سوق الإسكان والعقار في الكويت.. معضلة حيرت خبراء التنمية

في تقرير صادر عن «بيتك»: الربع الأول من 2014 شهد بدء بناء مشاريع سكنية بقيمة 95.8 مليون دينار

تعاني الكويت من ضعف التوسع الأفقي خارج العاصمة والمدن («الشرق الأوسط»)
TT

كشف تقرير عقاري متخصص عن أن قطاع الإسكان والعقار في الكويت يعاني من معوقات ذات علاقة بالبنية التحتية، من توفير أراض سكنية صالحة وخدمات طرق وموانئ ومطارات، واتصالات وتأسيس مناطق صناعية وطاقة ومياه وصرف صحي وتخزين. وأشار التقرير إلى سيطرة الحكومة على النسبة الكبرى من الأراضي المتاحة في البلاد، حيث بلغت المساحة الإجمالية لجميع مناطق الكويت الحضرية المخصصة للسكن الخاص والسكن الاستثماري والتعامل التجاري ما يقارب الـ446.8 كيلومتر مربع، وتمثل هذه المساحة ما نسبته 2.5 في المائة فقط من إجمالي المساحة الكلية لدولة الكويت البالغة 17.818 كيلومتر مربع.

وحذر معدو التقرير من أنه وأمام ندرة الأراضي المتاحة وعدم طرح أراض جديدة وزيادة معدلات النمو السكاني، فضلا عن وجود طلب كامن ناتج عن أن نسبة الـ65 في المائة من عدد السكان في سن أقل من 15 عاما، فإن الكويت مرشحة لأن تعاني من مشكلات عميقة في قطاعي الإسكان والعقارات.

وأضاف التقرير الذي أعده خبراء شركة «بيتك» للعقارات - تنشره «الشرق الأوسط» باتفاق خاص: «مما يزيد من حدة المشكلة التي تعاني منها الكويت، والتي تتجلى مؤشراتها في ارتفاع معدلات الانتظار للرعاية السكنية، وتركز واضح في المناطق الداخلية على حساب المناطق الخارجية، فضلا عن تأخر استكمال مشروعات البنية التحتية لبعض المناطق، مما يجعلها عرضة للمضاربات وارتفاع الأسعار، وعدم طرح أراض جديدة للأغراض الاستثمارية والتجارية، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإيجارات والبناء في ميزانيات الشركات، واختلال التوزيع العادل للأراضي واستخدامها في غير الأغراض المخصصة لها، حيث إن هناك مناطق صناعية قد تحولت إلى استعمالات في غير الأغراض المخصصة لها، وهو ما يتطلب إعادة النظر بالنسبة لاستعمالات الأراضي».

وأكد تقرير «بيتك»، أن النقص الحالي في الأراضي المتاحة في الكويت في الحيز التجاري والصناعي والمخازن أمر يعوق تنمية القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الحكومة ما زالت تمتلك كميات كبيرة من الأراضي الفضاء، كما أن إصدار قرار بتحويل بعض المناطق من مناطق سكنية إلى مناطق تجارية بفعل اتساع دائرة العمران قد يأخذ وقتا ليس بالقصير في معظم الأحوال.

وقال خبراء «بيتك»، إن استمرار الندرة في أسواق العقارات التجارية والصناعية والحرفية والمخازن يعد عائقا مهما أمام تنمية القطاع الخاص، ولن تحل المشكلات نفسها بنفسها في ظل اتساع دائرة البيروقراطية، وتعدد جهات اتخاذ القرار في الحكومة وازدواجية الاختصاصات وتشابكها، واتساع حجم القيود التنظيمية والمكانية المفروضة على عمليات التنمية العقارية الجديدة، وعدم مراعاة البعد الزمني في إقرار المشروعات العقارية المنفذة، مما يؤدي في معظم الأحوال إلى فترات إبطاء تؤثر سلبا على خطط إنجاز تلك المشروعات، وتفتح عملية توفير البنية التحتية والخدمات أمام المنافسة الخاصة وأن تقوم الحكومة بتشجيع المبادرات الخاصة وتثق فيها.

