هاليفاكس: العقارات البريطانية ستشهد ركودا نسبيا في 2008

توقعات أن تشهد أسعار المنازل تراجعا وسط صورة قاتمة عن الاقتصاد

لا تزال العاصمة لندن الأغلى والأغنى عقاريا في جميع أنحاء بريطانيا («الشرق الأوسط»)
TT

أفادت أكبر شركة رهن عقاري في بريطانيا، ان اسعار العقارات في المملكة المتحدة ستشهد ركودا نسبيا خلال العام الحالي، رغم ارتفاع متوسط سعر المنزل الواحد بنحو 21 الف دولار في عام 2007.

وتوقع خبراء في «هاليفاكس» أكبر المؤسسات العقارية في بريطانيا ان تشهد الاسعار ركودا او فتورا عاما خلال العام الحالي، متوقعين على هذا الاساس ان تعاني اسعار المنازل بعض التراجع على مدى الاشهر المقبلة.

وتأتي هذه التوقعات بعد ان رسم آخر تقرير اقتصادي اصدرته مؤسسة «ديلويت» الدولية صورة قاتمة لنمو الاقتصاد البريطاني، حيث أكد ان الاقتصاد البريطاني يعيش اضعف حالاته منذ 15 سنة، مؤكدا ان هناك مخاطر كبيرة ان يعاني الاقتصاد البريطاني من الركود على مدى العامين المقبلين.

وأشار التقرير الى ان ازمة الائتمان العالمي جعلت الاقراض اكثر صعوبة واعلى تكلفة، داعيا بنك انجلترا (البنك المركزي) الى اتخاذ خطوة دراماتيكية من خلال تخفيض معدل الفائدة الى 4 في المائة من 5.5 في المائة من اجل تحفيز الاقتصاد.

واوضح تقرير هاليفاكس الشهري ان هذه التطورات تأتي بعد ان ارتفعت اسعار العقارات في بريطانيا بنسبة كبيرة وصلت الى 182 في المائة منذ عشر سنوات (نهاية عام 1997)، فالمنزل الذي كان سعره آنذاك 70 الف جنيه (138 الف دولار) اصبحت قيمته الآن 197 الف جنيه (390 الف دولار).

وأظهر مؤشر «هاليفاكس» الشهري الخاص بحركة العقار في بريطانيا ان اسعار العقارات ارتفعت في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2007 بنسبة 1.3 في المائة، بعد ثلاثة اشهر من التراجع. وبين التقرير ان الاسعار قد كانت في الربع الاخير من العام الماضي اقل مما كانت عليه في الربع الثالث بنسبة ناقص 0.8 في المائة، الا ان التقرير اوضح ان معدل الاسعار في ديسمبر الماضي كان اعلى من الفترة ذاتها من العام الماضي بنسبة 5.2 في المائة. وأشار التقرير الى انه بالمحصلة ارتفع معدل سعر العقار او المنزل في بريطانيا العام الماضي ما قيمته 11.7 الف جنيه استرليني (23 الف دولار)، حيث وصل معدل سعر العقار الى حوالي 197 الف جنيه (390 الف دولار)، مشددا على ان الاسعار، سجلت معدلا ارتفاعيا للاسعار وللعام الثاني على التوالي اقل من المتوقع او المعدل الذي كانت عليه في السنوات الماضية، الذي يقارب 8 في المائة.

على انه، أكدت هاليفاكس لم تكن الارتفاعات والتراجعات في الاسعار خلال الاشهر القليلة الماضية، الا دليلا على التقهقر الذي تشهده الاسواق العقارية المحلية منذ بدء ازمة الرهن العقاري الاميركي العالي المخاطر في أغسطس (آب) الماضي.

وقد حصل هذا النموذج من التراجعات والارتفاعات خلال عام منذ يوليو (تموز) 2004 ويونيو (حزيران) 2005 كرد فعل على عدة ارتفاعات لمعدل الفائدة العام عام 2004. كما حصل الامر ذاته بين فبراير(شباط) عام 2000 وفبراير عام 2001، حيث تراجع معدل ارتفاع الأسعار من 15 في المائة الى 2.5 في المائة.

حسب مارتن اليس الخبير الاقتصادي في «هاليفاكس» ورؤيته في ان التراجع المتوقع، يجب ان تتم رؤيته في إطار اداء الاقتصاد بشكل عام، فالاقتصاد البريطاني كان صحيا وقادرا على دعم القطاع العقاري هذا العام، فقد وصل عدد الوظائف الجديدة بين اغسطس واكتوبر (تشرين الاول) 114 الف وظيفة. ووصل هذا الرقم خلال العام الماضي الى 226 الف وظيفة، ليصل عدد العاملين في بريطانيا الى 29.29 مليون. ولا يزال النمو (3 في المائة) متواصلا منذ اكثر من 65 ربعا من دون تقطع، وهي اطول فترة نمو اقتصادي في الدول الصناعية الكبرى ولا يمكن لاي دولة مجاراتها. وعادة ما يؤثر عامل ارتفاع عدد الوظائف ايجابيا في حركة السوق العقارية ويدعمها. أما الأرقام الأخيرة، فتشير إلى أن إجمالي الناتج المحلي ارتفع بنسبة 0.7 في المائة بين الربع الثاني والربع الثالث من العام الماضي، ولم تتعد هذه النسبة 0.6 في المائة قبل عامين.

