مصر: قانون الضرائب العقارية الجديد يثير أزمة مع شركات الاستثمار العقاري

في مساع حكومية للقضاء على «تسقيع» الوحدات السكنية ومخاوف من تحميل المشتري القيمة الضريبية

الوحدات المغلقة تصل نسبتها إلى 25 في المائة من الثروة العقارية في مصر («الشرق الاوسط»)
TT

يبدو أن فصول الجدل والاعتراض على قانون الضرائب العقارية الجديد في مصر لن تقتصر على مناقشاته الحالية في البرلمان تمهيدا لإقراره، إنما ستمتد إلى أشهر وربما سنوات ليلقي بظلاله على سوق العقارات المصرية والاستثمار في هذا المجال، بعضها إيجابيا والآخر سلبيا، ليصبح مشتري الوحدة هو المتحمل الوحيد لتبعاتها.

وينظر العديد من الخبراء والعاملين في قطاع الاستثمار العقاري إلى أن قانون الضرائب العقارية الجديد يحمل أزمة حقيقية بين الحكومة المصرية وشركات الاستثمار العقاري، خاصة في ظل بنود التزام الشركات بسداد الضريبة عن الوحدات السكنية التي بحوزتها ولم يتم تسويقها، فضلا عن التي يتم التعاقد عليها مع المشتري ولم يتم تسليمها بعد.

الأمر الذي أثار معه مخاوف من قيام كيانات الاستثمار العقاري بتحميل المشتري ما دفعته من ضرائب على قيمة الوحدة المتعاقد عليها مما ينعكس سلبا على ارتفاع ثمن الوحدات العقارية في مصر بعد تفعيل هذا القانون.

وتبرر الحكومة المصرية موقفها بإلزام شركات الاستثمار العقاري بدفع ضريبة عن الوحدات التي تمتلكها بمحاولة القضاء على ما يعرف بظاهرة «تسقيع» الوحدات من خلال الاحتفاظ بها من دون تسويقها بغرض الاستفادة من فارق أسعار ارتفاع العقارات.

وانتقد هشام طلعت مصطفى، رئيس شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الصناعات المصرية، اتجاه الحكومة المصرية لفرض ضرائب على الوحدات التي بحوزة الشركات.

وتساءل مصطفى الذي يرأس مجموعة طلعت مصطفى للتطوير العقاري إحدى كبريات شركات الاستثمار العقاري في مصر «هل يدفع منتج الأجهزة المنزلية ضريبة على منتجاته وهي في المخازن قبل أن يسوقها؟»، نافيا قيام الشركات العقارية بترك الوحدات من دون تسويق بعد الانتهاء من بنائها أو تشطيبها.

وفي هذا السياق، طالب محمد عجلان، رئيس لجنة الإسكان بجمعية شباب الأعمال، بتحصيل الضريبة العقارية على الوحدات بعد بيعها بغض النظر عن نسبة هذه الضريبة. وقال إنه حتى لو اتجهت بعض الشركات العقارية إلى الاحتفاظ بالوحدات العقارية لتسقيعها، فإن الحكومة تحصل على حقها على هيئة ضرائب الأرباح التجارية.

وأضاف أنه ينبغي أن يستهدف القانون ملاك العقارات الذين يتركون الوحدات مغلقة من دون بيع أو إيجار وتصل إلى نحو 25 في المائة من الثروة العقارية في مصر، وليس شركات الاستثمار العقاري التي تهدف إلى بيع وحداتها للاستمرار في السوق والحصول على مشاريع أخرى.

واعتبر عجلان أن عيب قوانين الضرائب أنها تفترض أن المواطن سيئ النية، مشيرا إلى ضرورة أن يعمل الفكر الضريبي الجديد على إعادة بناء هذه الثقة.

