المناطق العشوائية السورية عنصر جذب للمستثمرين الخليجيين

تراجع أسعار الإيجارات 40%.. والبيع متوقف بانتظار تنفيذ المشاريع الجديدة

مستثمرون ضخوا 3 مليارات دولار لبناء ضواح سكنية عصرية في سورية («الشرق الأوسط»)
TT

ما زال سوق العقارات السوري يعاني منذ الصيف الماضي، حالة من الجمود مع توقف واضح لعمليات البيع والشراء، وذلك بانتظار تطورات قد تساعد على إنعاش القطاع من ناحية الطلب. وهو ما أعلنت الحكومة أنها تسعى إلى تحقيقه، فأقرت في سبيل ذلك قانونين للتمويل والتطوير العقاري وذهبت إلى أبعد من ذلك بإقرارها تنظيم مناطق السكن العشوائي.

وأمام ذلك، أشار مروان نجار، خبير عقارات، إلى جذب ما لا يقل عن 3 مليارات دولار لبناء ضواح سكنية عصرية، وهو ما تصدت إليه العديد من الشركات المحلية والعربية، خاصة الشركات السعودية و الإماراتية.

ويرى نجار أن ما حدث في سوق العقارات السنوات الأخيرة، كان أشبه بالخيال نظراً للارتفاع غير المنطقي لأسعار البيوت، العقارات، والإيجارات، التي أدت إلى تنشيط حركة البيع والإيجار بأسعار لم تكن ليحلم بها أحد.

وأضاف أن سعر المتر المربع الواحد سجل في منطقة جرمانا القريبة من دمشق والمعروفة بكثافة العراقيين فيها، 35 ألف ليرة على الهيكل، في حين وصلت إيجارات بعض الشقق إلى 60 ألف ليرة (1174 دولارا). أما الآن فتراجعت أسعار الإيجارات من 30 إلى 40 في المائة مع كساد واضح، أما بالنسبة للبيع فلم تتراجع، إنما حركة البيع شبه متوقفة والسبب يعود إلى تفضيل المواطن السوري انتظار تنفيذ المشاريع التي أعلن عنها في السنوات الأخيرة من قِبل الشركات المحلية والعربية التي كشف بعضها عن التوجه إلى مشاريع سكن شعبية مثل العقيلة الكويتية والقدرة القابضة وأملاك، التي أعلنت معظمها عن برامج للقروض السكنية.

من جانبه، أكد عدنان سليمان، دكتور في اقتصاديات التنمية، ان دخول العراقيين سبب ضغطاً على الإيجارات في مناطق محددة وليس على الاستثمار العقاري كما يعتقد الكثيرون، فأسعار العقارات لا تزال هي نفسها بمعنى أن هناك مرحلة جمود وليس هبوطا في الأسعار، علماً أن أفضل قطاع حقق عائداً على الأرباح خلال السنوات الثلاث الأخيرة هو الاستثمار العقاري، وضمن مقاييس لعبة السوق السائدة من المستحيل أن يسبب الجمود الحاصل انخفاضاً في أسعار العقارات، إنما تسود الآن حالة من الترقب والجمود لانتهاء الوضع القائم. وتشير المعلومات إلى أن السوريين ضخوا نحو 20 في المائة من مدخراتهم في سوق العقارات كاستثمار مجز، بسبب خفض الفوائد واستجابة لارتفاع أسعار العقارات والإيجارات لدرجة أن عائلات هجرت منازلها في المدن إلى الأرياف للاستفادة مما يأتيها من دخول عالية ناجمة عن التأجير. لم يشمل التوجه نحو الاستثمار العقاري السوري دمشق وحمص فحسب، إنما كافة المدن السورية التي تعاني من نقص في الطلب مع الحاجة إلى إقامة ضواح عوضاً عن مناطق السكن العشوائي التي لم تعد تطاق. وتوقع العديد طبقا للدراسة التي أعدت قبل سنوات، أن الاستثمار في المناطق العشوائية سيكون الأكثر جذبا لإمكانية توفير مساحات واسعة قريبة من وسط المدينة. وازدادت أهمية المناطق العشوائية في منطقة دحاحيل، ونهر عيشة على سبيل المثال، عندما أعلن مستثمر عقاري سعودي استعداده لبناء 120 برجا سكنيا، يوزع 70 منها لسكان المنطقة، بالإضافة إلى التزامه بكافة الخدمات. ويلاحظ أن التدفقات الاستثمارية إلى قطاع العقارات والتي أخذت طريقها إلى التنفيذ، تركزت على الضواحي المستهدفة لذوي الدخل العالي مثل تلال قرطبة وحلب وإعمار ومنازل والخرافي. وتعد معظمها مشروعات لشركات سورية وخليجية، وان لم يكن هناك مانع من وجود مشاريع، فإنه لا بد من أن يظهر استثمار عقاري يوجه نحو ذوي الدخل المحدود والمتوسط، وهو ما تهدف إليه العديد من الجهات السورية على اعتباره استثمارا ناجحا، خاصة مع توفر مزايا عديدة ممنوحة من الحكومة إلى جانب وجود برامج متاحة من المصارف. بل إن العديد من المصارف عرضت دخولها كشريك في هذه المشاريع مثل العقاري والتجاري وهما أكبر مصرفين في سورية. ويرى ملهم ديبو، مدير المصرف العقاري السوري، أنه لم يعد هناك حل للسكن في سورية إلا بإقامة المشاريع المستهدفة لذوي الدخل المحدود، مؤكداً أن التمويل العقاري، سيظل عاجزاً عن التأثير في السوق كما يجب إذا لم يتوجه الاستثمار العقاري نحو السكن الشعبي الذي تتناسب أسعاره مع إمكانات المواطن السوري، خاصة أن كل التوظيفات العقارية التي أحدثت أخيرا كانت خارج القدرة الشرائية للمواطن.

وتشير المعلومات في هذا السياق إلى أن الطفرة العقارية لم تشكل فائضاً في عرض البيوت لتلبية الطلب المتزايد إلا في حدود 20 في المائة لأصحاب الدخول المتوسطة وذلك عن طريق الجمعيات حصراً. مع الإشارة إلى أن التضخم في سوق العقارات لم يقابله حتى الآن على الأقل حل لأزمة السكن المتفاقمة وفقاً للأسعار المطروحة، فالطفرة كانت لمصلحة شريحة صغيرة من الأغنياء. واللافت أن التمويل العقاري قائم على الدولة تماماً كما هو قائم على الاستثمار الخاص فقد بدأت الحكومة بخطة بناء 100 ألف وحدة سكنية خلال السنوات العشر المقبلة إلى جانب 60 ألف وحدة سكنية تنفذها المؤسسة العامة للإسكان، في حين يتوقع أن يبني القطاع الخاص نحو 200 ألف وحدة سكنية بنفس الفترة.