انخفاض في أسعار الأراضي البيضاء في السعودية.. والقطع المفردة الأكثر تأثرا

أراضي المخططات الأكثر تماسكا.. ومختصون يستبعدون فكرة انهيار السعر

الأراضي البيضاء حتى الآن أكثر القطاعات العقارية انخفاضا في القيمة العامة («الشرق الأوسط»)
TT

ما زال القطاع العقاري السعودي يواجه مزيدا من الضغوط، بعد المستويات الكبيرة التي ضربت قيمته وأوصلتها إلى مستويات كبيرة من الارتفاع، الأمر الذي انعكس على انخفاض في أسعار الأراضي، لامس الـ8 في المائة، بحسب تقديرات مهتمين في بداية واضحة لانفجار محتمل للفقاعة العقارية.

وأكد المتخصصون أن العزوف المستمر والقرارات الحكومية المتوالية، وأهمها قرار «ساما» للتمويل العقاري الذي اشترط وجوب توفير دفعة أولى قدرت بـ30 في المائة من قيمة العقار كأقل قيمة، جعلت السوق العقارية ترتطم بمزيد من التعقيدات والأمور، التي بدأت تؤتي أكلها في انخفاض أسعار الأراضي البيضاء، وقبلها الفيلات التي أصابها الكساد ونوع من الانخفاض.

وكانت الأراضي البيضاء حتى الآن أكثر الأفرع العقارية انخفاضا في القيمة العامة، حيث لامست الـ8 في المائة بحسب تأكيدات مهتمين أشاروا إلى أن أمورا عدة بلورت حال السوق الحالية.

الأمر ذاته أصاب معظم الأسواق العقارية الموازية، لكن بمستويات طفيفة لم تتجاوز الـ3 في المائة، إلا أنها تعطي إشارة عن عهد جديد من الطفرة العقارية، بعد أن عاق ارتفاع الأسعار السوق عن تحقيق أرباح كبيرة، رغم الحاجة الكبيرة لتملك المساكن في السعودية، وسجلت الأراضي الواقعة على أطراف المدن الرئيسة، خصوصا الأحياء الشمالية منها، النسبة الكبرى في عمليات البيع والشراء عن سائر المناطق الأخرى، خاصة أن معظم المطورين العقاريين يذهبون بمشروعاتهم شمالا لتحقيق الرغبة الكبرى لطلبات السكن.

راشد الهزاني، شريك عقاري بمؤسسة عقارية، أكد أن مستويات الانخفاض ليست بالمستوى الكبير الذي توقعه البعض، إلا أن النسبة البسيطة التي تحدث الآن هي عبارة عن مؤشر مهم للمستقبل الذي سيكون عليه القطاع العقاري، خصوصا أن المؤشرات العقارية ثابتة، ومن الصعب جدا أن تتحرك إلا في مجال الارتفاع، مما يعني أن الانخفاض كان من السيناريوهات شبه المستحيلة.

وتابع: «الواقع الجديد سيجبر الشركات على التعاطي مع الحالة الجديدة، وهي الانخفاض الذي سيدفع بالسوق نحو تحقيق الأرباح عبر كميات كبيرة من حركات البيع والشراء بأرباح قليلة، وليس الاعتماد على فائدة كبيرة من بيع قطع صغيرة من الأراضي، وهو النوع الأكثر انتشارا الآن».

وأضاف: «رغم ذلك فإن القطاع يعاني من حركة منخفضة في نشاطه، أي أنها ليست بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه السوق السعودية ذات القوائم الاقتصادية الضخمة، نظرا للحاجة الكبيرة في المساكن في ظل العرض المتوقف، الذي لم يجد إلا مشترين قلة، ممن تمكنهم إمكاناتهم المادية من القدرة على تملك منزل العمر»، موضحا أن قرار «ساما» الذي أعاد ترتيب الحصول على قرض عقاري أربك النظام العقاري ككل.

وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي قد أصدرت في وقت سابق اللائحة الجديدة للتمويل العقاري التي تنص على وجوب توفير 30 في المائة من قيمة العقار عند الرغبة في الشراء من جهات التمويل، واستكمال الـ70 في المائة المتبقية عن طريق الشركات وبنوك التمويل.

ورغم الجدل الكبير الذي حدث حول جدوى القرار، فإن الأيام المقبلة كفيلة بأن توضح مدى جدوى تطبيقه من عدمها، وهو ما تراهن عليه «ساما» بأنه سيكون ذا انعكاس إيجابي على الأسعار وعلى السجل الائتماني للمواطنين، وحماية المؤسسات المالية والاقتصاد من تعثرات محتملة نتيجة التوسع في إعطاء القروض.

