بعد ارتفاع إعادة الحيازة العقارية في بريطانيا.. المقترضون يطلبون المساعدة

زادت في عام 10 آلاف حالة وسط توقعات بتضاعف العدد إلى مليون في 2009

الاسواق العقارية في بريطانيا تشهد فترة من الترقب بعد أزمة الرهن («الشرق الأوسط»)
TT

بعد إشارات ذكرت أن عدد إعادة الحيازة العقارية البريطانية ارتفع بنسبة 14.2 في المائة خلال العام الماضي 2007، والشهر الأول من العام الجاري 2008، صرخ العديد من مقترضي الرهون العقارية مطالبين بالمساعدة. ووفقا لمؤسسة الإسكان البريطانية «شلتر» الخاصة بمشاكل المواطنين العقارية، فإنه في العام الماضي 2007، وفي الشهر الأول من العام الجاري 2008، ارتفع عدد المصادرات عن العام الأسبق بـ 10 آلاف حالة. وفيما كان العدد عام 2006، حوالي 70 ألف حالة مصادرة، وصل خلال العام الماضي 2007، إلى 80 ألف حالة. لهذا، طالبت المؤسسة باتخاذ الحكومة لإجراءات احترازية وخدماتية قادرة على مساعدة المواطنين المعرضين للأزمات المالية وخسارة منازلهم بسبب أزمة الائتمان الدولية. وكما أوضح مايكل هيغ، مدير المكتب الإعلامي في المؤسسة، فإن مطالب المؤسسة مبنية على مخاوف من حصول ما لا يقل عن مليون حالة مصادرة العام المقبل.

وصدرت التقارير الأخيرة عن مجلس المقرضين العقاريين CML في بريطانيا، مؤكدة أن نسبة المنازل التي تصادرها المصارف والبنوك والمؤسسات المالية من أصحابها لعجزهم عن سداد الديون المتأخرة عليهم، وصلت إلى 0.23 في المائة، أي أن هناك حالة مصادرة واحدة من بين 400 منزل أو عقار. وتعد هذه النسبة نصف النسبة التي وصلت إليها حالات المصادرة بسبب أزمة أو كارثة بداية التسعينات والركود. ووصل عدد المصادرات في النصف الثاني من عام 2007، إلى 13.5 ألف حالة، وهو رقم مطابق تقريبا لعدد الحالات في النصف الأول من العام ذاته وهو 13.6 ألف.

وبذلك يكون قد وصل عدد المصادرات العام الماضي إلى 27.1 ألف حالة.

وفيما يعتبر البعض الأمر دليلا على تراجع الأسواق العقارية نتيجة الوضع الاقتصادي الدولي وأزمة الائتمان، يعتبره البعض الآخر خبرا مفرحا، إذ ان النسبة اقل مما كان متوقعا. وكان مجلس المقرضين قد توقع حصول 30 ألف حالة عام 2007. والفارق على هذا الأساس يكون 10 في المائة عما كان متوقعا أو مرصودا من مؤسسات البحث والإحصاءات المعنية.

لكن عدد الحالات قد ارتفع بشكل عام منذ عامي 2003 و2004 اللذين شهدا فقط 10 آلاف حالة.

بأية حال، فإن عدد المصادرات لا يزال يعتبر نقطة في بحر نسبة إلى عدد القروض العقارية الممنوحة في بريطانيا التي تصل إلى 11.8 مليون قرض، قيمتها 1.1 تريليون جنيه إسترليني (2 تريليون دولار).

يقول المجلس في تقريره الأخير، إنه يصعب التكهن في المستقبل، لكن ما يدعو إلى التفاؤل أن الزيادة المتوقعة على قيمة القروض العقارية الجديدة ستكون اقل ضجة هذه المرة بسبب التراجع المتواصل لمعدل الفائدة العام من قبل البنك المركزي في انجلترا.

وحول التوقعات بشأن العام الحالي، أشار مايكل كوغان، المدير العام للمجلس CML، أن مؤسسات الإقراض تتعامل مع المشاكل التي يواجهها المقترضون بجدية، والكثير منها يحاول إيجاد أي حل ممكن في محاولة لعدم اللجوء إلى المصادرة، ومع هذا يتوقع أن يكون عدد المصادرات عام 2008 اكبر من العالم الماضي لأسباب اقتصادية عديدة بالإضافة إلى أزمة التمويل. ولا يمكن لوم احد على هذه المسألة، لأنه يصعب معرفة وضع كل قرض، لا بد من تحمل الأطراف مسؤولياتهم، فالحكومة والمؤسسات المقرضة تقدم كل النصائح والمساعدة المتوفرة ما من شأنه التقليل من حالات المصادرة. من جهة أخرى، يؤكد المجلس أن عدد القروض العقارية الممنوحة يتجه للانخفاض، ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي عام 2007، تراجع إلى أدنى حد له منذ عامين ونصف العام بسبب أزمة الائتمان العالمية. وتم منح ما قيمته 22.6 مليار جنيه إسترليني (45 مليار دولار)، خلال هذا الشهر وهي اقل قيمة تمنح منذ عام 2005، واقل بنسبة 25 في المائة عن الشهر السابق أي نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث وصلت قيمة القروض إلى 29.9 مليار جنيه (59 مليار دولار) تقريبا.

وتعتبر نسبة الانخفاض هذه جدية، إذ ان النسبة السنوية المتوقعة في مثل هذا الوقت من العام عادة لا تتعدى الـ 6 في المائة.