ومع هذا يتوقع الخبراء ان يتراجع النمو هذا العام من 3 في المائة الى 2 او 2.25 في المائة ، ليرسي على 2.5 في المائة، وربما يتباطأ بشكل اكبر مع تطورات الأسواق الأخيرة، بسبب توقعات تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجع القدرة الشرائية لدى المستهلك وتشديد شروط منح القروض وفوائدها في معظم القطاعات. وللحفاظ على صحة الاقتصاد ومنعا لاي تراجع كبير في الأداء العام، كما حدث قبل اشهر، يتوقع أن يقوم بنك انجلترا المركزي بتخفيض معدل الفائدة العام مرتين هذا العام وبنسبة لا تقل عن 0.50 في المائة. ومن شأن ذلك دعم القطاع العقاري الذي يبدي بعض الوهن نتيجة أزمة الائتمان الدولية حسب ما أكده أليس في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

واكد اليس، «ان الاسعار بشكل عام ستكون مستقرة، لكن عدد المنازل التي ستباع سيكون اقل بنسبة 15 في المائة عما كانت عليه عام 2007، فالدفة حاليا لصالح المشتري، إذ هناك خيارات أكثر ولا توجد ضغوط كما كان فى الماضي. لذا يجب على المشتري ان يقترض فقط ما يستطيع سداده. اما البائع فعليه ان يكون واقعيا هذا السنة، خاصة من ناحية الاسعار ويجب ان يكون مستعدا للانتظار لفترة طويلة لبيع عقاره، اطول مما كان عليه الوضع في السنوات الماضية». وتقول الدراسات العقارية الاخيرة التي اجراها بنك «هاليفاكس» ان القيمة السوقية للمنازل الخاصة في بريطانيا ارتفعت بنسبة 9 في المائة (320 مليار جنيه استرليني تقريبا) العام الماضي، لتصل الى 4 تريليونات جنيه (7.92 تريليون دولار) . وعلى هذا الاساس تكون قيمة العقارات السوقية قد تضاعفت اكثر من ثلاث مرات منذ عام 1997 (1.3 تريليون جنيه)، مقارنة بذلك لم يتعد ارتفاع مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية نسبة 31 في المائة. وتشير الدراسة الى ان قيمة اصول او موجودات العقارات الخاصة في بريطانيا، وهي اقل من من قيمة القروض العقارية الممنوحة، ارتفعت خلال العقد الماضي بقيمة 2 تريليون جنيه (3.96 تريليون دولار)، حيث صعدت من 870 مليار جنيه عام 1997 الى 2.8 تريليون جنيه استرليني (5.54 تريليون دولار) عام 2007. في حين وصل معدل قيمة الارتفاع السنوي خلال السنوات الاخيرة 185 مليار جنيه (366 مليار دولار)، سجل العام الماضي ارتفاعا قدره 198 مليار جنيه (392 مليار دولار).

وفي هذا السياق أشار اليس الى «ان اصحاب المنازل راكموا ما قيمته 2 تريليون جنيه من الثروة خلال العقد الماضي بسبب ارتفاع اسعار العقارات. مما ادى الى تقوية دفة اصحاب المنازل مقابل قطاع القروض الذي لا يشكل الا 30 في المائة من قيمة القيمة السوقية للمنازل الخاصة الذي يصل الى 4 تريليون جنيه». يشار هنا الى ان قيمة الاصول كانت 3.5 مرة اكبر من قيمة القروض العقارية الممنوحة (1.2 تريليون جنيه ) عند نهاية العام الماضي، بينما لم تتعد 3 مرات قبل عشر سنوات. ولا يزال هذا الفارق في الميزان بين القطاعين لصالح الاصول والموجودات العقارية، متواصلا منذ عام 1995.

وحول الفارق بين المناطق الشمالية والجنوبية القريبة من العاصمة لندن، تقول الدراسة ان قيمة الاصول في الجنوب وصلت الى 2.2 تريليون جنيه، بينما لم تتعد في الشمال 1.8 تريليون جنيه. وعلى هذا الاساس استحوذت حصة الجنوب عام 2007 على نسبة 55 في المائة بينما استحوذت حصة الشمال على 45 في المائة.

وتشكل قيمة الاصول والموجودات العقارية في الجنوب الشرقي والعاصمة لندن 36 في المائة من المعدل الوطني العام، 17 في المائة منها في العاصمة. وارتفعت القيمة السوقية للمنازل الخاصة في كل المقاطعات البريطانية بنسبة 180 في المائة منذ عام 1997.

ووصلت هذه النسبة في ايرلندا الشمالية وحدها الى 404 في المائة وفي مقاطعة ويلز الى 223 في المائة وفي المناطق الجنوبية الغربية الى 222 في المائة .

ولا بد من الذكر هنا ان الفرق الشاسع في قيمة الثروة بين الجنوب والشمال قد تقلص خلال السنوات الخمس الماضية ، ففيما لا يزال الجنوب يستحوذ على 61 في المائة منها، ارتفعت نسبة الشمال لتصل الى 39 في المائة .

وقد وصلت قيمة ثروة اصحاب المنازل (المالية والعقارية) العام الماضي الى 6.7 تريليون جنيه استرليني (13.2 تريليون دولار تقريبا)، أي بارتفاع نسبته 106 في المائة عما كانت عليه عام 1997، حيث لم تتعد 3.3 تريليون جنيه ( 6.2 تريليون دولار تقريبا ).