وأكد التقرير أنه لا توجد في الكويت أزمة سكن بمعناها المتعارف عليه في البلدان الأخرى، بل هناك أزمة تملك في سكن خاص مستقل.

ونوه التقرير بالعيوب التي تشوه نظام العرض والطلب في سوق العقار الكويتية، من خلال مشاركة الدولة في توفير مزايا عقارية وسكنية تفوق قدرتها على مواصلتها، واعتماد الرعاية السكنية على البعد الاجتماعي وليس البعد الاقتصادي وتزايد تراكم حجم طلبات الإسكان ليصل إلى أكثر من 109 آلاف طلب، والاستمرار في تقديم ألوان متعددة من الدعم الحكومي المتمثل في توزيع القسائم وقرض بنك التسليف والادخار، أو توفير بيت سكني من خلال المؤسسة العامة للرعاية السكنية وبدل الإيجار ودعم المواد الإنشائية، والإنفاق على البنية التحتية للمناطق السكنية.

* الحلول الممكنة

* ويرى خبراء «بيتك» أنه لا يوجد حل لهذه القضية دون إجراء تغيير جوهري لمجمل السياسة الإسكانية ومفهوم الرعاية السكنية، بحيث يجري تحويل قضية الإسكان إلى قضية استثمارية تجري وفقا لآليات اقتصادية، وهذا التغيير قد لا يكون ممكنا بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى أسلوب متدرج، مع خلق مناخ سليم كي يتمكن فيه القطاع الخاص من الحركة بسهولة عند الدخول في تنفيذ المشروعات، وتمويل وتخطيط وإدارة المشاريع الإسكانية.

وطالب التقرير بإفساح المجال للقطاع الخاص للقيام بدوره في تحمل تبعات التنمية العقارية، سيمكنه من طرح أنواع جديدة من التمويل لمساعدة الأسر المالكة الجديدة، وحثهم على دفع تكاليف الإسكان بشكل اقتصادي مع انسحاب سيطرة الدولة على ملكية الأراضي، وتخطيط وتمويل مشروعات البنية التحتية للمناطق السكنية والاستثمارية الجديدة مما يخفف الأعباء على ميزانية الدولة، وما يتطلبه ذلك من إصلاحات في تحسين نظم السجل العقاري واستهداف نظم عقارية تتمتع بالكفاءة، وقوانين للملكية المشتركة، حيث لن يقدر الملاك الجدد على تحديد قيمة بيوتهم من دون أسواق إسكان نشطة ومنظمة، يقيسون من خلالها تلك القيمة ويبيعونها، ولن تنمو تلك الأسواق ما لم يكن لدى الملاك حقوق واضحة للملكية وقابلة للتداول.

وشدد التقرير على أن الإسكان المخصص على نحو سليم يفتح الطريق للقطاع الخاص أمام فيض من المنتجات الجديدة، من بينها التمويل العقاري والسمسرة العقارية وصيانة المساكن وتنمية العقار، ومن شأن ذلك أن يخلق وظائف جديدة ويجعل سوق المساكن تعمل عن طريق توزيع المخاطر، وإمداد المشترين والبائعين بالمعلومات وتقديم التمويل المطلوب.

ويعد قطاع الإسكان من أهم قطاعات البنية التحتية من خلال الاستثمار في مشاريع الإسكان، والذي يعد بمثابة العمود الفقري للاستثمار الحكومي، ومن أهم الاستثمارات التي ستكون لها عائدات اجتماعية واقتصادية في الوقت ذاته.