ورغم هذا الانخفاض في نهاية العام الماضي، يظل عام 2007 الأفضل والأقوى على هذا الصعيد من أي عام سابق، حيث ارتفعت قيمة القروض بنسبة 5 في المائة لتصل إلى 362 مليار جنيه (720 مليار دولار)، بعد أن كانت عام 2006 حوالي 345 مليار جنيه إسترليني (685 مليار دولار).

وسبق لمدير المجلس أن علق على الأمر قائلا، بسبب أزمة الائتمان التي حدثت في نهاية العام الماضي، وتمر الآن بشهرها الرابع، تواصلت الضغوط ومشكلة توفر التمويل وتكلفتها لدى مؤسسات الإقراض. وعدد القروض العقارية وتكلفتها بالنسبة للمقترضين.

ومع هذا، يبقى سوق العقار البريطاني سوقا تنافسيا من الدرجة الأولى، وسيبقى في السوق ما يكفي من الفرص الممتازة.

وفعلا يعتقد عدد من الخبراء العارفين بأمور السوق، ولأن الوقت الحالي ضد المالك والضغوط الحالية الاقتصادية منصبة عليه، أن هناك الكثير من الفرص الاستثمارية الجيدة محلية وأجنبية على المدى البعيد لإمكانية الحصول الآن على عقارات بأسعار ارخص مما هو متوقع.

هيئة البنوك الخاصة بالقروض العقارية (BSA)، تتوقع أن يتواصل الانخفاض في عدد القروض الممنوحة في المستقبل القريب. وقد انخفضت نسبة القروض الممنوحة بنسبة 20 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) عما كانت عليه في ديسمبر عام 2006، وتصل قيمة هذا الانخفاض 4.1 مليار جنيه (8 مليارات دولار)، والبعض يعتبر الانخفاض الأسوأ منذ عام 1993. وسجلت هيئة المساحين الملكية حركة نشطة في السوق خلال الأسابيع القليلة الماضية على عكس ما تقول إحصاءات القروض وغيرها، مما يعني أن الأسواق العقارية قد تستعيد توازنها خلال الأشهر القليلة المقبلة. وتشير الإحصاءات الأخيرة للهيئة إلى أن اكبر نسبة من النشطين هم قطاع المشترين للمرة الأولى أو ـ بكلام آخر ـ الباحثون عن فرص وأسعار ارخص من العام الماضي، لأن أصحاب العقارات مضطرون لتخفيض قيمة منازلهم لتصريفها.

ومع هذا رحبت المؤسسات المالية والعقارية بقرار البنك المركزي قبل أيام تخفيض معدل الفائدة العام 0.25 في المائة ليستقر على 5.25 في المائة حاليا. لكن بعض الخبراء حذروا من ان الخطوة قد لا تتبعها خطوة مماثلة قريبا بسبب مخاوف البنك المركزي من نسبة التضخم. ويحاول البنك المركزي تحريك الاقتصاد وسوق العقار بتخفيض كلفة القروض ومنع الاقتصاد من الانزلاق نحو الركود. ووعدت هذه المؤسسات المالية والبنوك بنقل هذا التخفيض إلى الزبائن فورا. وهذا يعني توفير 16 جنيها إسترلينيا (30 دولارا)، على دين أو قرض بقيمة 100 ألف جنيه (195 ألف دولار). لكن الخبير في التمويل العقاري جون تشاركول، حذر من ان هذه النسبة لن تؤثر في تحسين وضع سوق العقار إيجابا كما هو مأمول، لأن 55 في المائة من المستقرضين يتبعون نسب فائدة ثابتة حاليا. بأية حال، فإن التوقعات، خاصة من قِبل «كابيتال ايكونوميكس»، متشائمة لأوضاع سوق العقار، بأن البنك المركزي سيخفض معدل الفائدة ليصل إلى 4.25 نهاية العام الحالي أي بواقع 1 في المائة.

وعلى صعيد الأسعار بشكل عام، أشار تقرير «نيشن وايد» الأخير، إلى أن أسعار العقارات في الشهر الماضي يناير (كانون الثاني) 2008، تراجعت بنسبة 0.1 في المائة. إلا أن تقرير بنك «هاليفاكس» هذا الأسبوع، أكد أن الأسعار بداية العام لم تتغير، إلا أن الأسعار في الربع الأخير من عام 2007، تراجعت بنسبة 1 في المائة عن أسعار الربع الثالث من العام ذاته، وهذه ثالث حالة تراجع في الأسعار تسجل حتى الآن.

ومع هذا فإن أسعار يناير هذا العام، أعلى بنسبة 4.5 في المائة مما كانت عليه في نفس الشهر من العام الماضي، إذ ان قيمة الارتفاع في أسعار العقارات العام الماضي على الصعيد الوطني وصلت إلى 7.6 ألف جنيه (15 الف دولار)، ووصل معدل سعر المنزل أو العقار إلى نحو 197.2 ألف جنيه (380 ألف دولار).

ومع هذا يقول التقرير إنه يتوقع أن يكون السوق راكدا وهادئا هذا العام، إذ ان بعض علامات الوهن بدأت تظهر على السوق ونشاطه، خصوصا أن القروض الممنوحة في الربع الأخير من العام الماضي انخفضت بنسبة 35 في المائة عما كانت عليه في الفترة نفسها من عام 2006.