السعودية: إقرار زكاة الأراضي يقفز بعمليات المضاربة.. وتوقع انسحابات من السوق

مطالب بتعزيز مستوى الرقابة على القطاع العقاري

جانب من الأراضي البيضاء في مخططات أبحر شمال جدة («الشرق الأوسط»)
TT

توقع عدد من العقاريين السعوديين أن ينعكس القرار الأخير لمجلس الشورى السعودي، الذي أيده أغلبية الأعضاء حول جباية الزكاة على العقارات المعدة للبيع أو للإيجار، بما في ذلك الأراضي الخام والمطورة، على الخارطة العقارية باعتباراتها الاستثمارية، سلبا بتعزيز المضاربة على أسعار الأراضي في المدى المتوسط، حيث توقعوا أن تشهد السوق ارتفاعات متتالية في الأسعار لضمان تحقيق قيمة ما دُفع للزكاة، كما أكدوا أن القطاع سيشهد خروج شريحة من المستثمرين الذين لن يناسبهم ماديا البقاء في السوق بعد فرض «ضريبة» سنوية على معروضاتهم من الأراضي والوحدات العقارية.

وحذر العقاريون من أن المضاربة في العقارات وتحويلها بأسماء أشخاص من وقت لآخر؛ هروبا من دفع الزكاة، ستكون على أوجها بالنسبة إلى المتحايلين في دفع الزكاة، ورأوا أن المضاربات سترتفع إلى نسب كبيرة هروبا من الواقع الجديد، وستزيد معها الأسعار، وأن هناك خطأ كبيرا ارتكبه المسؤولون، وهو عدم وضع سقف معين أو قانون يمنع تزايد الأسعار التي سيدفعها ويتحملها المستهلك في نهاية المطاف.

وقال تركي الدباس مدير شركة الدباس العقارية القابضة لـ«الشرق الأوسط»: «إن القرار جيد إلى حد كبير، وسيجبر عددا من المستثمرين الدخلاء الذين يزايدون في الأسعار دون مبرر، على الخروج من السوق وبيع ما يمتلكون نظرا لعدم مقدرتهم على الاستثمار العقاري، في الوقت الذي يجب عليهم أن يدفعوا بشكل سنوي ضريبة الزكاة، التي ستدفع بشريحة لا بأس بها من المستثمرين إلى اعتزال السوق والبحث عن تجارة أخرى أكثر ربحا، خصوصا أن معظمهم يصنفون بتجار الشنطة الذين يتنقلون بين الاستثمارات والأسواق المفتوحة لإلهابها وزيادة الأسعار فيها من أجل التكسب، تماما كما حدث في سوق الأسهم ونكسته الشهيرة في العام 2006. وانتقالهم بعدها إلى سوق العقار، وها هم يتركونها ويتجهون إلى سوق أخرى سيتضح مع الأيام ما هي».

وكان مجلس الشورى، وافق خلال جلسته العادية الـ45 الأسبوع الماضي، على مشروع نظام جباية الزكاة في الأنشطة التجارية والمهنية، وذلك بعد أن استمع المجلس إلى وجهة نظر اللجنة الخاصة، بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه مشروع النظام الذي يتكون من أربع وثلاثين مادة، وينظم جني الزكاة من الأنشطة التجارية والمهنية، ويخضع له كل من يمارسها في السعودية وصناديق الاستثمار غير المفتوحة، والعقارات المعدة للبيع أو للإيجار، بما في ذلك الأراضي الخام والمطورة، ويستثني النظام الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية.

وأشار الدباس إلى أن الحكومة بدأت بخطوة جادة نحو السيطرة على الأسعار، وإخراج الهوامير الذين يجمدون ملايين الأمتار من الأراضي، دون عرضها للبيع، حيث لم يعمّروها، أو يتركوا لأحد تنفيذ الإعمار، لكن حتى هذه اللحظة لم تتضح التفاصيل الكاملة عن جباية الزكاة، هل ستأخذ بمعيار سعر شرائها أو بسعرها الحالي في السوق أو عن طريق لجنة خاصة تعتمدها مصلحة الزكاة والدخل، أو أن هناك معايير أخرى لا نعلمها.

