الصيف يدفع قطاع تأجير المنازل إلى تصدر الحركة العقارية في السعودية

الوسطاء العقاريون هم الأكثر استفادة.. والشقق الجديدة تتسيّد الطلب

تعيش السوق السعودية في الفترة الأخيرة تكهنات واسعة وسيناريوهات متضاربة عن مستقبل القطاع العقاري، خصوصا في ظل تصاعد الأسعار وإقرار الدولة رزمة من القرارات التاريخية («الشرق الأوسط»)
TT

يقود قطاع تأجير المنازل في السعودية القطاعات العقارية ككل من ناحية الأكثر نشاطا مع حلول إجازة الصيف، وهو الوقت الذي غالبا ما يتسم بالهدوء النسبي الذي يخيّم على شتى القطاعات ذات الصلة، إذ يتربع هذا الفرع العقاري المهم على رأس الأنشطة الفرعية ذات الصلة بحسب تأكيدات عقاريين متخصصين أكدوا أن الفترة التي تسبق فصل الصيف حتى حلول شهر رمضان المبارك، هي الفترة السنوية المعتادة التي يعيش فيها القطاع أعلى عطاء له، وتشتعل قطاعات التأجير كافة التي يقودها تأجير الشقق والأدوار الصغيرة على رأس مهمات البحث والعرض وإتمام العقود خلال هذه الأيام، الأمر الذي دفع بالأسعار إلى ارتفاع طفيف لا يتجاوز الـ5 في المائة، وقد وصفه متابعون بأنه طبيعي وغير جديد؛ نظرا لارتفاع الطلب مقارنة بالعرض إلى مستويات كبيرة خلال هذه الفترة، ما سيؤثر حتما في إعادة هيكلة الأسعار نحو الارتفاع، والتي عاشت السوق فيها وخلال الفترة التي استبقتها ركودا كبيرا في الأسعار يتأرجح إلى حد كبير نحو الانخفاض، ما يعني أن السوق العقارية تشهد بذلك أول ارتفاع لها منذ إصدار الحكومة المحلية قراراتها التاريخية التي راهنت بأنها ستسيطر بها على الأسعار.

وحدد زيد المهنا، الأخصائي العقاري، أن هناك حركة عقارية نشطة يشهدها قطاع تأجير الشقق خلال الفترة الحالية، بدأت منذ قرابة الشهر، بلغت ذروتها هذه الأيام، ما انعكس إيجابا على القطاع العقاري ككل الذي يشهد حركة بطيئة في مكاسبه، مبينا أنه رغم حاجة السوق إلى مزيد من إنشاء الوحدات السكنية، فإن الأسعار تقف عائقا بين رغبة المشترين في الشراء والسعر الذي يطمح إليه المستثمر عند نيته بيع العقار الذي يمتلكه، إلا أن حركة التأجير لا تتأثر كثيرا، بل تشهد نموا مطردا حتى تعود السوق إلى وضعها الطبيعي أو تنخفض إلى مستويات أقل مما هي عليه حاليا، رغم التسهيلات الحكومية التي طرحتها مؤخرا، أهمها: التمويل الإضافي من البنوك.

وزاد المهنا أن أكثر من استفاد من موجة تأجير الشقق هم الوسطاء العقاريون، وأصحاب الشقق التي جرى إنشاؤها من أجل الاستثمار فيها، الذين انتهجوا سياسة التحكم في السعر في ظل عدم وضوح صفة الجهات المحددة لأسعار الوحدات السكنية في السعودية، لافتا إلى أن هذا هو أول ارتفاع تسجله الأسواق السعودية منذ أشهر بالتزامن مع إقرار الحكومة رزمة من القرارات العقارية التصحيحية التي أوقفت السوق عن تصاعد الأسعار وأثارت ضجة كبيرة في انخفاض محتمل في الأسعار.

وتشهد السوق العقارية السعودية حركة عمرانية كبيرة حيث تعد من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى الشرق الأوسط، وتنشط في الوقت الحالي كثير من المشاريع العقارية الضخمة التي ستسهم بشكل مباشر في تقليص أزمة الإسكان التي تعانيها السعودية، وأقرت الدولة رزمة من القرارات العاجلة للمساهمة في احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن.