من جهته، أكد ناصر التويم، الذي يمتلك شركة عقارية خاصة، أن منطقة شمال الرياض هي المسيطرة حاليا على نشاط الأراضي المفردة، تليها الأحياء الجديدة القائمة حديثا في شرق العاصمة، أما البقية البسيطة فقد نشطت في الجنوب والغرب، وذلك نتيجة لوجود الوزارات والدوائر الحكومية المهمة والشوارع الرئيسة بالقرب منها، فكلما ابتعدت عنها قل النشاط الحاصل فيها.

وأوضح أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار بشكل عام، خصوصا أن ارتفاع قيمة الأراضي هو المتسبب الرئيس في ارتفاع العقار بشكل عام، في دولة يعد سعر الأراضي فيها الأكبر على الإطلاق بالنسبة إلى التكلفة العامة للبناء.

وعن النسبة المتوقعة لهذا الحراك، قدر التويم أنها جيدة إلا أن الإقبال لا تزال أرقامه منخفضة إلى حد كبير، ولم يغرِ نقص الأسعار المواطنين بالشراء، لأن معظمهم لا يملك سعر المنزل أو حتى الدفعة التي قررتها مؤسسة النقد العربي السعودي، إلا أنه توقع أن يرتفع الإقبال أكثر مما هو عليه بسبب التحركات القوية التي ستحدث في القطاع خلال الأعوام الـ5 المقبلة.

ولفت إلى أن المنطق يتحدث بأن الوضع لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه، لأن الأسعار تفوق قدرات معظم الراغبين في الشراء بمراحل كبيرة، مضيفا أن انتعاش السوق مربوط بمزيد من الانخفاض الذي سيمكن الجميع من التملك، مما سيعكس ازدهارا في الحركة العقارية، سيستفيد منه الجميع، في ظل فتح الحكومة، بالتعاون مع البنوك، القنوات التمويلية التي ستضخ كميات هائلة من السيولة.

يشار إلى أن السعودية موعودة بعهد جديد من فرص التملك والبناء، مما أهلها لاحتلال مكانة متقدمة من بين الدول، من حيث تزايد المشروعات العقارية الإنشائية، خصوصا أن الحكومة تسعى جاهدة لتسهيل عملية تملك المواطنين للمساكن، مما ينبئ بمشروعات إضافية ضخمة وطفرة عمرانية مرتقبة ستعيد إلى السوق توازنها وتضعها في وضعها الطبيعي.

من جانبه، كشف ياسر المريشد، الخبير العقاري، أن قطاع الأراضي المفردة في المخططات الجديدة بدأ يعيش تذبذبا في تحديد الأسعار، إلا أنه يعد الأكثر تماسكا بالنسبة إلى الأراضي المقطعة، وأن هناك انخفاضا واقعيا يلامس الـ8 في المائة كحد أعلى.

الأمر ذاته أصاب معظم الأسواق العقارية الموازية، لكن بمستويات طفيفة لم تتجاوز الـ3 في المائة، إلا أنها تعطي إشارة إلى عهد جديد من الطفرة العقارية، بعد أن عاق ارتفاع الأسعار السوق عن تحقيق أرباح كبيرة، خصوصا في الأراضي الواقعة على حدود الرياض من جهتيها الشرقية والشمالية.

ولفت إلى أن هناك تخوفا يسود لدى بعض المستثمرين في القطاع بأن هناك انخفاضا حقيقيا سيحدث مفاجأة كبيرة، وسيهبط اضطراريا بالأسعار، وهو أمر يرونه كارثيا، وأن التنازل عن بعض المكسب خير من فقد مكاسب أكبر قد يفرضها الواقع في القريب العاجل.

وكان القطاع العقاري قد شهد تجاذبات عدة خلال الأعوام الماضية، وبالتحديد بعد النكسة الشهيرة لسوق الأسهم، الأمر الذي دفع بالعقار لتصدر المشهد الاستثماري الأكثر أمانا، إلا أن التضخم الكبير الذي عاشته السوق أصبح منفرا إلى حد كبير، وبدأت الأسعار تتهاوى فيه وتحقق أرقاما جديدة في الانخفاضات، في ظل ارتفاع الأسعار إلى مستويات كبيرة بنسب تجاوز 100 في المائة خلال عام واحد.