بريطانيا: انخفاض أسعار العقارات يبدأ من اسكتلندا

«بروبرتي فايندر»: رغم الركود النسبي.. المنازل الخاصة ستحافظ على أسعارها

TT

رغم التناقضات الكثيرة التي تحملها التقارير الرسمية والخاصة حول سوق العقارات البريطاني وأحواله ونسب ارتفاعات الأسعار وتراجعاتها، فإن التقارير نفسها وفي معظمها تشير بالأرقام إلى بدء عملية التراجع النسبي أو البطيء لأسعار العقارات ونسب نموها مع بعض الاستثناءات، مع ازدياد الغمامة التي تحوم فوق سوق العقار يوما بعد الآخر.

وتقول «رايت موف»، وهي مؤسسة عقارية الكترونية تغطي 90 في المائة من سوق العقار البريطاني وتتعامل مع السماسرة في جميع أنحاء البلاد، إن معدل سعر العقار الذي يطلبه البائعون في بريطانيا ارتفع الشهر الماضي، لكن العقارات المعروضة للبيع أصبحت تستغرق وقتا أطول للتصريف والبيع. ووصل معدل الأيام التي تستغرقها عملية بيع العقار إلى 93 يوما، أي بزيادة 15 يوما عن العام الماضي. كما تشير الأرقام إلى أن معدل العقارات لدى كل سمسار وصل إلى 64 عقارا، أي بزيادة قدرها 10 عقارات عن العام الماضي.

ويوضح تقرير «رايت موف»، أن معدل سعر العقار الذي يطلبه أصحاب العقارات ارتفع بنسبة 3.2 في المائة ليصل معدل سعر العقار إلى 237.8 ألف جنيه إسترليني (460 ألف دولار)، أي بزيادة قدرها 7 آلاف جنيه (13.5 ألف دولار)، مما رفع من معدل النمو السنوي في الأسعار إلى 5.8 في المائة بعدما لم يتعد في يناير (كانون الثاني) 2008، نسبة 3.4 في المائة.

وأوضح المدير التجاري في المؤسسة، ميلز شيبسايد، بهذا الصدد، أن هذا لا يعني أن هناك طفرة أسعار جديدة، لكن خفض معدل الفائدة العام بلا أدنى شك أعطى البائعين المزيد من الثقة والأمل في المستقبل. ويبين التقرير الأخير لـ «رايت موف»، أن هذا هو نموذج حركة السوق في فبراير (شباط)، من كل عام، إلا أن السماسرة يرغبون في تسلم عقارات جديدة، ولهذا يلجأون إلى رفع قيمة تقييمهم للعقارات لكسب ود الزبائن، وبالتالي إعطاء علامات مخالفة لطبيعة السوق.

ومع أن عدد الباحثين المتعاملين مع المؤسسة الذين يترصدون موقعها الإلكتروني قد ارتفع بنسبة 22 في المائة، فإن عدد الصفقات العقارية لم يبد أي تغيير.

ومن أهم المسائل التي تشير إليها المؤسسة في التقرير، التي تلعب دورا كبيرا في حركة السوق العقاري وليونته، هي مسألة فرض الحكومة «حزمة معلومات المنزل» Hips، على كل المنازل من دون استثناء، ابتداء من 14 ديسمبر (كانون الأول)، إذ يبدو أن أصحاب المنازل المؤلفة من غرفتي نوم واقل، قد تسابقوا لتصريف وبيع منازلهم تحاشيا لدفع كلفة الحزمة المقدرة بحوالي 500 جنيه، مما أدى إلى تراجع أسعار الطلب الشهر الماضي ديسمبر 2007 بنسبة 3.2 في المائة.

أما عن مؤسسة «بروبرتي فايندر»، فقد أكدت في تقرير مهم أصدرته قبل أيام، على بعض السلبيات التي يعاني منها سوق العقار بشكل عام، إذ إن إحصاءاتها تشير إلى أن نمو الأسعار خلال السنوات الماضية وضع ضغوطا مالية هائلة على البعض، حيث تضاعفت أسعار العقارات نسبة إلى معدل الأجور مقارنة بـ 10 سنوات مضت.

ففي لندن يبلغ معدل سعر المنزل نسبة إلى معدل الأجور العام حوالي 8.3 في المائة، وفي انجلترا بشكل عام حوالي 7 في المائة، أي أن أصحاب الحد الأدنى من الأجور بحاجة إلى اقتراض 8 مرات قيمة راتبهم ليتمكنوا من شراء أرخص وحدة سكنية. وهذا بالطبع يعني تراجع عدد المشترين وبالتالي، ركودا او تراجعا في الأسعار.