وحول النسبة المتوقعة في ارتفاع أسعار تأجير العقارات، خصوصا الصغيرة، أوضح ياسر المريشد، الذي يمتلك شركة متخصصة بالإنشاءات، أن نسبة الارتفاع تختلف من منطقة إلى أخرى؛ فالشمال الوجهة المفضلة الأولى، يليه الشرق، ويحل بعدهما بالتساوي الجنوب والغرب، إلا أنه ومهما اختلفت المنطقة فإنه لا يتجاوز بأي حال من الأحوال نسبة الـ5 في المائة التي اعتبرها طبيعية نظرا للطلب الكبير، متهما المستهلكين بأنهم سبب الارتفاع؛ وذلك لإقبالهم في وقت واحد وموسم محموم، كما أن بعضهم يشعلون السوق بمزايدتهم في الأسعار إلى مستويات مطردة.

وأضاف: «الشقة الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأشد بحثا والأكثر سعرا إذا ما قورنت بمثيلاتها، وتقل نسبة الفائدة كلما ارتفعت الأدوار إلى الأعلى، كما أن المصعد الكهربائي يعد ميزة تحقق ربحا إضافيا وعملة جاذبة، كما أن الشقق متوسطة العمر تأتي في المرتبة الثانية من حيث زيادة الأسعار، تليها القديمة التي لا يحرص المستأجرون على اتخاذها عشا للزوجية، وهم النسبة المؤثرة في هذا الإقبال الذي يشهده القطاع، إذا ما استثنينا من ذلك نسبة من ذوي الدخول المنخفضة».

بدوره، قال بندر التويم، الذي يمتلك مؤسسة عقارية تسويقية، إن نشاط حركة التأجير يعد الملاذ الأول في جني الأرباح خلال هذه الأيام بالتحديد، إذ يعمد كثير من العائلات السعودية إلى اختيار هذا التوقيت بالذات للتنقل، خصوصا بعد انتهاء العام الدراسي وإتمامهم نقل الأبناء إلى مدارس قريبة من مساكنهم الجديدة، والتي يعد قرب المنشأة من الخدمات الحكومية، خصوصا المدارس، سببا كافيا لتغريد سعرها خارج السرب، خصوصا للمراحل التعليمية الأولى ومدارس البنات.

وتعيش السوق السعودية في الفترة الأخيرة تكهنات واسعة وسيناريوهات متضاربة عن مستقبل القطاع العقاري، خصوصا في ظل تصاعد الأسعار وإقرار الدولة رزمة من القرارات التاريخية، إلا أن الغموض لا يزال يسيطر على المشهد العام، إذ ينتظر العاملون في القطاع العقاري ما ستكشفه الأيام المقبلة التي انتشرت فيها أنباء مختلفة عن قرب انخفاض وشيك للأسعار، نظرا إلى تجاوز الأسعار القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع في ترجمة حلمهم إلى واقع تملك المساكن.

وبالعودة إلى التويم، يضيف أن قطاع التأجير يصنف من أقل القطاعات نشاطا أو اهتماما مقارنة بالأفرع الأخرى، نظرا إلى محدودية حركته وتقيده غالبا بأوقات معينة، إضافة إلى قلة الفوائد التي سيجنيها المكتب الوسيط، ما يجعل خيار الاتجار في العقارات التأجيرية خيارا ثانويا، إلا أن ذلك لا يمنعها من أن تعود إلى الواجهة من جديد بداية كل فصل صيفي، وبالتحديد فور انتهاء العام الدراسي، وتستمر الفورة إلى شهر رمضان المبارك.

يذكر أن الحكومة السعودية أقرت الكثير من القرارات المصيرية التي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر في أسعار السوق العقارية، آخرها القرار الشهير «التمويل الإضافي» الذي جعل القطاع في حالة تأهب لما سيحدثه على أرض الواقع، ما يوضح أن الحكومة المحلية تسعى جاهدة للسيطرة على مشكلة الإسكان التي تعد من أولويات المواطنين الذين يعيش أكثر من نصفهم في منازل مؤجرة ويشكل ذلك مشكلة أزلية لديهم.