وكشف التقرير عن أنه جرى استكمال مجموعة من المشروعات لبناء عدد من المدن الجديدة تصل تكلفتها إلى 862 مليون دينار، منها مشروعات سكنية جديدة جرى البدء فيها خلال الربع الأول من عام 2014 وتقدر قيمتها بأكثر من نحو 95.8 مليون دينار وفقا، لآخر معلومات صادرة عن المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

* أرقام المبيعات

* واصلت مبيعات العقارات في السوق الكويتية ارتفاعها لتستمر على مستواها الذي تخطى حاجز المليار دينار منذ الربع الثاني من عام 2013 حتى الربع الأول من عام 2014، إذ ارتفعت قيمة التداولات رغم انخفاض عدد العقارات السكنية المتداولة، بينما سجلت التداولات الاستثمارية ارتفاعا ملحوظا في عددها، كما انخفضت مبيعات العقار التجاري خلال الربع الأول من 2014.

وبلغت قيمة إجمالي التداولات العقارية نحو 1.251 مليار دينار سجلت بنهاية الربع الأول من عام 2014، مقارنة بنحو 1.080 مليار دينار خلال الربع الرابع من 2013، محققة ارتفاعا ملحوظا في الربع الأول من العام الحالي وصلت نسبته إلى 16 في المائة بقيمة قدرها 171 مليون دينار. وتراجعت مساهمة التداولات العقارية للسكن الخاص، وفق التقرير، لتشكل ما نسبته 40 في المائة من إجمالي قيمة التداولات العقارية خلال الربع الرابع من 2013، بينما شكلت نحو 46 في المائة قيمة التداولات العقارية في الربع الثالث من 2013، نتيجة انخفاض حجم التداولات العقارية السكنية بنسبة بلغت خمسة في المائة وبقيمة قدرها نحو 27.5 مليون دينار خلال الربع الرابع من 2013 عن قيمة التداولات السكنية في الربع الثالث 2013.

وتقدمت حصة التداولات الاستثمارية لتشكل نحو 49 في المائة من قيمة إجمالي التداولات خلال الربع الأول من 2014، مقارنة بحصة بلغت نسبتها 43 في المائة من إجمالي التداولات في الربع الرابع من 2013، حيث شهدت التداولات العقارية الاستثمارية خلال الربع الأول من 2014 ارتفاعا ملحوظا وصلت نسبته إلى 31 في المائة، وبنحو 146 مليون دينار عن قيمتها في الربع الرابع من 2013.

وتراوحت القيمة الإيجارية ما بين 250 إلى 350 دينار خلال الربع الأول من 2014 مقارنة بقيمة إيجارية تراوحت ما بين 250 و350 دينارا خلال الربع الرابع من 2013 للشقق مساحة 60 مترا مربعا، وتراوحت بين 280 و415 دينارا للشقق الاستثمارية خلال الربع الأول من 2014 مقارنة بقيمة تراوحت بين 200 و350 دينارا خلال الربع الرابع من 2013 للشقق مساحة 70 إلى 74 مترا مربعا، وقيمة إيجارية تراوحت بين 320 و465 دينارا خلال الربع الأول من 2014 مقابل قيمة إيجارية تراوحت بين 220 و400 دينار خلال الربع الرابع من 2013 للشقق الاستثمارية مساحة 80 إلى 85 مترا مربعا، بينما استقرت القيمة الإيجارية لتتراوح بين 425 و565 دينارا خلال الربع الأول من 2014، والربع الرابع من 2013 للشقق الاستثمارية مساحة 100 إلى 110 أمتار.

* اتجاهات السوق

* قد يؤدي الارتفاع في الأجور والرواتب الحكومية إلى زيادة الطلب على السكن الخاص في ظل ندرة المعروض منه، مما أدى إلى ارتفاع قيم الإيجارات في المناطق السكنية فقد بلغت إجمالي الرواتب الحكومية نحو 4.8 مليار دينار حتى الربع الثالث من عام 2013 مرتفعة بنسبة 18 في المائة بنحو 728 مليون دينار عن قيمتها التي سجلت نحو 4.1 مليار دينار خلال عام 2012.