ولفت إلى أن لكل أداة تقييم انعكاسا خاصا على السعر، لكن في مجمل الحدث فإن الخارطة العقارية ستتغير وسيضخ في السوق ملايين الأمتار المتوقفة، وهو ما سيلقي بظلاله إيجابا على القطاع العقاري.

فيما أكد عبد الله المحيسن الخبير العقاري لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة ليست في صالح السوق إطلاقا، حيث إن من يمتلك مساحات شاسعة من العقار، لن يرضخ للقرار الجديد بسهولة، إذ إنه متى ما اضطر مجبرا على الدفع فإنه سيدفعها، ومن ثم يقوم باستخراج المبالغ المدفوعة من أموال المشترين الجدد الذين سيتحملون فرق السعر بكل تأكيد.

ولفت إلى أن هؤلاء المستثمرين لن يرضوا بأن يبيعوا بخسارة، خصوصا أن معظمهم يعمل في السوق منذ عقود كثيرة، وسيقاومون التغيير بكل ما أوتوا من قوة ليبقوا الأمر في صالحهم وهو ما سيحدث، نتيجة تحكم فئة قليلة من المستثمرين بمساحات شاسعة، ومن يتحكم في العرض يحق له تهذيب الطلب كما يشاء.

وزاد: «قرار كبير ومؤثر يجب ألا يتخذ وينشر في نفس اليوم، بل كان من الواجب أن تُسنّ قوانين خاصة لحفظ السوق من الارتفاعات، قبل أن يجري نشر أي قرار يؤثر على القطاع، وذلك لحماية المشترين والراغبين في تملك المنازل من ارتفاع الأسعار نتيجة حجة بالية مثل دفع الزكاة».

وأوضح أنه يجب تدارك الوضع ووضع أسقف أسعار للأحياء وتصنيفات تعتمد من قبل وزارة الإسكان، من أجل السيطرة على الأسعار وعدم ترك السوق على حالتها الراهنة يتحكم فيها عدد من المستثمرين الذين لا ينظرون إلا لمصالحهم فقط، ولا يعيرون أي اعتبار لأي طرف آخر مهما كانت حاجته للسكن والاستقرار، وهو ما سيحدث قريبا في ظل ترك السوق دون مراقبة بحجة خضوعها للعرض والطلب وهو ما لا يحدث فعليا.

ويشمل نظام الزكاة، الأراضي المعدة للبيع بشرط إقرار مالكها أو عرضها للمساهمة بموجب قرائن ظاهرة، أو أن تكون مساحتها زائدة بصورة ظاهرة على حاجة المكلف الخاصة وأسرته بحسب العادة الغالبة.

وطبقا لمعلومات اقتصادية سبق نشرها، أنه وفقا للتقديرات فإنه يمكن التنبؤ بوصول المتحصلات السنوية للزكاة بعد تطبيق النظام الجديد لجبايتها على العقارات والأراضي، وفقا لقيمها الراهنة التقديرية إلى نحو 226 مليار ريال سنويا، وهو ما يعادل نحو 8.1 من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني بنهاية 2013. ونحو 19.8 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية المتحققة بنهاية 2013.

وفي ذات الموضوع، كشف إبراهيم العبيد المستثمر العقاري لـ«الشرق الأوسط»، أن عمليات المضاربة تزداد بنسب كبيرة؛ تهربا من دفع استحقاق الزكاة، كما أنها حيلة من أجل رفع أسعار العقار عبر التداول غير المبرر، وهو أمر أكد أنه سيحدث لا محالة ومن الواجب مستقبلا وقبل تطبيق القرار فعليا، مراقبة عمليات البيع والشراء وإيجاد طرق جديدة لكشف هذا النوع من التلاعب الذي سيخل بهدف فرض الزكاة على العقار، وهو الضغط على السوق من أجل خفض الأسعار وإجبار المتعنتين من تجار العقار على بيع عقاراتهم خوفا من أن تأكلها الزكاة.

وهو الأمر الذي سيضخ بدوره أعدادا كبيرة من العرض للوفاء بالطلب المتنامي، مما سيتيح للجميع التملك وبأسعار معقولة، مبديا تخوفه من عمليات المضاربة التي ستحدث وقد تفشل العمل برمته.