صناديق المساهمات الاستثمارية.. قالب جديد للتنمية العقارية السعودية

مراقبة هيئة السوق المالية لها تساعد على حفظ حقوق المساهمين

تدخل صناديق الاستثمار العقاري مرحلة إثبات الذات خلال الفترة المقبلة كبديل للمساهمات العقارية التقليدية التي واجهت مشاكل ومعوقات («الشرق الأوسط»)
TT

ستحدد صناديق المساهمات العقارية الاستثمارية في السعودية، ملامح الاستثمار العقاري في المستقبل، بعد أن اشترطت هيئة السوق المالية وجود صندوق استثماري لأي مساهمة يمكن أن تطلق في السوق، في محاولة لإعادة الحياة إلى المساهمات العقارية التي خسرت جزءا كبيرا من مصداقيتها في السابق نتيجة «مساهمات وهمية».

وتسعى كثير من الجهات إلى أن تساهم هذه الصناديق في تطوير التنمية العقارية، حيث تم إطلاق صندوقين عقاريين من قِبل بنك محلي وشركة مالية، الأمر الذي قد يمسح الصورة السابقة للمساهمات العقارية بشكلها الماضي، التي تسببت في ضياع حقوق وهدر أموال وتعثر التطوير في بعض المساهمات. وفي بداية تنظيم صناديق المساهمات العقارية من قِبل هيئة سوق المال السعودية ـ المشرفة على المساهمات العقارية ـ شهدت الصناديق عزوفاً كبيراً من قِبل العقاريين، كون الصناديق تحولت إلى صناديق مالية أكثر منها عقارية، إلا أن الهيئة أكدت في وقتها أنها حل جيد لتأسيس سوق عقارية متكاملة، وضمان حقوق المساهمين.

ويرى عقاريون أن تنظيم صناديق الاستثمار العقاري هي بداية لانطلاق سوق عقارية مالية كأسواق السندات العقارية التي تأخذ دورة مالية متكاملة من خلال بيع المنزل إلى إصدار سند على عملية البيع وتدخل في تداول السوق ومن ثم الحصول على نقد وبناء منزل جديد.

وحتى وقت قريب كانت المساهمات العقارية في السعودية هي الوسيلة الوحيدة لتمويل المشاريع العقارية، وهي القناة المحددة لتنمية وتوظيف الصناديق الاستثمارية التي تنمو من خلال تطوير المشاريع ومن ثم بيعها وتحقيق الربح المادي، الأمر الذي يحقق التنمية من خلال جبهتين، الأولى تحقيق عوائد ربحية للمستثمرين المساهمين في تلك المساهمات، والأخرى تحقيق التنمية العقارية من خلال تطوير مشاريع مختلفة كمشاريع الأراضي وبناء المساكن والمشاريع التجارية والاستثمارية.

المساهمات العقارية التي تتفرد فيها السعودية كوعاء استثماري يقدم خدمة تمويلية للمشاريع وخدمة استثمارية للمستثمرين، كان المطمع الوحيد للمطورين العقاريين لتنمية العقارات في البلاد، حيث يبلغ من العمر نحو 35 سنة، سجل خلالها العديد من الايجابيات والسلبيات، الأمر الذي تسبب في ضياع الكثير من الأموال، وتحقيق الكثير من الإرباح في آن واحد، كما عمل على تعليق الأراضي من جانب، وتطوير مشاريع عملاقة من جانب آخر.

ومع التطور الذي شهدته السوق العقارية من خلال تطوير عمل الجهات العقارية التي تحولت من مكاتب عقارية إلى شركات ضخمة تعمل بمليارات الريالات. عمل العقاريون الجدد على تطوير وعاء المساهمات العقارية، وبالتحديد في عام 1996، حيث تم طرح عدد من المساهمات العقارية بأسلوب جديد من خلال إصدار شهادات موثقة من غرف المناطق، في حين استخدمها عدد من الدخلاء على السوق لجمع الأموال للمضاربة فيها خاصة في سوق الأسهم، مما أدى إلى تعثر المساهمات العقارية.

