2.2 مليون دولار معدل سعر العقار الفاخر في لندن

لا تتعدى 5 آلاف منزل يتنافس عليها الأميركيون والعرب والروس

احد المنازل المعروضة للبيع في لندن («الشرق الأوسط»)
TT

يعتبر سوق العقارات الفاخرة في لندن وبريطانيا بشكل عام من اهم الاسواق العقارية واكثرها تأثيرا على حركة السوق والاسعار لما تشكله من ثقل مالي كبير، إذ ان السوق يجذب الكثير من المستثمرين الاجانب والاغنياء، خصوصا الاميركيين والعرب والايرلنديين والروس وغيرهم من ابناء المستعمرات البريطانية السابقة او ما يعرف بدول الكومونويلث.

وطبقا للارقام الرسمية فإن العاصمة البريطانية لندن تشمل نحو 5 آلاف تقريبا من هذه العقارات التي يتعدى سعرها المليون جنيه استرليني (حوالي مليوني دولار). وقد اكدت التقارير الاخيرة، بأن السوق في لندن، وهو اكبر الاسواق واغلاها قيمة، يمر بمرحلة من الركود والترقب، كما كان الحال نهاية العام الماضي 2007، تماشيا مع بقية الاسواق العقارية في البلاد حاليا، وتأثرا بأزمة الائتمان الدولية التي ادت اليها أزمة الرهن العقاري العالي المخاطر في الولايات المتحدة.

ويقول تقرير خاص من «برايملوكيشين» التي تعد من اهم المؤسسات الخاصة بالعقارات الفاخرة وتفاصيلها وارقامها، بأن الترقب يسيطر على البائعين والمشترون على حد سواء، إذ ينتظر المشترين ان تتراجع الاسعار كما هو متوقع بشكل اكبر خلال الاشهر القليلة المقبلة. ويحاول اصحاب العقارات، الساعون نحو البيع، التمهل والانتظار حتى لا تتدهور الاسعار اكثر مما يرغبون. وادى هذا الوضع، الى انخفاض في اسعار العقارات الفاخرة وعدد الصفقات المبرمة. وتؤكد الأرقام الاخيرة من مؤشر «برايملوكيشين»، ان عدد العقارات التي بيعت في لندن، تراجع بنسبة 10.7 في المائة خلال شهر واحد. وتعتبر هذه النسبة الاكبر منذ سنوات طويلة. وقد ادى هذا الى تعافي الاسعار بشكل مؤقت، لكن لا يعرف ما إذا سيتواصل هذا التعافي في المستقبل المنظور، خصوصا ان معدل سعر الطلب ارتفع بنسبة 3.4 في المائة منذ ديسمبر (كانون الاول) الماضي أي منذ ثلاثة اشهر. وعلى هذا الاساس يكون معدل سعر العقار الفاخر قد وصل الى 1.2 مليون جنيه استرليني (2.2 مليون دولار). ويقول المدير التنفيذي للمؤسسة اين سبرينغيت في هذا الإطار، ان قوة قطاعي العقارات الفاخرة والعقارات الفاخرة جدا في العاصمة لندن، قد ساعدت على حماية العاصمة من عدم الاستقرار الذي يسيطر على الاسواق العقارية بشكل عام، حيث ادى التشدد في منح القروض وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطن العادي (صاحب الحد الادنى من الأجور) الى الركود. وقد لجأ البعض الى خيار الانتظار، لأنهم يشعرون بأن الاجواء الحالية غير مواتية لتحصيل افضل الاسعار، لا بل ان الكثير من البائعين سحبوا عقاراتهم من السوق على امل ان تتحسن الظروف والاسعار في المستقبل. وهذا بالطبع ادى الى انخفاض عدد العقارات الفاخرة المتوفرة في السوق مقارنة بشهر ديسمبر (كانون الاول) العام الماضي. وادى انخفاض عدد العقارات المتوفرة للزبائن الى تعزيز الطلب، خصوصا موظفي القطاع المالي والاثرياء الاجانب، وارتفاع الاسعار بالنهاية. اما خارج العاصمة لندن، فقد تراجع عدد العقارات الفاخرة المتوفرة في الاسواق بنسبة 9.6 في المائة منذ بداية ديسمبر الماضي الذي شهد اكبر نسبة انخفاض في هذا القطاع منذ ثلاث سنوات. وبعد ثلاث اشهر ايضا من التراجع او الإنخفاض عادت الاسعار وارتفعت في شهر يناير (كانون الثاني) بنسبة 0.2 في المائة. ولا شك ان اداء قطاع العقارات الفاخرة في الريف، اكثر دلالة على وضع السوق على المستوى الوطني من غيره. ومع ان عدد المتوفر منها انخفض عن السابق ايضا في هذه المناطق، فإن الاسعار لم ترتفع كثيرا، الا في المناطق التي تواجه شحا في المعروض من العقارات الفاخرة مثل المناطق الجنوبية الشرقية القريبة من لندن واسكتلندا.