وتؤكد «بروبرتي فايندر»، تقريرها أيضا، أن هناك شحة سنوية في المنازل العائلية التي لا تتعد قيمتها الـ 350 ألف جنيه (690 ألف دولار)، مما يضطر البعض إلى شراء منازل اصغر من المنازل التي يبحثون عنها. ولهذا يتوقع أن تحافظ العقارات العائلية التي تتمتع بـ 3 إلى 4 غرف نوم على أسعارها أكثر من غيرها من العقارات، رغم الركود النسبي.

ويتوقع الخبراء في المؤسسة، أن نسبة النمو في الأسعار خلال العام الحالي ستنخفض لتصل إلى 0 و1 في المائة.

وورد في التقرير أيضا أن العقارات الفاخرة التي يرغبها الأجانب والعاملون في الوسط المالي عادة قد تتأثر بما يحدث للأسواق المالية وتنخفض أسعارها لتراجع نسب المكافآت المالية هذه السنة.

وأبان مدير «بروبرتي فايندر»، أن وضع الأسواق في لندن والجنوب محافظ على وتيرة نمو أعلى من بقية بريطانيا لفترة طويلة.

لكن ما هو أهم أن أصحاب العقارات صامدون حتى الآن، وان المتوفر من العقارات اقل من المطلوب، مما سيحافظ على قوة أسعار العقارات في المستقبل. ومع هذا فقد أدى التقلب في أسواق المال وفرض الحكومة «حزمة معلومات المنزل» إلى تراجع عدد الصفقات وتعديل وتلطيف حدة الأسعار.

وعلى الجبهة الشمالية وهي مؤشر مهم على ما يحصل في عالم العقار البريطاني، أكد تقرير خاص لبنك «لويدز تي اس بي» (Lloyds TSB )، أن أسعار العقارات في اسكتلندا، انخفضت وتراجعت بنسبة 1.6 في المائة منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتعتبر نسبة التراجع إذا ما كانت دقيقة، الأكبر منذ سبع سنوات، ودليلا على تأثر الأسواق العقارية في اسكتلندا بأزمة الائتمان وحالة الترقب المتشائمة التي يعيشها البائعون والمشترون على حد سواء.

وعلى هذا الأساس، يكون معدل النمو العقاري السنوي العام قد تراجع ليصل إلى 14 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الماضية بعد أن سجل نسبة قدرها 14.5 في المائة قبل ذلك.

ويلفت تقرير «لويدز» الانتباه إلى أن معدل سعر المنزل في اسكتلندا قد انخفض خلال الأشهر الثلاثة الماضية من 168.6 ألف جنيه استرليني (330 ألف دولار)، إلى 163.2 ألف جنيه (32 ألف دولار)، ورغم أن مدينة ابردين لا تزال تتمتع بأعلى معدلات النمو السنوي، فإن الأسعار تراجعت فيها أيضا خلال الفترة ذاتها بنسبة 4.1 في المائة ليصل معدل سعر المنزل فيها إلى 196 ألف جنيه (380 ألف دولار)، فيما سجلت مدينتا دندي، والعاصمة ادنبرة، أفضل معدلات ارتفاع للربع الأخير من العام الماضي. ففي ادنبرة ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 0.9 في المائة خلال الفترة ذاتها، لكنها ارتفعت سنويا بنسبة 18 في المائة ليصل معدل سعر المنزل في المدينة إلى 214.4 ألف جنيه (420 ألف دولار).

لكن في دندي فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 1.5 في المائة ليصل معدل سعر المنزل فيها إلى 145.5 ألف جنيه (188 ألف دولار).

أما اكبر نسبة تراجع فقد سجلت في المدينة الأكبر وهي غلاسكو، حيث وصلت النسبة إلى 4.9 في المائة، رغم أن معدل ارتفاع الأسعار السنوي فيها يصل إلى 5.2 في المائة ويبلغ معدل سعر المنزل حاليا 151 ألف جنيه ( 298 ألف دولار ).

فيما يعتبر بعض الخبراء، نسبة التراجع دليلا على نهاية الطفرة العقارية التي شهدتها اسكتلندا منذ 10 سنوات.

ويبدي البروفيسور دونالد ماكريا، الخبير الاقتصادي في «لويدز تي اس بي»، تفاؤلا للسوق الذي يبدي بعض علامات التأقلم والتصحيح بعد سنوات طويلة من المكاسب العالية فوق معدل التضخم.

وأضاف مع تزايد عدد السكان كما هو متوقع في اسكتلندا وزيادة حالات الطلاق يتوقع أن يزداد عدد مالكي العقارات خلال السنوات العشرين المقبلة. وتشير الإحصاءات إلى أن 86 في المائة من الاسكتلنديين يفضلون امتلاك منازلهم أو عقاراتهم، فالسوق العقاري الاسكتلندي قد وصل إلى مرحلة الاستقرار والتشبع بعد خمس سنوات من الارتفاعات الحادة في الأسعار.