صندوق النقد الدولي: على المملكة المتحدة التحرك لوقف مخاطر ارتفاع أسعار العقارات

تخوفا من تزايد الديون وتأثيرها على التعافي الاقتصادي

TT

أعلن صندوق النقد الدولي أنه يجب على المملكة المتحدة اتخاذ إجراءات لاحتواء ارتفاع أسعار المنازل، إذ يمكن أن يشكل تزايد حالات المديونية خطورة على التعافي الاقتصادي.

وفي حين شهد الاقتصاد البريطاني «طفرة قوية»، أدى التضخم المتزايد في أسعار المنازل، وزيادة حجم الرهون العقارية الجديدة، إلى تعرض المنازل إلى مزيد من الصدمات المرتبطة بسعر الفائدة، وفقا لصندوق النقد الدولي، الذي أضاف أن هناك «عددا من المؤشرات القياسية» على وجود فقاعة. واقترح صندوق النقد الذي يقع مقره في واشنطن أن تتضمن الإجراءات تحديد نسبة الرهون العقارية التي يرتفع فيها القرض مقارنة بالدخل، والتي تستطيع جهات الإقراض إصدارها، وتعديل أو حتى إلغاء برنامج الحكومة الذي يحمل اسم «المساعدة على الشراء».

وذكر الصندوق في تقريره الصادر بموجب المادة الرابعة بشأن المملكة المتحدة أنه «في بيئة من الممكن أن تؤدي فيها التوقعات بتحقيق مكاسب على رأس المال إلى ارتفاع سريع في حالات المديونية في شراء العقارات - وبذلك تمثل خطورة نظامية على المؤسسات المالية - من المطلوب اتخاذ إجراءات تتعلق بالسياسات». وأضاف التقرير «يجب أن تكون سياسات التحوط الكلي في مقدمة وسائل الدفاع ضد المخاطر المالية الناجمة عن سوق العقارات».

يأتي التحذير الصادر بشأن تضخم أسعار المنازل تكرارا لتوصيات المفوضية الأوروبية التي صدرت في بداية الأسبوع الماضي والتي ذكرت أنه يجب على المملكة المتحدة دراسة إجراء إصلاحات على الضرائب وتعديل برنامج «المساعدة على الشراء» للحد من ارتفاع أسعار المنازل. ومن جانبه، صرح وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن بأن بنك إنجلترا يجب أن يستخدم الأدوات المتاحة له للحد من تضخم أسعار العقارات إذا كانت تمثل خطورة.

* التزام الحذر

* وصرح أوزبورن، أمام مؤتمر صحافي عقد في لندن بمناسبة إصدار التقرير، قائلا «يجب أن نظل حذرين تجاه أي مخاطر قد تظهر في سوق العقارات». وأضاف «لهذا السبب أعطينا للجنة السياسات المالية أدوات تحوط كلي جديد يمكنها أن تستخدمها إذا رأت أي خطورة تهدد الاستقرار المالي، (من بينها) تقديم توصيات لي بشأن حدود برنامج المساعدة على الشراء».

وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن إجراءات الحد من تنامي أسعار العقارات «يجب أن تقدم مبكرا وبالتدريج» لكي تسمح للجنة السياسات المالية بتعديلها وفقا للمخاطر. كما أعلنت اللجنة التابعة لبنك إنجلترا اعتبار ذلك «إنذارا» بوجود مخاطر، وأنها سوف تراجع حالة سوق العقارات في اجتماعها الذي ينعقد الشهر الحالي. وقد تتضمن الإجراءات الأولية تطبيق قواعد على مستوى القرض بالنسبة للدخل، على سبيل المثال السماح للمقرضين بتقديم نسبة مئوية محدودة من القروض التي تتخطى معدلا معينا، وذلك بناء على ما ذكره مسؤولو صندوق النقد الدولي. وكانت أسعار العقارات في بريطانيا قد شهدت ارتفاعا بنسبة 3.9 في المائة في الشهر الماضي، حيث رفع الطلب المتزايد قيمتها إلى أعلى مستوى منذ ستة أعوام، وفقا لإحصائيات «هاليفاكس». وصرحت شركة «هاليفاكس» للرهون العقارية بأن الأسعار ارتفعت بنسبة 11 في المائة في العام الماضي إلى متوسط بلغ 184.464 جنيها إسترلينيا (309.000 دولار أميركي).