وعلى الرغم من سعي وزارة التجارة إلى تقييد المساهمات العقارية من خلال شروط تنظمها، إلا ان ذلك لم يسعف المساهمين، خاصة الصغار منهم، إلى ضمان أموالهم لدى عدد من الشركات العقارية، الأمر الذي أدى إلى توقف المساهمات العقارية وتوقف الوزارة عن إصدار تراخيص منها.

ويأتي ذلك نظراً لما شهدته المساهمات العقارية من تعثر ومشاكل بين المساهمين والقائمين على عدد من المساهمات، الأمر الذي دفع الحكومة السعودية لتحويل الإشراف على المساهمات العقارية إلى هيئة السوق المالية لأحكام المساهمات العقارية وتحويلها إلى نظام مؤسساتي يخدم الجانبين المالي والعقاري من خلال نظام صارم وواضح يدفع السوق إلى المزيد من الاحترافية والشفافية والتنظيم الواضح لحفظ حقوق المساهمين.

يشير، عبد الله الرشود، الرئيس التنفيذي لشركة كسب المالية، إلى أن نظام صناديق الاستثمار العقاري يعطي أمانا أكثر للمستثمرين، حيث تم تصميمه وإقراره من قِبل هيئة السوق المالية، بالإضافة إلى إنه يدار من شركة استثمارية مرخصة من الهيئة.

وأضاف أن ذلك يجعل علاقة الشركة مع المشتركين في الصندوق علاقة الوكيل المسؤول لتنظيم مسؤولية جميع الأطراف ذات العلاقة في المشروع العقاري موضوع الاستثمار، مشيراً إلى أنه يتم فتح حساب بنكي استثماري للمشترك لإيداع مبالغ مشاركته في الصندوق الذي يتم إطلاقه بترخيص من الهيئة.

وأضاف أن جميع الإيرادات والمصاريف والأرباح المتوقعة موضحة ومفصلة بالكامل في مذكرة الطرح وكتيب شروط وأحكام الصندوق الاستثماري العقاري، بالإضافة إلى أنه يتم إطلاع هيئة السوق المالية على تلك البيانات ومن ثم يطلع عليها المشترك لتكون عقداً واضحاً يبين جميع حيثيات الاستثمار، مبيناً ان الصندوق له مدة محددة ومتفق عليها بشكل مسبق ولا يمكن الاستمرار بتمديدها.

وذكر الرئيس التنفيذي لمجموعة كسب أن الصندوق يعمل على فتح المجال للاستثمار في العقار برأسمال محدود وعلى شكل وحدات مالية يمكن تداولها، مفيدا أن مدير الصندوق يتيح تداول وحدات الصندوق من خلال نظام داخلي. مشيراً إلى ان مدير الصندوق يوزع 25 في المائة من إيرادات الصندوق فور توفرها للمشتركين، حيث لا يلزم بيع 100 في المائة من المشروع للبدء بتوزيع الأرباح.

وأكد أن المخاطر في الصناديق الاستثمارية العقارية هي مخاطر متوسطة إلى منخفضة، ويعود ذلك إلى طبيعتها العقارية وحرفية القائمين عليها، موضحاً أن الشركات القائمة على تلك الصناديق تعمل تحت مراقبة من هيئة السوق، لحفظ حقوق المشتركين من خلال متابعة الصندوق والتأكد من صرف المستحقات للجهات المطورة والإشراف المباشر على تصفية الصندوق في الوقت المحدد وتسليم المشتركين عوائدهم كاملة.

وكانت مجموعة كسب أطلقت صندوق مخطط طيبة العقاري خلال الشهر الماضي، وتم إغلاقه بنهاية الشهر نفسه. وفي هذا الجانب ذكر الرشود انه تم إغلاق الصندوق بعد أن تمت تغطية الاكتتاب بالكامل، حيث تم بيع 19.5 مليون وحدة بسعر 10 ريالات (2.6 دولار) للوحدة.

