هدوء الصيف يدفع بالحركة العقارية في السعودية إلى الانخفاض 35 في المائة

تقلصها لم ينعكس على الأسعار.. والسوق لا تسير وفق العرض والطلب

TT

تقلص أداء السوق العقارية منذ بداية الإجازة إلى مستويات منخفضة، شملت جميع القطاعات العقارية بشتى مفاصلها، نتيجة سفر وانشغال معظم المستثمرين الذين يعدون الصيف «استراحة محارب» من العمل الذي أنهكهم طوال العام، الأمر الذي دفع بالحركة العقارية المحلية إلى تحقيق نسب متدنية من الحركة العامة تصل إلى أكثر من 35 في المائة، إذا ما قورنت بالفترة التي سبقت حلول إجازة الصيف.

وتحدث عدد من العقاريين عن أن هذه الفترة تشهد راحة واسترخاء لمعظم العاملين في القطاع العقاري والأفرع المرتبطة بالعقار، الذين أجبرهم هدوء الحركة على السفر إلى بلدانهم بالنسبة للعمالة الأجنبية التي تسكن حركتها إلى حد كبير في هذه الأيام، كما أن بعض الشركات تستغل هذه الفترة في إعادة هيكلة موظفيها وطرح الخطط الجديدة وتعديل القديم منها ليتناسب مع الحالة الجديدة للسوق، خصوصا أن معظم الشركات العقارية وخصوصا التطويرية منها، أعادت ترتيب خططها من جديد تماشيا مع التحديثات الأخيرة التي فرضتها وزارة الإسكان التي غربلت القطاع.

وقال عبد الله المحيسن، الذي يملك شركة خاصة للاستشارات العقارية إن «الهدوء الذي يعيشه القطاع العقاري السعودي أمر غير جديد، وإن هذا الأمر يحدث في جميع دول العالم، حيث إن إجازة الصيف تشهد فيها الأسواق العالمية نفس الضمور في الحركة، لكن بنسب متفاوتة، تختلف بحسب جاذبية الدولة واقتصادها».

وأوضح المحيسن أن هذا الأمر يعد أمرا صحيا إلى حد كبير، خصوصا أن القطاع العقاري المحلي شهد خلال الأشهر الأخيرة الكثير من الأحداث والقرارات المتسارعة، وعليه يجب أن يرتاح قليلا، وأفضل ما يطلق على فترة الصيف أنها «استراحة محارب».

وأضاف «جميع القطاعات العقارية بلا استثناء أصابها التقلص، وبعض الأفراد يرون أنها فرصة مناسبة للتريث واختيار العقار المناسب، سواء للشراء أو الاستئجار، خصوصا للشركات الاستثمارية التي استفادت من هذا الهدوء بتمحيص رغبتها في إنشاء المشروعات الجديدة، باعتبارها فرصة مناسبة في ضوء ما يحدث - حاليا - في السوق من غربلة شاملة»، لافتا إلى أن خيار الاستثمار والعمل في السوق العقارية لا يزال مرتفعا بشكل عام، ولكن يحكمه الفرصة والوقت المناسب بالدرجة الأولى.

يذكر أن السوق العقارية السعودية ما بين شد وجذب في نسبة الإقبال عليه، إلا أنه لم يشهد منذ نشأته أي انخفاض يذكر في أسعاره، وذلك نظرا لأن الحاجة الحالية إلى المزيد من المساكن تشكل ضغطا على الأسعار، إضافة إلى النمو السكاني المطرد الذي تشهده السعودية، خصوصا في المدن الرئيسة الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام.

وفي شأن متصل، كشف طارق العقلا، صاحب شركة عقارية، أن نسبة تقلص العمليات في القطاع العقاري انخفضت إلى ما يزيد على 35 في المائة، إذا ما قورنت بالفترة التي سبقت حلول إجازة الصيف.

واستطرد قائلا «لا أعتقد أن القطاع يهدأ دون أسباب، بل أرى أنه هدوء أحدثته الشركات والمؤسسات العقارية لترتيب أوراقها من جديد، من أجل إعادة وضع الاستراتيجيات الجديدة، بما يتناسب مع المرحلة المقبلة في وضعها المتجدد الذي يطرأ عليه التغيير من حين إلى آخر، خصوصا أن السوق العقارية سوق متقلبة، تحتاج في كل فترة إلى إعادة وضع الخطط المناسبة لذلك، من أجل اقتناص الأرباح وإعادة تحقيق الإيرادات، وفقا لما يرسم خلال هذه الأيام لسير العمل خلال العام المقبل».

وأضاف العقلا أن «العقاريين كغيرهم من التجار يحتاجون أيضا إلى أيام يستريحون فيها، في ظل شد الأعصاب الذي يتعرضون له من خلال حالة شبه توقف السوق عن الحركة من فترة إلى أخرى، ناهيك بضعف الإقبال الذي رافقهم الفترة الماضية، لذلك يحتاجون إلى الراحة، وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على تحرك السوق بشكل عام، إلا أن القطاع يظل متشبثا بوضعه المادي المرتفع الذي يحتاج إلى راحة حقيقية من الارتفاع الذي ظل يلازمه لفترات طويلة دون نتيجة تذكر».

من جهته، كشف حمود الحارثي، مستثمر عقاري، أن الشيء المحير في السوق العقارية السعودية هو ثباته أو ارتفاع سعره على نمط واحد، وأنه لا يشهد أي انخفاضات تذكر، على الرغم من تعرضه للكثير من النكسات، إلا أنها لم تؤثر على الأسعار بشكل رئيس، أي أنها لم تسجل أي انعكاس مادي إيجابي على الراغبين في الشراء، أو الباحثين عن فرص استثمارية حقيقية يعرضها عليهم هذا الانخفاض. ولفت الحارثي إلى أن الأسواق الأخرى تعمل تبعا لقوانين العرض والطلب، ولكن القطاع العقاري يسير بطريقة غير مفهومة، دون اتباع لأي طريقة أو قانون أو حتى خطى سير واضحة، وهو الأمر الذي جعل السوق العقارية من أقل الأسواق الاقتصادية عرضة للفرص، على الرغم من تمسكه حتى الآن بالمركز الأول بالنسبة للخيار المفضل بالنسبة إلى السعوديين، خصوصا بعد نكسة سوق الأسهم التي سحبت البساط منه لفترة بسيطة، وعاد ليحتل الصدارة من جديد. وأشار إلى أن القطاع العقاري رغم جاذبيته الاستثمارية إلا أنه لم يعد كالسابق، فالكساد الحاصل الآن في السوق ما هو إلا امتداد للضمور الذي يلف القطاع في السنوات الخمس الأخيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة السعودية أقرت الكثير من الخطوات العاجلة لاحتواء ارتفاع أسعار العقار محليا، عبر فتح قنوات التمويل مع البنوك والمؤسسات المالية، إضافة إلى تنظيم قطاع التأجير وتهذيبه من جديد، وقربها من تطبيق قرار زكاة العقار الذي سيدفع بالأسعار إلى الهبوط، عبر ضخ المزيد من الوحدات السكنية في السوق.