منازل السعوديين.. تتعلم «الذكاء» قبل أن تستطيع «الوقوف»

TT

سافرت أسرة سعودية لقضاء بضعة أيام في أحد المصايف الداخلية، لكن ربة المنزل استخدمت كل علاقاتها الاجتماعية لتقنع جاراتها، بتفقد المنزل، وسقاية المزروعات، وسداد فاتورة الخدمات الكهربائية والاتصالات، وسط مخاوفهم من تكرار تعرضهم للسرقة، وتلف اللحوم بسبب انقطاع الكهرباء، وفقدان الجارة المكلفة بحديقة المنزل لمفتاح البوابة الرئيسية. وإذا كانت ربة منزل في كوريا الجنوبية التي تخطط لبناء أكثر من 30 الف منزل ذكي، تستطيع تشغيل الاجهزة الكهربائية وسداد الفواتير، وتحسين نوعية الهواء داخل المنزل، فإن التقنية نفسها هي التي ستساعد ربة منزل في جدة أو عرعر أو القصيم أو أي مدينة سعودية أخرى، أن ترفع عن نفسها عناء الاحراج وهي تبحث عمن يقوم بأدوارها المنزلية في غيابها، وستريح رب الأسرة، أن يعيّن جاره حارسا متطوعا على منزله أثناء ابتعاد الاسرة عن منزلها. خبراء الأنظمة الذكية، يتابعون من ثقب الباب، مساحة رحبة لتحويل التفاصيل الصغيرة من المشاكل المنزلية المرتبطة بسلوكيات الأفراد، إلى حلول تقنية يمكنها تيسير الحياة المنزلية، وبناء علاقة حركية ذات أبعاد لا ترتبط بالمكان.

تقول شذى بكير، وهي ربة منزل، إن الحديث في المنازل الذكية لا يزال بالنسبة لها كأم وربة منزل، بعيد المنال، رغم أنها تعتقد بأهمية أن تبدأ شركات التشييد العقاري، في التوجه لهذا النمط من البناء الذي ترى بأنه يوفر تنافسية للمقاولين المتخصيين، بدلا من أن يظل الامر التنافسي محصورا في عدد الغرف. ويرى سالم القحطاني، وهو يعمل عقاريا متخصصا في البناء والتشييد، أن تلك الرؤية للسيدة بكير، تتقاطع ورؤى أناس كثر، لكن المشكلة برأيه لا تزال في إضافة تكلفة اضافية للمباني عند البناء، في ظل ارتفاع أسعار العقارات.

ويقترح القحطاني، أن تدخل الشركات التقنية المتخصصة في مجال الأنظمة في شراكات رئيسية مع المقاولين، لتزويدهم بالخبرات والمعدات، ضمن منظومة تكاملية دون اغفال الجوانب الربحية لكل الاطراف كونها مسألة تحكم القرار النهائي عند البناء.

وكانت بعض المرافق الأهلية والحكومية في السعودية، بدأت في دخول «العصر الذكي» للمباني عبر البوابة «الأمنية» التي هي الاكثر اغراء حتى الان نتيجة تعدد الخيارات والفوائد المباشرة التي يحصل عليها مديرو تلك الجهات في ضبط المعايير الرقابية والانتاجية للعاملين.

وتروي مسؤولة في أحد المستشفيات السعودية، كيف تحسنت معدلات الانضباط داخل المستشفى بعد أن أصبحت الكاميرات هي الفيصل في حل الخلافات والمشاكل التي تحدث بسبب ضغوط العمل.

ويرى متابعون للنسيج الاجتماعي أن ما يعطل الانتقال المرحلي للتقنية «الذكية» عبر أجهزة التحكم، يكمن في السلوك الجماعي الذي يحرك اتجاهات الناس في السعودية، أكثر من تبني الافكار الجديدة، وأن قدرة الشركات المتخصصة في الانظمة على تسويق أفكارها، هو الذي سيحدد مسألة الاقبال على التفكير بجدية في أن تصبح البنية التحتية للتقنية، هي أحد الاسئلة المهمة التي يطرحها الافراد على المقاولين، قبل أن يُدق مسمار واحد في جسد الجدران الاسمنتية.