وبين الرشود أن الوحدات تتداول من خلال نظام موحد في الشركة يتم خلالها بيع وشراء الوحدات بين المستثمرين، التي تخضع لعمليات التطوير في المشروع.

وأشار خالد الضبعان، خبير عقاري، إلى أن صناديق الاستثمار العقاري تختلف عن ما كانت عليه المساهمات العقارية، حيث يكمن الفرق في أمور جوهرية، أولها رقابة هيئة السوق المالية، في حين لم تكن المساهمات التقليدية العقارية تحت رقابة حكومية.

وأبان أن صناديق الاستثمار العقارية تتضمن فتح صندوق وتداول الوحدات من خلال نظام واضح، في حين كانت المساهمات العقارية السابقة تلزم حملة الأسهم إلى الانتظار حتى تصفية المساهمة للحصول على النقد.

وذكر أن الصناديق تعمل من خلال منظومة متكاملة ونظام واحد يطبق على جميع الصناديق بواسطة خيارات متعددة، في حين المساهمات العقارية تخضع لنظام المكتب أو الشركة العقارية التي تطرحها.

وزاد الضبعان أن الأموال في صناديق الاستثمار العقاري تخضع لرقابة رسمية، في حين لا تخضع المساهمات العقارية التقليدية لأي رقابة، موضحا أن الصناديق تلتزم بوقتها وبدقة مواعيدها من خلال صرف الأرباح، في حين قد لا تلتزم المساهمات العقارية بوقت حتى تتم تصفيتها من خلال بيع المشروع بالكامل والتي قد تتجاوز وقتها بكثير.

وبين أن الكثير من الشركات العقارية لم تصف مساهماتها في وقتها المحدد باستثناء كبرى شركات البلاد، بينما في الصناديق الاستثمارية العقارية الفرصة سانحة لها لإثبات قدرتها على التنمية العقارية وتحقيق مكسب للمستثمرين. من جهته، قال وليد بن سعيدان، الرئيس التنفيذي لشركة عبد الله بن سعيدان العقارية، إن السوق العقارية ستشهد تطوراً جديداً خلال العام الجاري من خلال تضاعف الحركة العمرانية.

وعزز بن سعيدان ما ذهب إليه في ظل توقعات إقرار الرهن العقاري الذي سيعمل على إضافة كامل جهات السوق العقارية، من شركات تمويل وتأمين وتقييم عقاري، بالإضافة إلى شركات التطوير العقاري والعمراني والإسكاني. وأضاف أن السوق العقارية جذبت العديد من المستثمرين، الأمر الذي أنعش السوق، وبالتالي شهدت طرح مشاريع من القطاعين العام والخاص، ساعدت على تحرك السوق بشكل لافت خلال الفترة الماضية.

يذكر أن السعودية شهدت طرح صندوق عقاري آخر، هو صندوق سامبا العقاري، الذي يتم تطويره وإدارته من قِبل مجموعة عمر قاسم العيسائي المحدودة، ويهدف إلى تنمية رأس المال المستثمر خلال المدى المتوسط والطويل عن طريق الاستثمار بشكل أساسي في تملك وتطوير وبيع الأراضي السكنية والتجارية والصناعية والمباني القائمة وحقوق الملكية الخاصة. كما يهدف الصندوق إلى شراء أسهم الشركات العقارية المحلية المدرجة. في حين تدير الصندوق العقاري الآخر في السوق السعودية، مجموعة كسب المالية، التي أسست الصندوق بالتعاون مع شركة عبد الله بن سعيدان العقارية بهدف الاستثمار في شراء أرض خام وتطويرها ومن ثم تسويقها وبيعها لاستخدامها كقطع تجارية ومستودعات ووحدات سكنية.