* قيود على الإقراض

* أشعل الطلب المتزايد وقلة العرض أسعار العقارات، خاصة في لندن. ومن جانبهما، فرضت مجموعة «بنك اسكوتلندا الملكي» ومجموعة «لويدز المصرفية»، المالكة لـ«هاليفاكس»، قيودا على الرهون العقارية لمواجهة الارتفاع في العاصمة. ويبلغ إجمالي العقارات التي تم شراؤها بدعم من الضمان الحكومي للرهن العقاري بموجب برنامج «المساعدة على الشراء» 7.313 عقارا في الأشهر الستة الأولى من عمل البرنامج، أي ما يعادل 1.3 في المائة من جميع القروض التي تمت، وذلك وفقا لما أعلنته وزارة الخزانة. وخرجت نسبة 80 في المائة من القروض إلى مشترين لأول مرة. كما تم توفير ضمانات الرهون العقارية في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، في تمديد لبرنامج قائم يقدم قروضا من دون فوائد لمشتري المنازل المشيدة حديثا. وصرح مسؤولو صندوق النقد الدولي بأن وزارة الخزانة يجب أن تدرس ما إذا كانت هناك حاجة إلى خطة لضمان الرهون العقارية، حيث إنه في حين ما زال حجم الرهون صغيرا، فإن الاقتراض عن طريق هذا البرنامج سوف يزداد مع مرور الوقت؛ وتشير الأدلة إلى أن القروض خارج البرنامج كانت متوافرة للفئة التي كانت مقصودة بالاستفادة.

* المعروض من العقارات

* تعهدت الحكومة بالمضي قدما في برنامج المساعدة على الشراء في برنامجها التشريعي للعام المقبل، الذي أعلنت عنه الملكة إليزابيث الثانية للبرلمان الأسبوع الماضي. علاوة على ذلك، حث صندوق النقد الدولي الحكومة على القيام بمزيد من الإصلاحات لزيادة المعروض من العقارات. وذكر الصندوق أنه «ما زالت هناك أوجه قصور رئيسة، من بينها قيود غير ضرورية على تنمية الأراضي الصناعية والزراعية المهجورة، وسياسات الضرائب التي تثبط أفضل استفادة اقتصادية للأراضي، وأسواق الإيجارات غير المتطورة ذات فترات الإيجار القصيرة نسبيا». وأثنى الصندوق، الذي وجه في السابق انتقادات لبرنامج أوزبورن في تخفيض الميزانية واصفا إياه بالصرامة الشديدة، على ذلك البرنامج في تقريره لما تميز به من مرونة، وتوقع أن يظل النمو «قويا» في العام الحالي. كما صرح أوزبورن بأن «الاقتصاد البريطاني يعمل بكامل قوته. ويوضح تقرير صندوق النقد الدولي اليوم أن خطتنا الاقتصادية طويلة الأجل هي الصحيحة»

* الإبقاء على المعدلات

* جدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي مع إشارته إلى «الانخفاض السريع في معدل التضخم» فإنه أوصى باستمرار السياسة النقدية «في الوقت الحالي». وأضاف التقرير «لكن ربما ينبغي تقليص السياسات سريعا إذا تجاوزت التكاليف زيادة الإنتاج أو تم استيعاب الركود، وإلا فلن يمكن التعامل مع المخاوف المتعلقة بالاستقرار المالي».

وكانت لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا قد حددت سعر الفائدة الرئيس لديها في الأسبوع الماضي بأدنى نسبة بلغت 0.5 في المائة، وهو السعر الذي وصلت إليه منذ مارس (آذار) عام 2009. على صعيد آخر، يتكهن المستثمرون بأن يرتفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة بحلول مايو (أيار) المقبل، وفقا للتعاقدات الآجلة بناء على متوسط سعر صرف الإسترليني بين البنوك. ووصلت التوقعات بارتفاع السعر في الأشهر الاثني عشر المقبلة إلى ذروتها منذ عام 2011، وفقا لدراسة اتجاهات التضخم ربع السنوية التي نشرها بنك إنجلترا.