كما كشف المؤشر أيضا بأن معدل سعر ايجار العقار الفاخر الأسبوعي في لندن قد ارتفع بشكل لم يسبق له مثيل ليصل الى 977 جنيها استرلينيا (1900 دولار)، مما يعني ان معدل الإيجار الشهري قد وصل الى 3908 جنيهات استرلينية (7000 دولار). وهذا بالطبع ينطبق على نسبة كبيرة من العقارات الفاخرة المتوفرة في سوق الإيجار لكن هناك نسبة كبيرة من هذه العقارات تحصل ما لا يقل عن 10 الآف جنيه استرليني (18 الف دولار) في الشهر وخصوصا في وسط العاصمة لندن (مايفير Mayfair، نايتسبريدج Knightsbridge، بايزووتر Bayswater، هايد بارك Hyde Park ، سوهوSoho – تشلسي Chelsea، كينزينغتون Kensington، نوتينغ هيل، Notting Hill، ساوث كينزينغتون South Kensington، فكتوريا Victoria، فيكتوريا ، بادينغتون Paddington، كينغز كروس Kings Cross، كفن غاردن Covent Garden، ايرلز كورت Earls Court، مارليبون Marylebone، بيمليكو Pimlico، وستمينيستر Westminster ) والمناطق المحيطة بها. ويؤكد المدير التنفيذي لـ «برايملوكيشين» في هذا الخصوص، ان سوق الإيجار لا يزال قويا رغم ما يحصل في بقية الاسواق العقارية، فإن الطلب في القطاع السكني الخاص بقي قويا. لا شك، بأن الطلب الكبير على افضل العقارات الفاخرة في وسط لندن هو الذي ادى الى اشعال اسعار قطاع الايجار بشكل لم تشهده البلاد من قبل. اما على صعيد اسعار العقارات السكنية العادية، فقد اكد التقرير الاخير لمؤسسة «هوم تراك» المعروفة على المستوى الوطني، ان اسعار المنازل انخفضت في يناير وللشهر الرابع على التوالي بنسبة عامة بلغت 0.3 في المائة، أي نفس النسبة التي شهدها السوق في نهاية العام الماضي 2007. كما انخفض معدل نمو الاسعار السنوي الى 2.3 في المائة وهي اقل نسبة نمو منذ يونيو (حزيران) عام 2006. وفي هذه الاثناء وصل المعدل الزمني لتصريف وبيع العقار الى 8.5 اسبوع، وهي ايضا اطول مدة منذ 7 سنوات (عام 2001).

وتشير الارقام المتوفرة لدى المؤسسات الحكومية والخاصة، بأن قلة العقارات المعروضة للبيع او المتوفرة للزبائن تساهم في دعم اسعار المنازل ومنعها من التراجع بمعدلات كبيرة. وقد وصلت نسبة الانخفاض في المتوفر من العقارات الى 4.6 في المائة أي اقل بـ10 في المائة عما كان عليه الوضع قبل 6 اشهر.

وبالرغم من الهدوء الذي يسيطر على حركة السوق، وعدم الثقة التي يشعر بها المشترون، فإن الطلب على المنازل لا يزال على اشده، على حد تعبير احد الخبراء في «هوم تراك». وفيما تنخفض الاسعار نسبيا، يتركز الضغط على سعر الطلب (السعر الذي يريده البائع)، إذ اشارت ارقام الشهر الماضي، الى ان 93 في المائة من البائعين حصلوا على الاسعار التي كانوا يطمحون اليها أي بتراجع نسبته 3 في المائة عن العام الماضي. ويقول ريتشارد دونال رئيس قسم الابحاث في «هوم تراك»، وعن تقييمه لحركة الاسواق العقارية انه رغم وجود قبول واجماع على ان سوق العقارات يشهد تراجعا نسبيا، فإن هناك الكثير من الخلاف حول ما إذا كان السوق سيشهد عملية تصحيح هادئة ام عملية تصحيح صاخبة.

وتعتقد المؤسسة أن السوق سيشهد عملية هبوط او تصحيح هادئة على صعيد الاسعار ونموها، حيث يتوقع ان لا يتعدى معدل نموها السنة الحالية باكثر من 1 في المائة. الا ان الهبوط الحاد سيكون في مجال الصفقات المعقودة التي يتوقع ان تنخفض بنسبة 17 في المائة خلال الفترة ذاتها.