ومن جانبه، أكد شريف حافظ، رئيس شركة ماسبيرو للتنمية العقارية، أن النظرية الضريبية في العالم كله تتجه إلى دفع الضريبة على القيمة المضافة أو على توليد الثروة وليس على الثروة ذاتها، وإلا يؤدي دفع الضريبة إلى تآكل هذه الثروة. وحذر حافظ من تأثير فرض الضريبة العقارية في الوحدات التي تمتلكها الشركات العقارية قبل أن تتمكن من تسويقها على رأس المال العامل لهذه الشركات وتقلل من السيولة المتاحة لديها، مما يؤدي إلى تقليل نشاط هذه الشركات وارتفاع تكاليفها ويضطرها لتعويض هذه التكاليف برفع ثمن الوحدات على الجمهور، مما يزيد من أسعار العقارات ويزيد الأزمة.

وأشار إلى أن الحكومة تحاول البحث عن حل للإسراع ببيع الوحدات المغلقة، لكن الحل عن طريق الضرائب ليس موفقا، لأن من سيتحمل هذه الضريبة هم ملاك العقارات.

وفي المقابل، أكد الدكتور سمير مرقص، أستاذ الضرائب بالجامعة الأميركية في القاهرة، أن فرض ضريبة عقارية على الوحدات التي لم يتم تسويقها أو تشطيبها أمر منطقي لأن أكثر من 80 في المائة من الشقق في مصر يتم بيعها من دون الانتهاء من تشطيبها، حيث يفضل المصريون شراء الوحدات خاصة السكنية من دون تشطيب ليستطيع كل شخص أن يقوم بتشطيب وحدته السكنية بما يناسب ذوقه الخاص، فضلا عن أن الوحدات العقارية تعتبر صالحة للسكنى بمجرد اكتمال مرافقها الأساسية.

وأشار مرقص إلى أن إدراج الحكومة للوحدات التي لم يتم تشطيبها ضمن الوحدات التي يستلزم دفع ضرائب عليها يغلق الباب أيضا أمام أصحاب الشركات العقارية للتلاعب بتركها فترة من دون تشطيب حتى لا يمكن اعتبارها صالحة للسكنى، وبالتالي لا تكون محلا لفرض الضريبة العقارية.

وأكد أن القانون الجديد قصد أن يكون اكتمال المرافق الأساسية للمبنى كافيا لجعله وعاء للضريبة العقارية نظرا لأن القانون يهدف أساسا إلى جعل الاحتفاظ بالوحدات من دون تسويق بغرض التسقيع مكلفا بالنسبة للشركات التي تفعل ذلك حتى يسهم القانون في زيادة المعروض للبيع من الوحدات العقارية.

ولفت مرقص الى وجود أكثر من 12 مليون شقة مغلقة على مستوى مصر في الوقت الذي نتحدث فيه عن أزمة إسكان، مما يؤكد وجود نزعة صارخة للمضاربة على العقارات.

وأكد أن بعض الشركات العقارية الكبرى لديها مشروعات متكاملة ومع ذلك لم تطرحها للبيع لمدة تصل إلى 3 سنوات بهدف الاستفادة من الارتفاع السريع في أسعار العقارات في مصر، الذي يصل لثلاثة أضعاف خلال اقل من سنة، خاصة في الشوارع والميادين الرئيسية والأماكن المتميزة.

وفي هذا السياق، أكد أسامة العيسوي، نائب رئيس مصلحة الضرائب العقارية في مصر، أن شركات الاستثمار العقاري استفادت من المرافق العامة التي دفعت الدولة تكاليفها، وبالتالي يجب أن تدفع جزءا من أرباحها، سواء على شكل ضريبة تصرفات عقارية عند بيع الوحدات أو على شكل ضريبة عقارية طوال فترة احتفاظها بالوحدات.

وقال العيسوي إن الضريبة العقارية تفرض على الوحدة السكنية ويدفعها من يحوز هذه الوحدة، سواء كانت الشركة العقارية أو المالك الذي اشتراها.