البيضاء في السوق، ناصحين بأن تتدخل وزارة الإسكان بقرارات إدارية صارمة للمتلاعبين، وليس الدخول بأموال طائلة قد تلقي بظلالها سلبا، على من لم تتح له فرصة التملك عن طريق المشاريع الحكومية.

وقال ياسر المريشد المستشار العقاري «إن السوق العقارية السعودية يحتاج إلى ضغط وعقوبات صارمة من قبل الحكومة على المزايدين، وأن فرض قرارات حازمة تجاه السوق أمر مهم من أجل ضبط الأسعار وإعادتها إلى طبيعتها، وهو أجدى من أن تدخل الحكومة بأموال طائلة من أجل شراء وحدات سكنية أو تطوير أراض بيضاء بأسعار مرتفعة، لافتا إلى أن السوق وخلال السبع سنوات الأخيرة، وبالتحديد بعد النكسة الشهيرة للأسهم السعودية، ارتفعت قيمتها ما يزيد على 60 في المائة، نتيجة المزايدات وتدوير التجار العقارات فيما بينهم، وأن هذا السبب من أكثر الأسباب التي أثرت على ارتفاع قيمة العقار، وأن القيمة الحقيقية للقطاع العقاري هي أقل من نصف الأسعار المفروضة الآن.

يشار إلى أن الاستثمار في العقار السعودي من أكثر الاستثمارات جاذبية، خصوصا بعد انخفاض سوق الأسهم السعودية عام 2008، وهو الأمر الذي دفع الاستثمار العقاري إلى تزعم الاستثمارات الأكثر تداولا وجاذبية في السوق السعودية على نطاق واسع، وأن هناك حركة عقارية غير مسبوقة تعيشها المنطقة، انعكست على جميع القطاعات المرتبطة بالإنشاءات العمرانية.

وأضاف «الأسعار وصلت إلى مستوى لا معقول من الارتفاع، والشريحة العظمى من المواطنين لا تستطيع توفير السكن المناسب من دون التمويل الحكومي، مما يعني فجوة كبيرة بين أسعار العقار وقدرة المشترين، على الرغم من توافر مساحات شاسعة ونهضة اقتصادية عظيمة يعيشها البلد، إلا أن إقبال المشترين يبقى ضعيفا نتيجة تحليق الأسعار عاليا».

وفي صلب الموضوع، أكد إبراهيم العبيد الخبير العقاري، أن إصدار قرار يقضي بمنع امتلاك أراضي الفضاء لفترة زمنية طويلة، على سبيل المثال خمس سنوات كحد أقصى، خصوصا ذات المساحات الشاسعة، أمر أساسي من شأنه أن يخفض الأسعار بشكل كبير وملموس، لافتا إلى أن الحد الأدنى من الانخفاض سيصل إلى الثلث.

وأضاف أن «مخططات بكاملها متوقفة منذ سنوات طويلة بسبب تعنت أصحابها، مما يحرم البلد من مساحات من المفترض أن تستغل ويبنى عليها وحدات سكنية تمكن المواطنين من السكن فيها بأسعار يستطيعون توفيرها أو تقسيطها، وأنه من غير الممكن أن يدفع مواطن بسيط 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار) من أجل الاستقرار»، مبينا أن مشروع المنزل يعد من أصعب المشاريع التي تواجه المواطنين.

وحول أصداء فكرة فرض رسوم على الأراضي البيضاء، أكد العبيد أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء فكرة ممتازة، شرط أن تتم مراقبة الأسعار بلجان متخصصة لمنع تحميل المواطنين الرسوم المدفوعة عبر زيادة الأسعار بصورة أكبر مما هي عليه، أو حتى ارتفاع قيمة أدوات البناء والتشييد التي لامست مستويات كبيرة من الزيادة هي الأخرى.

وكانت وزارة الإسكان السعودية قد أصدرت آلية لتوزيع المنازل والمساكن على المواطنين المحليين، حيث شهد القطاع العقاري ابتعادا كبيرا عن الطلب نتيجة فتح «الإسكان» فكرة الدعم الإسكاني، الذي يتيح للمواطنين التملك عبر مشاريع حكومية غير ربحية وذات مواصفات ممتازة، في ظل ارتفاع قيمة العقار.

وحول المقترحات الأخرى التي من الممكن أن يكون لها أثر في خفض أسعار العقار، أثار محمد السعيدان المستثمر العقاري فكرة توفير العمالة المدربة بأعداد كبيرة وبأسعار متداولة، لافتا إلى أن من أهم أسباب ارتفاع أسعار العقار، ارتفاع الأيدي العاملة كافة من بنائين وكهربائيين وغيرهم، بسبب ندرتهم وقلة خبرة معظمهم الذين يأتون إلى التدرب هنا على منازلنا دون أدنى محاسبة، مستشهدا بذلك البناء التجاري الذي يعرف برداءته وعدم امتلاكه أدنى مقومات البقاء.

ويشهد قطاع البناء في السعودية طلبا متزايدا في دولة تعيش عصرا ذهبيا في قطاع الإنشاءات، في ظل الإعلان عن المشاريع الكبرى التي تزيد الطلب على العمالة، إلا أن السوق كانت وما زالت تعاني قلة العمالة الماهرة المؤهلة، كما أن المهلة التصحيحية ستزيد ندرتهم إلى حد كبير، نتيجة ترحيل العمالة المخالفة، في الوقت الذي من الواجب فيه زيادة أعدادهم لمواجهة الطلب المتزايد عليهم.

وأضاف السعيدان أن العمالة الماهرة التي تعمل محليا الآن لا تتجاوز ربع أعداد العمالة العاملين في قطاع التشييد كافة، مبينا أنه على الرغم من كل هذا فإن هناك نقصا كبيرا في أعدادهم دفع بأسعار خدماتهم إلى مبالغ كبيرة، وتوفيرهم للعمل هنا بشكل كبير سيضغط على الأسعار للانخفاض.

جدير بالذكر أن السعودية كانت تعاني منذ سنوات عدة نقصا في أعداد العمالة الماهرة، لكن هذا النقص قد يزداد خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن مجموعة كبيرة من الشركات لم يسعفها الوقت لتصحيح أوضاع عمالتها، مما يعني غياب شريحة لا يستهان بها من العمالة، ويعكس فجوة مستقبلية في أعداد هذه العمالة المتخصصة في إعمار المنشآت، مما قد يلقي بظلاله سلبا على أداء المقاولات محليا.