والأمر اللافت للنظر هو استقرار نسب العوائد على العقارات الاستثمارية في معظم المحافظات، حيث بلغت نسبتها لمتوسط المحافظات 6.95 في المائة خلال الربع الأول 2014، وبلغ متوسطها في محافظة العاصمة 6.5 في المائة، وبلغت العوائد المدرة نسبة قدرها 6.7 في المائة في محافظة حولي، وبلغت سبعة في المائة في كل من محافظة الفروانية ومحافظة الأحمدي، وبلغت نسبة العوائد 7.2 في المائة في محافظة الجهراء، بينما بلغت 7.15 في المائة في محافظة مبارك الكبير، مما يعكس الارتفاع الملحوظ في قيمة العقارات الاستثمارية.

وقد شكلت التداولات العقارية التجارية نحو ثمانية في المائة خلال الربع الأول من 2014 مقابل مساهمة بنسبة عشرة في المائة من حجم التداولات العقارية خلال الربع الرابع من 2013، وانخفض حجم التداولات التجارية في الربع الأول من 2014 بنسبة سبعة في المائة وبقيمة بلغت نحو ثمانية ملايين دينار عن الربع الرابع من 2013.

وفي جانب الأسعار استمرت مؤشرات أسعار العقارات السكنية في الارتفاع خلال الربع الأول من 2014 مقارنة بالارتفاعات خلال العام في معظم محافظات الكويت بنسبة قدرها 2.4 في المائة، مقارنة بارتفاع متوسط الأسعار خلال الربع الرابع من 2013 الذي حقق زيادة نسبتها 3.9 في المائة لمتوسط محافظات الكويت.

أما مؤشرات أسعار السكن الاستثماري فقد استمرت في الارتفاع الملحوظ، حيث ارتفعت بنحو 4.4 في المائة خلال الربع الأول من عام 2014، مقارنة بارتفاع نسبته سبعة في المائة في الربع الرابع من 2013.

أما بالنسبة لمؤشرات أسعار العقارات التجارية فقد شهدت ارتفاعا ملموسا بنحو 3.2 في المائة في محافظات الكويت، حيث ارتفع متوسط الأسعار ليسجل 5.898 دينار للمتر المربع من العقارات التجارية في محافظة العاصمة، وسجلت محافظة حولي 3.479 دينار خلال الربع الأول من 2014.

* إجمالي السوق العقارية

* على صعيد إجمالي السوق العقارية سجلت مؤشرات التداول الصادرة عن إدارة التسجيل والتوثيق بوزارة العدل نحو 1.251 مليار دينار خلال الربع الأول من عام 2014 محققة ارتفاعا بلغت نسبته 16 في المائة بقيمة ارتفاع بنحو 171 مليون دينار عن قيمتها التي سجلت نحو 1.080 مليار دينار خلال الربع الرابع من عام 2013، حيث تراجع إجمالي التداولات العقارية بالعقود ليسجل ما قيمته 961 مليون دينار في الربع الأول من 2014 بانخفاض طفيف نسبته واحد في المائة بنحو 13 مليون دينار عن قيمتها البالغة نحو 974 مليون دينار خلال الربع الرابع من 2013، بينما حافظ إجمالي التداولات العقارية بالوكالات على وتيرة ارتفاعه؛ إذ تضاعف إلى نحو 290 مليون دينار خلال الربع الأول من 2014 بارتفاع غير مسبوق بلغت نسبته 173 في المائة وبنحو 184 مليون دينار عن قيمته خلال الربع الرابع من 2013، والذي سجل نحو 106 ملايين دينار.

وحققت التداولات العقارية بالعقود ارتفاعا ملحوظا على أساس سنوي بنسبة 23 في المائة بمقدار 182 مليون دينار، حيث سجلت نحو 779 خلال الربع الأول من عام 2013، في حين بلغت قيمة إجمالي التداولات العقارية بالوكالات أكثر من ثلاثة أضعاف، محققة نشاطا ملحوظا على أساس سنوي بنحو 219 مليون دينار مقارنة بنحو 71 مليون دينار خلال الربع الأول من 2013، وبنحو 146 مليون دينار مقارنة بنحو 526.4 ألف دينار خلال الربع الرابع من 2013. أما متوسط قيمة إجمالي الصفقات فقد سجل نحو 672.8 ألف دينار خلال الربع الأول من 2014، مرتفعا بنسبة 28 في المائة.